الغيوم تتكاثف في سماء سوق السندات الأميركية

جميع الاحتمالات مفتوحة... والحذر أفضل الخيارات للمستثمرين

انخفاض عوائد السندات قد يعكس التضخم المنخفض بصورة مستمرة (أ.ب)
انخفاض عوائد السندات قد يعكس التضخم المنخفض بصورة مستمرة (أ.ب)
TT

الغيوم تتكاثف في سماء سوق السندات الأميركية

انخفاض عوائد السندات قد يعكس التضخم المنخفض بصورة مستمرة (أ.ب)
انخفاض عوائد السندات قد يعكس التضخم المنخفض بصورة مستمرة (أ.ب)

تبعث سوق السندات الأميركية بإشارات تحذيرية بأن الأوقات السيئة قد اقترب أوانها بالنسبة لأسواق الأسهم وللاقتصاد ككل.
وليست هذه على الأرجح الأنباء التي يود الجميع الاستماع إليها، لا سيما بالنسبة لمستثمري الأسهم. ففي النصف الأول من العام الحالي، بعد كل شيء، كان أداء الأسهم مذهلا للغاية. ولقد سجل مؤشر «ستاندرد آند بورز 500» للأسهم تسع نقاط مئوية دفعة واحدة في يونيو (حزيران)، محققا مكاسب كبيرة بصورة منتظمة، حتى إنه قد يبدو من الغريب أن تتبدى غيوم التراجع في الأفق القريب.
ومع ذلك، وعلى غرار التوقعات طويلة المدى حول اقتراب عاصفة من العواصف، فهناك مؤشر مالي قديم ومعتبر يخبرنا بأن المصاعب قد تلوح في أفق السماء أمامنا.
بعبارات بسيطة، في الوقت الذي رفع فيه بنك الاحتياطي الفيدرالي الأميركي من أسعار الفائدة على المدى القصير منذ ديسمبر (كانون الأول) الماضي، لم تصل الأنباء إلى سوق السندات بعد. فلقد كانت المعدلات ذات المدى الأطول - والتي تتحدد خلال جلسات تداول سوق السندات - في غالب الأمر، تشهد هبوطا مستمرا، على الرغم من وقوع انعكاس موجز خلال الأيام القليلة الماضية. ولكن الانفصال الحاصل على مدى الشهور القليلة الماضية يعد علامة على أن مستثمري السندات يعتقدون أن النمو الاقتصادي والتضخم لا يزالان يعانيان من ضعف مستمر، وأن التدابير المتخذة من جانب بنك الاحتياطي الفيدرالي لا ترقى إلى مستوى الأحداث الجارية.
وفي الماضي، عندما كانت النزاعات بين بنك الاحتياطي الفيدرالي وسوق السندات مستمرة ومتصاعدة، كانوا يتوقعون في بعض الأحيان حدوث مشكلات كبيرة في المستقبل، مثل انهيار سوق الأسهم، وفي خاتمة المطاف، الركود.
يقول ديفيد روزنبرغ، الخبير الاقتصادي وكبير المخططين في مؤسسة «غلوسكين شيف» في تورونتو: «أعتقد أنه يجب على الناس الانتباه بشدة لكل هذه الإشارات في الوقت الحالي. متى تريد التأكد من استعمال المظلة خاصتك؟ مع توقعات الطقس في نشرة الأخبار أو عندما تبدأ الأمطار في الانهمار؟».
إن الأمطار قادمة لا محالة، كما يقول السيد روزنبرغ، موصيا المستثمرين بالاستعداد لها عن طريق الاحتفاظ بكميات كافية من الأموال السائلة وضبط محافظهم المالية لمواجهة العاصفة القادمة. وتعد منطقة اليورو في المراحل المبكرة من الدورة الاقتصادية، كما أشار، وربما تكون الاحتمالات لديهم في وضع أفضل الآن... ولكنه يحث على توخي مزيد من الحذر في الولايات المتحدة بقوله: «لا يمكنني التنبؤ بميعاد هطول الأمطار هناك، ولكن الدورة الاقتصادية لم تنهر، ولا تزال فرص وقوع الركود في تنام مستمر». وعلى الرغم من المخاوف واسعة النطاق إزاء سلوكيات أسواق الدخل الثابت، فإن بعض المحللين غير مقتنعين بأن التوقعات بمثل هذه القتامة.
