المعارضة تتقدم في «البعث»... والنظام «يحرق» حي جوبر

إسرائيل تقصف مجدداً ريف القنيطرة... وقتلى بتفجيرات في إدلب

عناصر «الدفاع المدني» يطفئون النار بعد تفجير سيارة في ريف إدلب أمس (رويترز)
عناصر «الدفاع المدني» يطفئون النار بعد تفجير سيارة في ريف إدلب أمس (رويترز)
TT

المعارضة تتقدم في «البعث»... والنظام «يحرق» حي جوبر

عناصر «الدفاع المدني» يطفئون النار بعد تفجير سيارة في ريف إدلب أمس (رويترز)
عناصر «الدفاع المدني» يطفئون النار بعد تفجير سيارة في ريف إدلب أمس (رويترز)

قصف الطيران الإسرائيلي للمرة الثانية مواقع سيطرة قوات النظام وحلفائه في ريف القنيطرة جنوب سوريا، بالتزامن مع احتدام المواجهات بين هذه القوات وفصائل المعارضة التي واصلت تقدمها في أطراف ومحيط مدينة «البعث». واتهم مصدر عسكري في دمشق الطيران الإسرائيلي بدعم ما أسماها «التنظيمات الإرهابية من خلال قصفه مرافق خدمية وأبنية سكنية في محيط مدينة البعث».
وأفاد «المرصد السوري لحقوق الإنسان» بأن انفجارات هزت أمس مناطق في ريف القنيطرة: «ناجمة عن قصف صاروخي من طائرات إسرائيلية، استهدفت مواقع تسيطر عليها قوات النظام؛ ما أدى إلى سقوط قتلى». ويُعد هذا ثاني قصف إسرائيلي يستهدف ريف القنيطرة خلال الـ24 ساعة الفائتة، بعدما كانت طائرات إسرائيلية استهدفت السبت مواقع وآليات لقوات النظام قضى على إثرها عنصران وأصيب آخرون بجراح.
من جهته، أعلن الجيش الإسرائيلي سقوط قذائف مصدرها الأراضي السورية، الأحد، على مرتفعات الجولان المحتلة لليوم الثاني على التوالي، نافيا أن تكون تسببت بسقوط ضحايا. وأشار إلى أن سقوطها كان بالخطأ نتيجة القتال الداخلي في سوريا.
وتزامنت الضربات الإسرائيلية مع استمرار الاشتباكات «العنيفة» على محاور في أطراف بلدة الحميدية والصمدانية الغربية بالقطاع الأوسط من ريف القنيطرة، بين فصائل المعارضة وقوات النظام والمسلحين الموالين لها. وتتركز المواجهات، وفق «المرصد»، في محيط مدينة البعث وبلدة خان أرنبة، إثر هجوم بدأته الفصائل السبت الماضي وتمكنت خلاله من تحقيق تقدم في مواقع ونقاط ومبانٍ كانت تسيطر عليها قوات النظام في أطراف ومحيط مدينة البعث.
وقال مصدر في «الجيش الحر» لـ«الشرق الأوسط»: إن هدف المعركة التي تشنها المعارضة في المنطقة هو السيطرة على كامل المحافظة وطرد النظام منها، لافتا إلى أن مناطق سيطرة النظام فيها لا تتخطى بالوقت الراهن الـ35 في المائة من مجمل المحافظة التي هي أصلا عبارة عن نحو 10 بلدات وقرى.
ورغم أن التطورات في الجنوب السوري خطفت الأضواء في الساعات الماضية، فإن سلسلة التفجيرات التي استهدفت مدينة إدلب الخاضعة لسيطرة المعارضة مساء السبت، أثارت مخاوف الفصائل من انتقال النظام إلى أسلوب جديد لـ«ترويع المدنيين». وفي هذا السياق، قال أبو علي عبد الوهاب، القيادي في «جيش الإسلام» إن التفجيرات التي وقعت السبت استهدفت أسواقا شعبية وفي وقت الازدحام، متهما النظام بتنفيذها. وأضاف لـ«الشرق الأوسط»: «(داعش) يستهدف عادة مقرات الفصائل بانتحاريين أو عبوات، أما استهداف أسواق والمدنيين فاختصاص النظام، وبخاصة أنه عاجز في الوقت الراهن عن استخدام الطائرات نتيجة إدراج إدلب في إطار مناطق تخفيف التصعيد». واعتبر أن «النظام يسعى لخلق حالة فلتان أمني في المدينة التي تسيطر عليه المعارضة؛ كي يرضخ المدنيون هناك لأي حل يفرض عليهم ونحن على أبواب اجتماعات آستانة وجنيف».
كان «المرصد» أفاد بأن انفجار سيارة ملغومة قتل عشرة أشخاص في سوق في بلدة الدانا شمال محافظة إدلب قرب الحدود مع تركيا، موضحا أن ثلاثة أشخاص دون سن الثامنة عشرة من بين القتلى، وأن الانفجار تسبب في إصابة 30 شخصا على الأقل. وأشار «المرصد» إلى أن انفجارا آخر في المدينة ذاتها وقع بعد منتصف ليل الجمعة الماضي قتل شخصين. وأظهر فيديو نشرته جماعة «الخوذ البيضاء» رجال إطفاء يحاولون السيطرة على حريق بسيارات عدة، وأشخاصا يجري نقلهم إلى سيارات إسعاف. كما انفجرت عبوة ناسفة في أحد الأسواق بمدينة إدلب؛ ما أسفر عن إصابة ناشط إعلامي وطفل، كذلك انفجرت عبوة أخرى في محيط مخفر ببلدة أرمناز، كما سمع دوي انفجار ببلدة كفروما بمنطقة معرة النعمان يرجح أنه ناجم عن انفجار عبوة ناسفة بالمنطقة، بحسب «المرصد».

