إقرار مبدئي لمشروع قانون «يهودية الدولة»

العرب في إسرائيل يعتبرونه «إعلان حرب» على وجودهم ويدعون إلى إجراءات ضده

عناصر من حرس الحدود الإسرائيلي قرب «بوابة دمشق» في القدس القديمة حيث قتلت الشرطة أمس فلسطينية اتهمتها بمحاولة طعن شرطي (أ.ف.ب)
عناصر من حرس الحدود الإسرائيلي قرب «بوابة دمشق» في القدس القديمة حيث قتلت الشرطة أمس فلسطينية اتهمتها بمحاولة طعن شرطي (أ.ف.ب)
TT

إقرار مبدئي لمشروع قانون «يهودية الدولة»

عناصر من حرس الحدود الإسرائيلي قرب «بوابة دمشق» في القدس القديمة حيث قتلت الشرطة أمس فلسطينية اتهمتها بمحاولة طعن شرطي (أ.ف.ب)
عناصر من حرس الحدود الإسرائيلي قرب «بوابة دمشق» في القدس القديمة حيث قتلت الشرطة أمس فلسطينية اتهمتها بمحاولة طعن شرطي (أ.ف.ب)

صادقت اللجنة الوزارية للتشريع في الحكومة الإسرائيلية، أمس، على النص الجديد لـ«قانون القومية» الذي طرحه غلاة المتطرفين في اليمين، وينص على «يهودية الدولة». وينتظر أن يعود القانون إلى الكنيست (البرلمان) للتصويت عليه بالقراءة التمهيدية، قبل أن يحال مجدداً إلى اللجنة الوزارية لمناقشته.
وينص اقتراح القانون الجديد، الذي عرضه الرئيس الأسبق لجهاز المخابرات العامة (شاباك) عضو الكنيست عن حزب «الليكود» آفي ديختر، على أن «دولة إسرائيل هي البيت القومي للشعب اليهودي»، وأن «حق تقرير المصير في دولة إسرائيل يقتصر على الشعب اليهودي».
كما يعتبر أن «لغة الدولة هي اللغة العبرية»، ليخفض بذلك مكانة اللغة العربية من «لغة رسمية ثانية» إلى «لغة لها مكانة خاصة في الدولة، وللمتحدثين بها حق الوصول اللغوي لخدمات الدولة». وخلافاً للنص السابق، لا يُخضع النص الجديد النظام الديمقراطي في إسرائيل للطابع اليهودي للدولة.
ويثبت بند آخر في المشروع النشيد القومي والعلم والرمز الرسمي لإسرائيل. ويحدد أن «كل مواطن إسرائيلي، من دون فارق في الدين أو العرق، يحق له العمل من أجل الحفاظ على ثقافته وميراثه ولغته وهويته»، وأنه «يحق للدولة السماح لجمهور معين، خصوصاً أبناء الديانات أو القوميات الأخرى، بإقامة بلدات طائفية منفصلة».
وكان الائتلاف الحكومي حاول في البرلمان السابق دفع اقتراحين لـ«قانون القومية»، الأول عرضه «البيت اليهودي» وجناح الصقور في «الليكود»، ويطالب بتفضيل «الطابع اليهودي للدولة» على الطابع الديمقراطي في قرارات المحكمة العليا، وبالتالي تغيير الطابع الذي أملى سلسلة من قرارات القضاة. أما الصيغة الثانية التي دفعها رئيس الوزراء بنيامين نتنياهو، فتهدف إلى التصريح بأن دولة إسرائيل هي «دولة قومية للشعب اليهودي».
وسعى نتنياهو من خلال ذلك إلى تشريع مطالبته السلطة الفلسطينية بالاعتراف بإسرائيل دولة يهودية، شرطاً للعودة إلى المفاوضات. وبسبب الخلافات داخل الائتلاف على صيغة القانون، كُلف، مع تشكيل الحكومة الحالية، طاقم برئاسة رئيس الائتلاف آنذاك تساحي هنغبي، بإعداد نص توافقي. لكن الطاقم فشل في مهمته. وفي يناير (كانون الثاني)، قررت اللجنة الوزارية تأجيل التصويت على نص معدل للقانون، أعده النائب بيني بيغن، كي تجد نصاً توافق عليه كل الأحزاب.
وحظي اقتراح بيغن في حينه بتأييد من اليمين واليسار، ونص على أن إسرائيل «دولة قومية للشعب اليهودي، لكنها تضمن المساواة في الحقوق لكل مواطنيها»، وهو مصطلح لم يظهر حتى الآن في أي قانون إسرائيلي. وحسب اقتراح بيغن يكون النظام في إسرائيل ديمقراطياً، وهي مسألة ليست واردة في وثيقة الاستقلال. لذلك، بادر ديختر إلى النص الجديد.
يذكر أن ديختر كان هو من وضع النص الأصلي الذي قدم للمرة الأولى قبل ولايتين في الكنيست. ووقّع على النص الجديد لاقتراح القانون 13 نائباً آخرون من الائتلاف الحكومي.
ويثير هذا القانون معارضة واسعة في صفوف القوى الديمقراطية في إسرائيل، وكذلك في صفوف المواطنين العرب (فلسطينيي 48). وعبّر «المعهد الإسرائيلي للديمقراطية» عن غضبه من هذه الصيغة، ووصفها بأنها «انتهاك للتوازن الدقيق في التشريع بين المركب اليهودي والمركب الديمقراطي. وهي صيغة تهدد طابع الدولة».
ورفضت «القائمة المشتركة» العربية هذا المشروع. وقال رئيس الكتلة البرلمانية للقائمة النائب جمال زحالقة إن هذا القانون بمثابة «إعلان حرب على المواطنين الفلسطينيين في إسرائيل، إذ يعطي مظلة واسعة للتمييز العنصري في مجالات الحياة كافة، وليس في مجال واحد أو مجالات محددة، ويمنح شرعية بالقانون لنوعين من المواطنة؛ واحدة لليهود وأخرى للعرب الفلسطينيين أصحاب البلاد الأصليين».
وأضاف أن «هذه نسخة من قوانين الفصل العنصري في جنوب أفريقيا، وهو قانون أبارتايد، ودليل دامغ على طبيعة النظام الإسرائيلي الذي وإن اختلف في بعض جوانبه عن نظام أبارتايد البائد، فهو بالتأكيد من العائلة نفسها». ووصف إقرار القانون في اللجنة الوزارية بأنه «عيد للعنصرية والعنصريين، وسقوط لقناع الديمقراطية الذي تعمل إسرائيل بواسطته لتغطية حقيقة النظام الإسرائيلي الكولونيالي العنصري».
ودعا زحالقة إلى حملة مضادة للقانون تشمل التوجه إلى المؤسسات الدولية والسفارات الأجنبية وتشكيل أوسع تحالف ضده في البرلمان وخارجه، إضافة إلى تنظيم خطوات احتجاجية للتصدي له. ورأى أن «على العالم أن يعرف أننا في حالة (أقلية في خطر)، وبحاجة إلى حماية دولية للذود عن وجودنا وعن حقوقنا في وجه طغيان الأغلبية وقوانينها التي تمنح الشرعية وتفتح الباب للعنصرية».
وقال النائب طلب أبو عرار إن «قانون القومية هو عصارة حقد وكراهية وعنصرية الحكومة الفاشية الإسرائيلية، كما أنه مخالف للأسس الديمقراطية ومخالف للقوانين الدولية. وستكون له تبعات سلبية داخلية على الصعيد السياسي والاجتماعي والثقافي والإقليمي، وعلى عمليات السلام المزعومة وكذلك على العلاقات بين العرب واليهود، وسيكون هذا الإقرار طريقاً لسن قوانين تنافسية أكثر عنصرية وحقداً ضد العرب، وعليه، فإن حكومة الكراهية ستتحمل تبعات هذا العمل المشين».



