جوازات السفر «معضلة» أخرى يواجهها السوريون في الخارج

إغلاق سفارات النظام وعدم «الاعتراف القانوني» بالائتلاف يعرقل إصدارها أو تمديدها

جوازات السفر «معضلة» أخرى يواجهها السوريون في الخارج
TT

جوازات السفر «معضلة» أخرى يواجهها السوريون في الخارج

جوازات السفر «معضلة» أخرى يواجهها السوريون في الخارج

يعاني معظم السوريين الذين اضطروا إلى مغادرة بلادهم نتيجة الصراع المحتدم بين المعارضة والنظام منذ أكثر من ثلاث سنوات، من مشكلة إصدار جوازات السفر أو تجديدها، بسبب إغلاق سفارات النظام في عدد من البلدان، من جهة، وغياب «الاعتراف القانوني» بالائتلاف الوطني السوري المعارض مما لا يخوله إصدار أي وثائق رسمية.
وإذا كانت قطر البلد الوحيدة التي سلمت سفارة النظام السوري إلى الائتلاف الوطني لقوى الثورة والمعارضة منذ نحو سنة، وتولت بعد ذلك، مهمة تجديد جوازات السفر على أن تبدأ بإصدار جوازات جديدة للمواطنين السوريين، في مرحلة لاحقة، فإن من شأن هذه الخطوة أن تتسبب بمشكلات قانونية للأشخاص الذين سيستخدمون هذه الجوازات بسبب عدم اعتراف الدول المعنية بالوثائق الرسمية الصادرة عن الائتلاف المعارض.
وعلى الرغم من أن الائتلاف الوطني المعارض يحظى باعتراف جميع الدول العربية باستثناء الجزائر ولبنان والعراق، إضافة إلى تركيا، وعدد من الدول الغربية، أبرزها الولايات المتحدة وفرنسا وبريطانيا وإيطاليا والدنمارك، لكن هذا الاعتراف يبقى سياسيا ولا يرقى إلى مستوى الاعتراف الدبلوماسي والقانوني الذي يتيح تسليم سفارات النظام إلى المعارضة والقيام بمهماتها.
ويقول عضو الائتلاف الوطني المعارض وممثله في تركيا خالد خوجا لـ«الشرق الأوسط» إن «كل دولة ستتعامل مع هذه المسألة وفقا لسياستها، إذ قد تسهل بعضها مرور حاملي جوازات السفر الصادرة عن سفارات الائتلاف عبر إصدار تعليمات بهذا الشأن إلى المطارات الخاضعة لسلطتها»، مشيرا في الوقت ذاته إلى أن «دولا أخرى يمكن أن تعرقل مرورهم لعدم قانونية الجوازات التي يحملونها خصوصا تلك التي تعترف بالائتلاف على المستوى السياسي فقط، وليس على المستوى القانوني والدبلوماسي».
وكان سفير الائتلاف المعارض في قطر نزار الحراكي أكد في تصريحات إعلامية أن السفارة السورية في الدوحة التي تديرها المعارضة، سوف تبدأ بتجديد جوازات السفر السورية، وذلك ضمن خطة قدمت لجامعة الدول العربية ومجلس التعاون الخليجي، تمهيدا للاعتراف الكامل بتجديد جوازات سفر السوريين عبر سفارات الائتلاف.
ويوضح خوجا أن «قطر تمتلك هامشا من الحركة يخولها الاعتراف بسفارة الائتلاف على عكس بقية الدول التي تلتزم بالقانون الدولي الذي يعترف حتى الآن بالنظام السوري»، مضيفا أن «المشكلة الأساسية تتعلق بالأمم المتحدة التي تتعامل فقط مع مندوب النظام بشار الجعفري مما يلغي أي تمثيل للمعارضة في المحافل الدولية».
وكشف الخوجا عن «جهود تبذل من قبل ممثلي الائتلاف المعارض في الدول العربية والغربية لإقناع وزارات الخارجية في هذه الدول لقبول التعامل بجوازات السفر الصادرة عن الائتلاف، انطلاقا من ضرورة التعامل مع الأمر الواقع وتسهيل أمور السوريين».
وكان النظام السوري أغلق خلال الأشهر الماضية عددا من سفاراته وقنصلياته حول العالم، ونقل المهام القنصلية لبعضها في غير الدول الموجودة فيها على خلفية المواقف الدولية المعارضة له والمؤيدة لقوى المعارضة.
ويواجه عدد كبير من السوريين في الخارج مشكلة انتهاء صلاحية جوازات سفرهم، وعجزهم عن تجديدها بسبب إغلاق سفارات النظام في بعض البلدان، والعراقيل التي تضعها السفارات التي لا تزال تعمل في دول أخرى خاصة بالنسبة للمعارضين أو المطلوبين أمنيا بسبب نشاطهم الحالي أو السابق في صفوف المعارضة. كما يخشى كثير من السوريين المقيمين في الخارج دخول سوريا لتجديد جوازات سفرهم أو إصدار جوازات سفر لمواليدهم الجدد خوفا من الاعتقال أو الملاحقة من قبل الأجهزة الأمنية التابعة للنظام بسبب مواقفهم السياسية المؤيدة للمعارضة.
وكانت وزارة الخارجية السورية اعتبرت في بيان أصدرته قبل أكثر من أسبوع، أن «أي وثيقة سورية تتضمن أختاما أو إشارات لغير الحكومة على الوثائق السورية، مزورة ولا يعترف بها»، وهو ما بدا أنه رد واضح على إعلان سفارة الائتلاف في قطر في وقت سابق، عزمها على إصدار جوازات السفر أو تجديد القديمة للسوريين في الخارج.
وجاء في تعميم أصدرته الخارجية السورية أن: «منح جواز السفر العادي ووثيقة السفر للمواطن السوري الموجود خارج البلاد هو من مسؤولية إدارة الهجرة والجوازات وفروعها في المحافظات».
وأوضحت الوزارة أن «تقدم المواطن السوري للحصول على جواز السفر أو وثيقة السفر يجري: عن طريق أحد ذويه أو وكيله القانوني أو بموجب تفويض مصدق من إحدى بعثاتنا الدبلوماسية والقنصلية السورية في الخارج».



