نائب رئيس الوزراء اللبناني متفائل بما «بعد العولمة»

حاصباني قال لـ«الشرق الأوسط» إن السعودية تحوّل اقتصادها إلى تنافسي أسوة بالدول المتقدمة

نائب رئيس الوزراء اللبناني وزير الصحة غسان حاصباني يتحدث عن «بعد العولمة» في مقر السفارة اللبنانية بلندن («الشرق الأوسط»)
نائب رئيس الوزراء اللبناني وزير الصحة غسان حاصباني يتحدث عن «بعد العولمة» في مقر السفارة اللبنانية بلندن («الشرق الأوسط»)
TT

نائب رئيس الوزراء اللبناني متفائل بما «بعد العولمة»

نائب رئيس الوزراء اللبناني وزير الصحة غسان حاصباني يتحدث عن «بعد العولمة» في مقر السفارة اللبنانية بلندن («الشرق الأوسط»)
نائب رئيس الوزراء اللبناني وزير الصحة غسان حاصباني يتحدث عن «بعد العولمة» في مقر السفارة اللبنانية بلندن («الشرق الأوسط»)

قال نائب رئيس الوزراء وزير الصحة اللبناني، غسان حاصباني، إنّ العالم يمرّ الآن بمرحلة ما بعد العولمة، وإنه بالإمكان تغيير موجة التأثيرات السلبية للعولمة، باستخدام الوسائل التكنولوجية نفسها التي يحاول المتطرفون، استخدامها، لبث الحقد والترويج للإرهاب، واستبدالها برسائل أكثر إيجابية تنشر التوعية بين المواطنين وتعمل على تثقيفهم بالعلم والتوعية.
وكان الوزير يتحدث في محاضرة بعنوان «الشرق الأوسط بعد العولمة»، نظمتها «جمعية الصداقة البريطانية»، مساء الجمعة، بهدف جمع التبرعات لصالح صندوق المنح الدراسية التابع للجمعية، وتوفير الفرص لعدد من الطلاب اللبنانيين لإكمال دراستهم العليا.
وعلى هامش المحاضرة، علق حاصباني على موضوع المحاضرة، وقال لـ«الشرق الأوسط»، إن «من سيئات العولمة إحداثها فجوة بين الطبقات الاجتماعية، وقد أسهم هذا التفاوت المادي الكبير بين الدول الغنية والفقيرة التي ترزح تحت وطأة ديون تتراكم باستمرار، في انتشار الاضطرابات بمناطق معينة من العالم، وانتقال تأثيرها ليطال دولاً تنعم بالاستقرار».
وتابع: «بعد مرحلة العولمة، أصبح تركيز الدول أكثر اهتماماً بالمصالح الوطنية الداخلية، وبدأ يطغى على الاهتمام بمسائل الشراكة الدولية». ويوضح حاصباني: «بعد العولمة شهدت جميع الاتفاقيات والعلاقات متعددة الأطراف، تحوّلاً نحو الأحادية أو الثنائية، بحسب مصالح الدول وبحسب التغيرات الحالية، إننا نشهد ولادة نظام جديد يتطور». وانطلاقاً من هذا، يشدد حاصباني: «بدأنا نرى علامات استفهام وتساؤلات حول الكيانات والمنظمات العالمية والدولية الكبرى التي نشأت بعد الحرب العالمية الثانية». واستشهد بالتوتر الحاصل اليوم بين الناتو والولايات المتحدة، ومستقبل