رمضان بنكهة مختلفة في تونس

عادات عائلية راسخة وأجواء بهجة في شهر البركات

إقبال على شراء الخبز بأنواعه
إقبال على شراء الخبز بأنواعه
TT

رمضان بنكهة مختلفة في تونس

إقبال على شراء الخبز بأنواعه
إقبال على شراء الخبز بأنواعه

تختلف أجواء شهر رمضان في تونس عن بقية أشهر السنة وعمّا سواها من البلدان العربية الإسلامية، فأيامها ولياليها تطغى عليها عادات اجتماعية وثقافية توارثتها العائلات منذ عقود. والاستعداد لشهر البركة ينطلق قبل فترة من حلول الضيف الكريم، كما يسميه الكثير من التونسيين، وتكون عمليات طلاء الجدران وتنظيف البيوت وشراء التجهيزات المختلفة من أوان فخارية وإلكترونية وكهربائية وبث أجواء الفرحة، من بين المميزات التي تعرفها أجواء رمضان التي لم تتزحزح عن قلوب التونسيين.
وخلال «ليلة القرش» أي الليلة التي تسبق أول يوم من أيام الصوم، وتحتفظ العائلات التونسية بعدد هام من العادات التي حافظت عليها مع مرور الزمن، لذلك تكون الحلويات حاضرة في هذه الليلة، ويكون «طبق الرفيسة» في العاصمة تونس، المكون من الأرز المطبوخ مع التمر والزبيب، أو «المدموجة» المكون من ورقات من العجين المقلي المفتتة والمحشوة بالتمر والسكر، الطبق على طاولة معظم العائلات.
أما في شمال غربي تونس، وفي المناطق الريفية على وجه الخصوص، فإنّ طبق «العصيدة» بالدقيق والسمن والعسل هو المسيطر وفي الوسط الشرقي تصنع الفطائر بالزبيب، في حين أنّ سكان الجنوب الصحراوي يفضلون طبق «البركوكش»، وهو عبارة عن دقيق غليظ الحبات يطبخ بمجموعة من الخضر الطازجة.
وطوال شهر رمضان، تفوح روائح العنبر والبخور والجاوي من مساكن التونسيين، ويحظى شهر الصيام لدى الجميع بقداسة خاصة، فهو طريق العائلة إلى تناول الإفطار حول مائدة واحدة بعد أشهر من التشتت بين العمل والدراسة، وتجديد وشائج القرابة وصلة الرحم.
وتتزين صوامع الجوامع بالأنوار والمصابيح من الداخل والخارج، وتدب الحركة التجارية في المحلات والأسواق وتتعالى أصوات الباعة ترويجا لبضائعهم.
وتصدح مكبرات الصوت بتلاوة القرآن خلال صلاة التراويح وتزدحم المساجد بطالبي الرحمة والمغفرة، وتنظم الحلقات الدينية في المساجد، إضافة إلى المسابقات في حفظ آيات من القرآن الكريم التي تشرف عليها وزارة الشؤون الدينية وبعض الجمعيات.
أما الجوامع التونسية التي يعتبرها التونسيون الأعرق، مثل جامع الزيتونة في مدينة تونس العتيقة، وجامع عقبة بن نافع بمدينة القيروان، فإنّ شهر رمضان يمنحها بريقا إضافيا من خلال الفعاليات والاحتفالات التي تنظمها في رمضان وتقبل عليها العائلات التونسية إلى جانب زوار يأتونها خصيصا من بعض الدول العربية والإسلامية طلبا للعلم والمعرفة والهداية.
وغالبا ما تستغل العائلات التونسية مناسبة شهر الصيام لإعلان الأفراح العائلية على غرار ختان الأبناء الصغار ليلة القدر (ليلة 27 رمضان)، وإعلان «قراءة الفاتحة» كما يسميها التونسيون أي إعلان الخطوبة بين أبناء العائلات في أجواء بهيجة.
ومن عادات العائلات التونسية الإفطار على القليل من التمر والحليب أو اللبن جريا على السنة النبوية الحميدة، وخلافا لباقي أشهر السنة فإنّ التونسيين لا يبخلون على أنفسهم بما يشتهونه طوال اليوم لذلك ترى طاولات الإفطار «عامرة» كما يقول التونسيون من شوربة الفريك وشوربة «لسان العصفور»، إلى السلطات الخضراء والسلطة الحارة وسلطة «أمك حورية» إلى الأطباق المختلفة من الطاجين إلى النواصر إلى الكسكسي والجلبان وغيرها من الأطباق التي تجد قبولا لدى التونسيين.
وينتقد بعض متابعي نسق الاستهلاك خلال شهر رمضان ما يسمونه «لهفة الشراء والاستهلاك» فيما يقول مبروك بن موسى (موظف) وابتسامة على محياه «إنّ العين تشتهي قبل المعدة أحيانا»، لذلك لا يمكن حرمان العائلة من بعض الشهوات الرمضانية المكلفة، ولكنّها تدخل ضمن عادات التونسيين.
ويؤكد بن موسى على ضرورة كبح جماح الاستهلاك في ظل الضغوط الاقتصادية الكبيرة التي تعرفها البلاد، ولكن التونسيين لهم عادات لا يمكن الإفلات منها، على غرار تناول الحلويات التونسية الشهية مثل «المخارق» و«الزلابية» فهي سر اجتماع العائلة خلال السهرات الرمضانية.
وتمثل مشاهدة القنوات التلفزيونية ومتابعة المسلسلات والإنتاجات المحلية والعربية، أحد أهم أطباق السهرات بين العائلات التونسية، وتشهد العائلات منافسة شديدة حول الاتفاق على الأعمال الدرامية التي يرغب كل واحد منهم في متابعتها، لاختلاف الأذواق والمحاور التي تتناولها هذه الأعمال. ولا تصل العائلات للفصل بهذا الشأن إلّا بعد أيام قلائل من بداية شهر الصيام، حين تتّضح أهمية العمل الدرامي والموضوع الذي يتناوله.



