24.5 مليار دولار قيمة الصفقات العقارية السعودية منذ بداية العام

بانخفاض بلغت نسبته 31.5 % مقارنة بالعام الماضي

تنوعت أسباب انخفاض الصفقات إلا أن رسوم الأراضي البيضاء تظل الأكثر تأثيراً بحسب تسلسل نسبة الانخفاض (تصوير: خالد الخميس)
تنوعت أسباب انخفاض الصفقات إلا أن رسوم الأراضي البيضاء تظل الأكثر تأثيراً بحسب تسلسل نسبة الانخفاض (تصوير: خالد الخميس)
TT

24.5 مليار دولار قيمة الصفقات العقارية السعودية منذ بداية العام

تنوعت أسباب انخفاض الصفقات إلا أن رسوم الأراضي البيضاء تظل الأكثر تأثيراً بحسب تسلسل نسبة الانخفاض (تصوير: خالد الخميس)
تنوعت أسباب انخفاض الصفقات إلا أن رسوم الأراضي البيضاء تظل الأكثر تأثيراً بحسب تسلسل نسبة الانخفاض (تصوير: خالد الخميس)

انخفض أداء قطاع العقارات السعودي منذ بداية 2017، وسجلت قيمة الصفقات حتى مايو (أيار) الماضي 24.5 مليار دولار مقارنة بـ36 مليار دولار في الفترة ذاتها من عام 2016، وهو ما يوضح انخفاض إجمالي قيمة الصفقات بما يزيد على 31.5 في المائة.
وبحسب عقاريين، تنوعت أسباب انخفاض الصفقات، إلا أن رسوم الأراضي البيضاء تظل الأكثر تأثيراً بحسب تسلسل نسبة الانخفاض، إضافة إلى إطلاق برنامج «سكني»، مدعوماً بالعزوف الكبير من المواطنين عن الشراء نظراً للفجوة الكبيرة بين أسعار البائعين وقدرة المشترين، مدفوعاً بالنزول في الطلب وخصوصاً القطاع التجاري.
وذكر محمد العليان الذي يمتلك شركة العليان للاستثمارات العقارية، أن مستويات الانخفاض فيما يخص القيمة جاءت كرد فعل على ضعف الطلب وبالتحديد قيمة الصفقات بعد أن عجز السوق على تحمل انخفاضه نتيجة ارتفاع أسعار العرض، لافتاً إلى أن تطبيق رسوم الأراضي البيضاء والبدء في تحصيلها غير وجه السوق نحو تسجيل نزول في القيمة بنسب كبيرة لا تقل عن 25 في المائة في أقل الأحوال وفي مختلف الأنشطة، موضحاً أن الاستثمار في القطاع العقاري هذه الفترة صعب للغاية، لأن السوق في تحول كبير نحو عودة الأسعار إلى طبيعتها بعد موجة التضخم.
وأضاف أن تنويع الاستثمارات العقارية مهم خلال الفترة القادمة، لافتاً إلى أن انخفاض أسعار الأراضي هو المؤشر الأول لقرب نزول أسعار العقار عموماً، خصوصاً أن ارتفاع قيمة الأراضي هو السبب الرئيس في ارتفاع العقار بشكل عام، مؤكداً أن العقار سيشهد مزيداً من الانخفاض وهو ما يحاول العقاريون التكيف معه عبر تصريف ما يمتلكون بأقل الأضرار.
وتطرق إلى أن ما أظهرته المؤشرات العقارية عن انخفاض في إجمالي قيمة الصفقات العقارية ليس جديداً، موضحاً أن الانخفاض جاء بعد توقف الطلب أو تقلصه إلى حد كبير، وعجز المستثمرين على تطويره والسيطرة عليه لتحريك السوق وفتح جبهات استثمارية جديدة، تمكنهم من جني الأرباح بشكل مضاعف وهو ما لا يحدث في حال استمرار الأسعار مرتفعة، مضيفاً أن الحكومة أصدرت الكثير من القرارات التاريخية للسيطرة على القطاع من جديد وهو ما بدأ وضع بصمته الخاصة على العقار المحلي.
وسجلت قيمة الصفقات الأسبوعية للسوق العقارية المحلية مع أول أسبوع من شهر رمضان، انخفاضا قياسيا بلغت نسبته 32.5 في المائة، مقارنة بارتفاعه للأسبوع الأسبق بنسبة 3.6 في المائة، ليستقر إجمالي قيمة صفقات السوق العقارية بنهاية الأسبوع الثاني والعشرين من العام الجاري عند أدنى من مستوى 906 ملايين دولار شمل الانخفاض في قيمة الصفقات العقارية كلا من القطاعين السكني والتجاري، حيث انخفض إجمالي قيمة صفقات القطاع السكني بنسبة حادة بلغت 37.1 في المائة، مقارنة بارتفاعه خلال الأسبوع الأسبق بنسبة 2.3 في المائة، لتستقر قيمة الصفقات السكنية مع نهاية الأسبوع عند مستوى 586 مليون دولار.