هذا الحلف ومدى قدرته على الاستمرار بالصيغة نفسها التي تأسس لأجلها. كذلك الأمم المتحدة التي أوكلت إليها مهمة الحفاظ على السلام والتناغم العالميين، لافتاً إلى أنها ستشهد تعديلات وتغيّرات كبيرة داخلها، معرجاً على الاتحاد الأوروبي بأحلامه الماضية، وما بدأ يشهده هو الآخر من تحوّلات، «إذ تتجه الدول الأعضاء فيه نحو الاهتمام أكثر بمصالحها الداخلية».
وتابع: «هناك محاولة لإعادة تغيير المسار، وتصويب النظام الرأسمالي المطلق أو الاقتصاد المطلق من دون ضوابط إدارية، والذي عانى من بعض النواقص وأثبت فشله في عدم قدرته على إنجاح المجتمعات، بسبب الفجوة الكبيرة التي خلقها بين الطبقات الاجتماعية والتي أسهمت في ظهور مشكلات وأزمات اقتصادية طال أثرها جميع دول العالم، لتشابك الأسواق بعضها ببعض». ولفت إلى محاولة لتصحيحه «ليصبح نظاماً اقتصادياً حراً مع مسؤولية اجتماعية».
وقدم حاصباني شرحاً عن أهمية الاقتصاد الحر المسؤول اجتماعياً، لافتاً إلى أن «العالم اليوم، يعاود موضعة نفسه في مكان آخر، فمن الضروري الالتفات إلى الإنسان ورأب الفجوة الموجودة من خلال العناية الاجتماعية به، وعلى القطاعين الخاص والعام، الاهتمام بالأمر». وشدد على دور القطاع الخاص الذي يلعب دوراً مهماً في الرعاية الاجتماعية، «لما يحقّقه من أرباح جمّة من إنتاجيته التي لا بدّ أن يعود جزء منها لمساعدة الفئات الأكثر حاجة في المجتمع، وتخفيف الفجوة بين الأكثر ثراءً والأكثر فقراً، وهذا النموذج الذي بدأ بالظهور في العالم، هو لخلق نوع من الاستقرار الاجتماعي وقد يستمر معنا إلى نهاية القرن الـ21».
أمّا عن تأثير العولمة على شعوب الشرق الأوسط، فيرى حاصباني أن اعتماد دول المنطقة على اقتصاد ريعي نوعاً ما، أضعف من هذا التأثير، إلا أن ما تشهده هذه الدول ولا سيما النفطية منها، من إصلاحات اقتصادية تجلّت في بروز دور القطاع الخاص أكثر فأكثر، وهناك اتجاه مسؤول ومتدرّج في هذه الدول نحو إشراك القطاع الخاص وخصخصة بعض القطاعات ودفع بعض قطاعات الدولة للعمل بطريقة تنافسية كما في القطاع الخاص. «وهذا النموذج تطبقه اليوم، السعودية، فعلى الرّغم من مواردها النفطية، فهي تحوّل اقتصادها إلى تنافسي أسوة بالدول المتقدمة، مع محافظتها على المسؤولية الاجتماعية نحو مواطنيها».
وانتهى نائب رئيس الوزراء وزير الصحة اللبناني غسان حاصباني إلى التأكيد على تفاؤله بالمستقبل، بقوله إنّ «منطقتنا تمرّ بتحوّل كبير جداً بعد مرحلة العولمة، برأيي نحن نسير إلى الأفضل، ولكنّنا نمر بمسار صعب ومخاض عسير».



