ناشطة تقود احتجاجات الحسيمة بعد اعتقال الزفزافي

الأمن يفرق مظاهرات متضامنة مع حراك الريف في الرباط

ناشطة تقود احتجاجات الحسيمة بعد اعتقال الزفزافي
TT

ناشطة تقود احتجاجات الحسيمة بعد اعتقال الزفزافي

ناشطة تقود احتجاجات الحسيمة بعد اعتقال الزفزافي

تجددت الاحتجاجات أمس بمدينة الحسيمة المغربية عقب اعتقال عدد من نشطاء الحراك الشعبي في المدينة، وتولت ناشطة اسمها نوال بن عيسى مهمة قيادة المظاهرات خلفا لناصر الزفزافي المعتقل.
وخرج المئات في مظاهرة حاشدة، لكن تدخلت الشرطة لتفريقها. وقالت بن عيسى إن المظاهرات ستستمر يوميا بعد صلاة التراويح إلى حين تحقيق مطالب المحتجين، المتمثلة في «تحقيق العدالة الاجتماعية ورفع التهميش عن المنطقة والإفراج عن المعتقلين».
ودعت بن عيسى، وهي ناشطة من الحسيمة، المحتجين إلى التشبث بسلمية المظاهرات، وقالت في شريط فيديو نشرته أمس إن «كل من حمل عصا أو حجرا فهو خائن لقضية الريف». وشارك في الاحتجاج والدة، ووالد الزفزافي الذي طالب بدوره بإطلاق سراح المعتقلين.
في غضون ذلك، فرقت قوات الأمن وقفة احتجاج نظمت الليلة قبل الماضية أمام البرلمان في الرباط تضامنا مع حراك الريف.
وفي السياق نفسه، وصف منتدى الكرامة لحقوق الإنسان الاعتقالات، التي نفذتها السلطات الأمنية ضد نشطاء الحسيمة، بأنها تعسفية.
وأفاد المنتدى، الذي يرأسه عبد العالي حامي الدين، عضو الأمانة العامة لحزب العدالة والتنمية، بأن الوكيل العام للملك (النائب العام) بمحكمة الاستئناف في الحسيمة، تجاوز بشكل صارخ اختصاصاته كما هي محصورة في المادة 49 من المسطرة الجنائية، فيما يتعلق بالاعتقالات التي عرفها إقليم الحسيمة التي أدت إلى اعتقال الناشط البارز في الحراك ناصر الزفزافي، وكثير من النشطاء الآخرين.
وأوضح المنتدى في بيان أصدره أمس أن «إذاعة بيان الوكيل العام عبر وسائل الإعلام، وعلى رأسها القنوات التلفزيونية العمومية، يعد تعدياً جسيماً على الحقوق الدستورية للمواطن الزفزافي، وخاصة الحقوق الدستورية المنصوص عليها في الفصلين 22 و23»؛ وعد المنتدى تعميم البيان على وسائل الإعلام «تحريضاً علنياً على المس بالسلامة الجسدية والمعنوية للزفزافي»، لأن التهم التي وجهت إليه «تثير حساسية الشعور الديني عند عموم المواطنين»، في إشارة إلى البيان الذي اتهم فيه الزفزافي بـ«عرقلة حرية العبادات وتعطيلها أثناء صلاة الجمعة، بعد أن أقدم على منع الإمام من إكمال خطبته، وألقى داخل المسجد خطابا تحريضيا أهان فيه الإمام، وأحدث اضطرابا أخل بهدوء العبادة ووقارها وقدسيتها، وفوت بذلك على المصلين صلاة آخر جمعة من شهر شعبان».
ودعا المنتدى إلى «تمتيع الموقوفين بكل الضمانات القانونية والحقوقية المنصوص عليها في الدستور والقوانين، بما في ذلك عدم تعريضهم للإهانة والمعاملات الماسة بالكرامة، أو التعنيف من أجل استصدار تصريحات أو اعترافات».
وبلغ عدد المعتقلين على خلفية الاحتجاجات التي عرفتها مدينة الحسيمة 40 شخصا، بينهم زعيم الحراك الزفزافي، وتوزعت التهم الموجهة إلى المعتقلين ما بين المس بالسلامة الداخلية للدولة وعرقلة وتعطيل حرية العبادات، والعصيان المسلح وإهانة رجال الأمن وإتلاف ممتلكات عامة.
ويوجد الزفزافي رهن التحقيق لدى الفرقة الوطنية للشرطة لقضائية بمدينة الدار البيضاء.
من جهة أخرى، أقرت إدارة القناة التلفزيونية المغربية الأولى بأنها استعانت بفيديو لأحداث شغب داخل ملعب كرة القدم، حدثت في الحسيمة قبل سبعة أشهر، عند عرض تقرير يتناول بيان الوكيل العام للملك عن الاحتجاجات، لكن ليس بنية «الفبركة»، بل بهدف عرض تسلسل للأحداث التي شهدتها المدينة. وأوضحت القناة أن «الحديث عن الفبركة عار من الصحة»، مشيرة إلى أنها قامت ببث البيان الصادر عن الوكيل العام للملك بمحكمة الاستئناف بالحسيمة يوم السبت الماضي، وبالنظر لكون هذه المدينة قد شهدت عدة أحداث على مدى سبعة أشهر، فقد استوجب تغطية سرد البيان السالف الذكر بصور توضيحية راهنة وأرشيفية خاصة بهذه الأحداث، وفق تسلسلها الزمني لكونها مترابطة، ولا يمكن تجزيئها أو فصل بعضها عن بعض، حسب تصريحها. وأبرزت القناة أن التقرير الذي عرضته «لم يدَّع أن تلك الصور الأرشيفية متعلقة فقط بالأحداث الراهنة التي شهدتها مدينة الحسيمة، وإنما استخدمها صورا توضيحية ما دامت تخص مجموعة من الأحداث التي كانت المنطقة مسرحا لها منذ الوفاة المؤسفة للفقيد محسن فكري».
وكان عرض القناة التلفزيونية المغربية الأولى وقناة «ميدي1 تيفي» تقريرين حول اعتقال عدد من نشطاء الحراك في الحسيمة، مرفقا بفيديوهات عن شغب ملاعب على أنها اعتداءات على قوات الأمن خلال المظاهرات التي عرفتها المدينة قد أثار استهجانا واسعا، دفع نوابا إلى مساءلة وزير الاتصال والثقافة حول «التضليل الإعلامي» الذي تمارسه تلك القنوات بشأن تلك الأحداث.