يقول إدوارد يارديني، الخبير الاقتصادي والمخطط الاستراتيجي المستقل والمعني بدراسة أسواق السندات منذ عقود: «هناك دواع للقلق والمخاوف الراهنة بكل تأكيد. ولكننا نعيش في عالم غريب للغاية الآن، ومن الصعب القول كيف سوف يتبدى الأمر برمته للجميع».
وأضاف السيد يارديني يقول إن «الاقتصاد ينمو بوتيرة بطيئة للغاية، بواقع نقطتين مئويتين فقط في كل عام، وهو المعدل الذي اعتدنا أن نسميه (سرعة المماطلة)، من واقع اعتقادنا بأنه كلما كان الاقتصاد ضعيف هكذا، سوف يؤدي إلى الركود في خاتمة المطاف. ولكن هذا لم يحدث... فالاقتصاد يواصل النمو، وسوق الأسهم تواصل المضي قدما، ومع ذلك لا يزال الركود في أدنى مستوياته. فإلى أين نحن نتجه؟ هناك كثير من الاحتمالات لذلك. فليس هذا بالاقتصاد الذي نعرفه أو اعتدنا عليه».
والفهم الأعمق للوضع الحالي يستلزم قدرا بسيطا من المعرفة الفنية، فتحملوني قليلا... حيث عمد بنك الاحتياطي الفيدرالي، إلى جانب المصارف المركزية الأخرى، إلى تخفيض أسعار الفائدة قصيرة الأجل إلى مستويات تقارب الحد الصفري خلال الأزمة المالية. ومع محاولات إصلاح وتعافي الاقتصاد، ومع ارتفاع أسعار الأصول مثل الأسهم والعقارات، بدأ مسؤولو بنك الاحتياطي الفيدرالي في رفع أسعار الفائدة على المدى القصير، وهم يقولون إنهم يعتزمون الاستمرار في ذلك.
والأمر غير المعتاد هنا أنه في حين أن أسعار الفائدة على المدى القصير - الخاضعة لسيطرة ونفوذ بنك الاحتياطي الفيدرالي - باتت في ارتفاع مستمر، فإن أسعار الفائدة على المدى الطويل - والتي تحددها سوق السندات - شهدت انخفاضا بشكل عام. وذلك هو السبب في أن معدلات الرهن العقاري الثابتة لمدة 30 عاما لا تزال أدنى من مستوى 4 نقاط مئوية، وليست أعلى بكثير مما كانت عليه قبل عام كامل.
على سبيل المثال، انخفضت سندات الخزانة القياسية لعشر سنوات من أكثر من 2.6 نقطة مئوية في مارس (آذار)، إلى نحو 2.1 نقطة مئوية في وقت سابق من يونيو... ولقد ارتفعت إلى 2.3 نقطة مئوية يوم الجمعة الماضي.
وكانت أسعار الفائدة لسندات السنوات العشر تقترب من نقطة مئوية واحدة أعلى من معدلات بنك الاحتياطي الفيدرالي، وتحوم مقتربة من 0.6 أو 0.7 نقطة مئوية أعلى من سندات الخزانة ذات السنوات الثلاث.
وفي مصطلحات سوق السندات، يعني مصطلح «استواء منحنى العائد» أن أسعار الفائدة قصيرة وطويلة الأجل تقترب من حد التكافؤ. ومثل هذا التطور، في حد ذاته، غير اعتيادي. ولكن إذا ما استمر الاتجاه على حاله، مع ارتفاع أسعار الفائدة قصيرة الأجل على أسعار الفائدة طويلة الأجل، فإن الرسالة الصادرة عن سوق السندات سوف ترقى إلى مستوى الإنذار بالخطر.
وفي مثل هذه الحالة، فإن خبراء سوق السندات سوف يقولون «لقد انعكس منحنى العائد»، في إشارة إلى انعكاس الترتيب الطبيعي للأشياء، نظرا لأنه في أغلب الأوقات، يطالب المستثمرون بعلاوة العوائد لربط أموالهم لفترات أطول. ومن شأن الانعكاس أن يعرب عن شكوك عميقة بشأن سياسات بنك الاحتياطي الفيدرالي، وبشأن صحة الاقتصاد ككل. وفي الماضي، كانت حالات الانعكاس المماثلة تعتبر إشارة على اقتراب وقوع الركود والهبوط الحاد في أسواق الأسهم.