«هدنة غزة» تقترب وسط جولات مكوكية وحديث عن «تنازلات»

دخان القصف الإسرائيلي فوق بيت ياحون بقطاع غزة الخميس (رويترز)
دخان القصف الإسرائيلي فوق بيت ياحون بقطاع غزة الخميس (رويترز)
TT

«هدنة غزة» تقترب وسط جولات مكوكية وحديث عن «تنازلات»

دخان القصف الإسرائيلي فوق بيت ياحون بقطاع غزة الخميس (رويترز)
دخان القصف الإسرائيلي فوق بيت ياحون بقطاع غزة الخميس (رويترز)

وسط حديث عن «تنازلات» وجولات مكوكية للمسؤولين، يبدو أن إسرائيل وحركة «حماس» قد اقتربتا من إنجاز «هدنة مؤقتة» في قطاع غزة، يتم بموجبها إطلاق سراح عدد من المحتجزين في الجانبين، لا سيما مع تداول إعلام أميركي أنباء عن مواقفة حركة «حماس» على بقاء إسرائيل في غزة «بصورة مؤقتة»، في المراحل الأولى من تنفيذ الاتفاق.

وتباينت آراء خبراء تحدثت إليهم «الشرق الأوسط»، بين من أبدى «تفاؤلاً بإمكانية إنجاز الاتفاق في وقت قريب»، ومن رأى أن هناك عقبات قد تعيد المفاوضات إلى المربع صفر.

ونقلت صحيفة «وول ستريت جورنال» الأميركية، عن وسطاء عرب، قولهم إن «حركة (حماس) رضخت لشرط رئيسي لإسرائيل، وأبلغت الوسطاء لأول مرة أنها ستوافق على اتفاق يسمح للقوات الإسرائيلية بالبقاء في غزة مؤقتاً عندما يتوقف القتال».

