«داعش» يهاجم في جنوب الموصل مقر قيادة الشرطة الاتحادية

«داعش» يهاجم في جنوب الموصل مقر قيادة الشرطة الاتحادية
TT

«داعش» يهاجم في جنوب الموصل مقر قيادة الشرطة الاتحادية

«داعش» يهاجم في جنوب الموصل مقر قيادة الشرطة الاتحادية

رغم مرور نحو 5 أشهر على تحرير القوات العراقية لناحية حمام العليل الواقعة جنوب الموصل فإن «انغماسيين» من تنظيم داعش وبإسناد من مجموعة من مسلحي التنظيم شنوا فجر أمس هجوماً مسلحاً على المقر الرئيسي لقيادة الشرطة الاتحادية العراقية. ويعتبر الهجوم بداية معركة جديدة بين القوات العراقية والخلايا النائمة التي أعدها «داعش» لمرحلة ما بعد هروبه من الموصل.
وقال قائد الشرطة الاتحادية، الفريق رائد شاكر جودت، لـ«الشرق الأوسط» إن قواته المتمركزة في قرية العريج (شمال ناحية حمام العليل) أحبطت تعرضاً فاشلاً من قبل عدد من «انغماسيي» تنظيم داعش وقتلت 4 منهم، وتلاحق الفارين باتجاه القرى والتلال القريبة من المنطقة. وأضاف: «مقر قواتنا يقع وسط المنطقة السكنية في العريج التي تحيط بها القرى والتلال، وصباح أمس هاجم عدد من (الانغماسيين) تساندهم مجموعة أخرى من مسلحي التنظيم المقر»، لافتاً إلى أن الهجوم يهدف إلى التشويش على تقدم الشرطة الاتحادية في الموصل القديمة.
ورغم تحرير غالبية أحياء الموصل من مسلحي «داعش» فإن الخلايا النائمة التابعة له ما زالت تشكل خطراً على أمن الموصل واستقرارها. وشهدت المناطق المحررة من الموصل، خاصة أحياء الجانب الأيسر التي أعلنت القوات العراقية تحريرها بالكامل في نهاية يناير (كانون الثاني) الماضي، عدداً من العمليات الإرهابية التي استهدفت المدنيين والقوات الأمنية العراقية، إلى جانب تعرض المدنيين في هذه المناطق إلى حالات إطلاق نار من قبل مسلحي التنظيم المختبئين بين الأهالي.
ومع أن القوات الأمنية العراقية تواصل عمليات التدقيق الأمني في أسماء سكان الموصل، فإنها لم تتمكن حتى الآن سوى من اعتقال عدد قليل من هذه الخلايا المنتشرة في جميع المناطق، ويتوقع «الموصليون» أن تندلع معارك أخرى في مدينتهم مع تحريرها من «داعش»، بين خلايا التنظيم والقوات الأمنية التي تمسك الأرض فيه.
وبحسب معلومات أمنية دقيقة، حصلت عليها «الشرق الأوسط» من مصادر أمنية عراقية، وضع التنظيم خطة لمعركة الموصل والمرحلة التي تليها منذ اللحظة الأولى من احتلاله المدينة، حيث قسم من انضم إلى صفوفه من العراقيين إلى 3 مجموعات: الأولى هي المجموعة التي تخوض القتال ضد القوات الأمنية، وتتكون غالبية مسلحيها من الأجانب والعرب العراقيين وغيرهم، وهذه المجموعة غالبيتها من الانغماسيين الذين يفجرون أنفسهم بعد خوض اشتباكات مباشرة. أما المجموعة الثانية فتتألف من القادة البارزين وعوائلهم، وعوائل عدد من المسلحين الذين تركوا الموصل قبل بدء المعارك، واستقر قسم منهم في تلعفر، أما الباقون فنقلوا إلى الرقة ودير الزور في سوريا. والمجموعة الثالثة تتألف من الخلايا النائمة، وهم المسلحون العراقيون الذين بايعوا «داعش» بأسماء وهمية، معتمدين على وثائق ثبوتية مزيفة زودوا بها خلال عهد نظام صدام حسين لتنفيذ عمليات استخباراتية ومخابراتية، وانتمى هؤلاء بعد سقوط صدام إلى «القاعدة» والمجاميع المسلحة الأخرى، ومع سيطرة «داعش» على الموصل انضم جميعهم إلى التنظيم.
بدوره، قال مسؤول إعلام مركز تنظيمات الاتحاد الوطني الكردستاني في الموصل، غياث سورجي، إنه «كان هناك نحو 9 آلاف مسلح عراقي في صفوف (داعش) في الموصل قبل انطلاق عملية تحريرها، قتل المئات منهم خلال الأشهر الماضية، ومع بدء عمليات تحرير الموصل ترك غالبيتهم السلاح واختبأوا في قراهم أو في منازلهم، فيما سلم آخرون أنفسهم للقوات الأمنية»، مشيراً إلى أن قسماً من هؤلاء المسلحين يشكلون الخلايا النائمة، وحذر من مغبة انضمام أناس جدد إلى «داعش» كانوا قد تأثروا بفكره، خاصة إذا لم تكن هناك توعية مكثفة للموصليين وأطفالهم من خطورة الفكر الإرهابي وتأثيراته المستقبلية على حياتهم.



