بوتين يحذر من «اقتتال بين أجزاء» في حال تقسيم سوريا

بوتين يحذر من «اقتتال بين أجزاء»  في حال تقسيم سوريا
TT

بوتين يحذر من «اقتتال بين أجزاء» في حال تقسيم سوريا

بوتين يحذر من «اقتتال بين أجزاء»  في حال تقسيم سوريا

قال الرئيس الروسي فلاديمير بوتين إن روسيا والولايات المتحدة كانتا على وشك توقيع اتفاق شامل حول سوريا في عهد إدارة باراك أوباما. وحذر من أن تقسيم سوريا سيؤدي إلى نشوب نزاعات مستمرة بين «الأجزاء».
وفي سياق متصل، أكد السفير الإسرائيلي في موسكو، هاري كورين، أن تل أبيب تجري مشاورات مع الجانب الروسي حول مناطق «خفض التصعيد» لا سيما في جنوب سوريا.
وقال بوتين، في فيلم وثائقي أعده أوليفر ستون، ويتناول شخصية «بوتين» نفسه، إن موسكو وواشنطن كانتا على وشك التوصل لاتفاق حول سوريا في عهد إدارة أوباما، وقال: «توصلنا تقريبا مع إدارة أوباما إلى اتفاق حول العمل المشترك في سوريا (...) وتحدثنا عن تنسيق المسائل المتصلة بأمن طائراتنا، لكن للأسف هذا كل ما حققناه. ولم نتقدم أكثر من ذلك». وكشف أن «روسيا كانت تريد الاتفاق على عمل مشترك، ما كان سيعني تحديد الأهداف البرية بموجب معطياتنا ومعطيات الجانب الأميركي، وتحديد مواقع المجموعات. وأعتقد أنه كان يتعين علينا تحديد أهداف لضربها. وكان علينا أن نتفق على هجمات مشتركة»، وأضاف مؤكدا «كنا قريبين جدا من التوصل إلى هكذا اتفاق. إلا أن الولايات المتحدة رفضت مشروع الاتفاق في اللحظات الأخيرة، وأعتقد أنها فعلت ذلك لأسباب سياسية ما».
وفي تعليقه على قول ستون إن «هناك من يؤكد أن حل الأزمة السورية يكون بتقسيم سوريا»، أشار بوتين إلى «احتمالات وسيناريوهات كثيرة للحل». وأكد أن «روسيا تنطلق دوما من ضرورة الحفاظ على وحدة الأراضي السورية». وفي توضيحه للأسباب التي تجعل روسيا متمسكة بوحدة الأراضي السورية، قال بوتين إن الأمر لا يقتصر على التفكير بتسوية الوضع في المنطقة، بل ويجب أن نخطو خطوة للأمام، وننظر إلى المستقبل، وتساءل: «ما الذي سيجري لو تم تقسيم سوريا؟ ألن يؤدي هذا إلى مواجهات دائمة بين أجزائها؟»، لذلك دعا إلى «إظهار أقصى درجات الحذر، ويجب القيام بكل ما هو ممكن كي تتوصل الأطراف المتنازعة، باستثناء التنظيمات الإرهابية، إلى الاتفاق على أرضية للعمل المشترك».
من جانبه، عبر فيتالي نعومكن، مدير معهد الاستشراق، ومستشار المبعوث الدولي إلى سوريا، عن خشيته من أن يؤدي إقامة مناطق «خفض التصعيد» في سوريا إلى خلق مقدمات لتقسيم البلاد. وقال في تقرير خلال ندوة حول «الشرق الأوسط»: «إذا استمرت مناطق خفض التصعيد تتطور لفترة طويلة من الزمن باتجاه التنظيم الداخلي لشؤونها، وتشكيل إدارتها الخاصة وما إلى ذلك، وأهم شيء بحال كانت تحت رعاية فعلية لقوى خارجية ما، تريد مناطق نفوذ في سوريا، فإن خطورة تقسيم سوريا كأمر واقع كبيرة جداً». ووصف «مناطق خفض التصعيد» بأنها إجراء اضطراري مؤقت، يجب أن يلعب دورا في تثبيت وقف إطلاق النار في سوريا، وحذر في الوقت نفسه من أن استمرار العمل على أساس تلك المناطق دون تحقيق تقدم في الحل السياسي الشامل، قد يعني تثبيت تلك المناطق للأبد.
في سياق متصل، أكد السفير الإسرائيلي في موسكو، أن تل أبيب تجري مشاورات مع موسكو وعواصم أخرى حول مناطق «خفض التصعيد» في سوريا. وقال في حديث لوكالة «ريا نوفوستي» إن إسرائيل تهتم بالأمر عندما تتقدم أطراف ما بمبادرة على صلة بأمنها، مثل مبادرة مناطق «خفض التصعيد» لا سيما جنوب سوريا. وأشار إلى «اتصالات إسرائيلية مع موسكو وعواصم أخرى» بهذا الخصوص.
ورفض الكشف عن تفاصيل تلك الاتصالات، واكتفى بالتعبير عن أمله بأن «يتم أخذ مصالح إسرائيل بالحسبان»، وأشار إلى أن تل أبيب نقلت لموسكو رسميا تلك المصالح عبر رئيس الوزراء ووزير الدفاع.
وعبر ميخائيل بوغدانوف نائب وزير الخارجية الروسي عن أمله في تحقيق تقدم خلال مفاوضات جنيف في العاشر من الشهر المقبل. وقال لوكالة «تاس» إن الأمم المتحدة أبلغتنا بموعد الجولة القادمة من المفاوضات في جنيف يوم العاشر من يوليو (تموز)، أي بعد لقاء آستانة، وبعد قمة العشرين في هامبورغ في ألمانيا «حيث يمكن أن تجري هناك اتصالات ومحادثات مفصل مفيدة للتسوية السورية»، في إشارة منه إلى احتمال عقد محادثات ستكون الأولى بين الرئيسين الروسي فلاديمير بوتين والأميركي دونالد ترمب. وأكد بوغدانوف أن موسكو تأمل بانعقاد الجولة المقبلة من المشاورات في آستانة يومي 4 - 5 يوليو القادم، وأكد: «أجل اقترحنا هذا الموعد، وجميع الأطراف رحبت بذلك»، وعبر عن أمله بأن يتمكن الجميع من الحضور والمشاركة.
ميدانياً، لم تتضح الأمور بعد بشأن تصريحات الجانب الروسي حول احتمال مقتل زعيم «داعش» أبو بكر البغدادي في غارة روسية. وقالت وزارة الدفاع الروسية أمس إن قاذفات روسية قصفت يومي 6 و8 يونيو (حزيران) الحالي مواقع لـ«داعش» تجمعت فيها قوات كانت تخطط لاختراق دفاعات النظام السوري في دير الزور. وأكدت أن «القصف أدى إلى مقتل القياديين أبو عمر البلجيكي وأبو ياسين المصري، ومعهما نحو 180 إرهابياً، فضلا عن تدمير 16 سيارة وعربة مصفحة، ومدفع واحد، ومخزن أسلحة وذخائر».



