فصائل المعارضة السورية أوقفت القتال في الغوطة... والنظام يقصف أرياف حماة وحمص وإدلب وحلب

قبل ساعات من دخول اتفاق «مناطق تخفيف التصعيد» حيز التنفيذ

فصائل المعارضة السورية أوقفت القتال في الغوطة... والنظام يقصف أرياف حماة وحمص وإدلب وحلب
TT

فصائل المعارضة السورية أوقفت القتال في الغوطة... والنظام يقصف أرياف حماة وحمص وإدلب وحلب

فصائل المعارضة السورية أوقفت القتال في الغوطة... والنظام يقصف أرياف حماة وحمص وإدلب وحلب

قبل ساعات من دخول اتفاق «مناطق تخفيف التصعيد» حيز التنفيذ، وسّع النظام السوري حملته الجوية على بلدات ومدن يُفترض أن تكون جزءاً من المناطق التي ستتحول «آمنة» منتصف الجمعة - السبت، فيما أعلن تنظيم «جيش الإسلام» انتهاء العملية التي أطلقها لـ«تقويض» فصيل «جبهة النصرة» في الغوطة الشرقية قرب العاصمة دمشق.
«المرصد السوري لحقوق الإنسان» أفاد بمقتل نحو 170 شخصاً، غالبيتهم من المقاتلين في الغوطة الشرقية، خلال أسبوع من اشتباكات عنيفة انتهت الجمعة بين فصيلي «جيش الإسلام» من جهة، وجبهة فتح الشام (جبهة النصرة سابقاً) وفصيل «فيلق الرحمن» ثاني أكبر فصائل الغوطة من جهة ثانية. وعاد الهدوء إلى المنطقة مع توقف الاشتباكات «وسط استمرار الاستنفار من قبل الطرفين كل في مناطق سيطرته»، وفق «المرصد» الذي وثّق مقتل «156 مقاتلاً من الفصائل بينهم 67 من جيش الإسلام و89 من الفصيلين الآخرين».
وأسفرت المعارك أيضاً عن مقتل «13 مدنياً بينهم طفلان»، وإصابة العشرات بجروح.
وقال مدير «المرصد» رامي عبد الرحمن لـ«وكالة الصحافة الفرنسية» إن «الأمور عادت إلى ما كانت عليه سابقاً»، مشيراً إلى أن «كل طرف استعاد المناطق التي خسرها خلال الاشتباكات لصالح الطرف الآخر». وأوضح أن «هيئة تحرير الشام ضعفت خلال الهجوم ولولا دعم فيلق الرحمن لها لانتهى وجودها بالكامل».
من جهة ثانية، ذكر بيان لـ«جيش الإسلام» بأن العملية التي أطلقها «لتقويض تنظيم الغلو والبغي جبهة النصرة، قد انتهت بعدما حققت معظم الأهداف المرجوة منها». ولفت البيان إلى أن قرار انتهاء العملية جاء أيضاً نتيجة «حرص الجيش على مصلحة المدنيين واستجابة لنداءات المؤسسات والفعاليات الثورية والشرعية وعلى رأسها المجلس الإسلامي السوري، بالإضافة لمنع أي تصادم مع الفصائل الأخرى».
وحمَّل «جيش الإسلام» الفصائل العسكرية بالغوطة مسؤولية «ملاحقة فلول هذا التنظيم ضمن قطاعاتهم، حتى لا نسمح للغلو والفساد بالوجود مجدداً في الغوطة»، بحسب ما جاء في نص البيان.
ولكن إذا كان الهدوء الحذر قد عاد إلى الغوطة الشرقية، فإن القصف استمر على مختلف المناطق السورية قبل ساعات من دخول اتفاق «مناطق تخفيف التصعيد» حيز التنفيذ. وأفاد «مكتب أخبار سوريا» باستهداف القوات النظامية المتمركزة في معسكر جورين، بأكثر من 25 قذيفة مدفعية، قريتي زيزون وقسطون الخاضعتين لسيطرة المعارضة في منطقة سهل الغاب بريف محافظة حماة الغربي. وقال الناشط المعارض وسام المحمد من ريف حماة الغربي إن الأهالي التزموا منازلهم والملاجئ خشية تكرار القصف، وذلك بعد أن تفقد عناصر الدفاع المدني أماكن القصف، لافتاً إلى أنها المرة الأولى منذ نحو ثلاثة أشهر التي تتعرض فيها القريتان لمثل هذا القصف.
وفي ريف حماة الشمالي، سقطت، وفق مكتب أخبار سوريا، أكثر من 40 قذيفة مدفعية وصاروخية، على بلدة اللطامنة الخاضعة لسيطرة المعارضة، مصدرها القوات النظامية المتمركزة في مدينة حلفايا وحاجز المصاصنة. وتعد اللطامنة من أكثر المناطق التي تعرضت للقصف الجوي والمدفعي خلال التصعيد العسكري الأخير على مناطق ريف حماة، إذ تقدر عدد الغارات عليها بأكثر من 600 غارة، فضلاً عن آلاف القذائف، بحسب توثيق ناشطين معارضين من المنطقة. وكان مجلس محافظة حماة الحرة أعلن قبل يومين أن مناطق سيطرة المعارضة في ريف حماة الشمالي منكوبة نظراً للقصف العنيف الذي تتعرض له، ودمار معظم المنشآت الخدمية فيها.
من جهته، قال «المرصد» إن طائرات النظام قصفت مناطق في أطراف مدينة جسر الشغور، وبلدتي الناجية وبداما بريف محافظة إدلب الغربي، ومناطق في بلدة حيان بريف محافظة حلب الشمالي. وشمل القصف أيضاً مناطق في حيي القابون وتشرين عند أطراف العاصمة دمشق الشرقية.
كذلك استهدفت قوات النظام، بعدة قذائف مدفعية، مناطق بلدة تير معلة الواقعة على بعد نحو 5 كلم شمال مدينة حمص، حيث أكدت مصادر لـ«المرصد» أن رجلاً وسيدة من العائلة ذاتها قتلاً، وأصيبت سيدة و3 أطفال من العائلة ذاتها، في القصف. وتُعد هذه العائلة من أولى الضحايا المدنيين بعد ضم ريف محافظة حمص الشمالي إلى مناطق «تخفيف التصعيد» الممتدة من الشمال السوري إلى الجنوب السوري، وتشمل محافظة إدلب وريفي محافظتي حماة وحمص الشماليين، وغوطة دمشق الشرقية والجنوب السوري.
ووثق المرصد ما قال إنّه «ارتفاع مخيف» في أعداد الخسائر البشرية في محافظة إدلب، منذ تنفيذ «مجزرة الثلاثاء الأسود» في خان شيخون بالريف الجنوبي لإدلب في 4 أبريل (نيسان) الماضي (إشارة إلى مجزرة التي استخدم فيها السلاح الكيميائي) وحتى ليل 4 مايو (أيار) من العام ذاته، بحيث بلغ 248 على الأقل عدد القتلى المدنيين، ومن ضمنهم 89 طفلاً.



