أبو حمزة المصري: «لندنستان» شكلت بوتقة المتطرفين من جميع أنحاء العالم

أجهش باكيا أمام محكمة نيويورك

رسم أبو حمزة المصري يدلي بإفادته أمام محكمة نيويورك أول من أمس (رويترز)
رسم أبو حمزة المصري يدلي بإفادته أمام محكمة نيويورك أول من أمس (رويترز)
TT

أبو حمزة المصري: «لندنستان» شكلت بوتقة المتطرفين من جميع أنحاء العالم

رسم أبو حمزة المصري يدلي بإفادته أمام محكمة نيويورك أول من أمس (رويترز)
رسم أبو حمزة المصري يدلي بإفادته أمام محكمة نيويورك أول من أمس (رويترز)

وصف الإمام البريطاني المتطرف أبو حمزة المصري العاصمة البريطانية لندن بأنها كانت بوتقة انصهار لجميع الأصوليين المتشددين والراديكاليين من جميع أنحاء العالم خلال تسعينات القرن الماضي، مشيرا إلى أنه أحب زعيم تنظيم القاعدة أسامة بن لادن. وذكرت صحيفة الـ«ديلي تلغراف» البريطانية أن أبو حمزة المصري وصف للمحلفين كيف كان يعمل على كبح جماح المتطرفين الإسلاميين خلال فترة وجودهم، فيما وصفه بأنه «لندنستان». ويحاكم الإمام المتطرف في نيويورك، واسمه الحقيقي مصطفى كمال مصطفى (56 عاما) من أصل مصري ومهندس سابق، بتهمة الخطف والإرهاب. ودفع ببراءته من التهم الـ11 الموجهة إليه، وكلها متعلقة بعمليات خطف سبقت اعتداءات الـ11 من سبتمبر (أيلول) 2001.
وفي حال ثبتت التهم الموجهة إليه، سيصدر حكم بسجنه مدى الحياة. وقال أبو حمزة المصري، الذي كان إماما لمسجد «فينسبري بارك»: «إنه عندما كان يأتي له الانتحاريون يريدون نصيحته، كان يرد بنصائح جيدة وطيبة، قبل أن يحاول إقناعهم بعواقب خططهم.
وردا على سؤال حول تأثير زعيم أسامة بن لادن في العاصمة البريطانية في ذلك الوقت، أجاب: «إنه رجل مشهور جدا. كثير من الناس يحبونه، بما في ذلك أنا». وأضاف: «كانت لندن مكانا جذابا جدا لأي منشق أو شخص كان في صراع مع أنظمته الحاكمة»، مشيرا إلى أنها كانت تدعى «لندنستان» في كل مكان.
وأشار إلى أنه أدار ناديا للعراة في لندن، عندما حاول في شبابه أن تكون حياته على النمط الغربي. وكشف الإمام البريطاني عن أن اهتمامه بالإسلام بدأ في عام 1982 بتأثير من زوجته البريطانية. وحصل على القرآن، وأقلع عن التدخين، وتوقف عن العمل في الملاهي الليلية خلال شهر رمضان. ودرس القرآن، وأعد تسعة كتب عن الإسلام، نشر منها خمسة، لتحسين لغته الإنجليزية.
وتحدث أبو حمزة المصري عن جهوده لدعم المسلمين في العالم، في ثاني يوم من إدلائه بشهادته، أول من أمس (الخميس)، بمحكمة في نيويورك، حيث يحاكم هناك بناء على اتهامات بالإرهاب. ويتهم مصطفى المعروف بخطبه المحملة بالكراهية، بمحاولة إنشاء معسكر لتدريب الإرهابيين في الولايات المتحدة، وكذلك التآمر في خطف سائحين باليمن عام 1998. وتجري محاكمته بناء على 11 تهمة تتعلق بالإرهاب والخطف.
وتحدث مصطفى عن عمله في أفغانستان وباكستان والبوسنة والجزائر، حيث قال: إنه ساعد منظمات غير حكومية تقوم بمساعدة المسلمين. وقال مصطفى، وهو مصري المولد وحاصل على الجنسية البريطانية، إنه عمل مهندسا مطلع التسعينات في أفغانستان لمساعدة المسلمين في إعادة بناء بلادهم بعد حرب طويلة مع الاحتلال السوفياتي.
وذكر أن دعمه للمجاهدين في أفغانستان نبع من لقائه برجل الدين عبد الله عزام، الذي أقنعه بأن القتال يكفي لمساعدة المسلمين الذين «يتعرضون لهولوكوست» تحت الحكم السوفياتي.
وقال مصطفى الذي يستخدم خطافين كيدين صناعتين إنه فقد ذراعيه وإحدى عينيه بينما كان يقوم ببناء طرق في باكستان مع الجيش، جراء انفجار مادة تستخدم في عمليات الإنشاء بشكل عارض في يديه. وبعد الحادث، عاد مصطفى إلى إنجلترا، وبدأ يعمل مع منظمات مساعدة المسلمين في البوسنة، حيث سافر إلى هناك ثلاث مرات، للمساعدة في تقديم مساعدات.
ومع بدء المسلمين في الجزائر النضال من أجل التغيير السياسي، قام مصطفى بتأسيس جماعة تسمى «أنصار الشريعة» نشرت كتبا ومقالات تفسر الصراعات في سياق نصوص دينية. يُذكر أن مصطفى الذي جرى تسليمه إلى الولايات المتحدة من بريطانيا عام 2012 بعد سبعة أعوام قضاها في السجن، بناء على اتهامات بالتحريض على الكراهية العنصرية، وإقناع أتباعه بقتل «الكفار»، يمكن أن يواجه السجن مدى الحياة في الولايات المتحدة، إذا أدانته هيئة محلفين مكونة من 12 شخصا.
وبدأت محاكمة أبو حمزة المصري في 17 أبريل (نيسان) الماضي، وستستمر نحو الشهر وتتعلق التهم الموجهة إليه بخطف 16 سائحا غربيا في اليمن، في عام 1998، وقتل أربعة منهم، وبالتآمر لإقامة معسكر للتدريب على غرار معسكرات تنظيم القاعدة في ولاية أوريغون الأميركية في أواخر عام 1999.