تمييز حوثي مناطقي يحكم التعاطي مع أهالي إب اليمنية

وجهاء محافظة إب يحاولون الضغط على الحوثيين لمحاكمة مطلوبين في قضايا قتل (إعلام محلي)
وجهاء محافظة إب يحاولون الضغط على الحوثيين لمحاكمة مطلوبين في قضايا قتل (إعلام محلي)
TT

تمييز حوثي مناطقي يحكم التعاطي مع أهالي إب اليمنية

وجهاء محافظة إب يحاولون الضغط على الحوثيين لمحاكمة مطلوبين في قضايا قتل (إعلام محلي)
وجهاء محافظة إب يحاولون الضغط على الحوثيين لمحاكمة مطلوبين في قضايا قتل (إعلام محلي)

يتهم أهالي محافظة إب اليمنية (193 كلم جنوب صنعاء) الجماعة الحوثية بحماية متهمين بقتل ثلاثة أفراد من أعيان المحافظة في العاصمة صنعاء، في نهج يصفونه بالتمييز المناطقي، إلى جانب رعايتها للفوضى الأمنية في المحافظة، إلى جانب فرض الإتاوات الباهظة ونهب الأراضي.

وينفّذ المئات من سكان إب اعتصاماً، بعد نصبهم الخيام في العاصمة صنعاء الخاضعة لسيطرة الجماعة الحوثية، للمطالبة بضبط متهمين بقتل الزعيم القبلي صادق أبو شعر، الذي لقي مصرعه في حي جنوب المدينة قبل أيام، وتتهم عائلة الضحية أفراداً تابعين للقيادي الحوثي علوي الأمير، المسؤول عن إدارة شرطة حي شميلة بالوقوف وراء الحادث.

وحسب عائلة أبو شعر، فإن الأفراد المسلحين أطلقوا النار عليه، في حين كان يقود سيارته دون سبب.

وذكرت مصادر من منظمي الاعتصام في العاصمة صنعاء أن مسلحي الجماعة الحوثية أرغموا المعتصمين على فض تجمّعهم ورفع خيامهم من ميدان السبعين وسط المدينة، إلا أن المعتصمين انتقلوا إلى شارع في شرقها، متمسكين بطلب تسليم المتهمين بقتل الزعيم القبلي.

المئات من سكان إب اعتصموا في صنعاء للمطالبة بالقبض على متهم بقتل أحد أعيان محافظتهم (إعلام محلي)

وتسبّب هذا الحادث في تأجيج الغضب في أوساط أميركيين من أصول يمنية ومغتربين يمنيين في الولايات المتحدة الذين ينتمي أغلبهم إلى محافظة إب، وهي المحافظة التي تشكّل أحد المصادر الرئيسة للتحويلات المالية إلى المناطق الخاضعة لسيطرة الجماعة الحوثية التي تُعد رافداً مهماً للاقتصاد المحلي.

وكشفت مصادر محلية في المحافظة عن أن الجماعة الحوثية أرسلت أحد قادتها لإقناع المحتجين بالقبول بوساطة قبلية بدلاً عن تسليم القتلة، إلا أن المحتجين رفضوا تلك الوساطة، متهمين القيادي الحوثي المرشح للوساطة بلعب دور سلبي، سابقاً، في قضية مقتل ثلاثة من أبناء مديرية الشعر التابعة للمحافظة، على يد أحد القيادات الميدانية للجماعة في منطقة الحوبان بمحافظة تعز.

وذكّر المحتجون القيادي الحوثي أن المرشح للوساطة تواطأ مع المتهم ومرافقيه، وأُطلق سراحهم بعد يوم من إيداعهم السجن، وكان الغرض من وساطته امتصاص غضب عائلات الضحايا، ومن ثم تمّ إجبارها على القبول بالتحكيم القبلي.

ومن مبررات رفض الوساطة، ما وصفه المحتجون بالمعاملة المناطقية من قِبل الجماعة الحوثية تجاه أهالي المحافظة، وأوردوا أمثلة عديدة، منها ما جرى في حل قضية مقتل بائع خضار من مديرية حبيش على يد مسلح حوثي في مديرية دمت التابعة لمحافظة الضالع، بسبب رفضه دفع إتاوة تساوي دولاراً أميركياً (500 ريال) يتحصّلها المسلح من الباعة في سوق المديرية بالقوة.

من اعتصام سابق لعدد من أهالي إب للمطالبة بالقبض على قتلة بائع متجول (إعلام محلي)

ولا يزال العنصر الحوثي حراً طليقاً، رغم أن الحادثة وقعت في السوق العامة، وأُصيب ثلاثة آخرون فيها.

استرخاص الدماء

ذكّر المحتجون القيادي الحوثي الذي يسعى لإقناعهم بقبول الوساطة، بقضية أخرى ينتمي الضحية فيها إلى مديرية النادرة، وقُتل قبل ستة أشهر في منطقة نقيل الغولة في مديرية ريدة التابعة لمحافظة عمران شمال صنعاء، ونهبت سيارته، وعلى الرغم من التعرف على قاتله فإن الجماعة الحوثية لم تحرّك قواتها الأمنية للقبض عليه، في حين لا يزال جثمان الضحية حتى الآن في ثلاجة أحد المستشفيات.

وأورد المحتجون حادث مقتل شاب من أبناء المحافظة في قلب العاصمة صنعاء على يد عصابة معروفة منذ أكثر من ست سنوات، دون أن يتم القبض على الجناة ومحاكمتهم.

