«داعش» ينتقم من المدنيين مع قرب خسارته للطبقة

يحتجز المئات داخل المدينة واستهدف مخيماً للنازحين في الحسكة

مقاتل من «داعش» يوجه نيران سلاحه على «قوات سوريا الديمقراطية»  (أ.ب)
مقاتل من «داعش» يوجه نيران سلاحه على «قوات سوريا الديمقراطية» (أ.ب)
TT

«داعش» ينتقم من المدنيين مع قرب خسارته للطبقة

مقاتل من «داعش» يوجه نيران سلاحه على «قوات سوريا الديمقراطية»  (أ.ب)
مقاتل من «داعش» يوجه نيران سلاحه على «قوات سوريا الديمقراطية» (أ.ب)

رجّحت مصادر قيادية كردية أن يتم إعلان مدينة الطبقة الواقعة في الشمال السوري محررة بالكامل من تنظيم داعش خلال ساعات، لافتة في تصريح لـ«الشرق الأوسط» إلى أن هذا الواقع دفع عناصر التنظيم للانتقام من المدنيين من خلال احتجاز المئات منهم داخل المدينة، وكذلك استهداف مخيم للنازحين على حدود سوريا مع العراق في محافظة الحسكة، مما أدّى لمقتل أكثر من 32 شخصا وإصابة العشرات.
وفي حين نقل عن قائد عسكري في «قوات سوريا الديمقراطية» أن «داعش» يحتجز المئات من أهالي مدينة الطبقة في ريف محافظة الرقة الغربي بعد تقدم قوات «قسد» وسيطرتها على أكثر 80 في المائة من المدينة، أفاد «المرصد السوري لحقوق الإنسان» بأن 5 انتحاريين على الأقل من «داعش» فجروا أنفسهم بالقرب من مخيم «رجم الصليبي» للاجئين العراقيين والنازحين السوريين في محافظة الحسكة بشمال شرقي سوريا، مما أدّى إلى مقتل 32 شخصا وإصابة 30 آخرين بجروح. ولفت المرصد إلى أن «الاشتباكات العنيفة تتواصل بين (قوات سوريا الديمقراطية) المدعمة بطائرات التحالف الدولي من جانب، وعناصر من تنظيم داعش من جانب آخر إثر الهجوم».
من جهته، أفاد الهلال الأحمر الكردي، بأن الهجوم وقع عند الساعة الرابعة من فجر الاثنين وأسفر عن مقتل 22 مدنيا. وكان هذا المخيم المؤقت الذي يبعد 25 كيلومترا جنوب مخيم «الهول»، يؤوي أثناء الهجوم 300 عائلة فرت من العراق أو من محافظة دير الزور السورية التي يسيطر التنظيم على أجزاء واسعة فيها.
وتزامن الهجوم على المخيم مع اقتراب قوات «قسد» من السيطرة على كامل الطبقة. وأكد المصدر القيادي الكردي في تصريح لـ«الشرق الأوسط» أنّه «تم كسر خطوط (داعش) الدفاعية عن المدينة كافة عبر هجوم من عدة محاور، مما أدّى لسيطرة قواتنا على الدوار الرئيسي في المدينة، أي قلب الطبقة، ولم يبق إلا جسم السد وعدد من المنازل المحيطة به». ولفت المصدر إلى أن «قوات سوريا الديمقراطية» تقوم حاليا بـ«عملية بحث عن عناصر (داعش) المختبئين بين الأهالي وتقوم أيضا بعمليات تفكيك الألغام وتمشيط بيوت»، مضيفا: «مسألة تحرير المدينة كاملة مسألة ساعات فقط».
وقال قائد عسكري في «قوات سوريا الديمقراطية» لوكالة الأنباء الألمانية، إن تنظيم داعش لا يزال يسيطر على سد الفرات والأحياء الحديثة (الحي الأول – والثاني، والمنازل الاقتصادية) وإن المئات من المدنيين يحتجزهم عناصر التنظيم في تلك الأحياء التي تشكل نحو 20 في المائة من المدينة. وأوضح القائد المذكور أن تنظيم داعش شن فجر الاثنين هجوماً على مدينة الطبقة من الجهة الغربية بعد تقدم مسلحيه من جهة بلدة مسكنة في ريف محافظة حلب الشرقي غرب مدينة الطبقة، واستمرت المعركة عدة ساعات جرى فيها صد الهجوم وتكبيد التنظيم خسائر بالأرواح والعتاد، كاشفاً عن جهود يقوم بها وسطاء لتأمين طريق آمن لخروج عناصر «داعش» والمدنيين باتجاه مناطق سيطرته شرق مدينة الطبقة.
وكان «المرصد السوري لحقوق الإنسان» تحدث بوقت سابق عن «مفاوضات تجري بوساطات أهلية في مدينة الطبقة في محاولة لتأمين ممر لخروج من تبقى من عناصر (داعش) من الطبقة نحو مدينة الرقة»، وذلك في سيناريو مشابه لما جرى في مدينة منبج في العام الماضي.
وتداولت مواقع المعارضة السورية معلومات عن أن الطبقة شهدت، ولأول مرة، وجودا كثيفا لعناصر التحالف الدولي من الجنسيات الأميركية والبريطانية والفرنسية ومشاركتهم في العمليات العسكرية بشكل مباشر، بعدما كان يقتصر وجودهم على التنسيق مع الطيران الحربي وتدريب عناصر «قوات سوريا الديمقراطية»، واستشاريين. كذلك تحدثت المعلومات عن مشاركة دبابات أميركية في المعركة بالتزامن مع وصول دفعة كبيرة من السلاح لأيدي «قسد».
كذلك أفادت صحيفة «حرييت» التركية بأن الولايات المتحدة تدرس إطلاق معركة الرقة مباشرة بعد أول لقاء يجمع الرئيسين الأميركي دونالد ترمب والتركي رجب طيب إردوغان منتصف الشهر الحالي، وسط أنباء عن أن البيت الأبيض ربما يعطي الضوء الأخضر لتقديم أسلحة إلى أكراد سوريا بصورة أكبر.
في هذا الوقت، لفت ما تداوله ناشطون عن رفع علم النظام السوري على مبنى عسكري في قرية مرعناز التابعة لمنطقة عفرين على الحدود مع تركيا. وفيما أكد «مركز الديمقراطية لحقوق الإنسان في كردستان»، وهو مركز حقوقي كردي، أنّه تم فعليا رفع علم النظام السوري في موقع بريف عفرين، بعد وصول مجموعات من قوات النظام إليه، نفت مصادر في «قوات سوريا الديمقراطية» أن تكون قد رفعت العلم، موضحة في تصريح لـ«الشرق الأوسط» أن «أهالي عربا يوجدون في قرى ريف عفرين هم من رفعوا العلم تماما كما حصل بوقت سابق في ريف عين العيسى وتم نسب الموضوع لقواتنا».
وأوضحت المصادر أن الشرطة العسكرية الروسية وحدها توجد في عفرين على الحدود مع تركيا لضمان وقف الانتهاكات التركية، مؤكدة عدم وجود أي عنصر من قوات النظام السوري.



