أبو حمزة المصري يدفع ببراءته أمام محكمة في نيويورك

يواجه السجن مدى الحياة * محاميه كشف عن تعاونه مع أجهزة الاستخبارات البريطانية «إم آي 5»

رسم تخيلي لمحاكمة أبو حمزة المصري وهو يدلي بشهادته في مانهاتن بنيويورك أول من أمس (رويترز)
رسم تخيلي لمحاكمة أبو حمزة المصري وهو يدلي بشهادته في مانهاتن بنيويورك أول من أمس (رويترز)
TT

أبو حمزة المصري يدفع ببراءته أمام محكمة في نيويورك

رسم تخيلي لمحاكمة أبو حمزة المصري وهو يدلي بشهادته في مانهاتن بنيويورك أول من أمس (رويترز)
رسم تخيلي لمحاكمة أبو حمزة المصري وهو يدلي بشهادته في مانهاتن بنيويورك أول من أمس (رويترز)

نفى الداعية الإسلامي المتطرف مصطفى كمال مصطفى، المعروف باسم أبو حمزة المصري، أول من أمس، جميع الاتهامات المنسوبة إليه، وتتعلق بالإرهاب والخطف، وذلك أثناء محاكمة في نيويورك. ويتهم أبو حمزة (55 عاما) بمحاولة إنشاء معسكر تدريب إرهابي في الولايات المتحدة، وكذلك بالتآمر على خطف سائحين عام 1998 من بينهم مواطنون أميركيون باليمن، وهي واقعة أسفرت عن مقتل ثلاثة بريطانيين وأسترالي. وسألت القاضية كاثرين فورست المتهم حول ما إذا كان مستعدا لقول الحقيقة بعدما أدى القسم. وقال مصطفى الذي فقد ذراعيه وعينه اليسرى في انفجار بأفغانستان: «أنا لست غريبا على السجن. إذا كانت حريتي ستأتي على حساب كرامتي ومعتقداتي، فإنني لا أريدها». وجرى تسليم مصطفى في 2012 إلى الولايات المتحدة من بريطانيا، حيث قضى هناك سبعة أعوام في السجن بناء على اتهامات بالتحريض على الكراهية العنصرية وإقناع أتباعه بقتل «الكفار». وأدلى الكثير من الشهود بشهادتهم في محاكمة مصطفى في أسبوعها الرابع. وقدم ادعاء الحكومة الكثير من الوثائق وتسجيلات الصوت والفيديو كدليل في هذه القضية.
ويمكن أن يواجه مصطفى، وهو أب لتسعة أطفال، وتزوج ثلاث مرات، السجن مدى الحياة إذا أدين من جانب هيئة محلفين من 12 عضوا.
ومثل هذا المهندس السابق المولود في مصر للمرة الأولى أمام المحكمة وارتدى زيا رياضيا وتحدث بصوت منخفض. وأثار أبو حمزة ضحك المحلفين عندما أعطى نصائح زوجية قائلا، إن «من الغباء» أن يقول رجل لزوجته إنه لا يحبها. وأضاف أبو حمزة، أن الرجل يمكن أن يغير رأيه عدة مرات. وقال بلهجة الواعظ: «قد يحبها لاحقا أو ربما هي الشخص الأمثل له».
وتابع أن دراساته الهندسية شملت مركز التجارة العالمي الذي دمر في اعتداءات 11 سبتمبر (أيلول) والتي أشاد بها، بالإضافة إلى تأثير «التفجيرات» وأعمال الهدم والتي استفاد منها لاحقا في حياته. وقال أبو حمزة، إنه انتقل للإقامة في بريطانيا في 1979 عندما كان في الـ21؛ لأنه تطلع إلى «حياة على النمط الغربي أو الأميركي».
وأضاف أنه أراد تحقيق أحلامه «كما في الأفلام»، بعد أن نشأ في الإسكندرية التي قال إنها «قريبة جدا من إيطاليا» ومعتادة على الأجانب. وفي لندن، عمل في مجالات عدة من بينها عامل استقبال في أحد الفنادق وحارس في حي سوهو في بريطانيا، كما «شارك في إدارة ناد للتعري». وقال: «أردت أن أجني المال وأن أستمتع»، ولاحقا تبين له أن هذه الأعمال «ليست أخلاقية».
وأضاف أنه نال شهادة في الهندسة المدنية بعد أن جمع ما يكفي من المال. وعمل بعد ذلك متعاقدا في أكاديمية ساندهيرست العسكرية، ولفت إلى أن الأمير هاري تدرب هناك.
ونسب اهتمامه الأول بالدين الإسلامي في 1982 إلى زوجته البريطانية التي «كانت تريد اعتناق الدين بأي شكل» كوسيلة حتى يمضي الزوجان مزيدا من الوقت معا. وتابع أنهما اشتريا نسخة من القرآن باللغة الإنجليزية وأقلعا عن التدخين. وتوقف خلال شهر رمضان عن ارتياد النوادي الليلية وتبين له أنه «راق له ذلك». ومع أنه قال إن الكذب مسموح به في الإسلام في بعض الحالات، إلا أنه نفى أن يكذب أمام المحكمة. وقال: «السجن ليس جديدا عليّ. إذا كان ثمن الحرية كرامتي فلا أريدها».
وأدين أبو حمزة في 2004 في الولايات المتحدة وأوقف في بريطانيا، حيث أمضى ثماني سنوات في السجن قبل أن يرحل منها في 2012 بعد معركة مع القضاء. من ناحيته، كشف محامي أبو حمزة المصري عن أن موكله تعاون بشكل سري مع أجهزة الاستخبارات الداخلية البريطانية «إم آي 5» وقدم نصائح لشرطة أسكوتلانديارد بشأن أنشطة الإرهابيين قبل إدانته بتهمة التحريض على القتل.
ونقلت صحيفة «التايمز» البريطانية عن جوشوا دراتل قوله، إن وثائق من شرطة أسكوتلانديارد تكشف عن أن أبو حمزة كان في «حوار مستمر مع قوات الأمن البريطانية»، وأنهم طلبوا مساعدته في عمليات مكافحة الإرهاب، ولجأوا له «للحفاظ على شوارع لندن آمنة»، عندما كان إماما لمسجد فينسبوري بارك». ولم توافق القاضية الأميركية على عرض فريق الدفاع الوثائق التي حصل عليها من أسكوتلانديارد» والتي يظهر منها أن أبو حمزة قام بمهام محددة بطلب من أسكوتلانديارد وجهاز الأمن الداخلي من أجل كبح جماح أتباعه وجعل الشارع البريطاني أكثر أمنا. وقال محاموه إن لديهم 50 صفحة من وثائق أسكوتلانديارد تثبت أنه قد ساعد بريطانيا على تقييد أتباعه في أوقات التوتر بين مايو (أيار) 1997 وأغسطس (آب) 2000.