الزعيم القبلي أبو شعر الذي قتله مسلحون حوثيون بأكثر من 50 رصاصة (إعلام محلي)

وعدّ المحتجون، في تعليقات أدلوا بها لـ«الشرق الأوسط»، هذه الأمثلة كافية لنسف شعارات الجماعة الحوثية، لأنها تحولت إلى سلطة لا ترى السكان بعين واحدة، قياساً على جملة الخذلان التي تم التعامل بها مع دماء الضحايا والمقهورين من أبناء محافظة إب، والنهج المناطقي و«العنصري» في التعامل مع المحافظة وسكانها بصفتهم مواطنين من الدرجة الأدنى.

وحذّر محمد المقالح، القيادي السابق فيما تُسمى «اللجنة الثورية» للجماعة الحوثية، من طريقة التعامل الحوثية مع قضية مقتل أبو شعر، مطالباً الجماعة بالاختيار بين أهالي محافظة إب وقتلة الزعيم القبلي‏.

وقال المقالح: «إما أن تكونوا مع تحقيق العدالة للمجني عليه، وإما مع التستر على الجناة وقطاع الطرق، وهذه ‏ليست المرة الأولى على إب، بل لقد أوغلتم كثيراً في الجريمة بحقها».

وينوه أحد وجهاء المحافظة إلى أن «سلطة الحوثيين تقف على أرضية واحدة مع القتلة والمجرمين»، ولا تريد شعباً ولا رعايا، قدر حاجتها إلى مستعبدين، على حد وصفه، لافتاً إلى أن ما حدث هو اعتداء على المحافظة برمتها، واستهتار بدماء أبنائها، وأن ما حدث لأبو شعر «كفيل بإشعال الحمية والانتصار لدم بريء صُودر أمام سلطة تظهر كم أنها غير جديرة بأن يُعوّل عليها في حماية الأعراض والدماء والحقوق».

‏من جهته، رأى البرلماني المعارض للجماعة أحمد سيف حاشد أن استسهال القتل واسترخاص حياة الناس يكشفان عن أزمة عميقة لسلطة الجماعة وغياب دولة.

إحلال وجبايات

في غضون ذلك ‏نصب قيادي حوثي نقطة تفتيش جديدة في منطقة الأفيوش ضمن مديرية مذيخرة التابعة لمحافظة إب، وبدأ فرض الإتاوات الباهظة على السكان، ومعاقبة مَن يرفض دفعها بإهانته والاعتداء عليه.

وأكدت مصادر محلية أن القيادي الحوثي يعترض المسافرين وأبناء المنطقة المارين في الطريق التي فرض سيطرته عليها، ويفرض عليهم جبايات بمئات الآلاف من العملة المحلية، (تفرض الجماعة الحوثية سعراً ثابتاً للدولار الأميركي بـ543 ريالاً)، بالإضافة إلى السطو والاستيلاء على أراضي ومنازل السكان بالتهديد والوعيد، بعد تلفيق تهم سياسية واستخباراتية عليهم لدى أجهزة أمن الجماعة.

القيادات الحوثية القادمة من محافظة صعدة متهمة بمفاقمة الانفلات الأمني في إب ونهب أراضيها (إعلام حوثي)

وأخيراً أقر عبد الكريم الحوثي، عم زعيم الجماعة الحوثية، والمعين وزيراً للداخلية في حكومتها غير المعترف بها، تغيير مسؤولي الأمن المنتمين إلى محافظة إب في كل مديرياتها، واستبدال عناصر حوثية بهم من محافظة صعدة (233 كلم شمال صنعاء)، وهي معقل الجماعة الذي انطلقت منه قبل 20 عاماً.

ووفقاً لروايات السكان ومصادر مطلعة فيها؛ فإن مكتب زعيم الجماعة يشرف بشكل مباشر على الفوضى الأمنية التي تعيشها المحافظة، من خلال تعيين الحارس الشخصي له مديراً للأمن فيها، وتغاضيه عن عمليات السطو المتواصلة على الأراضي في المحافظة، ومحاولة تغيير العقيدة المذهبية لسكانها.