هل يتحول فيروس «الميتانيمو» البشري إلى وباء عالمي؟

تفشي فيروس «الميتانيمو» البشري في الصين يثير قلقاً متزايداً (رويترز)
تفشي فيروس «الميتانيمو» البشري في الصين يثير قلقاً متزايداً (رويترز)
TT

هل يتحول فيروس «الميتانيمو» البشري إلى وباء عالمي؟

تفشي فيروس «الميتانيمو» البشري في الصين يثير قلقاً متزايداً (رويترز)
تفشي فيروس «الميتانيمو» البشري في الصين يثير قلقاً متزايداً (رويترز)

أثارت تقارير عن تفشي فيروس «الميتانيمو» البشري (HMPV) في الصين قلقاً متزايداً بشأن إمكانية تحوله إلى وباء عالمي، وذلك بعد 5 سنوات من أول تنبيه عالمي حول ظهور فيروس كورونا المستجد في ووهان بالصين، الذي تحول لاحقاً إلى جائحة عالمية أسفرت عن وفاة 7 ملايين شخص.

وأظهرت صور وفيديوهات انتشرت عبر منصات التواصل الاجتماعي في الصين أفراداً يرتدون الكمامات في المستشفيات، حيث وصفت تقارير محلية الوضع على أنه مشابه للظهور الأول لفيروس كورونا.

وفي الوقت الذي تتخذ فيه السلطات الصحية تدابير طارئة لمراقبة انتشار الفيروس، أصدر المركز الصيني للسيطرة على الأمراض والوقاية منها بياناً، يوضح فيه معدل الوفيات الناتج عن الفيروس.