«سوريو مصر» يفضلون التريث قبل اتخاذ قرار العودة

لاجئون سوريون في مصر (مفوضية اللاجئين)
لاجئون سوريون في مصر (مفوضية اللاجئين)
TT

«سوريو مصر» يفضلون التريث قبل اتخاذ قرار العودة

لاجئون سوريون في مصر (مفوضية اللاجئين)
لاجئون سوريون في مصر (مفوضية اللاجئين)

بعد مرور نحو أسبوع على سقوط نظام بشار الأسد في سوريا، يفضل اللاجئون والمهاجرون السوريون في مصر التريث والصبر قبل اتخاذ قرار العودة إلى بلادهم التي تمر بمرحلة انتقالية يشوبها الكثير من الغموض.

ويتيح تغيير نظام الأسد وتولي فصائل المعارضة السورية السلطة الانتقالية، الفرصة لعودة المهاجرين دون ملاحقات أمنية، وفق أعضاء بالجالية السورية بمصر، غير أن المفوضية العامة لشؤون اللاجئين في القاهرة ترى أنه «من المبكر التفكير في عودة اللاجئين المسجلين لديها، إلى البلاد حالياً».

وازدادت أعداد السوريين في مصر، على مدى أكثر من عقد، مدفوعة بالتطورات السياسية والأمنية في الداخل السوري؛ إذ ارتفع عدد السوريين المسجلين لدى مفوضية اللاجئين إلى نحو 148 ألف لاجئ، غير أن تلك البيانات لا تعكس العدد الحقيقي للجالية السورية بمصر؛ إذ تشير المنظمة الدولية للهجرة إلى أن تعدادهم يصل إلى 1.5 مليون.

ولم تغير تطورات الأوضاع السياسية والأمنية في الداخل السوري من وضعية اللاجئين السوريين بمصر حتى الآن، حسب مسؤولة العلاقات الخارجية بمكتب مفوضية الأمم المتحدة لشؤون اللاجئين في القاهرة، كريستين بشاي، التي قالت في تصريحات لـ«الشرق الأوسط» إن «السوريين المسجلين كلاجئين لدى المفوضية يتلقون خدماتهم بشكل طبيعي»، مشيرة إلى أنه «لا يوجد أي إجراءات حالية لمراجعة ملف اللاجئين المقيمين بمصر، تمهيداً لعودتهم».

وتعتقد بشاي أنه «من المبكر الحديث عن ملف العودة الطوعية للاجئين السوريين لبلادهم»، وأشارت إلى إفادة صادرة عن المفوضية العامة لشؤون اللاجئين مؤخراً، تدعو السوريين في الخارج لـ«التريث والصبر قبل اتخاذ قرار العودة لبلادهم».

وكانت مفوضية الأمم المتحدة لشؤون اللاجئين قد نصحت المهاجرين السوريين في الخارج «بضرورة التحلي بالصبر واليقظة، مع قضية العودة لديارهم». وقالت، في إفادة لها الأسبوع الماضي، إن «ملايين اللاجئين يواصلون تقييم الأوضاع قبل اتخاذ قرار العودة»، وأشارت إلى أن «الصبر ضروري، على أمل اتخاذ التطورات على الأرض منحى إيجابياً، ما يتيح العودة الطوعية والآمنة والمستدامة».

