إسهالات مجهولة تفتك بآلاف السودانيين ومخاوف من «الكوليرا»

وفاة قرابة 300 وأكثر من 16 ألف مصاب خلال أشهر

إسهالات مجهولة تفتك بآلاف السودانيين  ومخاوف من «الكوليرا»
TT

إسهالات مجهولة تفتك بآلاف السودانيين ومخاوف من «الكوليرا»

إسهالات مجهولة تفتك بآلاف السودانيين  ومخاوف من «الكوليرا»

تفتك إسهالات مجهولة بآلاف السودانيين، قدرتهم وزارة الصحة بستة عشر ألف مصاب، وقرابة ثلاثمائة حالة وفاة في غضون أشهر. ولم تحدد الجهات الصحية بدقة طبيعة المرض، ونفت أن يكون «داء الكوليرا»، وأطلقت عليه مصطلح «إسهالات مائية».
ويقول أطباء ونشطاء في المجال الصحي إن الداء المنتشر هو «الكوليرا»، دون أن تحدد أي جهة عملية رسمية طبيعة هذه الإسهالات، فيما حذرت سفارات ودول غربية رعاياها من «الكوليرا» المنتشرة في البلاد.
وقال وزير الصحة السوداني بحر أبو قردة للبرلمان، أول من أمس، إن السلطات سجلت أكثر من 16 ألف حالة إصابة بإسهالات مائية، ولقي 265 منهم مصرعه، منذ انتشار المرض في أغسطس (آب) الماضي، فيما يرى نشطاء أن العدد أكبر بكثير من الذي اعترفت به السلطات الصحية التي تكتمت على المرض لوقت طويل، إلى أن خرج عن السيطرة، فاضطرت للاعتراف به على استحياء.
ووفقاً للمسؤول الصحي الأول، فإن المرض انتشر في 11 ولاية، من جملة ولايات البلاد البالغة 18 ولاية، وإن «تلوث مصادر المياه» يقف وراء انتشاره، وإن النيل الأبيض تصدرت الولايات التي اجتاحها الوباء بأكثر من 5 آلاف إصابة.
ومنذ أشهر، حذر نشطاء من انتشار المرض في ولاية «النيل الأبيض»، جنوب السودان، بيد أن السلطات الصحية قللت من تلك التحذيرات، إلى أن اضطرت أخيراً للاعتراف بتفشي الداء، لكنها لم تقطع علمياً بأن الداء المنتشر هو «وباء الكوليرا»، وأطلقت عليه اسم «الإسهالات المائية»، الذي اعتبره نشطاء وعاملون في مجال الصحة «هروباً إلى الأمام».
واستجابة للضجة التي أثيرت في مواقع التواصل الاجتماعي، والتحذيرات التي أطلقها أطباء ونشطاء ومواطنون، استدعت لجنة الصحة والبيئة والسكان بالمجلس الوطني وزير الصحة للإدلاء بشهادته بشأن الإسهالات المائية التي ضربت ولايات البلاد.
وعلى الرغم من أن الوزير أبدى تخوفه من تزايد انتشار المرض خلال موسم الأمطار، فإنه لم يكشف عن ترتيبات مكافحة المرض التي اتخذتها وزارته، واكتفى بالمطالبة بإغلاق مصادر المياه، ومراجعة الشبكات، وتوفير المياه عبر عربات للمناطق المتضررة، دون أن يحدد ما إن كانت وزارته ستعلن تلك الولايات مناطق موبوءة.
وعلى الرغم من أن السلطات الصحية السودانية لم تطلق على الداء اسم «كوليرا»، فإن سفارات غربية حذرت رعاياها من «تفشي الكوليرا» في البلاد، ودعتهم لاتخاذ الحيطة والحذر اللازمين لتجنب الإصابة.
وفي نشرة بريدية داخلية، حذرت السفارة الأميركية في الخرطوم المواطنين الأميركيين في السودان من «تفشي داء الكوليرا بالبلاد»، وطلبت منهم اتخاذ الإجراءات اللازمة لتجنب المرض، قطعت فيها بوجود «تقارير مؤكدة» بأن الكوليرا ضربت مناطق البلاد، بما في ذلك العاصمة الخرطوم، وأن حالات وفيات سجلت في المدينة.
وأوضحت تقارير صحافية أن الهيئة الفيدرالية لحماية حقوق المستهلك ورعاية الإنسان الروسية حذرت مواطنيها الراغبين في السفر إلى السودان واليمن من تفشي وباء الكوليرا في الدولتين.
وقال طبيب يعمل في مستشفى حكومي بالخرطوم لـ«الشرق الأوسط» إن الصورة أكثر قتامة مما هي عليه، وإن القضية أكبر من وزارة الصحة وحدها، بل تعني دوائر خدمية وصحية كثيرة، وطالب بالتحرك السريع للحيلولة دون تحول الأوضاع في البلاد لكارثة صحية.
وحمّل الطبيب المسؤولية عن تفشي الداء إلى سلطات حماية البيئة والمياه والنظافة في البلاد، إلى جانب السلطات الصحية، وقال بهذا الخصوص: «قلة مصادر المياه، وعدم تنفيذ خطة (زيرو عطش)، لعبت دوراً كبيراً في الكارثة، وعدم اهتمام السلطات المحلية بنظافة المدن يمثل خطراً كبيراً يهدد السكان، وعلى وجه الخصوص العاصمة الخرطوم».
ونشطت حملات شعبية تعمل على تثقيف المواطنين بمخاطر المرض، وكيفية الوقاية منه، مثل «الحملة القومية لدرء الوبائيات»، يشترك فيها أطباء ونشطاء، وتعمل على إصحاح البيئة والتثقيف الصحي. في حين نشطت تنظيمات مجتمع مدني كثيرة، تعمل على توظيف الجهد الشعبي لخدمة المتأثرين بالمنطقة، خصوصاً في المناطق ذات التفشي العالي.