وفي واقع الأمر، وقعت آخر حالة من حالات الانعكاس في منحنى العائد في عامي 2006 ثم 2007. وفقا للبيانات التي يملكها بنك الاحتياطي الفيدرالي في نيويورك. وارتفعت إثر ذلك احتمالات الركود، كما ظهر النموذج الذي يحتفظ به بنك الاحتياطي الفيدرالي في نيويورك ولسبب وجيه. ووقع الاقتصاد في هوة الركود في ديسمبر (كانون الأول) لعام 2007، ولا يزال يتعافى، إلى درجة ما، حتى الآن. وذلك السبب في أنه لا بد أن تؤخذ رسائل منحنى العائد بمزيد من الحذر والجدية.
ومع ذلك، فإننا لا نشهد انعكاسا في الوقت الراهن، وقد لا نتطرق إلى هذا الاتجاه على الإطلاق.
يقول جيفري كلاينتوب، كبير مخططي الاستثمار الدولي لدى مؤسسة تشارلز شواب، إن «استواء منحنى العائد لا يعني بالضرورة أن يتحول إلى انعكاس». وأضاف: «في الوقت الراهن يعاني الاقتصاد البريطاني من اهتزازات قوية بسبب الخروج من الاتحاد الأوروبي وغير ذلك من المخاوف، وهو معرض تماما للانكماش»، ولكن كلاينتوب يعتقد أن احتمال وقوع الركود في الولايات المتحدة خلال الشهور الـ12 المقبلة هو احتمال ضئيل للغاية، وأردف يقول: «أعتقد أنه أمامنا عام أو نحوه من استمرار النمو».
ولا يزال السيد يارديني على تفاؤله بشأن الأسهم في الولايات المتحدة، ويحمل مشاعر إيجابية وحذرة إزاء الاقتصاد الأميركي. ويقول إن انخفاض عوائد السندات قد تعكس التضخم المنخفض بصورة مستمرة، الأمر الذي قد يكون حميد العواقب. وعوامل مثل التركيبة السكانية (شيخوخة جيل الطفرة)، والتكنولوجيا (كفاءة الهواتف الذكية والحوسبة السحابية)، والعولمة قد غيرت من وجه الاقتصاد الأميركي وقللت من معدلات التضخم في البلاد.
وانخفاض التضخم، إلى جانب انخفاض أسعار الفائدة عالميا، هو المسؤول جزئيا عن انخفاض عوائد السندات في الولايات المتحدة. وهذه العوائد المنخفضة كانت بمثابة نعمة للأشخاص الذين يملكون السندات بسبب تحرك العوائد والأسعار في مسارات متعاكسة، فلقد سجل مؤشر «بلومبيرغ باركليز أغريغيت» القياسي أكثر من 2.4 نقطة مئوية خلال يونيو، على الرغم من التوقعات المبكرة خلال العام باقتراب الأوقات السيئة بالنسبة لمستثمري السندات.
ومن شأن الإشارات الخطيرة من سوق السندات أن تتحول بكل سهولة إلى نمط آخر. وقد يتدخل بنك الاحتياطي الفيدرالي ويعلق رفع أسعار الفائدة على المدى القصير، وذلك رغم أن مثل هذه الخطوة قد تطلق العنان للغزارة «اللاعقلانية»، وتدفع بأسعار الأسهم المثقلة بالفعل إلى مستويات أعلى.
ومن ناحية أخرى، يمكن لأسواق السندات أن تهتز، وترفع من عوائد السندات وتخفف من حدة التوترات المشهودة.. ولكن من شأن ذلك أن يكون الاحتمال الأكبر بدء التضخم أو النمو الاقتصادي في الارتفاع على الرغم من التوقعات الحالية.
وحتى الآن، لا يزال الارتفاع في الأصول المحفوفة بالمخاطر، مثل الأسهم، في صعود لا هوادة فيه، في حين أن الصراع بين بنك الاحتياطي الفيدرالي وسوق السندات لا يزال مستمرا. ويشير مسؤولو بنك الاحتياطي الفيدرالي إلى أنهم عقدوا العزم على مواصلة رفع أسعار الفائدة على المدى القصير والبدء في تخفيض الحيازات الفيدرالية للسندات، ربما لأجل استعداد البنك المركزي الأميركي لاتخاذ التدابير في حالة وقوع الركود المقبل.
وعلى أدنى تقدير، فإن الخيارات السياسية المقبلة عسيرة للغاية... وبالنسبة للمستثمرين، هناك سبب وجيه لتوخي الحذر.
* خدمة «نيويورك تايمز»



