وحدة المعارضة السورية رهن موقف «منصة موسكو» من مصير الأسد

رأت أن رفض النظام الانتقال السياسي يمنع أي تقدم في «جنيف 7»

وفد الهيئة العليا للمفاوضات في جنيف أمس (إ.ب.أ)
وفد الهيئة العليا للمفاوضات في جنيف أمس (إ.ب.أ)
TT

وحدة المعارضة السورية رهن موقف «منصة موسكو» من مصير الأسد

وفد الهيئة العليا للمفاوضات في جنيف أمس (إ.ب.أ)
وفد الهيئة العليا للمفاوضات في جنيف أمس (إ.ب.أ)

لم يأت اليوم الثالث من مفاوضات «جنيف 7» بأي جديد على صعيد المفاوضات، باستثناء استكمال الجهود لتوحيد رؤية المعارضة وتحديدا حول المرحلة الانتقالية ومصير رئيس النظام بشار الأسد في الحكم، وإعادة التأكيد على تمسكّ النظام بموقفه الرافض لأي حل سياسي، وهو ما أبلغ به المعارضة مبعوث واشنطن إلى سوريا مايكل راتني ومبعوث الأمم المتحدة إلى سوريا ستيفان دي ميستورا.
وقال رئيس وفد الهيئة العليا للمفاوضات إلى مفاوضات جنيف، نصر الحريري، إن نتيجة اللقاءات بين المعارضة السورية تعتمد على حصول توافق بشأن مسألة الانتقال السياسي، مشيرا إلى أن اللقاء الأول للوفد مع المبعوث الأممي، دي ميستورا، ركز على «العملية السياسية في الفترة الماضية»، مشددا على أن «النظام ما يزال يرفض العملية السياسية».
ودعا الحريري الأمم المتحدة، في مؤتمر صحافي، أمس، الأمم المتحدة، إلى «الوفاء بالتزاماتها بتطبيق القرارات الدولية المتعلقة بالانتقال السياسي في سوريا».
وأضاف: «كان هناك عدد من اللقاءات التقنية المهمة، في الفترة الماضية، بلورت مواقف تم فيها نقاشات مهمة في السلة الثانية، الدستور، والثالثة، الانتخابات، واليوم كان النقاش بالتركيز على العملية السياسية، والتركيز على جوهرها لتحقيق قرارات مجلس الأمن المتعلقة بالانتقال السياسي».
وعن مضمون لقاءات اليوم الثالث من المفاوضات، قال الحريري: «بالنسبة إلينا قدمنا رؤى وتصورات واضحة... كان هناك مذكرة تفصيلية عن وضع المعتقلين، ولا سيما أنه لم تنجح جهود آستانة في التقدم بهذا الملف، ونواصل جهودنا مع الأمم المتحدة».
وحول التقارب بين المعارضة وتحديدا بين «الهيئة» ومنصتي القاهرة وموسكو، قال إن «الهيئة العليا للمفاوضات منذ عدة أشهر فتحت باب الحوار مع المنصتين وأجرينا نقاشات مفيدة».
وفي هذا الإطار، قال العميد في «الجيش الحر» فاتح حسون المشارك في مفاوضات جنيف لـ«الشرق الأوسط»، إن «منصة موسكو» التي يرأسها قدري جميل، طلبت استمهالها بعض الوقت، حتى مساء اليوم (أمس)، كي تقدم موقفها النهائي حول المرحلة الانتقالية وتحديدا فيما يتعلق بموقفها من استمرار الأسد في السلطة ليحدد بعد ذلك القرار بشأن توافق رؤية المعارضة تمهيدا لتوحيدها، مشيرا إلى أن الاتفاق بين كل المنصات، كان على الدستور والانتخابات، وبقيت النقطة الوحيدة العالقة تلك المتعلقة بالمرحلة الانتقالية. وهو ما أشار إليه جميل قائلا لـ«الشرق الأوسط»: «نبحث مصير سوريا ونسير على طريق التوافق»، وأوضح: «ردّنا على الهيئة سيكون: لا شروط مسبقة... لا بقاء ولا رحيل... وكل شيء يبحث بعد بدء المفاوضات المباشرة»، مضيفا: «يجري حديث للتوافق حول المواقف، أما التوحيد فبعد ذلك».
وفي حين لفت حسون إلى أن منصة القاهرة، أكدت قناعتها بأنه لا وجود لمنظومة الأسد في أي مرحلة من العملية السياسية من دون أن تعتبره ملزما قبل المفاوضات، شدّد حسون على أن المعارضة تتمسك بموقفها الرافض لبقاء الأسد في السلطة، مضيفا: «موسكو طرحت بقاء الأسد من دون صلاحيات مع تعيين خمسة نواب يملكون صلاحياته، وهذا مرفوض بالنسبة إلينا بالمطلق».
وبالإضافة إلى الاجتماعات بين الوفود التقنية مع ممثلي الأمم المتحدة، عقد وفد «الهيئة العليا للمفاوضات» اجتماعا موسعا مع دي ميستورا تم خلاله عرض تقويم شامل والبحث في السلال الأربع، الدستور والانتخابات والإرهاب والحكم، فيما كان هناك شبه إقرار من المبعوث الأممي، على أن هناك تعنتا من النظام ورفضا للدخول في العملية السياسية، بحسب ما قال المتحدث باسم «الهيئة» يحيي العريضي لـ«الشرق الأوسط»، وهو الموقف الذي عبّر عنه، مبعوث واشنطن إلى سوريا مايكل راتني، في لقائه مع وفد الهيئة، قائلا: «أعتذر إليكم، لدينا من الإحباطات ما لا نريد نقلها إليكم حيال موقف النظام الرافض أي حل سياسي»، وفق ما أشار مصدر في الهيئة لـ«الشرق الأوسط».
وفي حين شدد العريضي على أن وفد الهيئة أكمل كل ما هو مطلوب منه فيما يتعلق بالسلال الأربع، واتفق مع منصتي «موسكو» و«القاهرة» حول «الدستور»، أشار إلى أن النظام لا يزال متمسكا بدستور عام 2012.
وأضاف: «يبدو واضحا أن النظام اختار الحل العسكري والقتل والتدمير ولا يزال مستمرا في هذا النهج الذي وجد من يدعمه فيه وتحديدا إيران وروسيا، إذ تعمد الأولى لإنجاز مخططاتها في الشرق الأوسط في سوريا، والثانية تأخذها رهينة».
وفي حين لم يبد العريضي تفاؤلا بإمكانية التوصل إلى نتائج في جولة المفاوضات السابعة، لفت إلى إيجابية وحيدة تتمثل في «التقارب بين أطراف المعارضة، وهي الحجة التي لطالما كان يتمسك بها النظام، بحيث عقدت ثلاث جلسات فيما بينها وتم التأكيد على التقارب في وجهات النظر حول الانتقال السياسي».