هل يتحول فيروس «الميتانيمو» البشري إلى وباء عالمي؟

تفشي فيروس «الميتانيمو» البشري في الصين يثير قلقاً متزايداً (رويترز)
تفشي فيروس «الميتانيمو» البشري في الصين يثير قلقاً متزايداً (رويترز)
TT

هل يتحول فيروس «الميتانيمو» البشري إلى وباء عالمي؟

تفشي فيروس «الميتانيمو» البشري في الصين يثير قلقاً متزايداً (رويترز)
تفشي فيروس «الميتانيمو» البشري في الصين يثير قلقاً متزايداً (رويترز)

أثارت تقارير عن تفشي فيروس «الميتانيمو» البشري (HMPV) في الصين قلقاً متزايداً بشأن إمكانية تحوله إلى وباء عالمي، وذلك بعد 5 سنوات من أول تنبيه عالمي حول ظهور فيروس كورونا المستجد في ووهان بالصين، الذي تحول لاحقاً إلى جائحة عالمية أسفرت عن وفاة 7 ملايين شخص.

وأظهرت صور وفيديوهات انتشرت عبر منصات التواصل الاجتماعي في الصين أفراداً يرتدون الكمامات في المستشفيات، حيث وصفت تقارير محلية الوضع على أنه مشابه للظهور الأول لفيروس كورونا.

وفي الوقت الذي تتخذ فيه السلطات الصحية تدابير طارئة لمراقبة انتشار الفيروس، أصدر المركز الصيني للسيطرة على الأمراض والوقاية منها بياناً، يوضح فيه معدل الوفيات الناتج عن الفيروس.

وقال المركز، الجمعة، إن «الأطفال، والأشخاص الذين يعانون من ضعف في جهاز المناعة، وكبار السن، هم الفئات الأكثر تعرضاً لهذا الفيروس، وقد يكونون أكثر عرضة للإصابة بعدوى مشتركة مع فيروسات تنفسية أخرى».

