تحذيرات من طرح «الإعادة الطوعية» للاجئين السوريين

«حزب الله» يتهم واشنطن والاتحاد الأوروبي بعرقلة عودتهم

TT

تحذيرات من طرح «الإعادة الطوعية» للاجئين السوريين

ظهرت أمس تحذيرات من طرح «الإعادة الطوعية» للسوريين من لبنان إلى بلاده للالتفاف على قرار الحكومة اللبنانية، في وقت اتهم نائب الأمين العام لـ«حزب الله» الشيخ نعيم قاسم، الولايات المتحدة الأميركية والاتحاد الأوروبي بـ«منع عودة النازحين السوريين في لبنان»، فيما بدا أن رفعا لسقف الاتهامات، بعد الانقسامات التي شهدها مجلس الوزراء حول تنسيق الحكومة مع النظام السوري بهدف إعادة اللاجئين.
وإثر انقسام الحكومة اللبنانية حول التنسيق مع النظام، برزت مخاوف من أن يتم اعتماد خطة بديلة، تلتف على قرارات الحكومة في إعادة اللاجئين إلى بلادهم، تحت عنوان «الإعادة الطوعية» أو تنسيق خطة ما، تمثل مخرجاً للحكومة التي يصر رئيسها سعد الحريري، ومعه وزراء حزب القوات اللبنانية والحزب التقدمي الاشتراكي، على أن تكون عودة اللاجئين عبر الأمم المتحدة، بحسب الباحث رضوان السيد لـ«الشرق الأوسط»، كاشفاً عن أن مدير عام الأمن العام اللواء عباس إبراهيم «زار دمشق مرتين هذا الأسبوع»، علما بأن إبراهيم كان في وقت سابق صلة الوصل بين الحكومة والنظام السوري لإتمام صفقات أفضت إلى الإفراج عن المخطوفين اللبنانيين في أعزاز السورية، وصفقة الإفراج عن العسكريين اللبنانيين الذين كانوا مخطوفين لدى جبهة النصرة في جرود عرسال.
ويستند رئيس الحكومة اللبنانية في الإصرار على عودة اللاجئين عبر الأمم المتحدة، إلى «ضرورة توفر الضمانات الأمنية لعودتهم»، وهو أمر لا يمكن أن تضمنه إلا الأمم المتحدة، في وقت قالت مصادر معنية إن الحكومة لم تقدم طلباً رسمياً بعد إلى الأمم المتحدة بخصوص إعادة اللاجئين، علما بأن مفوضية شؤون اللاجئين تشدد على ضرورة أن تكون عودتهم طوعية.
وبحسب أرقام المفوضية، فإن عدد اللاجئين تراجع منذ العام 2015 إلى العام الحالي، 200 ألف لاجئ، وغادر قسم من هؤلاء إلى دولة ثالثة، في حين عاد بعضهم إلى ديارهم، أما القسم الثالث فقد ساهمت المفوضية في إعادة توطينهم في دولة ثالثة عبرها.
وفي ظل الجدل الحاصل حول مشروع إعادة اللاجئين إلى ديارهم، جدد قاسم مطالبه «بأن تنسق الحكومة اللبنانية مع الحكومة السورية من أجل تنظيم إعادة من يرغب من النازحين السوريين إلى الأماكن الآمنة في داخل سوريا». واتهم الولايات المتحدة والاتحاد الأوروبي بـ«منع عودة النازحين السوريين من لبنان إلى سوريا»، قائلا: إن هذه الدول «لا تريد للنازحين أن يعودوا، وقد سمعت من مسؤول أوروبي رفيع أنه قال: «إن عودة النازحين السوريين إلى بلدهم يعني أن نظام الرئيس بشار الأسد نظام يستطيع أن يدير دولة، وأن يحمي الأمن، وأن يستقبل هؤلاء ليعيشوا ضمن رعايته»». وقال: «هم يريدون القول إن هذا النظام لا يمكن أن يعيش فيه أحد، والنزوح في لبنان أحد أشكال إعطاء الدلالة على عدم قدرة النظام السوري على أن يحمي مواطنيه؛ فقرار عدم عودة النازحين ليس عدم قدرتهم إنما هو قرار أميركي ومن الاتحاد الأوروبي أيضا». وتساءل: «كيف تفسرون لنا أن المفوضية العليا للاجئين في الأمم المتحدة تذكر، في بيان قبل أسبوع تقريبا، أنها أحصت عودة 500 ألف نازح سوري إلى أماكن سكنهم الأصلية، 10 في المائة منهم من خارج سوريا، والباقون من مدن وقرى داخل سوريا نزحوا إليها ثم عادوا إلى قراهم؟ فعندما يعود هذا العدد إلى الأماكن التي نزحوا منها يمكن إعادة مليون أو مليونين، وخصوصا مع الإنجازات التي حققها النظام السوري».
ويعد هذا الاتهام، هو الأول من «حزب الله» لأطراف دولية بعرقلة عودة اللاجئين. ويشرح الباحث السياسي البارز رضوان السيد لـ«الشرق الأوسط» أسبابه، بالقول: إن الخطة الإيرانية السابقة في سوريا تغيرت، فهي كانت تسعى لتهجير معارضي النظام على اعتبار أنهم «أعداء للنظام»، ومن ضمنهم مدنيون، لكن هذا الهدف «تراجع بالنظر إلى أنه لا يمكن تحقيقه على امتداد سوريا، والنظام لن يسقط»، مشيراً إلى أن «الخطة تغيرت إلى تثبيت النفوذ في الحدود اللبنانية - السورية، وفي المقابل إفراغ المناطق الحدودية مع سوريا في البقاع في شرق لبنان من 400 ألف لاجئ سوري و50 ألف فلسطيني، معظمهم من السنة، ويسعون لإخراجهم بالقوة».