ووعدت المفوضية، في بيانها، بـ«مراقبة التطورات بسوريا، مع الانخراط مع مجتمعات اللاجئين، لدعم الدول في مجال العودة الطوعية والمنظمة، وإنهاء أزمة النزوح القسري الأكبر في العالم»، وأشارت في الوقت نفسه إلى أن «الاحتياجات الإغاثية داخل سوريا لا تزال هائلة، في ظل البنية التحتية المتهالكة، واعتماد أكثر من 90 في المائة من السكان على المساعدات الإنسانية».

وحسب مسؤولة العلاقات الخارجية بمكتب مفوضية اللاجئين في القاهرة، يمثل اللاجئون السوريون المسجلون لدى المفوضية نحو 17 في المائة من تعداد اللاجئين في مصر، بواقع 148 ألف لاجئ سوري، من نحو 863 ألف لاجئ من أكثر من 60 جنسية. ويأتي ترتيبهم الثاني بعد السودانيين.

وباعتقاد مدير عام مؤسسة «سوريا الغد»، ملهم الخن، (مؤسسة إغاثية معنية بدعم اللاجئين السوريين في مصر)، أن «قضية عودة المهاجرين ما زال يحيطها الغموض»، مشيراً إلى «وجود تخوفات من شرائح عديدة من الأسر السورية من التطورات الأمنية والسياسية الداخلية»، ورجّح «استمرار فترة عدم اليقين خلال الفترة الانتقالية الحالية، لنحو 3 أشهر، لحين وضوح الرؤية واستقرار الأوضاع».

ويفرق الخن، في تصريحات لـ«الشرق الأوسط»، بين 3 مواقف للمهاجرين السوريين في مصر، تجاه مسألة العودة لبلادهم، وقال إن «هناك فئة المستثمرين، وأصحاب الأعمال، وهؤلاء تحظى أوضاعهم باستقرار ولديهم إقامة قانونية، وفرص عودتهم ضئيلة».

والفئة الثانية، حسب الخن، «الشباب الهاربون من التجنيد الإجباري والمطلوبون أمنياً، وهؤلاء لديهم رغبة عاجلة للعودة، خصوصاً الذين تركوا أسرهم في سوريا»، أما الثالثة فتضم «العائلات السورية، وهؤلاء فرص تفكيرهم في العودة ضعيفة، نظراً لارتباط أغلبهم بتعليم أبنائهم في المدارس والجامعات المصرية، وفقدان عدد كبير منهم منازلهم بسوريا».

وارتبط الوجود السوري في مصر باستثمارات عديدة، أبرزها في مجال المطاعم التي انتشرت في مدن مصرية مختلفة.

ورأى كثير من مستخدمي مواقع «السوشيال ميديا» في مصر، أن التغيير في سوريا يمثّل فرصة لعودة السوريين لبلادهم، وتعددت التفاعلات التي تطالب بعودتهم مرة أخرى، وعدم استضافة أعداد جديدة بالبلاد.

وتتيح مفوضية الأمم المتحدة لشؤون اللاجئين، مساعدات لراغبي العودة الطوعية من اللاجئين، تشمل «التأكد من أن العودة تتم في ظروف آمنة، والتأكد من أن الأوضاع في البلد الأصلي آمنة»، إلى جانب «تقديم دعم نقدي لتغطية النفقات الأساسية والسفر»، حسب مكتب مفوضية اللاجئين في مصر.

ويرى مسؤول الائتلاف الوطني السوري، عادل الحلواني، (مقيم بمصر)، أن ملف عودة المهاجرين «ليس أولوية في الوقت الراهن»، مشيراً إلى أن «جميع السوريين يترقبون التطورات الداخلية في بلادهم، والهدف الأساسي هو عبور سوريا الفترة الانتقالية بشكل آمن»، معتبراً أنه «عندما يستشعر المهاجرون استقرار الأوضاع الداخلية، سيعودون طواعية».

وأوضح الحلواني، لـ«الشرق الأوسط»، أن «حالة الضبابية بالمشهد الداخلي، تدفع الكثيرين للتريث قبل العودة»، وقال إن «الشباب لديهم رغبة أكثر في العودة حالياً»، منوهاً بـ«وجود شريحة من المهاجرين صدرت بحقهم غرامات لمخالفة شروط الإقامة بمصر، وفي حاجة للدعم لإنهاء تلك المخالفات».

وتدعم السلطات المصرية «العودة الآمنة للاجئين السوريين إلى بلادهم»، وأشارت الخارجية المصرية، في إفادة لها الأسبوع الماضي، إلى أن «القاهرة ستواصل العمل مع الشركاء الإقليميين والدوليين لتقديم يد العون والعمل على إنهاء معاناة الشعب السوري الممتدة، وإعادة الإعمار، ودعم عودة اللاجئين، والتوصل للاستقرار الذي يستحقه الشعب السوري».