هل يتحول فيروس «الميتانيمو» البشري إلى وباء عالمي؟

تفشي فيروس «الميتانيمو» البشري في الصين يثير قلقاً متزايداً (رويترز)
تفشي فيروس «الميتانيمو» البشري في الصين يثير قلقاً متزايداً (رويترز)
TT

هل يتحول فيروس «الميتانيمو» البشري إلى وباء عالمي؟

تفشي فيروس «الميتانيمو» البشري في الصين يثير قلقاً متزايداً (رويترز)
تفشي فيروس «الميتانيمو» البشري في الصين يثير قلقاً متزايداً (رويترز)

أثارت تقارير عن تفشي فيروس «الميتانيمو» البشري (HMPV) في الصين قلقاً متزايداً بشأن إمكانية تحوله إلى وباء عالمي، وذلك بعد 5 سنوات من أول تنبيه عالمي حول ظهور فيروس كورونا المستجد في ووهان بالصين، الذي تحول لاحقاً إلى جائحة عالمية أسفرت عن وفاة 7 ملايين شخص.

وأظهرت صور وفيديوهات انتشرت عبر منصات التواصل الاجتماعي في الصين أفراداً يرتدون الكمامات في المستشفيات، حيث وصفت تقارير محلية الوضع على أنه مشابه للظهور الأول لفيروس كورونا.

وفي الوقت الذي تتخذ فيه السلطات الصحية تدابير طارئة لمراقبة انتشار الفيروس، أصدر المركز الصيني للسيطرة على الأمراض والوقاية منها بياناً، يوضح فيه معدل الوفيات الناتج عن الفيروس.

وقال المركز، الجمعة، إن «الأطفال، والأشخاص الذين يعانون من ضعف في جهاز المناعة، وكبار السن، هم الفئات الأكثر تعرضاً لهذا الفيروس، وقد يكونون أكثر عرضة للإصابة بعدوى مشتركة مع فيروسات تنفسية أخرى».