إلى ذلك، أشار عبد اللطيف العبداللطيف المستثمر العقاري، إلى أن الإجراءات الحكومية ترمي إلى خفض الأسعار لتكون في متناول الجميع وهو ما يحصل الآن، ورغم عدم ملاءمة الأسعار إلى حد كبير لقدرات المشترين حالياً إلا أن المزيد من الانخفاضات ستحدث خلال الفترة المقبلة في ظل تبلور الأسباب المؤدية إلى ذلك، مبيناً أن الاستجداء بالتمويلات العقارية لن يكون مجدياً خصوصاً أن جوهر المشكلة تكمن في قيمة العقار التي تعتبر مرتفعة وأكبر من قدرة شريحة كبيرة من الراغبين في التملك.
وأوضح العبداللطيف أن فقدان السوق نحو ثلث صفقاته مقارنة بالفترة ذاتها من العام الماضي، معدل كبير يحتاج إلى تدعيم أكبر من ناحية انخفاض ملائم للسعر، ورغم سعي الدولة لاحتواء الأسعار وإعادتها إلى ما كانت عليه عبر سن التشريعات التي تدعو إلى ذلك، إلا أن الحلقة المفقودة تتمثل في ارتفاع أسعار العقار إلى مستويات كبيرة، ما يعكس الحال في السوق التي تعيش أسوأ أيامها منذ سنوات طويلة في ظل شح السيولة لدى المشترين، خصوصا لقطاع الإسكان، بانتظار ما تفضي إليه انعكاسات رسوم الأراضي البيضاء على المدى البعيد عبر انخفاض حقيقي في الأسعار وبالتالي التمكن من الشراء.
وتظهر مقارنة إجمالي صفقات السوق العقارية المسجلة خلال الأشهر الخمسة الأولى من عام 2017 مع الفترة نفسها من العام الماضي، انخفاض إجمالي قيمتها بنسبة 31.5 في المائة، لتستقر عند 24 مليار دولار، مقارنة بنحو 36 مليار دولار للفترة نفسها من العام الماضي.
وقال راشد التميمي المدير العام لشركة مستقبل الإعمار العقارية القابضة، إن ما يميز الأشهر الخمسة الأخيرة هو الهبوط الملحوظ في القيمة رغم أنه غير مكافئ للانخفاض في الطلب، ما يشير إلى أن هناك نزولاً أكبر في القيمة بعد موجة من الارتفاعات لامست الضعف خلال العقد الماضي فقط، لافتاً إلى أن ما يحدث الآن هو تصحيح للوضع العقاري الذي بدأت ملامح السيطرة عليه تتضح.
ولفت إلى أن العقاريين يرغبون في انخفاض قيمة العقار ليتمكنوا من إعادة الحركة والتكسب من نشاط السوق بشرط عدم تحقيق خسائر فيما يمتلكونه أو يعرضونه، مشدداً على أن الخروج برأس المال جيد إلى حد كبير حالياً، مفضلاً هذا السيناريو على بقاء الحال جامداً يشهد ابتعاداً من المشترين وتعنتاً من البائعين.
وأضاف التميمي أن المستثمرين العقاريين الآن يعيدون النظر في أسعار ما يمتلكونه أو يعرضونه من عقارات بعد انخفاض الطلب لمستويات كبيرة، كما أن المواطنين يتريثون في الشراء لحين البت فيما ستفضي إليه الخطوات الحكومية المقبلة التي باتت تفاجئ المستثمرين وتسحب البساط من تحت أرجلهم. وتابع: «الإجراءات الحكومية الأخيرة ستثري بشكل كبير ميزان العرض الذي يواجه تناقصاً كبيراً بالنسبة للطلب الذي يفوق قدرة الجميع»، مشيراً إلى أن السوق بحاجة ماسة لمشاريع ترغم الأسعار على الانخفاض، والتوافق على سعر معقول بين البائع والمشتري هو المخرج الوحيد للأزمة التي تشهد جموداً في المبيعات رغم تزايد الطلب.
وأظهرت الاتجاهات السعرية قصيرة الأجل، التي تبينها التغيرات الربع سنوية لمتوسطات أسعار الأراضي والعقارات السكنية، انخفاضا سنويا لجميع متوسطات الأسعار خلال الربع الثاني من العام الجاري «حتى 1 يونيو (حزيران)» بالمقارنة مع الربع الثاني لعام 2016، جاء على النحو الآتي: انخفاض متوسط سعر العمائر السكنية بنسبة 32.8 في المائة «متوسط سعر ربع سنوي 224 ألف دولار للعمارة الواحدة»، وجاءت الفلل السكنية في المرتبة الثانية بنسبة انخفاض 15.4 في المائة «متوسط سعر ربع سنوي 240 ألف دولار للفيلا الواحدة»، ثم انخفاض متوسط سعر المتر المربع للأرض بنسبة 14.8 في المائة «متوسط سعر ربع سنوي 90.6 دولار للمتر المربع»، وأخيرا ارتفاع متوسط سعر الشقق السكنية بنسبة 2.4 في المائة كأدنى نسبة انخفاض «متوسط سعر ربع سنوي 146 ألف دولار للشقة الواحدة».