ما دلالة تصنيف باراغواي «الإخوان» تنظيماً «إرهابياً»؟

محاكمة عناصر من «الإخوان» في القاهرة يوليو 2018 (أ.ف.ب)
محاكمة عناصر من «الإخوان» في القاهرة يوليو 2018 (أ.ف.ب)
TT

ما دلالة تصنيف باراغواي «الإخوان» تنظيماً «إرهابياً»؟

محاكمة عناصر من «الإخوان» في القاهرة يوليو 2018 (أ.ف.ب)
محاكمة عناصر من «الإخوان» في القاهرة يوليو 2018 (أ.ف.ب)

دفع تصنيف باراغواي «الإخوان» تنظيماً «إرهابياً» إلى تساؤلات حول تأثير القرار على مستقبل التنظيم وعناصره. يأتي هذا في ظل تصاعد الصراع بين «قيادات (الإخوان) في الخارج» حول قيادة التنظيم. وقال باحثون في الحركات المتطرفة والإرهاب إن «قرار باراغواي أشار إلى ارتباط (الإخوان) بـ(تنظيمات الإرهاب)، وقد يدفع القرار دولاً أخرى إلى أن تتخذ قرارات مماثلة ضد التنظيم».
ووافقت اللجنة الدائمة بكونغرس باراغواي على «اعتبار (الإخوان) (تنظيماً إرهابياً) يهدد الأمن والاستقرار الدوليين، ويشكل انتهاكاً خطيراً لمقاصد ومبادئ الأمم المتحدة». جاء ذلك في مشروع قرار تقدمت به ليليان سامانيغو، رئيسة لجنة الشؤون الخارجية بالكونغرس المكوّن من 45 عضواً. وقال البرلمان في بيان نشره عبر موقعه الإلكتروني (مساء الخميس) إن «تنظيم (الإخوان) الذي تأسس في مصر عام 1928، يقدم المساعدة الآيديولوجية لمن يستخدم (العنف) ويهدد الاستقرار والأمن في كل من الشرق والغرب». وأضاف البيان أن «باراغواي ترفض رفضاً قاطعاً جميع الأعمال والأساليب والممارسات (الإرهابية)».
ووفق تقارير محلية في باراغواي، فإن باراغواي رأت في وقت سابق أن «(حزب الله)، و(القاعدة)، و(داعش) وغيرها، منظمات (إرهابية)، في إطار مشاركتها في الحرب على (الإرهاب)». وقالت التقارير إن «تصنيف (الإخوان) من شأنه أن يحدّ من قدرة هذه الجماعات على التخطيط لهجمات (إرهابية) وزعزعة استقرار الدول». كما تحدثت التقارير عن دول أخرى أقرت خطوات مماثلة ضد «الإخوان» من بينها، روسيا، والمملكة العربية السعودية، ومصر، والإمارات، والبحرين.
وتصنف دول عربية عدة «الإخوان» تنظيماً «إرهابياً». وعدّت هيئة كبار العلماء في المملكة العربية السعودية التنظيم «جماعة إرهابية منحرفة» لا تمثل منهج الإسلام. وذكرت الهيئة في بيان لها، نوفمبر (تشرين الثاني) عام 2020، أن «(الإخوان) جماعة إرهابية لا تمثل منهج الإسلام وإنما تتبع أهدافها الحزبية المخالفة لهدي ديننا الحنيف، وتتستر بالدين وتمارس ما يخالفه من الفُرقة، وإثارة الفتنة، والعنف، والإرهاب». وحذّرت حينها من «الانتماء إلى (الإخوان) أو التعاطف مع التنظيم».
كذلك أكد مجلس الإمارات للإفتاء الشرعي أن كل مجموعة أو تنظيم يسعى للفتنة أو يمارس العنف أو يحرّض عليه، هو تنظيم إرهابي مهما كان اسمه أو دعوته، معتبراً «(الإخوان) تنظيماً (إرهابياً)».