نزيف بشري للجماعة الحوثية رغم توقف المعارك

مقبرة أنشأتها الجماعة الحوثية لقتلاها في صنعاء (أ.ف.ب)
مقبرة أنشأتها الجماعة الحوثية لقتلاها في صنعاء (أ.ف.ب)
TT

نزيف بشري للجماعة الحوثية رغم توقف المعارك

مقبرة أنشأتها الجماعة الحوثية لقتلاها في صنعاء (أ.ف.ب)
مقبرة أنشأتها الجماعة الحوثية لقتلاها في صنعاء (أ.ف.ب)

شيّعت الجماعة الحوثية خلال الأسبوع الماضي أكثر من 15 قتيلاً من قيادييها العسكريين والأمنيين من دون إعلان ملابسات سقوطهم. ورغم توقف المعارك العسكرية مع القوات الحكومية اليمنية في مختلف الجبهات؛ فإن النزيف البشري المستمر لقياداتها وعناصرها يثير التساؤلات عن أسبابه، بالتزامن مع مقتل العديد من القادة في خلافات شخصية واعتداءات على السكان.

ولقي قيادي بارز في صفوف الجماعة مصرعه، الأحد، في محافظة الجوف شمال شرقي العاصمة صنعاء في كمين نصبه مسلحون محليون انتقاماً لمقتل أحد أقاربهم، وذلك بعد أيام من مقتل قيادي آخر في صنعاء الخاضعة لسيطرة الجماعة، في خلاف قضائي.

وذكرت مصادر قبلية في محافظة الجوف أن القيادي الحوثي البارز المُكنى أبو كمال الجبلي لقي مصرعه على يد أحد المسلحين القبليين، ثأراً لمقتل أحد أقاربه الذي قُتل في عملية مداهمة على أحد أحياء قبيلة آل نوف، التي ينتمي إليها المسلح، نفذها القيادي الحوثي منذ أشهر، بغرض إجبار الأهالي على دفع إتاوات.

من فعالية تشييع أحد قتلى الجماعة الحوثية في محافظة حجة دون الإعلان عن سبب مقتله (إعلام حوثي)

ويتهم سكان الجوف القيادي القتيل بممارسات خطيرة نتج عنها مقتل عدد من أهالي المحافظة والمسافرين وسائقي الشاحنات في طرقاتها الصحراوية واختطاف وتعذيب العديد منهم، حيث يتهمونه بأنه كان «يقود مسلحين تابعين للجماعة لمزاولة أعمال فرض الجبايات على المركبات المقبلة من المحافظات التي تسيطر عليها الحكومة، وتضمنت ممارساته الاختطاف والتعذيب والابتزاز وطلب الفدية من أقارب المختطفين أو جهات أعمالهم».

وتقول المصادر إن الجبلي كان يعدّ مطلوباً من القوات الحكومية اليمنية نتيجة ممارساته، في حين كانت عدة قبائل تتوعد بالانتقام منه لما تسبب فيه من تضييق عليها.

وشهدت محافظة الجوف مطلع هذا الشهر اغتيال قيادي في الجماعة، يُكنى أبو علي، مع أحد مرافقيه، في سوق شعبي بعد هجوم مسلحين قبليين عليه، انتقاماً لأحد أقاربهم الذي قُتِل قبل ذلك في حادثة يُتهم أبو علي بالوقوف خلفها.

في الآونة الأخيرة تتجنب الجماعة الحوثية نشر صور فعاليات تشييع قتلاها في العاصمة صنعاء (إعلام حوثي)

وتلفت مصادر محلية في المحافظة إلى أن المسلحين الذين اغتالوا أبو علي يوالون الجماعة الحوثية التي لم تتخذ إجراءات بحقهم، مرجحة أن تكون عملية الاغتيال جزءاً من أعمال تصفية الحسابات داخلياً.

