قاطع آلاف العمال بهتافات غاضبة خطاب الرئيس المنتهية ولايته حسن روحاني، أمس، الذي اختار مرقد المرشد الإيراني الأول الخميني لتوجيه خطاب بمناسبة اليوم العالمي للطبقة العاملة، بينما كان يطلق وعوداً بتحسين الأوضاع الاقتصادية إذا ما استمر في منصبه. وتباينت التقارير بين وسائل الإعلام الإيرانية حول الحادث، فبينما اعتبرتها المقربة من الحكومة محاولات تخريب، قالت وكالات منتقدة لروحاني إن العمال رددوا هتافات توضح المعاناة من الوضع المعيشي، وبموازاة ذلك، ندد المرجع مكارم شيرازي بأحداث المناظرة الأولى لخرقها «الخطوط الحمراء» للنظام، محذراً من تبعات «الكذب وتبادل الإساءات والاتهامات» بين المرشحين على الشارع الإيراني.
واختارت حملة الرئيس الإيراني حسن روحاني مرقد المرشد الأول الخميني لحشد آلاف العمال لتوجيه خطابه بمناسبة عيد العمال، إلا أن تقارير متباينة تناقلتها وكالات الأنباء الإيرانية كشفت عن توتر الأجواء لحظة تطرق روحاني إلى وعود لخروج الطبقة العاملة من الضيق المعيشي. ووعد روحاني بإعادة مشروع تعديل قانون العمل من البرلمان المثير للجدل الذي ترفضه الجمعيات العمالية، بسبب تهديده أمن العمال رغم إصرار حكومة روحاني على تمريره.
وقال روحاني إن من ينكر مشكلات العمال «لا يفهم واقع أوضاعهم المعيشية»، مضيفاً أن هناك طريقين للتعامل مع المشكلات التي يعاني منها العمال، الطريق الأولى وفق روحاني «طريق الشعارات والوعود»، والطريق الأخرى «طريق رؤية الواقع والمشاريع والبرامج التي تسهم في تحسين أوضاع الناس».
وظهر إلى جانب روحاني لحظة إلقاء خطابه حفيد الخميني، حسن الخميني، ونجل الرئيس الراحل علي أكبر هاشمي رفسنجاني، محسن هاشمي، ووزير العمل علي ربيعي.
وتباينت تقارير وكالات الأنباء الإيرانية حول تشنج خطاب روحاني، ففي وقت تناقلت فيه وكالة أنباء الحرس الثوري «فارس» هتافات دفعته إلى التوقف، في المقابل رفضت وكالة الأنباء العمالية «إيلنا» الناطقة باسم التيار الإصلاحي نقلاً عن مسؤولين صحة تلك التقارير، ووصفت من رددوا الهتافات بـ«المخربين».
وتابع روحاني روتين حملته الانتخابية على مدى الأسبوع الأول من انطلاق الحملات، وزعم روحاني أن حكومته وقفت بوجه «القوى الكبرى» حفاظاً على شعلة وسائل التواصل الاجتماعي والإنترنت في البلاد.
من جهة ثانية، اتهم أمين عام نقابة العمال حسن صادقي المرددين للهتافات بمحاولة «إطلاق شعارات انحرافية لتوتر الأجواء وتحريف البرامج»، كما وصف وسائل الإعلام التي تناقلت التقارير عن الهتافات بـ«الحزبية والعصابات». وقال صادقي في تصريح لوكالة «إيلنا» إن وسائل الإعلام حجبت شعارات رددها أكثر من 30 ألف عامل دعماً لحكومة روحاني.
لكن وكالة أنباء «فارس» أفادت بأن العمال الحاضرين «احتجوا بشدة على تردي الأوضاع الاقتصادية والمعيشية وأداء الحكومة». وبحسب الوكالة، فإن العمال رددوا هتافات «إنه يوم العزاء... حياة العمال تتجه للفناء»، و«إنه يوم العزاء... الطبقة العاملة اليوم في عزاء»، تعبيراً عن احتجاجهم على سياسة روحاني على الصعيد الاقتصادي.
وذكرت الوكالة أن مقدم البرنامج عقب انتقاء خطاب روحاني «هدد العمال المحتجين الذين طالبوا بالحقوق القانونية بالضرب على الأفواه»، واصفاً إياهم بـ«المرتزقة».
في هذا الصدد، اتهمت عضوة البرلمان الإيراني براونه سلحشوري منافسي روحاني بالوقوف وراء الهتافات التي قاطعت خطاب روحاني بواسطة اتخاذ أساليب «شعبوية» من أجل تشويه صورته، واصفة هتافات العمال بـ«محاولات تخريب من أجل الصيد في الماء العكر».
مكارم شيرازي يحذر المرشحين من الكذب
على صعيد متصل، احتج المرجع الإيراني مكارم شيرازي على المناظرات التلفزيونية بين المرشحين للانتخابات الرئاسية، بقوله: «على المرشحين أن يظهروا أن المناظرات تجري في إيران الإسلامية»، مطالباً إياهم بالابتعاد عن الأكاذيب وخداع الرأي العام وتراشق الاتهامات.
وفي إشارة إلى الجدل الواسع في الشارع الإيراني بسبب أحداث المناظرة الأولى التي جرت الجمعة الماضي، دعا شيرازي إلى «وضع خطوط حمراء» على المناظرات، مشدداً على أن «المناظرات في إيران ليست مثل مناظرات الأميركيين والأوروبيين بلا حدود، لأننا نظام إسلامي».