«سوريو مصر» يفضلون التريث قبل اتخاذ قرار العودة

لاجئون سوريون في مصر (مفوضية اللاجئين)
لاجئون سوريون في مصر (مفوضية اللاجئين)
TT

«سوريو مصر» يفضلون التريث قبل اتخاذ قرار العودة

لاجئون سوريون في مصر (مفوضية اللاجئين)
لاجئون سوريون في مصر (مفوضية اللاجئين)

بعد مرور نحو أسبوع على سقوط نظام بشار الأسد في سوريا، يفضل اللاجئون والمهاجرون السوريون في مصر التريث والصبر قبل اتخاذ قرار العودة إلى بلادهم التي تمر بمرحلة انتقالية يشوبها الكثير من الغموض.

ويتيح تغيير نظام الأسد وتولي فصائل المعارضة السورية السلطة الانتقالية، الفرصة لعودة المهاجرين دون ملاحقات أمنية، وفق أعضاء بالجالية السورية بمصر، غير أن المفوضية العامة لشؤون اللاجئين في القاهرة ترى أنه «من المبكر التفكير في عودة اللاجئين المسجلين لديها، إلى البلاد حالياً».

وازدادت أعداد السوريين في مصر، على مدى أكثر من عقد، مدفوعة بالتطورات السياسية والأمنية في الداخل السوري؛ إذ ارتفع عدد السوريين المسجلين لدى مفوضية اللاجئين إلى نحو 148 ألف لاجئ، غير أن تلك البيانات لا تعكس العدد الحقيقي للجالية السورية بمصر؛ إذ تشير المنظمة الدولية للهجرة إلى أن تعدادهم يصل إلى 1.5 مليون.

ولم تغير تطورات الأوضاع السياسية والأمنية في الداخل السوري من وضعية اللاجئين السوريين بمصر حتى الآن، حسب مسؤولة العلاقات الخارجية بمكتب مفوضية الأمم المتحدة لشؤون اللاجئين في القاهرة، كريستين بشاي، التي قالت في تصريحات لـ«الشرق الأوسط» إن «السوريين المسجلين كلاجئين لدى المفوضية يتلقون خدماتهم بشكل طبيعي»، مشيرة إلى أنه «لا يوجد أي إجراءات حالية لمراجعة ملف اللاجئين المقيمين بمصر، تمهيداً لعودتهم».

وتعتقد بشاي أنه «من المبكر الحديث عن ملف العودة الطوعية للاجئين السوريين لبلادهم»، وأشارت إلى إفادة صادرة عن المفوضية العامة لشؤون اللاجئين مؤخراً، تدعو السوريين في الخارج لـ«التريث والصبر قبل اتخاذ قرار العودة لبلادهم».

وكانت مفوضية الأمم المتحدة لشؤون اللاجئين قد نصحت المهاجرين السوريين في الخارج «بضرورة التحلي بالصبر واليقظة، مع قضية العودة لديارهم». وقالت، في إفادة لها الأسبوع الماضي، إن «ملايين اللاجئين يواصلون تقييم الأوضاع قبل اتخاذ قرار العودة»، وأشارت إلى أن «الصبر ضروري، على أمل اتخاذ التطورات على الأرض منحى إيجابياً، ما يتيح العودة الطوعية والآمنة والمستدامة».