«هدنة غزة» تقترب وسط جولات مكوكية وحديث عن «تنازلات»

دخان القصف الإسرائيلي فوق بيت ياحون بقطاع غزة الخميس (رويترز)
دخان القصف الإسرائيلي فوق بيت ياحون بقطاع غزة الخميس (رويترز)
TT

«هدنة غزة» تقترب وسط جولات مكوكية وحديث عن «تنازلات»

دخان القصف الإسرائيلي فوق بيت ياحون بقطاع غزة الخميس (رويترز)
دخان القصف الإسرائيلي فوق بيت ياحون بقطاع غزة الخميس (رويترز)

وسط حديث عن «تنازلات» وجولات مكوكية للمسؤولين، يبدو أن إسرائيل وحركة «حماس» قد اقتربتا من إنجاز «هدنة مؤقتة» في قطاع غزة، يتم بموجبها إطلاق سراح عدد من المحتجزين في الجانبين، لا سيما مع تداول إعلام أميركي أنباء عن مواقفة حركة «حماس» على بقاء إسرائيل في غزة «بصورة مؤقتة»، في المراحل الأولى من تنفيذ الاتفاق.

وتباينت آراء خبراء تحدثت إليهم «الشرق الأوسط»، بين من أبدى «تفاؤلاً بإمكانية إنجاز الاتفاق في وقت قريب»، ومن رأى أن هناك عقبات قد تعيد المفاوضات إلى المربع صفر.

ونقلت صحيفة «وول ستريت جورنال» الأميركية، عن وسطاء عرب، قولهم إن «حركة (حماس) رضخت لشرط رئيسي لإسرائيل، وأبلغت الوسطاء لأول مرة أنها ستوافق على اتفاق يسمح للقوات الإسرائيلية بالبقاء في غزة مؤقتاً عندما يتوقف القتال».

وسلمت «حماس» أخيراً قائمة بأسماء المحتجزين، ومن بينهم مواطنون أميركيون، الذين ستفرج عنهم بموجب الصفقة.