ونقلت وكالات إيران عن شيرازي تحذيره من تبعات المناظرات على الشارع الإيراني خصوصاً الشباب، قائلاً إن «من يتابعون المناظرات بمن فيهم الشباب إذا شاهدوا تبادل الإساءات والاتهامات بلا أساس بين النخب وهم يكذبون، يتعلمون ذلك وهو تعلم خطير». ودعا شيرازي المرشحين الستة أن يتحدثوا «بطريقة مستدلة ومنطقية بدلاً من تبادل التهم».
وكشفت المنازلة الأولى بين المرشحين حول الملفين الاجتماعي والاقتصادي عن خلافات كبيرة بين المسؤولين الإيرانيين، وشهدت تلاسناً حاداً بين المرشح المحافظ عمدة طهران محمد باقر قاليباف مقابل الثنائي الإصلاحي والمعتدل حسن روحاني ونائبه إسحاق جهانغيري، وأظهرت التفاصيل تبايناً كبيراً بين الإحصائيات والمعلومات. ووصف روحاني منافسه قاليباف بـ«الكذاب»، وقدم 4 مرشحين أول من أمس شكوى إلى اللجنة المشرفة على المناظرات بمن فيهم روحاني وقاليباف إضافة إلى المرشحين المحافظين إبراهيم رئيسي ومصطفى ميرسليم.
والجمعة المقبل، موعد المنازلة الثانية بين المرشحين، وأعلنت هيئة الانتخابات التابعة للداخلية الإيرانية أن القضايا السياسية والثقافية ستكون محور النقاش، وفق ما ذكرت وكالة «تسنيم».
رئيسي: الحكومات تتبادل الاتهامات بالفساد
من جانب آخر، وجه المرشح المحافظ إبراهيم رئيسي خطابه الإذاعي الأول، أمس، وقال رئيسي في خطابه الموجه للإيرانيين إن البلاد بحاجة إلى الابتعاد عن الانقسامات الحزبية والانقسامات السائدة والابتعاد عن المناوشات في المعركة الانتخابية.
وشدد رئيسي على حاجة إيران إلى «التجربة الإدارة» في الوقت الحالي بدلاً من الصراع بين الأحزاب. واعتبر رئيسي «الوصول إلى نظام إداري صحي شرط التغلب على أزمة الفقر المطلق والبطالة»، وفق ما نقلت عنه وكالة الأنباء الرسمية «إيرنا».
ويعتمد رئيسي في سياسات خطابه على خبرته في القضاء الإيراني، وحاول خلال الأسبوع الماضي النأي بنفسه عن الصراعات الحالية ومخاطبة الإيرانيين، بعيداً عن الانقسامات، رغم اعتباره المرشح الأول للتيار المحافظ.
وتحدث رئيسي أمس مرة ثانية عن ضرورة حل قضايا الفساد، ولمح إلى أن تلك القضايا أصبحت قضية رأي عام في الشارع الإيراني، وفي توضيح ذلك، أشار إلى التململ الشعبي والمطالبة «بتجفيف حاضنات الفساد».
وقال في هذا الخصوص إن «هذه الحكومة تأتي وتقول إن الحكومة السابقة، والحكومة السابقة تتهم الحكومة التي سبقتها. الشعب تعب». ويقول: «لا تقولوا (لص لص)، اذهبوا واحتجزوا اللص».
قلق من تسريب أسرار من الاتفاق النووي في المناظرات
بدوره، أعرب المتحدث باسم الخارجية الإيرانية، بهرام قاسمي، أمس، عن انزعاجه من تحول قضايا حساسة مثل الاتفاق النووي إلى مادة في الجدل الدائر بين المرشحين للانتخابات الرئاسية. وقال رداً على سؤال حول إمكانية تسريب معلومات سرية من الاتفاق النووي وإلحاق الأضرار به خلال الحملات الانتخابية إن «كشف المعلومات السرية في أي بلد جريمة ولا يجوز ذلك على يد أي طرف».
ورفض قاسمي التعليق على ما أثاره المرشح إسحاق جهانغيري حول نشاط مدبر الهجوم على السفارة السعودية وإمكانية ملاحقة القضية من قبل الخارجية، قائلاً إنه لا يملك معلومات حول نشاط الحملات الانتخابية.
ورغم ترحيب قاسمي بوجود خلافات في إيران بين المسؤولين، فإنه دعا السياسيين إلى «التعلم بعدم تسريب السياسة الخارجية إلى الشارع» الإيراني وألا تتحول «القضايا التي تحلق أضراراً بمصالح الشعب إلى مادة النزاعات السياسية».
وكان قاسمي يشير إلى مهاجمة الاتفاق النووي من منافسي روحاني المحافظين خلال الأيام الماضية. وقال قاسمي رداً على الانتقادات الأخيرة إن «الاتفاق النووي واضح وحوله إجماع شامل في إيران. نتائج الاتفاق النووي واضحة ونعرف أنه لا يمكن أن يكون أفضل من هذا. نأمل أن يكون النقاش بين المجموعات السياسية في المستقبل وأن يحافظ على العدالة والإنصاف في موضوع السياسة الخارجية في إطار المصالح القومية».