«هدنة غزة» تقترب وسط جولات مكوكية وحديث عن «تنازلات»

دخان القصف الإسرائيلي فوق بيت ياحون بقطاع غزة الخميس (رويترز)
دخان القصف الإسرائيلي فوق بيت ياحون بقطاع غزة الخميس (رويترز)
TT

«هدنة غزة» تقترب وسط جولات مكوكية وحديث عن «تنازلات»

دخان القصف الإسرائيلي فوق بيت ياحون بقطاع غزة الخميس (رويترز)
دخان القصف الإسرائيلي فوق بيت ياحون بقطاع غزة الخميس (رويترز)

وسط حديث عن «تنازلات» وجولات مكوكية للمسؤولين، يبدو أن إسرائيل وحركة «حماس» قد اقتربتا من إنجاز «هدنة مؤقتة» في قطاع غزة، يتم بموجبها إطلاق سراح عدد من المحتجزين في الجانبين، لا سيما مع تداول إعلام أميركي أنباء عن مواقفة حركة «حماس» على بقاء إسرائيل في غزة «بصورة مؤقتة»، في المراحل الأولى من تنفيذ الاتفاق.

وتباينت آراء خبراء تحدثت إليهم «الشرق الأوسط»، بين من أبدى «تفاؤلاً بإمكانية إنجاز الاتفاق في وقت قريب»، ومن رأى أن هناك عقبات قد تعيد المفاوضات إلى المربع صفر.

ونقلت صحيفة «وول ستريت جورنال» الأميركية، عن وسطاء عرب، قولهم إن «حركة (حماس) رضخت لشرط رئيسي لإسرائيل، وأبلغت الوسطاء لأول مرة أنها ستوافق على اتفاق يسمح للقوات الإسرائيلية بالبقاء في غزة مؤقتاً عندما يتوقف القتال».

وسلمت «حماس» أخيراً قائمة بأسماء المحتجزين، ومن بينهم مواطنون أميركيون، الذين ستفرج عنهم بموجب الصفقة.

وتأتي هذه الأنباء في وقت يجري فيه جيك سوليفان، مستشار الأمن القومي للرئيس الأميركي، محادثات في تل أبيب مع رئيس الوزراء الإسرائيلي بنيامين نتنياهو، الخميس، قبل أن يتوجه إلى مصر وقطر.

ونقلت «رويترز» عن دبلوماسي غربي قوله إن «الاتفاق يتشكل، لكنه على الأرجح سيكون محدود النطاق، ويشمل إطلاق سراح عدد قليل من الرهائن ووقف قصير للأعمال القتالية».

