قدم رئيس وفد «الهيئة التفاوضية العليا» السورية المعارضة نصر الحريري في نهاية الجولة السادسة من مفاوضات جنيف نهاية الأسبوع الماضي 3 وثائق تتعلق بالمساعدات الإنسانية والمعتقلين و«مخاطر» الدور الإيراني في سوريا.
وهذه هي الوثيقة التي حصلت «الشرق الأوسط» على نصها:
منذ اليوم الأول للثورة السورية، كانت هناك حسابات استراتيجية لإيران جعلتها تقف إلى جانب نظام بشار الأسد وتغطي على جرائمه، حتى وصل الأمر إلى انخراطها بشكل مباشر في تلك الجرائم. وكان لدخول إيران وحزب الله بكامل ثقلهما في سوريا تأثير كبير على الوضع الجيواستراتيجي والديموغرافي، ذلك أن دعم إيران غير المحدود للنظام المستمر في مجازره واستخدام المذهبية ورقة لدعم عسكري ولّد وقوّى التطرف في سوريا.
إن الوجود الإيراني في سوريا، جاء بقرار سياسي - استراتيجي من أعلى سلطة في إيران، هي «مرشد الثورة الإيرانية» علي خامنئي الذي قام بتعيين أكثر القادة العقائديين المقربين منه لإدارة العمليات العسكرية في العمق السوري. ولم تقتصر مهمات هؤلاء القادة على تنفيذ الأجندات العسكرية العملياتية، بل شملت تأسيس مراكز وقواعد عسكرية ثابتة تحل محل مراكز وقطعات النظام العسكرية.وبناءً على ذلك، تم تأسيس فيالق وقطعات عسكرية مثل «فيلق القدس للحرس الثوري الإيراني» الذي يقوم بعمليات قتالية خارج الحدود الإقليمية، والقوات البرية للحرس الثوري الإيراني والقوات البحرية والجوية مثل «ثكنة إمام علي» و«ثكنة لوشان» و«ثكنة بادينة» و«ثكنة بازوكي» و«ثكنة شهريار»، إضافة إلى مقرات أخرى.
إن الوجود الإيراني في سوريا، جاء محاولة لزرع الفتنة الطائفية في سوريا والإفادة من المساحة الجغرافية الغنية بالموارد الاقتصادية كالنفط والغاز والزراعة والمياه والمعابر البرية والبحرية. وقامت إيران بعمليات حصار للمناطق التي لا تدين بولاء طائفي لها وتوجد في مناطق مختلفة أو مناطق مجاورة للعاصمة التي تمثل الشرعية القانونية للنظام. هذا الحصار بدأ في حمص (وسط سوريا) وريفها لأهمية موقعها الاستراتيجي الذي يربط بين مختلف المناطق السورية، حيث تمت عمليات تطهير عرقي في تلك المناطق، وتكرر الأمر في الزبداني ومضايا وداريا (بين دمشق وحدود لبنان)، نظراً لأهمية هذه المناطق وموقعها الاستراتيجي من العاصمة.
عملت إيران من خلال وجودها في سوريا على رسم ملامح ما يسمى «سوريا المفيدة» منذ بدء معركة القصير في ريف حمص التي تشكل أهمية بالغة لها، نظراً لأنها تعد جسراً لميليشياتها «حزب الله» في لبنان، ومن خلال هذا الوجود ستعمل إيران على السيطرة في شكل كامل على سوريا تنفيذاً لمخططها التوسعي ضمن خطة عملت على تحقيقها منذ اليوم الأول الذي اتخذت فيه قرار التدخل في سوريا، ولا توجد لديها نيات لتغيير هذه الخطة ما لم يمارس عليها ضغط ما لثنيها عن ذلك، بسبب الأموال السياسية والدعم البشري الذي بذلته على تحقيق هذا الأمر.