وقال المركز، الجمعة، إن «الأطفال، والأشخاص الذين يعانون من ضعف في جهاز المناعة، وكبار السن، هم الفئات الأكثر تعرضاً لهذا الفيروس، وقد يكونون أكثر عرضة للإصابة بعدوى مشتركة مع فيروسات تنفسية أخرى».

وأشار إلى أن الفيروس في الغالب يسبب أعراض نزلات البرد مثل السعال، والحمى، واحتقان الأنف، وضيق التنفس، لكن في بعض الحالات قد يتسبب في التهاب الشعب الهوائية والالتهاب الرئوي في الحالات الشديدة.

وحاولت الحكومة الصينية التقليل من تطور الأحداث، مؤكدة أن هذا التفشي يتكرر بشكل موسمي في فصل الشتاء.

وقالت المتحدثة باسم وزارة الخارجية الصينية، ماو نينغ، الجمعة: «تعد العدوى التنفسية شائعة في موسم الشتاء»، مضيفةً أن الأمراض هذا العام تبدو أقل حدة وانتشاراً مقارنة بالعام الماضي. كما طمأنت المواطنين والسياح، مؤكدة: «أستطيع أن أؤكد لكم أن الحكومة الصينية تهتم بصحة المواطنين الصينيين والأجانب القادمين إلى الصين»، مشيرة إلى أن «السفر إلى الصين آمن».

فيروس «الميتانيمو» البشري

يُعد «الميتانيمو» البشري (HMPV) من الفيروسات التي تسبب التهابات الجهاز التنفسي، ويؤثر على الأشخاص من جميع الأعمار، ويسبب أعراضاً مشابهة للزكام والإنفلونزا. والفيروس ليس جديداً؛ إذ اكتُشف لأول مرة عام 2001، ويُعد من مسببات الأمراض التنفسية الشائعة.

ويشير أستاذ اقتصاديات الصحة وعلم انتشار الأوبئة بجامعة «مصر الدولية»، الدكتور إسلام عنان، إلى أن نسبة انتشاره تتراوح بين 1 و10 في المائة من الأمراض التنفسية الحادة، مع كون الأطفال دون سن الخامسة الأكثر عرضة للإصابة، خاصة في الحالات المرضية الشديدة. ورغم ندرة الوفيات، قد يؤدي الفيروس إلى مضاعفات خطيرة لدى كبار السن وذوي المناعة الضعيفة.

أفراد في الصين يرتدون الكمامات لتجنب الإصابة بالفيروسات (رويترز)

وأضاف لـ«الشرق الأوسط» أن الفيروس ينتشر على مدار العام، لكنه يظهر بشكل أكبر في فصلي الخريف والشتاء، ويمكن أن يُصاب الأشخاص به أكثر من مرة خلال حياتهم، مع تزايد احتمالية الإصابة الشديدة لدى الفئات الأكثر ضعفاً.

وأوضح أن الفيروس ينتقل عبر الرذاذ التنفسي الناتج عن السعال أو العطس، أو من خلال ملامسة الأسطح الملوثة ثم لمس الفم أو الأنف أو العينين. وتشمل أعراضه السعال واحتقان الأنف والعطس والحمى وصعوبة التنفس (في الحالات الشديدة)، وتُعد الأعراض مختلفة عن فيروس كورونا، خاصة مع وجود احتقان الأنف والعطس.

هل يتحول لجائحة؟

كشفت التقارير الواردة من الصين عن أن الارتفاع الحالي في الإصابات بالفيروس تزامن مع الطقس البارد الذي أسهم في انتشار الفيروسات التنفسية، كما أن هذه الزيادة تتماشى مع الاتجاهات الموسمية.

وحتى الآن، لم تصنف منظمة الصحة العالمية الوضع على أنه حالة طوارئ صحية عالمية، لكن ارتفاع الحالات دفع السلطات الصينية لتعزيز أنظمة المراقبة.

في الهند المجاورة، طمأن الدكتور أتول غويل، المدير العام لخدمات الصحة في الهند، الجمهور قائلاً إنه لا داعي للقلق بشأن الوضع الحالي، داعياً الناس إلى اتخاذ الاحتياطات العامة، وفقاً لصحيفة «إيكونوميك تايمز» الهندية.

وأضاف أن الفيروس يشبه أي فيروس تنفسي آخر يسبب نزلات البرد، وقد يسبب أعراضاً مشابهة للإنفلونزا في كبار السن والأطفال.

وتابع قائلاً: «لقد قمنا بتحليل بيانات تفشي الأمراض التنفسية في البلاد، ولم نلاحظ زيادة كبيرة في بيانات عام 2024».