مقالات ذات صلة

جهاز لتحفيز الأعصاب يفتح آفاقاً لعلاج انقطاع التنفس أثناء النوم

صحتك لا يستطيع بعضنا النوم أحياناً رغم شعورنا بالتعب والإرهاق الشديدين (رويترز)

جهاز لتحفيز الأعصاب يفتح آفاقاً لعلاج انقطاع التنفس أثناء النوم

صُمم جهاز طبي مبتكر يُعرف باسم « Genio» يهدف إلى تحفيز الأعصاب في اللسان لتحسين التنفس أثناء النوم.

«الشرق الأوسط» (لندن)
المشرق العربي سوريون ينتظرون في طابور للعبور إلى سوريا من تركيا في منطقة ريحانلي في هاتاي بتركيا في 10 ديسمبر 2024 (إ.ب.أ)

الصحة العالمية: نزوح مليون شخص منذ بدء هجوم المعارضة في سوريا

قال المدير العام لمنظمة الصحة العالمية تيدروس أدهانوم غيبريسوس، الثلاثاء، إن نحو مليون شخص نزحوا منذ بدء هجوم المعارضة في سوريا.

«الشرق الأوسط» (جنيف)
العالم العربي خلال عام أُجريت أكثر من 200 ألف عملية جراحية في المستشفيات اليمنية (الأمم المتحدة)

شراكة البنك الدولي و«الصحة العالمية» تمنع انهيار خدمات 100 مستشفى يمني

يدعم البنك الدولي مبادرة لمنظمة الصحة العالمية، بالتعاون مع الحكومة اليمنية، لمنع المستشفيات اليمنية من الانهيار بتأثيرات الحرب.

محمد ناصر (تعز)
العالم العربي منظمة الصحة العالمية تطالب إسرائيل بالسماح بإدخال مزيد من المساعدات إلى غزة (أ.ب)

«الصحة العالمية» تحذّر من «نقص حادّ» في المواد الأساسية بشمال قطاع غزة

حذّرت منظمة الصحة العالمية، اليوم الخميس، من أن قطاع غزة، ولا سيّما شطره الشمالي، يعاني نقصاً حادّاً في الأدوية والأغذية والوقود والمأوى.

