إسرائيل توافق على تقليص الكهرباء في غزة بعد مشاحنات بسبب طلب السلطة

في خطوة تفاقم الأزمة الإنسانية في القطاع

أطفال في مخيم الشاطئ يستخدمون حواسيب للعب تعتمد على مولدات محلية للكهرباء (أ.ف.ب)
أطفال في مخيم الشاطئ يستخدمون حواسيب للعب تعتمد على مولدات محلية للكهرباء (أ.ف.ب)
TT

إسرائيل توافق على تقليص الكهرباء في غزة بعد مشاحنات بسبب طلب السلطة

أطفال في مخيم الشاطئ يستخدمون حواسيب للعب تعتمد على مولدات محلية للكهرباء (أ.ف.ب)
أطفال في مخيم الشاطئ يستخدمون حواسيب للعب تعتمد على مولدات محلية للكهرباء (أ.ف.ب)

وافق المجلس الوزاري الإسرائيلي المصغر للشؤون السياسية والأمنية (الكابنيت)، على طلب السلطة الفلسطينية تقليص تزويد الكهرباء لمحطة توليد الطاقة في قطاع غزة بنسبة 35 في المائة، في خطوة من شأنها أن تفاقم من أزمة الكهرباء في القطاع وزيادة الضغوط على حركة حماس.
وكانت السلطة الفلسطينية طلبت من إسرائيل عدم اقتطاع أي مبالغ من مستحقاتها الضريبية، بدل تمويل أثمان الطاقة الكهربائية لقطاع غزة، في إطار الإجراءات التي قرر الرئيس الفلسطيني، محمود عباس، اتخاذها ضد حركة حماس الحاكمة هناك، وشملت أيضاً التوقف عن دفع أثمان الوقود وإلغاء الإعفاءات الضريبية عليه، وتنفيذ خصومات على رواتب الموظفين وقطعها عن آخرين، وإحالة بعضهم للتقاعد، في محاولة لإجبار حماس على تسليم غزة للسلطة.
وجاء القرار الإسرائيلي على الرغم من تحذيرات في إسرائيل نفسها، من أن هذه الخطوة قد تتسبب في أزمة إنسانية في القطاع، وتدفع حماس إلى إشعال حرب في المنطقة. لكن المجلس الوزاري استجاب إلى توصية من الجيش الإسرائيلي، الذي قال: «إن الأزمة الإنسانية من شأنها أن تؤدي إلى تصعيد، وحماس غير معنية بالمواجهة حاليا، لكن وبحال استجابت قطر، التي تمول المشاريع المدنية بالقطاع، للضغوط عليها لوقف دعم حماس، فإنه لن يكون لدى الحركة أي رادع لفرض المواجهة».
وقالت مصادر مطلعة: «إن وزير الطاقة الإسرائيلي هاجم مندوب الجيش في جلسة المجلس الوزاري المصغر، حين أوصى بالاستجابة لطلب أبو مازن. وقال له: «أنت لا تتلقى الأوامر من أبو مازن». مما أثار غضب الجنرال الإسرائيلي الذي صاح مستهزئا: «نعم فأنا أؤدي له التحية العسكرية، ما هذا الهراء؟ نحن عرضنا هذا الموقف على رئيس الحكومة ووافق عليه».
وحذرت حماس من قرار إسرائيل، وقال الناطق باسمها عبد اللطيف القانوع، «إن قرار الاحتلال الإسرائيلي تقليص كهرباء قطاع غزة، بطلب من رئيس السلطة، محمود عباس، هو قرار كارثي وخطير، كونه يمس مناحي الحياة كافة في غزة». وأضاف: «إن من شأن القرار أن يعجّل في تدهور الأوضاع وانفجارها في القطاع».
وحمّل القانوع الاحتلال الإسرائيلي والرئيس عباس، تداعيات قرار تقليص الكهرباء. ويتلقى سكان القطاع الكهرباء بواقع 4 ساعات يوميا فقط، ويعني القرار تقليص هذه المدة، مما يغرق القطاع في ظلام طويل.



«هدنة غزة» تقترب وسط جولات مكوكية وحديث عن «تنازلات»

دخان القصف الإسرائيلي فوق بيت ياحون بقطاع غزة الخميس (رويترز)
دخان القصف الإسرائيلي فوق بيت ياحون بقطاع غزة الخميس (رويترز)
TT

«هدنة غزة» تقترب وسط جولات مكوكية وحديث عن «تنازلات»

دخان القصف الإسرائيلي فوق بيت ياحون بقطاع غزة الخميس (رويترز)
دخان القصف الإسرائيلي فوق بيت ياحون بقطاع غزة الخميس (رويترز)

وسط حديث عن «تنازلات» وجولات مكوكية للمسؤولين، يبدو أن إسرائيل وحركة «حماس» قد اقتربتا من إنجاز «هدنة مؤقتة» في قطاع غزة، يتم بموجبها إطلاق سراح عدد من المحتجزين في الجانبين، لا سيما مع تداول إعلام أميركي أنباء عن مواقفة حركة «حماس» على بقاء إسرائيل في غزة «بصورة مؤقتة»، في المراحل الأولى من تنفيذ الاتفاق.

وتباينت آراء خبراء تحدثت إليهم «الشرق الأوسط»، بين من أبدى «تفاؤلاً بإمكانية إنجاز الاتفاق في وقت قريب»، ومن رأى أن هناك عقبات قد تعيد المفاوضات إلى المربع صفر.