وأشار إلى أن الفيروس في الغالب يسبب أعراض نزلات البرد مثل السعال، والحمى، واحتقان الأنف، وضيق التنفس، لكن في بعض الحالات قد يتسبب في التهاب الشعب الهوائية والالتهاب الرئوي في الحالات الشديدة.

وحاولت الحكومة الصينية التقليل من تطور الأحداث، مؤكدة أن هذا التفشي يتكرر بشكل موسمي في فصل الشتاء.

وقالت المتحدثة باسم وزارة الخارجية الصينية، ماو نينغ، الجمعة: «تعد العدوى التنفسية شائعة في موسم الشتاء»، مضيفةً أن الأمراض هذا العام تبدو أقل حدة وانتشاراً مقارنة بالعام الماضي. كما طمأنت المواطنين والسياح، مؤكدة: «أستطيع أن أؤكد لكم أن الحكومة الصينية تهتم بصحة المواطنين الصينيين والأجانب القادمين إلى الصين»، مشيرة إلى أن «السفر إلى الصين آمن».

فيروس «الميتانيمو» البشري

يُعد «الميتانيمو» البشري (HMPV) من الفيروسات التي تسبب التهابات الجهاز التنفسي، ويؤثر على الأشخاص من جميع الأعمار، ويسبب أعراضاً مشابهة للزكام والإنفلونزا. والفيروس ليس جديداً؛ إذ اكتُشف لأول مرة عام 2001، ويُعد من مسببات الأمراض التنفسية الشائعة.

ويشير أستاذ اقتصاديات الصحة وعلم انتشار الأوبئة بجامعة «مصر الدولية»، الدكتور إسلام عنان، إلى أن نسبة انتشاره تتراوح بين 1 و10 في المائة من الأمراض التنفسية الحادة، مع كون الأطفال دون سن الخامسة الأكثر عرضة للإصابة، خاصة في الحالات المرضية الشديدة. ورغم ندرة الوفيات، قد يؤدي الفيروس إلى مضاعفات خطيرة لدى كبار السن وذوي المناعة الضعيفة.

أفراد في الصين يرتدون الكمامات لتجنب الإصابة بالفيروسات (رويترز)

وأضاف لـ«الشرق الأوسط» أن الفيروس ينتشر على مدار العام، لكنه يظهر بشكل أكبر في فصلي الخريف والشتاء، ويمكن أن يُصاب الأشخاص به أكثر من مرة خلال حياتهم، مع تزايد احتمالية الإصابة الشديدة لدى الفئات الأكثر ضعفاً.

وأوضح أن الفيروس ينتقل عبر الرذاذ التنفسي الناتج عن السعال أو العطس، أو من خلال ملامسة الأسطح الملوثة ثم لمس الفم أو الأنف أو العينين. وتشمل أعراضه السعال واحتقان الأنف والعطس والحمى وصعوبة التنفس (في الحالات الشديدة)، وتُعد الأعراض مختلفة عن فيروس كورونا، خاصة مع وجود احتقان الأنف والعطس.

هل يتحول لجائحة؟

كشفت التقارير الواردة من الصين عن أن الارتفاع الحالي في الإصابات بالفيروس تزامن مع الطقس البارد الذي أسهم في انتشار الفيروسات التنفسية، كما أن هذه الزيادة تتماشى مع الاتجاهات الموسمية.

وحتى الآن، لم تصنف منظمة الصحة العالمية الوضع على أنه حالة طوارئ صحية عالمية، لكن ارتفاع الحالات دفع السلطات الصينية لتعزيز أنظمة المراقبة.

في الهند المجاورة، طمأن الدكتور أتول غويل، المدير العام لخدمات الصحة في الهند، الجمهور قائلاً إنه لا داعي للقلق بشأن الوضع الحالي، داعياً الناس إلى اتخاذ الاحتياطات العامة، وفقاً لصحيفة «إيكونوميك تايمز» الهندية.

وأضاف أن الفيروس يشبه أي فيروس تنفسي آخر يسبب نزلات البرد، وقد يسبب أعراضاً مشابهة للإنفلونزا في كبار السن والأطفال.

وتابع قائلاً: «لقد قمنا بتحليل بيانات تفشي الأمراض التنفسية في البلاد، ولم نلاحظ زيادة كبيرة في بيانات عام 2024».