«الشرق الأوسط» (جنيف)
شمال افريقيا مصر تستعرض تجربتها في علاج الوافدين من «فيروس سي» خلال ورشة عمل بالتعاون مع المركز الأوروبي لعلاج الأمراض والأوبئة (وزارة الصحة المصرية)

مصر تعالج الوافدين ضمن مبادرات قومية رغم «ضغوط» إقامتهم

لم تمنع الضغوط والأعباء المادية الكبيرة التي تتكلفها مصر جراء استضافة ملايين الوافدين، من علاج الآلاف منهم من «فيروس سي»، ضمن مبادرة رئاسية.

«الشرق الأوسط» (القاهرة)

الحوثيون يتبنّون هجمات بالمسيّرات ضد أهداف إسرائيلية

صورة وزّعها الإعلام الحوثي تظهر صواريخ وطائرات من دون طيار (رويترز)
صورة وزّعها الإعلام الحوثي تظهر صواريخ وطائرات من دون طيار (رويترز)
TT

الحوثيون يتبنّون هجمات بالمسيّرات ضد أهداف إسرائيلية

صورة وزّعها الإعلام الحوثي تظهر صواريخ وطائرات من دون طيار (رويترز)
صورة وزّعها الإعلام الحوثي تظهر صواريخ وطائرات من دون طيار (رويترز)

تبنت الجماعة الحوثية المدعومة من إيران هجمات جديدة بالطائرات المسيّرة ضد أهداف إسرائيلية، الجمعة، إلى جانب تبنّى هجمات بالاشتراك مع فصائل عراقية موالية لطهران، دون أن يعلق الجيش الإسرائيلي على الفور بخصوص آثار هذه العمليات.

وتشن الجماعة المدعومة من إيران منذ أكثر من عام هجمات ضد السفن في البحر الأحمر وخليج عدن، فضلاً عن إطلاق الصواريخ والمسيّرات باتجاه إسرائيل تحت مزاعم نصرة الفلسطينيين في غزة.

صاروخ أطلقه الحوثيون باتجاه إسرائيل من نوع «فلسطين 2» (إعلام حوثي)

وخلال حشد حوثي في ميدان السبعين بصنعاء، الجمعة، ادعى المتحدث العسكري باسم الجماعة يحيى سريع أن قوات جماعته نفذت عمليتين عسكريتين استهدفت الأولى هدفاً عسكرياً في عسقلان، فيما استهدفت الثانية هدفاً في تل أبيب.

وزعم المتحدث الحوثي أن العمليتين تم تنفيذهما بطائرتين مسيّرتين تمكنتا من تجاوز المنظومات الاعتراضية والوصول إلى هدفيهما.

إلى ذلك، قال سريع إن قوات جماعته نفذت بالاشتراك مع ما وصفها بـ«المقاومة الإسلامية في العراق» عمليةً عسكريةً ضد أهداف حيوية جنوب إسرائيل، وذلك بعدد من الطائرات المسيّرة، زاعماً أن العملية حققت أهدافها بنجاح.

وتوعد المتحدث الحوثي بالاستمرار في تنفيذ الهجمات ضد إسرائيل حتى توقف الحرب على غزة ورفع الحصار عنها.

19 صاروخاً ومسيّرة

في أحدث خطبة لزعيم الجماعة عبد الملك الحوثي، الخميس، قال إن جماعته أطلقت باتجاه إسرائيل خلال أسبوع 19 صاروخاً باليستياً ومجنحاً وطائرة مسيّرة، زاعماً أنها استهدفت تل أبيب وأسدود وعسقلان.

كما ادعى الحوثي استهداف خمس سفن أميركية في خليج عدن، منها: بارجتان حربيتان، وهدد بالاستمرار في الهجمات، وقال إن جماعته نجحت في تدريب وتعبئة أكثر من 600 ألف شخص للقتال خلال أكثر من عام.