وأضاف: «البيانات من الفترة بين 16 و22 ديسمبر 2024 تشير إلى زيادة حديثة في التهابات الجهاز التنفسي الحادة، بما في ذلك الإنفلونزا الموسمية، وفيروسات الأنف، وفيروس الجهاز التنفسي المخلوي (RSV)، و(HMPV). ومع ذلك، فإن حجم وشدة الأمراض التنفسية المعدية في الصين هذا العام أقل من العام الماضي».

في السياق ذاته، يشير عنان إلى أن الفيروس من الصعب للغاية أن يتحول إلى وباء عالمي، فالفيروس قديم، وتحدث منه موجات سنوية. ويضيف أن الفيروس لا يحمل المقومات اللازمة لأن يصبح وباءً عالمياً، مثل الانتشار السريع على المستوى العالمي، وتفاقم الإصابات ودخول المستشفيات بكثرة نتيجة الإصابة، وعدم إمكانية العلاج، أو عدم وجود لقاح. ورغم عدم توافر لقاح للفيروس، فإن معظم الحالات تتعافى بمجرد معالجة الأعراض.

ووافقه الرأي الدكتور مجدي بدران، عضو «الجمعية المصرية للحساسية والمناعة» و«الجمعية العالمية للحساسية»، مؤكداً أن زيادة حالات الإصابة بالفيروس في بعض المناطق الصينية مرتبطة بذروة نشاط فيروسات الجهاز التنفسي في فصل الشتاء.

وأضاف لـ«الشرق الأوسط» أن الصين تشهد بفضل تعدادها السكاني الكبير ومناطقها المزدحمة ارتفاعاً في الإصابات، إلا أن ذلك لا يعني بالضرورة تحول الفيروس إلى تهديد عالمي. وحتى الآن، تظل الإصابات محلية ومحدودة التأثير مقارنة بفيروسات أخرى.

وأوضح بدران أن معظم حالات فيروس «الميتانيمو» تكون خفيفة، ولكن 5 إلى 16 في المائة من الأطفال قد يصابون بعدوى تنفسية سفلى مثل الالتهاب الرئوي.

تفشي فيروس «الميتانيمو» البشري في الصين يثير قلقاً متزايداً (رويترز)

وأكد أنه لا توجد تقارير عن تفشٍّ واسع النطاق للفيروس داخل الصين أو خارجها حتى الآن، مشيراً إلى أن الفيروس ينتقل عبر الرذاذ التنفسي والاتصال المباشر، لكنه أقل قدرة على الانتشار السريع عالمياً مقارنة بكوفيد-19، ولتحوله إلى جائحة، يتطلب ذلك تحورات تزيد من قدرته على الانتشار أو التسبب في أعراض شديدة.

ومع ذلك، شدّد على أن الفيروس يظل مصدر قلق صحي محلي أو موسمي، خاصة بين الفئات الأكثر عرضة للخطر.

طرق الوقاية والعلاج

لا يوجد علاج محدد لـ«الميتانيمو» البشري، كما هو الحال مع فيروسات أخرى مثل الإنفلونزا والفيروس المخلوي التنفسي، حيث يركز العلاج بشكل أساسي على تخفيف الأعراض المصاحبة للعدوى، وفق عنان. وأضاف أنه في الحالات الخفيفة، يُوصى باستخدام مسكنات الألم لتخفيف الأوجاع العامة وخافضات الحرارة لمعالجة الحمى. أما في الحالات الشديدة، فقد يتطلب الأمر تقديم دعم تنفسي لمساعدة المرضى على التنفس، بالإضافة إلى توفير الرعاية الطبية داخل المستشفى عند تفاقم الأعراض.

وأضاف أنه من المهم التركيز على الوقاية وتقليل فرص العدوى باعتبارها الخيار الأمثل في ظل غياب علاج أو لقاح مخصص لهذا الفيروس.

ولتجنب حدوث جائحة، ينصح بدران بتعزيز الوعي بالوقاية من خلال غسل اليدين بانتظام وبطريقة صحيحة، وارتداء الكمامات في الأماكن المزدحمة أو عند ظهور أعراض تنفسية، بالإضافة إلى تجنب الاتصال المباشر مع المصابين. كما يتعين تعزيز الأبحاث لتطوير لقاحات أو علاجات فعّالة للفيروس، إلى جانب متابعة تحورات الفيروس ورصد أي تغييرات قد تزيد من قدرته على الانتشار أو تسبب أعراضاً أشد.