وأشار إلى أن الفيروس في الغالب يسبب أعراض نزلات البرد مثل السعال، والحمى، واحتقان الأنف، وضيق التنفس، لكن في بعض الحالات قد يتسبب في التهاب الشعب الهوائية والالتهاب الرئوي في الحالات الشديدة.

وحاولت الحكومة الصينية التقليل من تطور الأحداث، مؤكدة أن هذا التفشي يتكرر بشكل موسمي في فصل الشتاء.

وقالت المتحدثة باسم وزارة الخارجية الصينية، ماو نينغ، الجمعة: «تعد العدوى التنفسية شائعة في موسم الشتاء»، مضيفةً أن الأمراض هذا العام تبدو أقل حدة وانتشاراً مقارنة بالعام الماضي. كما طمأنت المواطنين والسياح، مؤكدة: «أستطيع أن أؤكد لكم أن الحكومة الصينية تهتم بصحة المواطنين الصينيين والأجانب القادمين إلى الصين»، مشيرة إلى أن «السفر إلى الصين آمن».

فيروس «الميتانيمو» البشري

يُعد «الميتانيمو» البشري (HMPV) من الفيروسات التي تسبب التهابات الجهاز التنفسي، ويؤثر على الأشخاص من جميع الأعمار، ويسبب أعراضاً مشابهة للزكام والإنفلونزا. والفيروس ليس جديداً؛ إذ اكتُشف لأول مرة عام 2001، ويُعد من مسببات الأمراض التنفسية الشائعة.

ويشير أستاذ اقتصاديات الصحة وعلم انتشار الأوبئة بجامعة «مصر الدولية»، الدكتور إسلام عنان، إلى أن نسبة انتشاره تتراوح بين 1 و10 في المائة من الأمراض التنفسية الحادة، مع كون الأطفال دون سن الخامسة الأكثر عرضة للإصابة، خاصة في الحالات المرضية الشديدة. ورغم ندرة الوفيات، قد يؤدي الفيروس إلى مضاعفات خطيرة لدى كبار السن وذوي المناعة الضعيفة.

أفراد في الصين يرتدون الكمامات لتجنب الإصابة بالفيروسات (رويترز)

وأضاف لـ«الشرق الأوسط» أن الفيروس ينتشر على مدار العام، لكنه يظهر بشكل أكبر في فصلي الخريف والشتاء، ويمكن أن يُصاب الأشخاص به أكثر من مرة خلال حياتهم، مع تزايد احتمالية الإصابة الشديدة لدى الفئات الأكثر ضعفاً.

وأوضح أن الفيروس ينتقل عبر الرذاذ التنفسي الناتج عن السعال أو العطس، أو من خلال ملامسة الأسطح الملوثة ثم لمس الفم أو الأنف أو العينين. وتشمل أعراضه السعال واحتقان الأنف والعطس والحمى وصعوبة التنفس (في الحالات الشديدة)، وتُعد الأعراض مختلفة عن فيروس كورونا، خاصة مع وجود احتقان الأنف والعطس.

هل يتحول لجائحة؟

كشفت التقارير الواردة من الصين عن أن الارتفاع الحالي في الإصابات بالفيروس تزامن مع الطقس البارد الذي أسهم في انتشار الفيروسات التنفسية، كما أن هذه الزيادة تتماشى مع الاتجاهات الموسمية.

وحتى الآن، لم تصنف منظمة الصحة العالمية الوضع على أنه حالة طوارئ صحية عالمية، لكن ارتفاع الحالات دفع السلطات الصينية لتعزيز أنظمة المراقبة.

في الهند المجاورة، طمأن الدكتور أتول غويل، المدير العام لخدمات الصحة في الهند، الجمهور قائلاً إنه لا داعي للقلق بشأن الوضع الحالي، داعياً الناس إلى اتخاذ الاحتياطات العامة، وفقاً لصحيفة «إيكونوميك تايمز» الهندية.

وأضاف أن الفيروس يشبه أي فيروس تنفسي آخر يسبب نزلات البرد، وقد يسبب أعراضاً مشابهة للإنفلونزا في كبار السن والأطفال.

وتابع قائلاً: «لقد قمنا بتحليل بيانات تفشي الأمراض التنفسية في البلاد، ولم نلاحظ زيادة كبيرة في بيانات عام 2024».