ونقلت صحيفة «وول ستريت جورنال» الأميركية، عن وسطاء عرب، قولهم إن «حركة (حماس) رضخت لشرط رئيسي لإسرائيل، وأبلغت الوسطاء لأول مرة أنها ستوافق على اتفاق يسمح للقوات الإسرائيلية بالبقاء في غزة مؤقتاً عندما يتوقف القتال».

وسلمت «حماس» أخيراً قائمة بأسماء المحتجزين، ومن بينهم مواطنون أميركيون، الذين ستفرج عنهم بموجب الصفقة.

وتأتي هذه الأنباء في وقت يجري فيه جيك سوليفان، مستشار الأمن القومي للرئيس الأميركي، محادثات في تل أبيب مع رئيس الوزراء الإسرائيلي بنيامين نتنياهو، الخميس، قبل أن يتوجه إلى مصر وقطر.

ونقلت «رويترز» عن دبلوماسي غربي قوله إن «الاتفاق يتشكل، لكنه على الأرجح سيكون محدود النطاق، ويشمل إطلاق سراح عدد قليل من الرهائن ووقف قصير للأعمال القتالية».

فلسطينيون بين أنقاض المباني المنهارة في مدينة غزة (أ.ف.ب)

في حين أشار القيادي في «حماس» باسم نعيم إلى أن «أي حراك لأي مسؤول أميركي يجب أن يكون هدفه وقف العدوان والوصول إلى صفقة لوقف دائم لإطلاق النار، وهذا يفترض ممارسة ضغط حقيقي على نتنياهو وحكومته للموافقة على ما تم الاتفاق عليه برعاية الوسطاء وبوساطة أميركية».

ومساء الأربعاء، التقى رئيس جهاز المخابرات الإسرائيلي، ديفيد برنياع، مع رئيس الوزراء القطري، الشيخ محمد بن عبد الرحمن آل ثاني، في الدوحة؛ لبحث الاتفاق. بينما قال مكتب وزير الدفاع الإسرائيلي، يسرائيل كاتس، في بيان، إنه «أبلغ وزير الدفاع الأميركي لويد أوستن في اتصال هاتفي، الأربعاء، بأن هناك فرصة للتوصل إلى اتفاق جديد يسمح بعودة جميع الرهائن، بمن فيهم المواطنون الأميركيون».

وحال تم إنجاز الاتفاق ستكون هذه هي المرة الثانية التي تتم فيها هدنة في قطاع غزة منذ بداية الحرب في 7 أكتوبر (تشرين الأول) 2023. وتلعب مصر وقطر والولايات المتحدة دور الوساطة في مفاوضات ماراثونية مستمرة منذ نحو العام، لم تسفر عن اتفاق حتى الآن.

وأبدى خبير الشؤون الإسرائيلية بـ«مركز الأهرام للدراسات السياسية والاستراتيجية» الدكتور سعيد عكاشة «تفاؤلاً حذراً» بشأن الأنباء المتداولة عن قرب عقد الاتفاق. وقال لـ«الشرق الأوسط» إن «التقارير تشير إلى تنازلات قدمتها حركة (حماس) بشأن الاتفاق، لكنها لا توضح نطاق وجود إسرائيل في غزة خلال المراحل الأولى من تنفيذه، حال إقراره».

وأضاف: «هناك الكثير من العقبات التي قد تعترض أي اتفاق، وتعيد المفاوضات إلى المربع صفر».

على الجانب الآخر، بدا أستاذ العلوم السياسية بجامعة القدس السياسي الفلسطيني، الدكتور أيمن الرقب، «متفائلاً بقرب إنجاز الاتفاق». وقال لـ«الشرق الأوسط» إن «هناك حراكاً أميركياً لإتمام الصفقة، كما أن التقارير الإسرائيلية تتحدث عن أن الاتفاق ينتظر الضوء الأخضر من جانب تل أبيب و(حماس) لتنفيذه».

وأضاف: «تم إنضاج الاتفاق، ومن المتوقع إقرار هدنة لمدة 60 يوماً يتم خلالها الإفراج عن 30 محتجزاً لدى (حماس)»، مشيراً إلى أنه «رغم ذلك لا تزال هناك نقطة خلاف رئيسية بشأن إصرار إسرائيل على البقاء في محور فيلادلفيا، الأمر الذي ترفضه مصر».

وأشار الرقب إلى أن «النسخة التي يجري التفاوض بشأنها حالياً تعتمد على المقترح المصري، حيث لعبت القاهرة دوراً كبيراً في صياغة مقترح يبدو أنه لاقى قبولاً لدى (حماس) وإسرائيل»، وقال: «عملت مصر على مدار شهور لصياغة رؤية بشأن وقف إطلاق النار مؤقتاً في غزة، والمصالحة الفلسطينية وسيناريوهات اليوم التالي».

ويدفع الرئيس الأميركي جو بايدن والرئيس الأميركي المنتخب دونالد ترمب، من أجل «هدنة في غزة»، وكان ترمب طالب حركة «حماس»، في وقت سابق، بإطلاق سراح المحتجزين في غزة قبل توليه منصبه خلفاً لبايدن في 20 يناير (كانون الثاني) المقبل، وإلا فـ«الثمن سيكون باهظاً».