ما دلالة تصنيف باراغواي «الإخوان» تنظيماً «إرهابياً»؟

محاكمة عناصر من «الإخوان» في القاهرة يوليو 2018 (أ.ف.ب)
محاكمة عناصر من «الإخوان» في القاهرة يوليو 2018 (أ.ف.ب)
TT

ما دلالة تصنيف باراغواي «الإخوان» تنظيماً «إرهابياً»؟

محاكمة عناصر من «الإخوان» في القاهرة يوليو 2018 (أ.ف.ب)
محاكمة عناصر من «الإخوان» في القاهرة يوليو 2018 (أ.ف.ب)

دفع تصنيف باراغواي «الإخوان» تنظيماً «إرهابياً» إلى تساؤلات حول تأثير القرار على مستقبل التنظيم وعناصره. يأتي هذا في ظل تصاعد الصراع بين «قيادات (الإخوان) في الخارج» حول قيادة التنظيم. وقال باحثون في الحركات المتطرفة والإرهاب إن «قرار باراغواي أشار إلى ارتباط (الإخوان) بـ(تنظيمات الإرهاب)، وقد يدفع القرار دولاً أخرى إلى أن تتخذ قرارات مماثلة ضد التنظيم».
ووافقت اللجنة الدائمة بكونغرس باراغواي على «اعتبار (الإخوان) (تنظيماً إرهابياً) يهدد الأمن والاستقرار الدوليين، ويشكل انتهاكاً خطيراً لمقاصد ومبادئ الأمم المتحدة». جاء ذلك في مشروع قرار تقدمت به ليليان سامانيغو، رئيسة لجنة الشؤون الخارجية بالكونغرس المكوّن من 45 عضواً. وقال البرلمان في بيان نشره عبر موقعه الإلكتروني (مساء الخميس) إن «تنظيم (الإخوان) الذي تأسس في مصر عام 1928، يقدم المساعدة الآيديولوجية لمن يستخدم (العنف) ويهدد الاستقرار والأمن في كل من الشرق والغرب». وأضاف البيان أن «باراغواي ترفض رفضاً قاطعاً جميع الأعمال والأساليب والممارسات (الإرهابية)».
ووفق تقارير محلية في باراغواي، فإن باراغواي رأت في وقت سابق أن «(حزب الله)، و(القاعدة)، و(داعش) وغيرها، منظمات (إرهابية)، في إطار مشاركتها في الحرب على (الإرهاب)». وقالت التقارير إن «تصنيف (الإخوان) من شأنه أن يحدّ من قدرة هذه الجماعات على التخطيط لهجمات (إرهابية) وزعزعة استقرار الدول». كما تحدثت التقارير عن دول أخرى أقرت خطوات مماثلة ضد «الإخوان» من بينها، روسيا، والمملكة العربية السعودية، ومصر، والإمارات، والبحرين.
وتصنف دول عربية عدة «الإخوان» تنظيماً «إرهابياً». وعدّت هيئة كبار العلماء في المملكة العربية السعودية التنظيم «جماعة إرهابية منحرفة» لا تمثل منهج الإسلام. وذكرت الهيئة في بيان لها، نوفمبر (تشرين الثاني) عام 2020، أن «(الإخوان) جماعة إرهابية لا تمثل منهج الإسلام وإنما تتبع أهدافها الحزبية المخالفة لهدي ديننا الحنيف، وتتستر بالدين وتمارس ما يخالفه من الفُرقة، وإثارة الفتنة، والعنف، والإرهاب». وحذّرت حينها من «الانتماء إلى (الإخوان) أو التعاطف مع التنظيم».
كذلك أكد مجلس الإمارات للإفتاء الشرعي أن كل مجموعة أو تنظيم يسعى للفتنة أو يمارس العنف أو يحرّض عليه، هو تنظيم إرهابي مهما كان اسمه أو دعوته، معتبراً «(الإخوان) تنظيماً (إرهابياً)».