تأثيرات «كورونا» تظهر على العقارات المصرية

سوق العقارات المصرية تأثرت بالمخاوف من انشار الفيروس
سوق العقارات المصرية تأثرت بالمخاوف من انشار الفيروس
TT

تأثيرات «كورونا» تظهر على العقارات المصرية

سوق العقارات المصرية تأثرت بالمخاوف من انشار الفيروس
سوق العقارات المصرية تأثرت بالمخاوف من انشار الفيروس

بعد الانتشار المتزايد لفيروس «كورونا المستجد» في معظم أنحاء العالم، يحذّر خبراء الاقتصاد من التداعيات السلبية التي يشهدها الاقتصاد العالمي خصوصاً بعد الإجراءات الاحترازية التي اتخذتها الدول ومن بينها إغلاق الحدود وتعليق الرحلات الجوية والبحرية، وهو ما امتد بدوره إلى قطاع العقارات في مصر، حيث تشهد السوق العقارية في البلاد حالياً تراجعاً في نسب المبيعات، بالإضافة إلى إلغاء فعاليات ومؤتمرات تسويقية عقارية.
ويؤكد مستثمرون عقاريون مصريون من بينهم المهندس ممدوح بدر الدين، رئيس مجلس إدارة شعبة الاستثمار العقاري بالاتحاد العام للغرف التجارية، أن «القطاعات الاقتصادية تشهد تباطؤاً وجموداً حاداً في الآونة الأخيرة، وهذا سيكون له تبعاته على سوق العقار»، ويقول لـ«الشرق الأوسط»: «أتوقع أن تخرج مصر من الأزمة سريعاً، وبأقل الخسائر نتيجة للإجراءات الاحترازية التي اتخذتها أخيراً للحد من انتشار المرض».
وشهدت سوق مبيعات العقارات في مصر «تراجعاً نسبياً منذ بداية أزمة كورونا»، وفق الخبير والمسوق العقاري محمود سامي، الذي قدّر «نسبة التراجع في مستويات البيع والشراء، بنسبة تتراوح من 20 إلى 30%، في بداية الأزمة، لتصل إلى 50% مع نهاية الأسبوع الماضي، مع اتخاذ مصر وعدد من الدول العربية إجراءات احترازية جريئة للحد من انتشار المرض».
ورغم أن مؤشرات الطلب على شراء العقارات التي تقاس وفق حجم الطلب على المواقع الإلكترونية المخصصة لبيع وشراء العقارات، لم تعكس هذا التراجع في شهر فبراير (شباط) الماضي، وفقاً لمؤشر موقع «عقار ماب» المتخصص في السوق العقارية، بعدما سجل ثبات مستوى الطلب على العقارات في شهري يناير (كانون الثاني) وفبراير الماضيين، لكن المؤشر أوضح أنه «كان هناك تزايد في الطلب في النصف الأول من شهر فبراير، إلا أن هذا التزايد تراجع في الأسبوعين الأخيرين ليستقر المؤشر عند نفس معدل الشهر السابق»، ولا توجد إحصائيات واضحة عن شهر مارس (آذار) الجاري، والذي تفاقمت فيه أزمة «كورونا».
وعكس ما يؤكده المسوق العقاري محمود سامي، من وجود تراجع في نسب مبيعات العقارات في مصر، يقول الدكتور ماجد عبد العظيم، أستاذ الاقتصاد والخبير العقاري، أن «السوق العقارية في مصر لم تتأثر حتى الآن بأزمة (كورونا)»، وأضاف لـ«الشرق الأوسط»: «لا يوجد ارتباط بين فيروس (كورونا) والعقارات، فمن يريد شراء شقة سيفعل ذلك»، مشيراً إلى أن «السوق العقارية المصرية تعاني من حالة ركود بدأت منذ نحو أربعة أشهر، وتظهر ملامحها في العروض التسويقية التي تقدمها شركات العقارات، ومن بينها زيادة عمولة المسوقين العقاريين، والإعلان عن تسهيلات في السداد تصل إلى عشر سنوات من دون مقدم، والدفعة الأولى بعد التسلم»، لافتاً إلى أن «حالة الركود هذه سببها الرئيسي زيادة المعروض، وارتفاع الأسعار بشكل مبالغ فيه».