محمد رمضان يُسعد جمهوره... ونهاية حزينة لمسلسلي منى زكي وياسمين عبد العزيز

من كواليس مسلسل «جعفر العمدة» (أرشيفية)
من كواليس مسلسل «جعفر العمدة» (أرشيفية)
TT

محمد رمضان يُسعد جمهوره... ونهاية حزينة لمسلسلي منى زكي وياسمين عبد العزيز

من كواليس مسلسل «جعفر العمدة» (أرشيفية)
من كواليس مسلسل «جعفر العمدة» (أرشيفية)

تباينت نهايات الحلقات الأخيرة من مسلسلات شهر رمضان، التي تزامن عرْض بعضها مساء (الجمعة) مع أول أيام عيد الفطر في كثير من دول العالم، بين النهايات السعيدة والصادمة وأخرى دامية.
كما اتّسم أغلبها بالواقعية، والسعي لتحقيق العدالة في النهاية، ولاقى بعضها صدى واسعاً بين الجمهور، لا سيما في مسلسلات «جعفر العمدة»، و«تحت الوصاية»، و«عملة نادرة»، و«ضرب نار»، و«رسالة الإمام»، و«ستهم».
وشهدت الحلقة الأخيرة من مسلسل «جعفر العمدة» نهاية سعيدة، وفق محبّيه، انتهت بمواجهة ثأرية بين المَعلّم جعفر (محمد رمضان) وزوجته دلال (إيمان العاصي)، حيث طلب من نعيم (عصام السقا) إبلاغ الشرطة لإلقاء القبض عليها، بعدما تمكّن الأول من تسجيل فيديو لزوجته وشقيقيها وهي تقتل بلال شامة (مجدي بدر) واعترافاتها بكل ما قامت به.
وبعد ذلك توجّه جعفر مع ابنه سيف (أحمد داش) إلى بيته في السيدة زينب، حيث اقتصَّ من شقيقَي زوجته دلال، ثم أعلن توبته من الربا داخل المسجد ليبدأ صفحة جديدة من حياته، ولم تتبقَّ سوى زوجته ثريا (مي كساب) على ذمته.
وأشاد الجمهور بأداء الفنانة إيمان العاصي وإتقانها دور الشر، وتصدرت ترند «تويتر» عقب انتهاء الحلقة، ووجهت الشكر للمخرج محمد سامي والفنان محمد رمضان، وكتبت عبر «فيسبوك»: «مهما قلتُ وشكرت المخرج الاستثنائي بالنسبة لي، ونجم الشعب العربي الكبير الذي يحب زملاءه ويهمّه أن يكونوا في أحسن حالاتهم لن يكفي بوست واحد لذلك».
مشهد من مسلسل «ضرب نار» (أرشيفية)

