قصف الطيران الإسرائيلي للمرة الثانية مواقع سيطرة قوات النظام وحلفائه في ريف القنيطرة جنوب سوريا، بالتزامن مع احتدام المواجهات بين هذه القوات وفصائل المعارضة التي واصلت تقدمها في أطراف ومحيط مدينة «البعث». واتهم مصدر عسكري في دمشق الطيران الإسرائيلي بدعم ما أسماها «التنظيمات الإرهابية من خلال قصفه مرافق خدمية وأبنية سكنية في محيط مدينة البعث».
وأفاد «المرصد السوري لحقوق الإنسان» بأن انفجارات هزت أمس مناطق في ريف القنيطرة: «ناجمة عن قصف صاروخي من طائرات إسرائيلية، استهدفت مواقع تسيطر عليها قوات النظام؛ ما أدى إلى سقوط قتلى». ويُعد هذا ثاني قصف إسرائيلي يستهدف ريف القنيطرة خلال الـ24 ساعة الفائتة، بعدما كانت طائرات إسرائيلية استهدفت السبت مواقع وآليات لقوات النظام قضى على إثرها عنصران وأصيب آخرون بجراح.
من جهته، أعلن الجيش الإسرائيلي سقوط قذائف مصدرها الأراضي السورية، الأحد، على مرتفعات الجولان المحتلة لليوم الثاني على التوالي، نافيا أن تكون تسببت بسقوط ضحايا. وأشار إلى أن سقوطها كان بالخطأ نتيجة القتال الداخلي في سوريا.
وتزامنت الضربات الإسرائيلية مع استمرار الاشتباكات «العنيفة» على محاور في أطراف بلدة الحميدية والصمدانية الغربية بالقطاع الأوسط من ريف القنيطرة، بين فصائل المعارضة وقوات النظام والمسلحين الموالين لها. وتتركز المواجهات، وفق «المرصد»، في محيط مدينة البعث وبلدة خان أرنبة، إثر هجوم بدأته الفصائل السبت الماضي وتمكنت خلاله من تحقيق تقدم في مواقع ونقاط ومبانٍ كانت تسيطر عليها قوات النظام في أطراف ومحيط مدينة البعث.
وقال مصدر في «الجيش الحر» لـ«الشرق الأوسط»: إن هدف المعركة التي تشنها المعارضة في المنطقة هو السيطرة على كامل المحافظة وطرد النظام منها، لافتا إلى أن مناطق سيطرة النظام فيها لا تتخطى بالوقت الراهن الـ35 في المائة من مجمل المحافظة التي هي أصلا عبارة عن نحو 10 بلدات وقرى.
ورغم أن التطورات في الجنوب السوري خطفت الأضواء في الساعات الماضية، فإن سلسلة التفجيرات التي استهدفت مدينة إدلب الخاضعة لسيطرة المعارضة مساء السبت، أثارت مخاوف الفصائل من انتقال النظام إلى أسلوب جديد لـ«ترويع المدنيين». وفي هذا السياق، قال أبو علي عبد الوهاب، القيادي في «جيش الإسلام» إن التفجيرات التي وقعت السبت استهدفت أسواقا شعبية وفي وقت الازدحام، متهما النظام بتنفيذها. وأضاف لـ«الشرق الأوسط»: «(داعش) يستهدف عادة مقرات الفصائل بانتحاريين أو عبوات، أما استهداف أسواق والمدنيين فاختصاص النظام، وبخاصة أنه عاجز في الوقت الراهن عن استخدام الطائرات نتيجة إدراج إدلب في إطار مناطق تخفيف التصعيد». واعتبر أن «النظام يسعى لخلق حالة فلتان أمني في المدينة التي تسيطر عليه المعارضة؛ كي يرضخ المدنيون هناك لأي حل يفرض عليهم ونحن على أبواب اجتماعات آستانة وجنيف».
كان «المرصد» أفاد بأن انفجار سيارة ملغومة قتل عشرة أشخاص في سوق في بلدة الدانا شمال محافظة إدلب قرب الحدود مع تركيا، موضحا أن ثلاثة أشخاص دون سن الثامنة عشرة من بين القتلى، وأن الانفجار تسبب في إصابة 30 شخصا على الأقل. وأشار «المرصد» إلى أن انفجارا آخر في المدينة ذاتها وقع بعد منتصف ليل الجمعة الماضي قتل شخصين. وأظهر فيديو نشرته جماعة «الخوذ البيضاء» رجال إطفاء يحاولون السيطرة على حريق بسيارات عدة، وأشخاصا يجري نقلهم إلى سيارات إسعاف. كما انفجرت عبوة ناسفة في أحد الأسواق بمدينة إدلب؛ ما أسفر عن إصابة ناشط إعلامي وطفل، كذلك انفجرت عبوة أخرى في محيط مخفر ببلدة أرمناز، كما سمع دوي انفجار ببلدة كفروما بمنطقة معرة النعمان يرجح أنه ناجم عن انفجار عبوة ناسفة بالمنطقة، بحسب «المرصد».
أرض محروقة
إلى ذلك، وواصلت قوات النظام هجومها على حي جوبر عند أطراف العاصمة دمشق. وأفاد ناشطون عن سماع سلسلة تفجيرات ناجمة عن غارات نفذتها الطائرات الحربية مستهدفة الحي الذي يشهد منذ أيام معارك عنيفة وهجمات متلاحقة تنفذها قوات النظام مدعومة بالمسلحين الموالين في محاولة للتوغل داخل جوبر واستعادة السيطرة عليه.
وقال المجلس المحلي في حي جوبر في بيان رسمي إنه «لليوم التاسع على التوالي يشهد الحي أشرس الهجمات التي تشنها قوات النظام التي تتبع سياسة الأرض المحروقة، مستخدمة كل أنواع الأسلحة والصواريخ المحرمة دوليا، بما فيها الغازات السامة بمحاولة لاقتحام الحي من محاور عدة». ودعا المجلس «جميع المؤسسات الثورية في الداخل والخارج لمساندة فيلق الرحمن في هذه المعركة المصيرية بالوسائل والإمكانات كافة»، نافيا نفيا قاطعا ما أسماها «الذرائع الروسية وما تشيعه وسائل إعلام قوات النظام عن وجود تنظيمات إرهابية في الحي»، مؤكدة أن «الجبهات يرابط عليها مقاتلو (الجيش السوري الحر) في (فيلق الرحمن) وهم من أبناء جوبر والغوطة الشرقية منذ سنوات عدة».