وتحظر الحكومة المصرية «الإخوان» منذ عام 2014، وقد عدّته «تنظيماً إرهابياً». ويخضع مئات من قادة وأنصار التنظيم حالياً، وعلى رأسهم المرشد العام محمد بديع، لمحاكمات في قضايا يتعلق معظمها بـ«التحريض على العنف»، صدرت في بعضها أحكام بالإعدام، والسجن «المشدد والمؤبد».
وحسب الباحث المصري المتخصص في شؤون الحركات المتطرفة والإرهاب الدولي، منير أديب، فإن «تصنيف باراغواي (الإخوان) يؤكد الاتهامات التي توجَّه إلى التنظيم، بأن تنظيمات العنف خرجت من رحم (الإخوان)، أو أنها نهلت من أفكار التنظيم»، لافتاً إلى أن «قرار باراغواي أشار إلى أن (الإخوان) وفّر الحماية لتنظيمات التطرف التي نشأت في الشرق والغرب». وأضاف لـ«الشرق الأوسط» أن «قرار بعض الدول العربية في وقت سابق حظر (الإخوان) يعود إلى أمرين؛ الأول أن التنظيم مارس العنف، والآخر أن التنظيم وفّر الحماية لجماعات الإرهاب».
وفي وقت سابق أكدت وزارة الأوقاف المصرية «حُرمة الانضمام لـ(الإخوان)»، مشيرةً إلى أن التنظيم يمثل «الخطر الأكبر على الأمن القومي العربي». وفي فبراير (شباط) 2022 قالت دار الإفتاء المصرية إن «جميع الجماعات الإرهابية خرجت من عباءة (الإخوان)». وفي مايو (أيار) الماضي، قام مفتي مصر شوقي علام، بتوزيع تقرير «موثق» باللغة الإنجليزية على أعضاء البرلمان البريطاني يكشف منهج «الإخوان» منذ نشأة التنظيم وارتباطه بـ«التنظيمات الإرهابية». وقدم التقرير كثيراً من الأدلة على علاقة «الإخوان» بـ«داعش» و«القاعدة»، وانضمام عدد كبير من أعضاء «الإخوان» لصفوف «داعش» عقب عزل محمد مرسي عن السلطة في مصر عام 2013، كما لفت إلى أذرع «الإخوان» من الحركات المسلحة مثل «لواء الثورة» و«حسم».
وحول تأثير قرار تصنيف باراغواي «الإخوان» على «قيادات التنظيم في الخارج»، أكد الباحث المصري المتخصص في شؤون الحركات المتطرفة والإرهاب الدولي، أن «قرار باراغواي سوف يؤثر بالقطع على عناصر التنظيم في الخارج، لأن التنظيم يزعم أنه ينتشر في دول كثيرة حول العالم، ومثل هذا القرار يؤثر على عناصر (الإخوان) الموجودة في باراغواي وفي الدول المجاورة لها، كما أن القرار قد يدفع دولاً أخرى إلى اتخاذ قرار مماثل ضد (الإخوان)».
يأتي قرار باراغواي في وقت يتواصل الصراع بين «قيادات الإخوان في الخارج» حول منصب القائم بأعمال مرشد التنظيم. ويرى مراقبون أن «محاولات الصلح بين جبهتي (لندن) و(إسطنبول) لحسم الخلافات لم تنجح لعدم وجود توافق حول ملامح مستقبل التنظيم». والصراع بين جبهتي «لندن» و«إسطنبول» على منصب القائم بأعمال المرشد، سبقته خلافات كثيرة خلال الأشهر الماضية، عقب قيام إبراهيم منير، القائم بأعمال مرشد «الإخوان» السابق، بحلّ المكتب الإداري لشؤون التنظيم في تركيا، وقيامه بتشكيل «هيئة عليا» بديلة عن «مكتب إرشاد الإخوان». وتبع ذلك تشكيل «جبهة لندن»، «مجلس شورى» جديداً، وإعفاء أعضاء «مجلس شورى إسطنبول» الستة، ومحمود حسين (الذي يقود «جبهة إسطنبول»)، من مناصبهم.