فلسطينيون بين أنقاض المباني المنهارة في مدينة غزة (أ.ف.ب)

في حين أشار القيادي في «حماس» باسم نعيم إلى أن «أي حراك لأي مسؤول أميركي يجب أن يكون هدفه وقف العدوان والوصول إلى صفقة لوقف دائم لإطلاق النار، وهذا يفترض ممارسة ضغط حقيقي على نتنياهو وحكومته للموافقة على ما تم الاتفاق عليه برعاية الوسطاء وبوساطة أميركية».

ومساء الأربعاء، التقى رئيس جهاز المخابرات الإسرائيلي، ديفيد برنياع، مع رئيس الوزراء القطري، الشيخ محمد بن عبد الرحمن آل ثاني، في الدوحة؛ لبحث الاتفاق. بينما قال مكتب وزير الدفاع الإسرائيلي، يسرائيل كاتس، في بيان، إنه «أبلغ وزير الدفاع الأميركي لويد أوستن في اتصال هاتفي، الأربعاء، بأن هناك فرصة للتوصل إلى اتفاق جديد يسمح بعودة جميع الرهائن، بمن فيهم المواطنون الأميركيون».

وحال تم إنجاز الاتفاق ستكون هذه هي المرة الثانية التي تتم فيها هدنة في قطاع غزة منذ بداية الحرب في 7 أكتوبر (تشرين الأول) 2023. وتلعب مصر وقطر والولايات المتحدة دور الوساطة في مفاوضات ماراثونية مستمرة منذ نحو العام، لم تسفر عن اتفاق حتى الآن.

وأبدى خبير الشؤون الإسرائيلية بـ«مركز الأهرام للدراسات السياسية والاستراتيجية» الدكتور سعيد عكاشة «تفاؤلاً حذراً» بشأن الأنباء المتداولة عن قرب عقد الاتفاق. وقال لـ«الشرق الأوسط» إن «التقارير تشير إلى تنازلات قدمتها حركة (حماس) بشأن الاتفاق، لكنها لا توضح نطاق وجود إسرائيل في غزة خلال المراحل الأولى من تنفيذه، حال إقراره».

وأضاف: «هناك الكثير من العقبات التي قد تعترض أي اتفاق، وتعيد المفاوضات إلى المربع صفر».

على الجانب الآخر، بدا أستاذ العلوم السياسية بجامعة القدس السياسي الفلسطيني، الدكتور أيمن الرقب، «متفائلاً بقرب إنجاز الاتفاق». وقال لـ«الشرق الأوسط» إن «هناك حراكاً أميركياً لإتمام الصفقة، كما أن التقارير الإسرائيلية تتحدث عن أن الاتفاق ينتظر الضوء الأخضر من جانب تل أبيب و(حماس) لتنفيذه».

وأضاف: «تم إنضاج الاتفاق، ومن المتوقع إقرار هدنة لمدة 60 يوماً يتم خلالها الإفراج عن 30 محتجزاً لدى (حماس)»، مشيراً إلى أنه «رغم ذلك لا تزال هناك نقطة خلاف رئيسية بشأن إصرار إسرائيل على البقاء في محور فيلادلفيا، الأمر الذي ترفضه مصر».

وأشار الرقب إلى أن «النسخة التي يجري التفاوض بشأنها حالياً تعتمد على المقترح المصري، حيث لعبت القاهرة دوراً كبيراً في صياغة مقترح يبدو أنه لاقى قبولاً لدى (حماس) وإسرائيل»، وقال: «عملت مصر على مدار شهور لصياغة رؤية بشأن وقف إطلاق النار مؤقتاً في غزة، والمصالحة الفلسطينية وسيناريوهات اليوم التالي».

ويدفع الرئيس الأميركي جو بايدن والرئيس الأميركي المنتخب دونالد ترمب، من أجل «هدنة في غزة»، وكان ترمب طالب حركة «حماس»، في وقت سابق، بإطلاق سراح المحتجزين في غزة قبل توليه منصبه خلفاً لبايدن في 20 يناير (كانون الثاني) المقبل، وإلا فـ«الثمن سيكون باهظاً».