وأضاف: «البيانات من الفترة بين 16 و22 ديسمبر 2024 تشير إلى زيادة حديثة في التهابات الجهاز التنفسي الحادة، بما في ذلك الإنفلونزا الموسمية، وفيروسات الأنف، وفيروس الجهاز التنفسي المخلوي (RSV)، و(HMPV). ومع ذلك، فإن حجم وشدة الأمراض التنفسية المعدية في الصين هذا العام أقل من العام الماضي».

في السياق ذاته، يشير عنان إلى أن الفيروس من الصعب للغاية أن يتحول إلى وباء عالمي، فالفيروس قديم، وتحدث منه موجات سنوية. ويضيف أن الفيروس لا يحمل المقومات اللازمة لأن يصبح وباءً عالمياً، مثل الانتشار السريع على المستوى العالمي، وتفاقم الإصابات ودخول المستشفيات بكثرة نتيجة الإصابة، وعدم إمكانية العلاج، أو عدم وجود لقاح. ورغم عدم توافر لقاح للفيروس، فإن معظم الحالات تتعافى بمجرد معالجة الأعراض.

ووافقه الرأي الدكتور مجدي بدران، عضو «الجمعية المصرية للحساسية والمناعة» و«الجمعية العالمية للحساسية»، مؤكداً أن زيادة حالات الإصابة بالفيروس في بعض المناطق الصينية مرتبطة بذروة نشاط فيروسات الجهاز التنفسي في فصل الشتاء.

وأضاف لـ«الشرق الأوسط» أن الصين تشهد بفضل تعدادها السكاني الكبير ومناطقها المزدحمة ارتفاعاً في الإصابات، إلا أن ذلك لا يعني بالضرورة تحول الفيروس إلى تهديد عالمي. وحتى الآن، تظل الإصابات محلية ومحدودة التأثير مقارنة بفيروسات أخرى.

وأوضح بدران أن معظم حالات فيروس «الميتانيمو» تكون خفيفة، ولكن 5 إلى 16 في المائة من الأطفال قد يصابون بعدوى تنفسية سفلى مثل الالتهاب الرئوي.

تفشي فيروس «الميتانيمو» البشري في الصين يثير قلقاً متزايداً (رويترز)

وأكد أنه لا توجد تقارير عن تفشٍّ واسع النطاق للفيروس داخل الصين أو خارجها حتى الآن، مشيراً إلى أن الفيروس ينتقل عبر الرذاذ التنفسي والاتصال المباشر، لكنه أقل قدرة على الانتشار السريع عالمياً مقارنة بكوفيد-19، ولتحوله إلى جائحة، يتطلب ذلك تحورات تزيد من قدرته على الانتشار أو التسبب في أعراض شديدة.

ومع ذلك، شدّد على أن الفيروس يظل مصدر قلق صحي محلي أو موسمي، خاصة بين الفئات الأكثر عرضة للخطر.

طرق الوقاية والعلاج

لا يوجد علاج محدد لـ«الميتانيمو» البشري، كما هو الحال مع فيروسات أخرى مثل الإنفلونزا والفيروس المخلوي التنفسي، حيث يركز العلاج بشكل أساسي على تخفيف الأعراض المصاحبة للعدوى، وفق عنان. وأضاف أنه في الحالات الخفيفة، يُوصى باستخدام مسكنات الألم لتخفيف الأوجاع العامة وخافضات الحرارة لمعالجة الحمى. أما في الحالات الشديدة، فقد يتطلب الأمر تقديم دعم تنفسي لمساعدة المرضى على التنفس، بالإضافة إلى توفير الرعاية الطبية داخل المستشفى عند تفاقم الأعراض.

وأضاف أنه من المهم التركيز على الوقاية وتقليل فرص العدوى باعتبارها الخيار الأمثل في ظل غياب علاج أو لقاح مخصص لهذا الفيروس.

ولتجنب حدوث جائحة، ينصح بدران بتعزيز الوعي بالوقاية من خلال غسل اليدين بانتظام وبطريقة صحيحة، وارتداء الكمامات في الأماكن المزدحمة أو عند ظهور أعراض تنفسية، بالإضافة إلى تجنب الاتصال المباشر مع المصابين. كما يتعين تعزيز الأبحاث لتطوير لقاحات أو علاجات فعّالة للفيروس، إلى جانب متابعة تحورات الفيروس ورصد أي تغييرات قد تزيد من قدرته على الانتشار أو تسبب أعراضاً أشد.