من آثار مسيّرة حوثية انفجرت في مبنى سكني في جنوب تل أبيب الاثنين الماضي (أ.ف.ب)

وتبنّى الحوثيون على امتداد أكثر من عام إطلاق مئات الصواريخ والطائرات المسيّرة باتجاه إسرائيل، لكن لم يكن لها أي تأثير هجومي، باستثناء مسيّرة قتلت شخصاً بعد انفجارها بشقة في تل أبيب يوم 19 يوليو (تموز) الماضي.

واستدعت هذه الهجمات من إسرائيل الرد في 20 يوليو الماضي، مستهدفة مستودعات للوقود في ميناء الحديدة، وهو ما أدى إلى مقتل 6 أشخاص، وإصابة نحو 80 آخرين.

وتكرّرت الضربات الإسرائيلية في 29 سبتمبر (أيلول) الماضي، ضد مستودعات للوقود في كل من الحديدة ورأس عيسى. كما استهدفت محطتي توليد كهرباء في الحديدة، بالإضافة إلى مطار المدينة الخارج عن الخدمة منذ سنوات. وأسفرت هذه الغارات عن مقتل 4 أشخاص، وإصابة نحو 30 شخصاً، وفق ما أقر به الحوثيون.

أحدث الهجمات

أعلن الجيش الإسرائيلي، الاثنين الماضي، أن طائرة مسيّرة، يعتقد أنها انطلقت من اليمن، أصابت مبنى في جنوب تل أبيب، وفق ما نقلته وسائل إعلام غربية.

وقالت القناة «13» الإسرائيلية: «ضربت طائرة مسيّرة الطابق الـ15 من مبنى سكني في يفنه، ولحق دمار كبير بشقتين»، مشيرة إلى وصول قوات كبيرة إلى المكان.

وأفاد الجيش الإسرائيلي بورود «تقارير عن سقوط هدف جوي مشبوه في منطقة مدينة يفنه. ولم يتم تفعيل أي تحذير». وقالت نجمة داود الحمراء إنه لم تقع إصابات.

وأشارت قوات الإطفاء والإنقاذ، التي وصلت إلى مكان الحادث، إلى وقوع أضرار جسيمة في شقتين. كما نقل موقع «0404» الإسرائيلي اليوم عن متحدث باسم الجيش الإسرائيلي قوله: «يبدو أن الطائرة المسيّرة التي أصابت مبنى في يفنه قد انطلقت من اليمن»، مشيراً إلى أنه يجري التحقيق في الحادث.

مدمرة أميركية في البحر الأحمر تطلق صاروخاً ضد أهداف حوثية (رويترز)

وعلى صعيد الهجمات البحرية، كانت القيادة المركزية الأميركية أعلنت في بيان، الثلاثاء، الماضي، أنّ سفينتين عسكريّتين أميركيّتين صدّتا هجوماً شنّه الحوثيون بواسطة طائرات من دون طيّار وصاروخ كروز، وذلك في أثناء حراستهما ثلاث سفن تجارية في خليج عدن.

وقال البيان إن «المدمّرتين أحبطتا هجمات شُنّت بطائرات من دون طيار وبصاروخ كروز مضاد للسفن، لتضمنا بذلك سلامتهما وأفرادهما، وكذلك سلامة السفن المدنية وأطقمها».

وأوضح البيان أنّ «المدمرتين كانتا ترافقان ثلاث سفن تجارية تابعة للولايات المتحدة»، مشيراً إلى عدم وقوع إصابات أو إلحاق أضرار بأيّ سفن.

يشار إلى أن الهجمات الحوثية في البحر الأحمر أدت منذ 19 نوفمبر (تشرين الثاني) 2023 إلى غرق سفينتين وقرصنة ثالثة، كما أدت إلى مقتل 3 بحارة وإصابة آخرين في هجوم ضد سفينة ليبيرية.

وفي حين تبنى زعيم الحوثيين مهاجمة أكثر من 211 سفينة منذ بدء التصعيد، كانت الولايات المتحدة ومعها بريطانيا في أربع مرات على الأقل، نفذت منذ 12 يناير (كانون الثاني) الماضي أكثر من 800 غارة على أهداف للجماعة أملاً في الحد من قدرتها على تنفيذ الهجمات البحرية.