قتل داخل السجن

وفي العاصمة صنعاء التي تسيطر عليها الجماعة الحوثية منذ أكثر من 10 سنوات، كشفت مصادر محلية مطلعة عن مقتل القيادي الحوثي البارز عبد الله الحسني، داخل أحد السجون التابعة للجماعة على يد أحد السكان المسلحين الذي اقتحم السجن الذي يديره الحسني بعد خلاف معه.

وتشير المصادر إلى أن الحسني استغل نفوذه للإفراج عن سجين كان محتجزاً على ذمة خلاف ينظره قضاة حوثيون، مع المتهم بقتل الحسني بعد مشادة بينهما إثر الإفراج عن السجين.

وكان الحسني يشغل منصب مساعد قائد ما يسمى بـ«الأمن المركزي» التابع للجماعة الحوثية التي ألقت القبض على قاتله، ويرجح أن تجري معاقبته قريباً.

وأعلنت الجماعة، السبت الماضي، تشييع سبعة من قياداتها دفعة واحدة، إلى جانب ثمانية آخرين جرى تشييعهم في أيام متفرقة خلال أسبوع، وقالت إنهم جميعاً قتلوا خلال اشتباكات مسلحة مع القوات الحكومية، دون الإشارة إلى أماكن مقتلهم، وتجنبت نشر صور لفعاليات التشييع الجماعية.

جانب من سور أكبر المستشفيات في العاصمة صنعاء وقد حولته الجماعة الحوثية معرضاً لصور قتلاها (الشرق الأوسط)

ويزيد عدد القادة الذين أعلنت الجماعة الحوثية عن تشييعهم خلال الشهر الجاري عن 25 قيادياً، في الوقت الذي تشهد مختلف جبهات المواجهة بينها وبين القوات الحكومية هدوءاً مستمراً منذ أكثر من عامين ونصف.

ورعت الأمم المتحدة هدنة بين الطرفين في أبريل (نيسان) من العام قبل الماضي، ورغم أنها انتهت بعد ستة أشهر بسبب رفض الجماعة الحوثية تمديدها؛ فإن الهدوء استمر في مختلف مناطق التماس طوال الأشهر الماضية، سوى بعض الاشتباكات المحدودة على فترات متقطعة دون حدوث أي تقدم لطرف على حساب الآخر.

قتلى بلا حرب

وأقدمت الجماعة الحوثية، أخيراً، على تحويل جدران سور مستشفى الثورة العام بصنعاء، وهو أكبر مستشفيات البلاد، إلى معرض لصور قتلاها في الحرب، ومنعت المرور من جوار السور للحفاظ على الصور من الطمس، في إجراء أثار حفيظة وتذمر السكان.

وتسبب المعرض في التضييق على مرور المشاة والسيارات، وحدوث زحام غير معتاد بجوار المستشفى، ويشكو المرضى من صعوبة وصولهم إلى المستشفى منذ افتتاح المعرض.

ويتوقع مراقبون لأحوال الجماعة الحوثية أن يكون هذا العدد الكبير من القيادات التي يجري تشييعها راجعاً إلى عدة عوامل، منها مقتل عدد منهم في أعمال الجباية وفرض النفوذ داخل مناطق سيطرة الجماعة، حيث يضطر العديد من السكان إلى مواجهة تلك الأعمال بالسلاح، ولا يكاد يمرّ أسبوع دون حدوث مثل هذه المواجهات.

ترجيحات سقوط عدد كبير من القادة الحوثيين بغارات الطيران الأميركي والبريطاني (رويترز)

ويرجح أن يكون عدد من هؤلاء القادة سقطوا بقصف الطيران الحربي للولايات المتحدة الأميركية وبريطانيا اللتين شكلتا منذ قرابة عام تحالفاً عسكرياً للرد على استهداف الجماعة الحوثية للسفن التجارية وطرق الملاحة في البحر الأحمر، وتنفذان منذ ذلك الحين غارات جوية متقطعة على مواقع الجماعة.

كما تذهب بعض الترجيحات إلى تصاعد أعمال تصفية الحسابات ضمن صراع وتنافس الأجنحة الحوثية على النفوذ والثروات المنهوبة والفساد، خصوصاً مع توقف المعارك العسكرية، ما يغري عدداً كبيراً من القيادات العسكرية الميدانية بالالتفات إلى ممارسات نظيرتها داخل مناطق السيطرة والمكاسب الشخصية التي تحققها من خلال سيطرتها على أجهزة ومؤسسات الدولة.

وبدأت الجماعة الحوثية خلال الأسابيع الماضية إجراءات دمج وتقليص عدد من مؤسسات وأجهزة الدولة الخاضعة لسيطرتها، في مساعِ لمزيد من النفوذ والسيطرة عليها، والتخفيف من التزاماتها تجاه السكان بحسب المراقبين.