ووعدت المفوضية، في بيانها، بـ«مراقبة التطورات بسوريا، مع الانخراط مع مجتمعات اللاجئين، لدعم الدول في مجال العودة الطوعية والمنظمة، وإنهاء أزمة النزوح القسري الأكبر في العالم»، وأشارت في الوقت نفسه إلى أن «الاحتياجات الإغاثية داخل سوريا لا تزال هائلة، في ظل البنية التحتية المتهالكة، واعتماد أكثر من 90 في المائة من السكان على المساعدات الإنسانية».

وحسب مسؤولة العلاقات الخارجية بمكتب مفوضية اللاجئين في القاهرة، يمثل اللاجئون السوريون المسجلون لدى المفوضية نحو 17 في المائة من تعداد اللاجئين في مصر، بواقع 148 ألف لاجئ سوري، من نحو 863 ألف لاجئ من أكثر من 60 جنسية. ويأتي ترتيبهم الثاني بعد السودانيين.

وباعتقاد مدير عام مؤسسة «سوريا الغد»، ملهم الخن، (مؤسسة إغاثية معنية بدعم اللاجئين السوريين في مصر)، أن «قضية عودة المهاجرين ما زال يحيطها الغموض»، مشيراً إلى «وجود تخوفات من شرائح عديدة من الأسر السورية من التطورات الأمنية والسياسية الداخلية»، ورجّح «استمرار فترة عدم اليقين خلال الفترة الانتقالية الحالية، لنحو 3 أشهر، لحين وضوح الرؤية واستقرار الأوضاع».

ويفرق الخن، في تصريحات لـ«الشرق الأوسط»، بين 3 مواقف للمهاجرين السوريين في مصر، تجاه مسألة العودة لبلادهم، وقال إن «هناك فئة المستثمرين، وأصحاب الأعمال، وهؤلاء تحظى أوضاعهم باستقرار ولديهم إقامة قانونية، وفرص عودتهم ضئيلة».

والفئة الثانية، حسب الخن، «الشباب الهاربون من التجنيد الإجباري والمطلوبون أمنياً، وهؤلاء لديهم رغبة عاجلة للعودة، خصوصاً الذين تركوا أسرهم في سوريا»، أما الثالثة فتضم «العائلات السورية، وهؤلاء فرص تفكيرهم في العودة ضعيفة، نظراً لارتباط أغلبهم بتعليم أبنائهم في المدارس والجامعات المصرية، وفقدان عدد كبير منهم منازلهم بسوريا».

وارتبط الوجود السوري في مصر باستثمارات عديدة، أبرزها في مجال المطاعم التي انتشرت في مدن مصرية مختلفة.

ورأى كثير من مستخدمي مواقع «السوشيال ميديا» في مصر، أن التغيير في سوريا يمثّل فرصة لعودة السوريين لبلادهم، وتعددت التفاعلات التي تطالب بعودتهم مرة أخرى، وعدم استضافة أعداد جديدة بالبلاد.

وتتيح مفوضية الأمم المتحدة لشؤون اللاجئين، مساعدات لراغبي العودة الطوعية من اللاجئين، تشمل «التأكد من أن العودة تتم في ظروف آمنة، والتأكد من أن الأوضاع في البلد الأصلي آمنة»، إلى جانب «تقديم دعم نقدي لتغطية النفقات الأساسية والسفر»، حسب مكتب مفوضية اللاجئين في مصر.

ويرى مسؤول الائتلاف الوطني السوري، عادل الحلواني، (مقيم بمصر)، أن ملف عودة المهاجرين «ليس أولوية في الوقت الراهن»، مشيراً إلى أن «جميع السوريين يترقبون التطورات الداخلية في بلادهم، والهدف الأساسي هو عبور سوريا الفترة الانتقالية بشكل آمن»، معتبراً أنه «عندما يستشعر المهاجرون استقرار الأوضاع الداخلية، سيعودون طواعية».

وأوضح الحلواني، لـ«الشرق الأوسط»، أن «حالة الضبابية بالمشهد الداخلي، تدفع الكثيرين للتريث قبل العودة»، وقال إن «الشباب لديهم رغبة أكثر في العودة حالياً»، منوهاً بـ«وجود شريحة من المهاجرين صدرت بحقهم غرامات لمخالفة شروط الإقامة بمصر، وفي حاجة للدعم لإنهاء تلك المخالفات».

وتدعم السلطات المصرية «العودة الآمنة للاجئين السوريين إلى بلادهم»، وأشارت الخارجية المصرية، في إفادة لها الأسبوع الماضي، إلى أن «القاهرة ستواصل العمل مع الشركاء الإقليميين والدوليين لتقديم يد العون والعمل على إنهاء معاناة الشعب السوري الممتدة، وإعادة الإعمار، ودعم عودة اللاجئين، والتوصل للاستقرار الذي يستحقه الشعب السوري».