ورغم أن العاملين في التسويق العقاري لا ينكرون وجود حالة ركود في السوق، فإنهم يرون أن المسألة تزايدت مع الخوف من انتشار «كورونا»، حتى حدث «انكماش في السوق العقارية»، على حد تعبير سامي الذي أوضح أن «شركات التسويق العقاري تأقلمت مع حالة الركود، ونفّذت عمليات إعادة هيكلة وتقليص لعدد الموظفين والمقرات»، مضيفاً: «ما نشهده الآن مختلف، فهناك حالة شلل لم نشهدها من قبل إلا مع ثورتي 30 يونيو (حزيران) 2013، و25 يناير 2011. وإن كان ما نشهده حالياً أكثر حدة، فهناك إلغاء لحجوزات ومواعيد معاينات للوحدات العقارية، وتأجيل لقرارات الشراء بشكل عام حتى انتهاء الأزمة واتضاح الرؤية».
ولا يقتصر تأثير انتشار «كورونا» على حركة البيع والشراء في قطاع العقارات، بل من المتوقع أن «ينعكس التأثير على اقتصاد الشركات العقارية واستثماراتها» حسب بدر الدين، الذي أشار إلى أن «قطاع النفط تأثر بصورة كبيرة خصوصاً بعد إصرار منظمة (أوبك) على عدم تقليل إنتاجها، ليهبط سعر البرميل إلى أقل من 30 دولاراً، ما سبب خسائر للمستثمرين والصناديق العالمية، وترتبت على ذلك انخفاضات في أسعار مواد البناء وبالتالي فإن أي مستثمر لديه مخزون من هذه السلع، سيحقق خسائر بلا شك».
وتماشياً مع قرارات الحكومة المصرية إلغاء التجمعات، تم تأجيل مؤتمر ومعرض «سيتي سكيب مصر للتسويق العقاري»، الذي يعده الخبراء أحد أكبر معارض التسويق العقاري في مصر، والذي كان من المقرر عقده في منتصف الشهر الجاري، لتكتفي الشركات العقارية بالعروض التسويقية التي تقدمها وتعلن عنها إلكترونياً أو تلفزيونياً.
والتأجيل يحمي شركات العقارات من خسائر متوقعة، نظراً لصعوبة حضور العملاء، مما سيؤثر بشكل سلبي على صورة القطاع العقاري، حسب بدر الدين.
ويخشى العاملون في السوق العقارية من استمرار الأزمة فترة طويلة، وهو ما سيؤدي إلى خسائر كبيرة في القطاع، قد تضطر الشركات إلى عمليات إعادة هيكلة وتخفيض عمالة -على حد تعبير سامي- الذي قال إن «الشركات تأقلمت مع انخفاض المبيعات خلال الشهور الماضية، لكن لو استمر الوضع الحالي لمدة شهر، فالمسألة ستكون صعبة وقد تؤدي إلى إغلاق شركات وتسريح موظفين، حيث ستحتاج كل شركة إلى تخفيض نفقاتها بنسبة 40% على الأقل».
ورغم تأكيدات عبد العظيم أنه لا يوجد تأثير لأزمة «كورونا» على السوق العقارية حتى الآن، فإنه يقول: «إذا تفاقمت أزمة (كورونا) فستكون لها تأثيرات على جوانب الحياة كافة، ومنها العقارات»، وهو ما يؤكده بدر الدين بقوله إن «العالم كله سيشهد تراجعاً في معدلات النمو الاقتصادي».