وفي ظل ما تقوم به إيران من عمليات تطهير عرقي وعمليات ممنهجة للتغيير الديموغرافي، يمكننا القول إنه قد تتسع الانقسامات الطائفية وقد يتحول مزيد من السنة نحو جماعات متطرفة تهدد بحلول أكثر دموية، أي إن هناك رابطاً بين التطرف الشيعي والتطرف السني. لولا وجود التطرف الشيعي في المنطقة لما كان هنالك تطرف سني. والوجود الإيراني في سوريا هو المغذي والمسبب والمحرض الأول على العمليات الإرهابية داخل سوريا.
وكإجراء يتماهى مع ما سبق ذكره، صدرت مذكرة عسكرية من قيادة جيش النظام في 6 أبريل (نيسان) الماضي تضمنت مقترحات تمت الموافقة عليها من رأس النظام بخصوص تشكيل فرق تلتحق بالقوات الإيرانية تقاتل إلى جانب قوات الأسد وتحمل اسم «أفواج للدفاع المحلي في المحافظات». ولا يخفى على أحد أن هذا النوع من الميليشيات هو لزيادة التوغل الإيراني في الداخل السوري وتنمية وتغذية الإرهاب في المنطقة. بالتالي يمكننا القول إن لوجود إيران في سوريا أهدافاً استراتيجية تتمثل في اتساع نفوذها في الشرق الأوسط وتأمين طريق الإمدادات لذراعها «حزب الله» في لبنان، إضافة إلى تأمين منفذ دائم على البحر المتوسط، لكن صراعاً على هذا الوجود بات يلوح في الأفق بين إيران وروسيا نتيجة شعور إيران بأنه تم استخدامها في أكثر من موقع من قبل الروس، وخصوصاً في حلب.
لا شك أن الوجود الإيراني يشكل «بيضة القبان» للهيمنة على المنطقة برمتها، إذ باتت الآن من خلال ذلك تسيطر على الحياة السياسية في العراق وتصادر القرار السياسي في لبنان من خلال دعم مباشر لميليشيات «حزب الله» التي تفوقت عسكرياً على الجيش اللبناني نفسه، كما استولت على مناطق واسعة في اليمن من خلال جماعات الحوثي قبل تدخل التحالف لكبح جماح ذلك، كما برر الإيرانيون وجودهم في سوريا بأنه من أجل حماية «الدولة» من الانهيار كيلا يحصل في سوريا ما حصل في ليبيا، وأنهم أيضاً أتوا لحماية المزارات والأضرحة المقدسة، لكن سرعان ما تحولت تلك المؤازرة إلى احتلال تم ويتم ترسيخه بآليات آيديولوجية وديموغرافية وطبعاً قبل كل ذلك عسكرية، هذا بالإضافة إلى أن الإيرانيين يهدفون أيضاً إلى تحقيق مشروع استراتيجي بتأمين ممر بري يخترق العراق في نقطة الحدود مع سوريا ثم شمال شرقي سوريا إلى حلب وحمص وينتهي بميناء جبلة على البحر المتوسط، وهذا الممر يثبت أقدام الإيرانيين في المنطقة، ومن الممكن أن ينقل الوجود الإيراني إلى أراضٍ عربية أخرى.
لذلك نحتفظ بحق السوريين لملاحقة إيران نظاماً وأفراداً بجرائم الحرب والجرائم ضد الإنسانية التي ارتكبتها في سوريا.
ورقة للمعارضة السورية توثق «الاحتلال الإيراني»... والتنافس مع الوجود الروسي
«الشرق الأوسط» تنشر نص مذكرة قدمتها «الهيئة العليا» إلى دي ميستورا في جنيف
ورقة للمعارضة السورية توثق «الاحتلال الإيراني»... والتنافس مع الوجود الروسي
لم تشترك بعد
انشئ حساباً خاصاً بك لتحصل على أخبار مخصصة لك ولتتمتع بخاصية حفظ المقالات وتتلقى نشراتنا البريدية المتنوعة