وسلمت «حماس» أخيراً قائمة بأسماء المحتجزين، ومن بينهم مواطنون أميركيون، الذين ستفرج عنهم بموجب الصفقة.

وتأتي هذه الأنباء في وقت يجري فيه جيك سوليفان، مستشار الأمن القومي للرئيس الأميركي، محادثات في تل أبيب مع رئيس الوزراء الإسرائيلي بنيامين نتنياهو، الخميس، قبل أن يتوجه إلى مصر وقطر.

ونقلت «رويترز» عن دبلوماسي غربي قوله إن «الاتفاق يتشكل، لكنه على الأرجح سيكون محدود النطاق، ويشمل إطلاق سراح عدد قليل من الرهائن ووقف قصير للأعمال القتالية».

فلسطينيون بين أنقاض المباني المنهارة في مدينة غزة (أ.ف.ب)

في حين أشار القيادي في «حماس» باسم نعيم إلى أن «أي حراك لأي مسؤول أميركي يجب أن يكون هدفه وقف العدوان والوصول إلى صفقة لوقف دائم لإطلاق النار، وهذا يفترض ممارسة ضغط حقيقي على نتنياهو وحكومته للموافقة على ما تم الاتفاق عليه برعاية الوسطاء وبوساطة أميركية».

ومساء الأربعاء، التقى رئيس جهاز المخابرات الإسرائيلي، ديفيد برنياع، مع رئيس الوزراء القطري، الشيخ محمد بن عبد الرحمن آل ثاني، في الدوحة؛ لبحث الاتفاق. بينما قال مكتب وزير الدفاع الإسرائيلي، يسرائيل كاتس، في بيان، إنه «أبلغ وزير الدفاع الأميركي لويد أوستن في اتصال هاتفي، الأربعاء، بأن هناك فرصة للتوصل إلى اتفاق جديد يسمح بعودة جميع الرهائن، بمن فيهم المواطنون الأميركيون».

وحال تم إنجاز الاتفاق ستكون هذه هي المرة الثانية التي تتم فيها هدنة في قطاع غزة منذ بداية الحرب في 7 أكتوبر (تشرين الأول) 2023. وتلعب مصر وقطر والولايات المتحدة دور الوساطة في مفاوضات ماراثونية مستمرة منذ نحو العام، لم تسفر عن اتفاق حتى الآن.

وأبدى خبير الشؤون الإسرائيلية بـ«مركز الأهرام للدراسات السياسية والاستراتيجية» الدكتور سعيد عكاشة «تفاؤلاً حذراً» بشأن الأنباء المتداولة عن قرب عقد الاتفاق. وقال لـ«الشرق الأوسط» إن «التقارير تشير إلى تنازلات قدمتها حركة (حماس) بشأن الاتفاق، لكنها لا توضح نطاق وجود إسرائيل في غزة خلال المراحل الأولى من تنفيذه، حال إقراره».

وأضاف: «هناك الكثير من العقبات التي قد تعترض أي اتفاق، وتعيد المفاوضات إلى المربع صفر».

على الجانب الآخر، بدا أستاذ العلوم السياسية بجامعة القدس السياسي الفلسطيني، الدكتور أيمن الرقب، «متفائلاً بقرب إنجاز الاتفاق». وقال لـ«الشرق الأوسط» إن «هناك حراكاً أميركياً لإتمام الصفقة، كما أن التقارير الإسرائيلية تتحدث عن أن الاتفاق ينتظر الضوء الأخضر من جانب تل أبيب و(حماس) لتنفيذه».

وأضاف: «تم إنضاج الاتفاق، ومن المتوقع إقرار هدنة لمدة 60 يوماً يتم خلالها الإفراج عن 30 محتجزاً لدى (حماس)»، مشيراً إلى أنه «رغم ذلك لا تزال هناك نقطة خلاف رئيسية بشأن إصرار إسرائيل على البقاء في محور فيلادلفيا، الأمر الذي ترفضه مصر».

وأشار الرقب إلى أن «النسخة التي يجري التفاوض بشأنها حالياً تعتمد على المقترح المصري، حيث لعبت القاهرة دوراً كبيراً في صياغة مقترح يبدو أنه لاقى قبولاً لدى (حماس) وإسرائيل»، وقال: «عملت مصر على مدار شهور لصياغة رؤية بشأن وقف إطلاق النار مؤقتاً في غزة، والمصالحة الفلسطينية وسيناريوهات اليوم التالي».

ويدفع الرئيس الأميركي جو بايدن والرئيس الأميركي المنتخب دونالد ترمب، من أجل «هدنة في غزة»، وكان ترمب طالب حركة «حماس»، في وقت سابق، بإطلاق سراح المحتجزين في غزة قبل توليه منصبه خلفاً لبايدن في 20 يناير (كانون الثاني) المقبل، وإلا فـ«الثمن سيكون باهظاً».