وفي مسلسل «ضرب نار» شهدت الحلقة الأخيرة نهاية دامية بمقتل مُهرة (ياسمين عبد العزيز) أثناء احتفالها وجابر (أحمد العوضي) بزواجهما مرة أخرى، حيث أطلق نجل تاجر مخدرات رصاصة لقتل الأخير، لكن زوجته ضحّت بنفسها من أجله، وتلقت الرصاصة بدلاً منه، قبل القبض على جابر لتجارته في السلاح، ومن ثم تحويل أوراقه للمفتي.
من جهته، قال الناقد الفني المصري خالد محمود، إن نهاية «(جعفر العمدة) عملت على إرضاء الأطراف جميعاً، كما استوعب محمد رمضان الدرس من أعماله الماضية، حيث لم يتورط في القصاص بنفسه، بل ترك القانون يأخذ مجراه، وفكّ حصار الزوجات الأربع لتبقى واحدة فقط على ذمته بعد الجدل الذي فجّره في هذا الشأن».
وأضاف محمود في تصريحات لـ«الشرق الأوسط» أن «نهاية مسلسل (ضرب نار) جاءت بمثابة صدمة للجمهور بمقتل مُهرة، لكن المسلسل حقق العدالة لأبطاله جميعاً؛ مُهرة لكتابة ابنها من جابر باسم زوجها الثاني وتضحيتها بحبها، وجابر لقتله كثيراً من الناس، كما اقتص من زيدان (ماجد المصري)».
بوستردعائي لمسلسل «تحت الوصاية» (أرشيفية)

بينما انحاز صناع مسلسل «تحت الوصاية» لنهاية واقعية، وإن بدت حزينة في الحلقة الأخيرة من المسلسل، حيث قام بحارة بإشعال النار في المركب بإيعاز من صالح (محمد دياب)، وفشلت محاولات حنان (منى زكي) والعاملين معها في إخماد الحريق، ثم تم الحكم عليها بالسجن سنة مع الشغل والنفاذ في قضية المركب.
وشهد مسلسل «عملة نادرة» ذهاب نادرة (نيللي كريم) إلى حماها عبد الجبار (جمال سليمان) في بيته للتوسل إليه أن يرفع الحصار عن أهل النجع فيوافق، وبينما يصطحبها إلى مكان بعيد حيث وعدها بدفنها بجوار شقيقها مصوّباً السلاح نحوها، سبقته بإطلاق النار عليه ليموت في الحال آخذة بثأر أخيها.
وانتقدت الناقدة الفنية المصرية صفاء الليثي نهاية مسلسل «عملة نادرة» بعد قيام البطلة (نادرة) بقتل عبد الجبار، ثم تقوم بزراعة الأرض مع ابنها وكأن شيئاً لم يحدث، وسط غياب تام للسلطة طوال أحداث المسلسل، «وكأن هذا النجع لا يخضع للشرطة، ومن الصعب أن أصدّق أن هذا موجود في مصر في الوقت الحالي».
مشهد من مسلسل «ستهم» (أرشيفية)

بينما حملت نهاية مسلسل «ستهم» من بطولة روجينا عديداً من المفاجآت، حيث قام الرئيس بتكريمها ضمن عدد من السيدات اللاتي تحدَّين الظروف ومارسن أعمالاً شاقة وسط الرجال، حيث أشرق وجهها فرحة بعد سنوات من المعاناة.
واختار المخرج السوري الليث حجو، نهاية ثوثيقية للمسلسل الديني «رسالة الإمام» عبر تتر الحلقة الأخيرة، الذي تتّبع كيف انتهت رحلة شخصيات المسلسل الذي تناول سنوات الإمام الشافعي في مصر، موثقاً هذه الحقبة المهمة في تاريخ مدينة الفسطاط، ومن بينها تنفيذ السيدة نفيسة وصيةَ الشافعي وقيامها بالصلاة عليه بعد وفاته، لتبقى في مصر حتى وفاتها عام 208 هجرية.