أرض محروقة
إلى ذلك، وواصلت قوات النظام هجومها على حي جوبر عند أطراف العاصمة دمشق. وأفاد ناشطون عن سماع سلسلة تفجيرات ناجمة عن غارات نفذتها الطائرات الحربية مستهدفة الحي الذي يشهد منذ أيام معارك عنيفة وهجمات متلاحقة تنفذها قوات النظام مدعومة بالمسلحين الموالين في محاولة للتوغل داخل جوبر واستعادة السيطرة عليه.
وقال المجلس المحلي في حي جوبر في بيان رسمي إنه «لليوم التاسع على التوالي يشهد الحي أشرس الهجمات التي تشنها قوات النظام التي تتبع سياسة الأرض المحروقة، مستخدمة كل أنواع الأسلحة والصواريخ المحرمة دوليا، بما فيها الغازات السامة بمحاولة لاقتحام الحي من محاور عدة». ودعا المجلس «جميع المؤسسات الثورية في الداخل والخارج لمساندة فيلق الرحمن في هذه المعركة المصيرية بالوسائل والإمكانات كافة»، نافيا نفيا قاطعا ما أسماها «الذرائع الروسية وما تشيعه وسائل إعلام قوات النظام عن وجود تنظيمات إرهابية في الحي»، مؤكدة أن «الجبهات يرابط عليها مقاتلو (الجيش السوري الحر) في (فيلق الرحمن) وهم من أبناء جوبر والغوطة الشرقية منذ سنوات عدة».



أحداث سوريا تدفع الحوثيين لإطلاق مجاميع من المعتقلين

الحوثيون هددوا برد قاسٍ على أي تحرك وقالوا إنهم أقوى من النظام السوري (إعلام حوثي)
الحوثيون هددوا برد قاسٍ على أي تحرك وقالوا إنهم أقوى من النظام السوري (إعلام حوثي)
TT

أحداث سوريا تدفع الحوثيين لإطلاق مجاميع من المعتقلين

الحوثيون هددوا برد قاسٍ على أي تحرك وقالوا إنهم أقوى من النظام السوري (إعلام حوثي)
الحوثيون هددوا برد قاسٍ على أي تحرك وقالوا إنهم أقوى من النظام السوري (إعلام حوثي)

دفعت الأحداث المتسارعة التي شهدتها سوريا الحوثيين إلى إطلاق العشرات من المعتقلين على ذمة التخطيط للاحتفال بالذكرى السنوية لإسقاط أسلافهم في شمال اليمن، في خطوة تؤكد المصادر أنها تهدف إلى امتصاص النقمة الشعبية ومواجهة الدعوات لاستنساخ التجربة السورية في تحرير صنعاء.

وذكرت مصادر سياسية في إب وصنعاء لـ«الشرق الأوسط» أن الحوثيين أطلقوا دفعة جديدة من المعتقلين المنحدرين من محافظة إب (193 كيلومتراً جنوب صنعاء) بعد مضي ثلاثة أشهر على اعتقالهم بتهمة الدعوة للاحتفال بالذكرى السنوية للإطاحة بنظام حكم الإمامة في شمال البلاد عام 1962.