ضغوط الانكماش تتفاقم في الصين رغم فورة التضخم 

آلاف الحاويات المعدة للتصدير في ميناء نانجينغ شرق الصين (أ.ف.ب)
آلاف الحاويات المعدة للتصدير في ميناء نانجينغ شرق الصين (أ.ف.ب)
TT

ضغوط الانكماش تتفاقم في الصين رغم فورة التضخم 

آلاف الحاويات المعدة للتصدير في ميناء نانجينغ شرق الصين (أ.ف.ب)
آلاف الحاويات المعدة للتصدير في ميناء نانجينغ شرق الصين (أ.ف.ب)

تواصل الصين مواجهة ضغوط انكماشية قوية على الرغم من تسجيل التضخم الاستهلاكي أعلى مستوى له في 21 شهراً خلال نوفمبر (تشرين الثاني)، في تطور يكشف تباين أداء مكونات الاقتصاد وضعف الطلب المحلي، ويؤكد الحاجة إلى مزيد من تدابير التحفيز خلال العام المقبل.

فقد أظهرت بيانات المكتب الوطني للإحصاء ارتفاع مؤشر أسعار المستهلك بنسبة 0.7 في المائة على أساس سنوي في نوفمبر، مقارنة بـ0.2 في المائة في أكتوبر (تشرين الأول)، وهي زيادة تتماشى مع توقعات الاقتصاديين.

وجاء هذا الارتفاع مدفوعاً بشكل رئيسي بارتفاع أسعار المواد الغذائية بنسبة 0.2 في المائة بعد هبوطها العميق في الشهر السابق. ورغم هذا التحسن الظاهري، استقر التضخم الأساسي - الذي يستثني أسعار الغذاء والطاقة - عند 1.2 في المائة، في إشارة إلى استمرار ضعف الطلب المحلي. كما انخفض المؤشر على أساس شهري بنسبة 0.1 في المائة مقابل توقعات بارتفاعه، ما يعزز القلق من محدودية القوة الشرائية للمستهلكين.

أسعار المنتجين تعمّق الضغوط

وبالتوازي، تتعمّق الضغوط الانكماشية من جانب الإنتاج؛ إذ تراجع مؤشر أسعار المنتجين بنسبة 2.2 في المائة في نوفمبر، مقارنة بانخفاض 2.1 في المائة في أكتوبر، وهو ما تجاوز التوقعات. ويأتي هذا التراجع امتداداً لانكماش مستمر منذ ثلاث سنوات أعاق قدرة المصانع على تحقيق أرباح مستقرة، رغم جهود الحكومة للحد من فائض الطاقة الإنتاجية وتقليص المنافسة الشديدة بين الشركات. وقال زافيير وونغ، محلل الأسواق في شركة «إي تورو»: «تشير أحدث البيانات إلى اقتصاد يزداد دفئاً على السطح، لكنه لا يزال يعاني ضغوطاً انكماشية عميقة في الأساس». وأضاف: «المصنّعون يواصلون خفض الأسعار لتصريف المخزون، ما يعكس هشاشة الطلب المحلي».