وتأتي هذه الأنباء في وقت يجري فيه جيك سوليفان، مستشار الأمن القومي للرئيس الأميركي، محادثات في تل أبيب مع رئيس الوزراء الإسرائيلي بنيامين نتنياهو، الخميس، قبل أن يتوجه إلى مصر وقطر.

ونقلت «رويترز» عن دبلوماسي غربي قوله إن «الاتفاق يتشكل، لكنه على الأرجح سيكون محدود النطاق، ويشمل إطلاق سراح عدد قليل من الرهائن ووقف قصير للأعمال القتالية».

فلسطينيون بين أنقاض المباني المنهارة في مدينة غزة (أ.ف.ب)

في حين أشار القيادي في «حماس» باسم نعيم إلى أن «أي حراك لأي مسؤول أميركي يجب أن يكون هدفه وقف العدوان والوصول إلى صفقة لوقف دائم لإطلاق النار، وهذا يفترض ممارسة ضغط حقيقي على نتنياهو وحكومته للموافقة على ما تم الاتفاق عليه برعاية الوسطاء وبوساطة أميركية».

ومساء الأربعاء، التقى رئيس جهاز المخابرات الإسرائيلي، ديفيد برنياع، مع رئيس الوزراء القطري، الشيخ محمد بن عبد الرحمن آل ثاني، في الدوحة؛ لبحث الاتفاق. بينما قال مكتب وزير الدفاع الإسرائيلي، يسرائيل كاتس، في بيان، إنه «أبلغ وزير الدفاع الأميركي لويد أوستن في اتصال هاتفي، الأربعاء، بأن هناك فرصة للتوصل إلى اتفاق جديد يسمح بعودة جميع الرهائن، بمن فيهم المواطنون الأميركيون».

وحال تم إنجاز الاتفاق ستكون هذه هي المرة الثانية التي تتم فيها هدنة في قطاع غزة منذ بداية الحرب في 7 أكتوبر (تشرين الأول) 2023. وتلعب مصر وقطر والولايات المتحدة دور الوساطة في مفاوضات ماراثونية مستمرة منذ نحو العام، لم تسفر عن اتفاق حتى الآن.

وأبدى خبير الشؤون الإسرائيلية بـ«مركز الأهرام للدراسات السياسية والاستراتيجية» الدكتور سعيد عكاشة «تفاؤلاً حذراً» بشأن الأنباء المتداولة عن قرب عقد الاتفاق. وقال لـ«الشرق الأوسط» إن «التقارير تشير إلى تنازلات قدمتها حركة (حماس) بشأن الاتفاق، لكنها لا توضح نطاق وجود إسرائيل في غزة خلال المراحل الأولى من تنفيذه، حال إقراره».

وأضاف: «هناك الكثير من العقبات التي قد تعترض أي اتفاق، وتعيد المفاوضات إلى المربع صفر».

على الجانب الآخر، بدا أستاذ العلوم السياسية بجامعة القدس السياسي الفلسطيني، الدكتور أيمن الرقب، «متفائلاً بقرب إنجاز الاتفاق». وقال لـ«الشرق الأوسط» إن «هناك حراكاً أميركياً لإتمام الصفقة، كما أن التقارير الإسرائيلية تتحدث عن أن الاتفاق ينتظر الضوء الأخضر من جانب تل أبيب و(حماس) لتنفيذه».

وأضاف: «تم إنضاج الاتفاق، ومن المتوقع إقرار هدنة لمدة 60 يوماً يتم خلالها الإفراج عن 30 محتجزاً لدى (حماس)»، مشيراً إلى أنه «رغم ذلك لا تزال هناك نقطة خلاف رئيسية بشأن إصرار إسرائيل على البقاء في محور فيلادلفيا، الأمر الذي ترفضه مصر».

وأشار الرقب إلى أن «النسخة التي يجري التفاوض بشأنها حالياً تعتمد على المقترح المصري، حيث لعبت القاهرة دوراً كبيراً في صياغة مقترح يبدو أنه لاقى قبولاً لدى (حماس) وإسرائيل»، وقال: «عملت مصر على مدار شهور لصياغة رؤية بشأن وقف إطلاق النار مؤقتاً في غزة، والمصالحة الفلسطينية وسيناريوهات اليوم التالي».

ويدفع الرئيس الأميركي جو بايدن والرئيس الأميركي المنتخب دونالد ترمب، من أجل «هدنة في غزة»، وكان ترمب طالب حركة «حماس»، في وقت سابق، بإطلاق سراح المحتجزين في غزة قبل توليه منصبه خلفاً لبايدن في 20 يناير (كانون الثاني) المقبل، وإلا فـ«الثمن سيكون باهظاً».