الكثيري والحذيفي بعد ساعات من إطلاق سراحهما من المعتقل الحوثي (إعلام محلي)

وبيّنت المصادر أن معتقلين آخرين من صنعاء تم إطلاق سراحهم أيضاً، ورأت أن هذه الخطوة تهدف إلى امتصاص النقمة الشعبية على إثر انكشاف حجم الجرائم التي ظهرت في سجون النظام السوري، الذي كان حليفاً للحوثيين.

وبحسب هذه المصادر، تم إطلاق سراح محمد الكثيري، وهو أول المعتقلين في محافظة إب، ومعه الناشط الحوثي سابقاً رداد الحذيفي، كما أُطلق سراح المراهق أمجد مرعي، والكاتب سعيد الحيمي، والطيار الحربي مقبل الكوكباني، مع مجموعة من المعتقلين الذين تم نقلهم إلى السجون السرية لمخابرات الحوثيين في صنعاء.

وتوقعت المصادر أن يقوم الحوثيون خلال الأيام المقبلة بإطلاق دفعة من قيادات حزب «المؤتمر الشعبي» الذين اعتقلوا للأسباب ذاتها.

امتصاص النقمة

كان الحوثيون، وفقاً للمصادر السياسية، يرفضون حتى وقت قريب إطلاق سراح المعتقلين الذين يُقدر عددهم بالمئات، وأغلبهم من محافظة إب، ومن بينهم قيادات في جناح حزب «المؤتمر الشعبي»، أمضوا أكثر من ثلاثة أشهر في المعتقل واتُهموا بالتخطيط لإشاعة الفوضى في مناطق حكم الجماعة من خلال دعوة السكان للاحتفال بذكرى الإطاحة بنظام حكم الإمامة.

تعنت حوثي بشأن إطلاق سراح قيادات حزب «المؤتمر الشعبي» (إعلام محلي)

وبيّنت المصادر أن الجهود التي بذلتها قيادة جناح حزب «المؤتمر» المتحالف شكليّاً مع الحوثيين، وكذلك الناشطون والمثقفون والشخصيات الاجتماعية، وصلت إلى طريق مسدود بسبب رفض مخابرات الحوثيين الاستجابة لطلب إطلاق سراح هؤلاء المعتقلين، على الرغم أنه لا يوجد نص قانوني يجرم الاحتفال بذكرى الثورة (26 سبتمبر 1962) أو رفع العلم الوطني، فضلاً عن أن الجماعة فشلت في إثبات أي تهمة على المعتقلين عدا منشورات على مواقع التواصل الاجتماعي تدعو للاحتفال بالمناسبة ورفع الأعلام.

وتذكر المصادر أنه عقب الإطاحة بنظام الرئيس السوري بشار الأسد وانكشاف حجم الانتهاكات والجرائم التي كانت تُمارس في سجونه، ووسط دعوات من أنصار الحكومة المعترف بها دولياً لإسقاط حكم الحوثيين على غرار ما حدث في سوريا وتفكك المحور الإيراني في المنطقة، سارعت الجماعة إلى ترتيب إطلاق الدفعات الجديدة من المعتقلين من خلال تكليف محافظي المحافظات باستلامهم والالتزام نيابة عنهم بعدم الاحتفال بذكرى الإطاحة بالإمامة أو رفع العلم الوطني، في مسعى لامتصاص النقمة الشعبية وتحسين صورتها أمام الرأي العام.

مراهق أمضى 3 أشهر في المعتقل الحوثي بسبب رفع العلم اليمني (إعلام محلي)

ورغم انقسام اليمنيين بشأن التوجهات الدينية للحكام الجدد في سوريا، أجمعت النخب اليمنية على المطالبة بتكرار سيناريو سقوط دمشق في بلادهم، وانتزاع العاصمة المختطفة صنعاء من يد الحوثيين، بوصفهم أحد مكونات المحور التابع لإيران.

وخلافاً لحالة التوجس التي يعيشها الحوثيون ومخاوفهم من أن يكونوا الهدف المقبل، أظهر قطاع عريض من اليمنيين، سواء في الشوارع أو على مواقع التواصل الاجتماعي، ارتياحاً للإطاحة بنظام الحكم في سوريا، ورأوا أن ذلك يزيد من الآمال بقرب إنهاء سيطرة الحوثيين على أجزاء من شمال البلاد، ودعوا الحكومة إلى استغلال هذا المناخ والتفاعل الشعبي للهجوم على مناطق سيطرة الحوثيين.