اختلالات بنيوية

ورغم أن الاقتصاد الصيني البالغ حجمه 19 تريليون دولار يسير على المسار الصحيح لتحقيق هدف النمو الحكومي البالغ «نحو 5 في المائة»، فإن الاختلالات الاقتصادية تزداد حدة. فقد أدى ضعف ثقة المستهلك والحرب التجارية التي يشنها الرئيس الأميركي دونالد ترمب إلى تقليص الطلب، بينما لجأت الشركات إلى خفض الأسعار لجذب المشترين.

وتُظهر بيانات «باين آند كومباني» أن إنفاق الأسر على السلع الاستهلاكية سريعة التداول ارتفع بنسبة 1.3 في المائة منذ بداية العام، ولكنه مدفوع بانخفاض متوسط أسعار البيع بنسبة 2.4 في المائة، ما يعكس تنافساً سعرياً شديداً يعكس استمرار الضغوط الانكماشية. ويرى المحللون أن السلطات الصينية بحاجة إلى دعم القطاع العقاري المتعثر، ومعالجة بطالة الشباب، وتعزيز شبكة الأمان الاجتماعي لتحفيز الإنفاق المحلي وتحقيق نمو مستدام.

وعلى المدى القريب، يتوقع مراقبون إطلاق «موجة دعم سياسي» جديدة لتعزيز الثقة وزيادة الطلب. وكان المكتب السياسي للحزب الشيوعي الصيني قد تعهد هذا الأسبوع بتوسيع الطلب المحلي وتعزيز السياسات الاقتصادية الفعالة في 2026. في إطار خطة خماسية تركّز على إعادة هيكلة النمو نحو الاستهلاك الأسري. وتقول لين سونغ، كبيرة الاقتصاديين لمنطقة الصين الكبرى في «آي إن جي»: «التركيز على انطلاقة قوية لعام 2026 يعني أننا قد نرى موجة جديدة من التحفيز في الأشهر الأولى من العام المقبل»، متوقعة خفض أسعار الفائدة بمقدار 20 نقطة أساس خلال العام.

ومع استمرار ضعف الطلب، يرجح معظم المحللين امتداد الاتجاه الانكماشي إلى العام المقبل، ما يستدعي حزمة سياسات اقتصادية أكثر فاعلية لمعالجة جذور المشكلة، ودفع الاقتصاد نحو توازن أفضل بين العرض والطلب.

وبينما يساعد الدعم الحكومي وصلابة الصادرات في إبقاء النمو ضمن المستهدفات، فإن المؤشرات الحالية تؤكد أن الطريق لا يزال طويلاً قبل أن يتجاوز الاقتصاد الصيني ضغوط الانكماش الراهنة.


أميركا تُجري أول مزاد للنفط والغاز في خليج المكسيك منذ 2023

منصة «سينتيناريو» النفطية في المياه العميقة بخليج المكسيك قبالة سواحل فيراكروز (رويترز)
منصة «سينتيناريو» النفطية في المياه العميقة بخليج المكسيك قبالة سواحل فيراكروز (رويترز)
TT

أميركا تُجري أول مزاد للنفط والغاز في خليج المكسيك منذ 2023

منصة «سينتيناريو» النفطية في المياه العميقة بخليج المكسيك قبالة سواحل فيراكروز (رويترز)
منصة «سينتيناريو» النفطية في المياه العميقة بخليج المكسيك قبالة سواحل فيراكروز (رويترز)

تُجري إدارة ترمب، الأربعاء، أول مزاد حكومي لحقوق التنقيب عن النفط والغاز في خليج المكسيك منذ عام 2023، في اختبار حاسم لمدى إقبال قطاع النفط والغاز على مساحات التنقيب البحرية، في وقت تسعى الولايات المتحدة إلى زيادة إنتاجها المحلي من الوقود الأحفوري.