وتحظر الحكومة المصرية «الإخوان» منذ عام 2014، وقد عدّته «تنظيماً إرهابياً». ويخضع مئات من قادة وأنصار التنظيم حالياً، وعلى رأسهم المرشد العام محمد بديع، لمحاكمات في قضايا يتعلق معظمها بـ«التحريض على العنف»، صدرت في بعضها أحكام بالإعدام، والسجن «المشدد والمؤبد».
وحسب الباحث المصري المتخصص في شؤون الحركات المتطرفة والإرهاب الدولي، منير أديب، فإن «تصنيف باراغواي (الإخوان) يؤكد الاتهامات التي توجَّه إلى التنظيم، بأن تنظيمات العنف خرجت من رحم (الإخوان)، أو أنها نهلت من أفكار التنظيم»، لافتاً إلى أن «قرار باراغواي أشار إلى أن (الإخوان) وفّر الحماية لتنظيمات التطرف التي نشأت في الشرق والغرب». وأضاف لـ«الشرق الأوسط» أن «قرار بعض الدول العربية في وقت سابق حظر (الإخوان) يعود إلى أمرين؛ الأول أن التنظيم مارس العنف، والآخر أن التنظيم وفّر الحماية لجماعات الإرهاب».
وفي وقت سابق أكدت وزارة الأوقاف المصرية «حُرمة الانضمام لـ(الإخوان)»، مشيرةً إلى أن التنظيم يمثل «الخطر الأكبر على الأمن القومي العربي». وفي فبراير (شباط) 2022 قالت دار الإفتاء المصرية إن «جميع الجماعات الإرهابية خرجت من عباءة (الإخوان)». وفي مايو (أيار) الماضي، قام مفتي مصر شوقي علام، بتوزيع تقرير «موثق» باللغة الإنجليزية على أعضاء البرلمان البريطاني يكشف منهج «الإخوان» منذ نشأة التنظيم وارتباطه بـ«التنظيمات الإرهابية». وقدم التقرير كثيراً من الأدلة على علاقة «الإخوان» بـ«داعش» و«القاعدة»، وانضمام عدد كبير من أعضاء «الإخوان» لصفوف «داعش» عقب عزل محمد مرسي عن السلطة في مصر عام 2013، كما لفت إلى أذرع «الإخوان» من الحركات المسلحة مثل «لواء الثورة» و«حسم».
وحول تأثير قرار تصنيف باراغواي «الإخوان» على «قيادات التنظيم في الخارج»، أكد الباحث المصري المتخصص في شؤون الحركات المتطرفة والإرهاب الدولي، أن «قرار باراغواي سوف يؤثر بالقطع على عناصر التنظيم في الخارج، لأن التنظيم يزعم أنه ينتشر في دول كثيرة حول العالم، ومثل هذا القرار يؤثر على عناصر (الإخوان) الموجودة في باراغواي وفي الدول المجاورة لها، كما أن القرار قد يدفع دولاً أخرى إلى اتخاذ قرار مماثل ضد (الإخوان)».
يأتي قرار باراغواي في وقت يتواصل الصراع بين «قيادات الإخوان في الخارج» حول منصب القائم بأعمال مرشد التنظيم. ويرى مراقبون أن «محاولات الصلح بين جبهتي (لندن) و(إسطنبول) لحسم الخلافات لم تنجح لعدم وجود توافق حول ملامح مستقبل التنظيم». والصراع بين جبهتي «لندن» و«إسطنبول» على منصب القائم بأعمال المرشد، سبقته خلافات كثيرة خلال الأشهر الماضية، عقب قيام إبراهيم منير، القائم بأعمال مرشد «الإخوان» السابق، بحلّ المكتب الإداري لشؤون التنظيم في تركيا، وقيامه بتشكيل «هيئة عليا» بديلة عن «مكتب إرشاد الإخوان». وتبع ذلك تشكيل «جبهة لندن»، «مجلس شورى» جديداً، وإعفاء أعضاء «مجلس شورى إسطنبول» الستة، ومحمود حسين (الذي يقود «جبهة إسطنبول»)، من مناصبهم.