وأضاف: «البيانات من الفترة بين 16 و22 ديسمبر 2024 تشير إلى زيادة حديثة في التهابات الجهاز التنفسي الحادة، بما في ذلك الإنفلونزا الموسمية، وفيروسات الأنف، وفيروس الجهاز التنفسي المخلوي (RSV)، و(HMPV). ومع ذلك، فإن حجم وشدة الأمراض التنفسية المعدية في الصين هذا العام أقل من العام الماضي».

في السياق ذاته، يشير عنان إلى أن الفيروس من الصعب للغاية أن يتحول إلى وباء عالمي، فالفيروس قديم، وتحدث منه موجات سنوية. ويضيف أن الفيروس لا يحمل المقومات اللازمة لأن يصبح وباءً عالمياً، مثل الانتشار السريع على المستوى العالمي، وتفاقم الإصابات ودخول المستشفيات بكثرة نتيجة الإصابة، وعدم إمكانية العلاج، أو عدم وجود لقاح. ورغم عدم توافر لقاح للفيروس، فإن معظم الحالات تتعافى بمجرد معالجة الأعراض.

ووافقه الرأي الدكتور مجدي بدران، عضو «الجمعية المصرية للحساسية والمناعة» و«الجمعية العالمية للحساسية»، مؤكداً أن زيادة حالات الإصابة بالفيروس في بعض المناطق الصينية مرتبطة بذروة نشاط فيروسات الجهاز التنفسي في فصل الشتاء.

وأضاف لـ«الشرق الأوسط» أن الصين تشهد بفضل تعدادها السكاني الكبير ومناطقها المزدحمة ارتفاعاً في الإصابات، إلا أن ذلك لا يعني بالضرورة تحول الفيروس إلى تهديد عالمي. وحتى الآن، تظل الإصابات محلية ومحدودة التأثير مقارنة بفيروسات أخرى.

وأوضح بدران أن معظم حالات فيروس «الميتانيمو» تكون خفيفة، ولكن 5 إلى 16 في المائة من الأطفال قد يصابون بعدوى تنفسية سفلى مثل الالتهاب الرئوي.

تفشي فيروس «الميتانيمو» البشري في الصين يثير قلقاً متزايداً (رويترز)

وأكد أنه لا توجد تقارير عن تفشٍّ واسع النطاق للفيروس داخل الصين أو خارجها حتى الآن، مشيراً إلى أن الفيروس ينتقل عبر الرذاذ التنفسي والاتصال المباشر، لكنه أقل قدرة على الانتشار السريع عالمياً مقارنة بكوفيد-19، ولتحوله إلى جائحة، يتطلب ذلك تحورات تزيد من قدرته على الانتشار أو التسبب في أعراض شديدة.

ومع ذلك، شدّد على أن الفيروس يظل مصدر قلق صحي محلي أو موسمي، خاصة بين الفئات الأكثر عرضة للخطر.

طرق الوقاية والعلاج

لا يوجد علاج محدد لـ«الميتانيمو» البشري، كما هو الحال مع فيروسات أخرى مثل الإنفلونزا والفيروس المخلوي التنفسي، حيث يركز العلاج بشكل أساسي على تخفيف الأعراض المصاحبة للعدوى، وفق عنان. وأضاف أنه في الحالات الخفيفة، يُوصى باستخدام مسكنات الألم لتخفيف الأوجاع العامة وخافضات الحرارة لمعالجة الحمى. أما في الحالات الشديدة، فقد يتطلب الأمر تقديم دعم تنفسي لمساعدة المرضى على التنفس، بالإضافة إلى توفير الرعاية الطبية داخل المستشفى عند تفاقم الأعراض.

وأضاف أنه من المهم التركيز على الوقاية وتقليل فرص العدوى باعتبارها الخيار الأمثل في ظل غياب علاج أو لقاح مخصص لهذا الفيروس.

ولتجنب حدوث جائحة، ينصح بدران بتعزيز الوعي بالوقاية من خلال غسل اليدين بانتظام وبطريقة صحيحة، وارتداء الكمامات في الأماكن المزدحمة أو عند ظهور أعراض تنفسية، بالإضافة إلى تجنب الاتصال المباشر مع المصابين. كما يتعين تعزيز الأبحاث لتطوير لقاحات أو علاجات فعّالة للفيروس، إلى جانب متابعة تحورات الفيروس ورصد أي تغييرات قد تزيد من قدرته على الانتشار أو تسبب أعراضاً أشد.