ويُعدّ هذا المزاد الأول من بين 30 مزاداً فرضها قانون خفض الضرائب والإنفاق الذي وقّعه الرئيس الأميركي دونالد ترمب ليصبح قانوناً نافذاً في يوليو (تموز). وتُمثّل خطط إدارته لتأجير المساحات البحرية تحولاً كبيراً عن خطط سلفه، الرئيس جو بايدن، الذي كان قد خطط لعدد محدود تاريخياً من مزادات النفط والغاز، في إطار جهوده للتحوّل عن الوقود الأحفوري ومواجهة تغيّر المناخ.

وقد عرض مكتب إدارة طاقة المحيطات الأميركي 81.2 مليون فدان في الخليج بنسبة 12.5 في المائة ​​بوصفه رسوم امتياز، وهي أدنى نسبة يسمح بها قانون ترمب الضريبي الجديد.

سابقاً، وبموجب قانون بايدن لخفض التضخم لعام 2022، كان يُلزم شركات النفط بدفع حد أدنى قدره 16.66 في المائة بوصفها عائدات لوزارة الخزانة الأميركية والولايات وغيرها من الصناديق الفيدرالية.

وخفّض قانون ترمب هذه النسبة لتشجيع مشاركة القطاع في عمليات بيع عقود التأجير. وانخفضت أسعار النفط الخام الأميركي بنحو 20 في المائة هذا العام، ما قد يحد من استثمارات شركات الحفر، على الرغم من أنه من المتوقع أن تُسهم الابتكارات التكنولوجية في مجال الحفر بأعماق البحار في تعزيز إنتاج خليج المكسيك.

ويمثل الإنتاج البحري نحو 15 في المائة من الإنتاج الأميركي، ولكنه تراجع مقارنةً بحقول النفط الصخري البرية في السنوات الأخيرة بسبب طول المدة الزمنية وارتفاع التكاليف الأولية.

ووفقاً لوثيقة تتضمن إحصاءات ما قبل البيع على موقع مكتب إدارة الطاقة البحرية، قدمت 26 شركة ما مجموعه 219 عرضاً على مساحة 1.02 مليون فدان، أي ما يُعادل 1.3 في المائة تقريباً من المساحة المعروضة.

استقطبت آخر عملية بيع في منطقة الخليج عام 2023، 352 عرضاً من 26 شركة، تغطي مساحة 1.73 مليون فدان.

وحققت العملية عائدات بلغت 382 مليون دولار، وهو أعلى مبلغ تحققه أي عملية بيع لعقود إيجار الأراضي البحرية الفيدرالية منذ عام 2015.


الاتحاد الأوروبي يُسرّع مشاريع شبكات الكهرباء في سباقٍ لكبح أسعار الطاقة

المفوض الأوروبي لشؤون الطاقة والإسكان دان يورغنسن يتحدث بمؤتمر صحافي في بروكسل (إ.ب.أ)
المفوض الأوروبي لشؤون الطاقة والإسكان دان يورغنسن يتحدث بمؤتمر صحافي في بروكسل (إ.ب.أ)
TT

الاتحاد الأوروبي يُسرّع مشاريع شبكات الكهرباء في سباقٍ لكبح أسعار الطاقة

المفوض الأوروبي لشؤون الطاقة والإسكان دان يورغنسن يتحدث بمؤتمر صحافي في بروكسل (إ.ب.أ)
المفوض الأوروبي لشؤون الطاقة والإسكان دان يورغنسن يتحدث بمؤتمر صحافي في بروكسل (إ.ب.أ)

يعتزم الاتحاد الأوروبي تقليص مدة انتظار إصدار التصاريح وتطبيق التخطيط المركزي لبنية شبكات الكهرباء في جميع أنحاء أوروبا، في محاولةٍ منه لكبح أسعار الطاقة المرتفعة التي حذّر منها مسؤولون تنفيذيون في القطاع، التي تُضعف القدرة التنافسية لأوروبا.

تتجاوز أسعار الطاقة الصناعية في أوروبا ضعف مثيلاتها في الولايات المتحدة والصين. ويقول المصنّعون المحليون كثيفو استهلاك الطاقة إن هذه الأسعار تُثني الاستثمارات في القارة.

ونشرت المفوضية الأوروبية، يوم الأربعاء، مقترحات قانونية لتقليص المهل الزمنية الممنوحة للسلطات في جميع أنحاء الاتحاد الأوروبي للموافقة على تراخيص مشاريع الطاقة، في محاولة لتسريع تحديث شبكات الكهرباء، مؤكدةً بذلك مسودات خطط سبق أن نشرتها «رويترز».

بالنسبة لمشاريع الشبكات، ستكون المهلة سنتين، بعد أن كانت مدة الانتظار الحالية تصل إلى عشر سنوات. وفي حال عدم استجابة السلطات ضمن الأطر الزمنية الجديدة، ستُمنح التراخيص تلقائياً.

ستتفاوض دول الاتحاد الأوروبي والمشرعون على هذه المقترحات ويوافقون عليها قبل أن تصبح قوانين نافذة. وقد سلّط انقطاع التيار الكهربائي الحاد الذي شهدته شبه الجزيرة الأيبيرية هذا العام الضوء على نقص خطوط الربط بين الدول، ما يعيق تدفق الطاقة إلى المناطق الأكثر احتياجاً.

كما ستعمل بروكسل على وضع خطط مركزية على مستوى الاتحاد الأوروبي للبنية التحتية للكهرباء العابرة للحدود، وستُفعّل آلية «سد الثغرات» لطلب مقترحات المشاريع في حال عدم وجودها. وقد خصص الاتحاد الأوروبي 30 مليار يورو من موازنته للفترة 2028-2034 لمشاريع الطاقة العابرة للحدود.

وأدت سنوات من التباطؤ في الاستثمارات إلى تقادم شبكات الكهرباء، ما يجعلها عاجزة عن استيعاب الإمدادات المتزايدة من الطاقة المتجددة المتقلبة في أوروبا. وغالباً ما يتم إيقاف تشغيل مولدات طاقة الرياح والطاقة الشمسية لتجنب تحميل الشبكات فوق طاقتها، مما يؤدي إلى هدر الكهرباء المتجددة منخفضة التكلفة وزيادة التكاليف. وتشير بيانات القطاع إلى أن مشاريع طاقة الرياح التي تزيد قدرتها المحتملة على 500 غيغاوات تنتظر الحصول على تراخيص الربط بشبكة الكهرباء الأوروبية.

كما تعتزم بروكسل إلغاء شرط إجراء تقييمات بيئية لمشاريع الربط بالشبكة، على أمل تسريع عملية الإنشاء. وقد انتقد ناشطون هذه الخطة.

مخاوف أمنية

وأدت الحوادث الأخيرة التي تسببت فيها سفن مرتبطة بروسيا في إتلاف كابلات وخطوط أنابيب الطاقة الأوروبية إلى زيادة مخاوف الحكومات بشأن أمن شبكات الطاقة لديها. وتتطلب المقترحات تقييم مشاريع الطاقة العابرة للحدود الممولة من الاتحاد الأوروبي من حيث المخاطر المادية والإلكترونية.

كما ستخضع هذه المشاريع لفحص من قِبَل مجموعات إقليمية تضم حكومات وهيئات تنظيمية وشركات من الاتحاد الأوروبي، للتحقق من ملكية أو مشاركة شركات أجنبية، وذلك لرصد أي مخاوف أمنية محتملة.

وقالت المفوضية إن الاستثمارات الأجنبية يمكن أن «تزيد من تعرض الاتحاد للمخاطر المتعلقة بأمن الطاقة مثل الاضطرابات أو انخفاض موثوقية التدفقات عبر الحدود، لا سيما عندما تنشأ هذه الاستثمارات الأجنبية من دول ثالثة ذات مصالح جيوسياسية متباينة عن الاتحاد».