إيطاليا تعتبر الحوار السلمي الحل الوحيد للأزمة في ليبيا

تصعيد عسكري وسياسي بين البرلمان وحكومة السراج

سفن إنقاذ لآلاف الناجين من المهاجرين قبالة الساحل الليبي أمس (رويترز)
سفن إنقاذ لآلاف الناجين من المهاجرين قبالة الساحل الليبي أمس (رويترز)
TT
20

إيطاليا تعتبر الحوار السلمي الحل الوحيد للأزمة في ليبيا

سفن إنقاذ لآلاف الناجين من المهاجرين قبالة الساحل الليبي أمس (رويترز)
سفن إنقاذ لآلاف الناجين من المهاجرين قبالة الساحل الليبي أمس (رويترز)

في تصعيد جديد للخلافات بين مجلس النواب الليبي وحكومة الوفاق الوطني المدعومة من بعثة الأمم المتحدة، انتقد المجلس الدعوة المفاجئة لرئيس الحكومة فائز السراج للمجتمع الدولي للتدخل العاجل في الجنوب الليبي، واعتبرها تخدم مصلحة الميليشيات المتطرفة وعصابات التهريب والمرتزقة، التي عاثت فساداً في جنوب البلاد منذ سنوات دون حسيب ولا رقيب.
وفى أول رد فعل دولي على مطالبة السراج للمجتمع الدولي، أول من أمس، بالتدخل لوقف العمليات العسكرية التي يخوضها الجيش الليبي للسيطرة على قاعدة تمنهنت الجوية، بمدينة سبها، في جنوب البلاد، قالت السفارة الإيطالية لدى ليبيا إن الحوار السلمي هو السبيل الوحيد لحل الأزمة في ليبيا.
وأعادت السفارة الإيطالية، عبر حسابها على موقع «تويتر»، نشر الرسالة المفتوحة التي وجهها السراج إلى الأمناء العامين للأمم المتحدة، والجامعة العربية، ومنظمة التعاون الإسلامي، بالإضافة إلى الاتحادين الأوروبي والأفريقي، مضيفة بشكل مقتضب: «كفى اقتتال».
ويعتبر هذا أول تلميح إيطالي رسمي لرفض بيان السراج الذي أصدره أول من أمس، ونظر إليه البرلمان الليبي على أنه بمثابة تمهيد لطلب تدخل عسكري أجنبي محتمل في البلاد. وقال مجلس النواب، في بيان أصدره من مقره في مدينة طبرق، بأقصى الشرق الليبي: «في الوقت الذي تسعى فيه قوات الجيش الوطني الليبي لبسط الأمن، وفرض سيادة الدولة، يحاول المستفيدون من هذا الوضع من قادة الميليشيات وعصابات التهريب للبشر والمخدرات والسلاح، المتآمرين مع عصابات من المرتزقة الأجانب، وقف ذلك».
وبعدما لفت إلى أن «هؤلاء هم من دفعوا السراج لإطلاق دعوته»، أضاف المجلس: «ونحن لسنا ببعيدين عن اعتقال قواتنا المسلحة لمرتزقة من المعارضة التشادية، وما عرضه التلفزيون التشادي من اعترافات من مرتزقة عائدين من قتال قواتنا المسلحة في الجنوب الليبي، وهؤلاء من تستهدفهم قواتنا المسلحة في قتالها للميليشيات المسلحة والمتطرفين والمرتزقة الأجانب وعصابات التهريب والمعسكرات والمنشآت التي تأويهم، ولم تستهدف أية مواقع مدنية».
وقال البرلمان، المعترف به دولياً، أنه يرفض دعوة السراج والمجلس الرئاسي لحكومته، مشيراً إلى عدم مشروعية مجلس السراج، وكل ما يصدر عنه، وفقاً للإعلان الدستوري وأحكام القضاء الليبي.
وطلب البرلمان من المجتمع الدولي احترام سيادة ليبيا، والإعلان الدستوري الحاكم في البلاد، كما دعاه إلى ضرورة احترام إرادة الشعب الليبي ومؤسساته الشرعية التي ارتضاها عبر انتخابات ديمقراطية حرة ونزيهة.
في المقابل، أعلنت حكومة السراج أنها، وفي إطار مساعي مجلسها الرئاسي للتهدئة وحقن الدماء في الجنوب الليبي، والجهود المبذولة لوقف إطلاق النار، فقد شكلت لجنة للعمل على هذه المساعي.
وقالت الحكومة، في بيان لها: «نعيد دعوتنا للجميع بالتهدئة، والاحتكام لصوت العقل. وكما أوضحنا في رسالتنا المفتوحة للمجتمع الدولي، التي نطالبه فيها بالتدخل وبتحمل مسؤولياته في الضغط السياسي وإيجاد حلول عملية لتنفيذ الاتفاق السياسي، ودعم الاستقرار في ليبيا».
لكن على القطراني، نائب السراج، أحد الأعضاء التسعة لمجلسه الرئاسي، قال في المقابل، أمس، إنه يرفض دعوة السراج المجتمع الدولي للتدخل في الجنوب، معتبراً أن الدعوة الأحادية التي صدرت عن السراج أثبتت لليبيين، وللمجتمع الدولي، وبما لا يدع مجالاً للشك، أنه يحمل أجندة محددة لدول بعينها سعت جاهدة للسيطرة على القرار الوطني في ليبيا.
وطالب القطراني، الذي يقاطع اجتماعات مجلس السراج منذ العام الماضي، في تصريحات بثتها وكالة الأنباء الليبية، المجتمع الدولي بدعم الجيش الليبي فيما وصفه بالمعارك الوطنية المشروعة، وقال إن السراج لم يعد رجل التوافق المطلوب، فهو يحاول في كل مرة الحفاظ على موقعه الافتراضي، وأن يخلط الأوراق لضرب أي مساع لتعديل الاتفاق، وتعديل المجلس الرئاسي.
وميدانياً، تجددت أمس الاشتباكات العنيفة بين قوات الجيش الوطني، الذي يقوده المشير خليفة حفتر، وميليشيات القوة الثالثة، التابعة لحكومة السراج في محيط قاعدة تمنهنت الجوية.
وقال مسؤول عسكري بالجيش لـ«الشرق الأوسط» إن مواجهات وصفها بأنها عنيفة وشرسة اندلعت حول القاعدة، إثر هجوم شنته قوات الجيش على ميلشيات المعارضة التشادية، المتحالفة مع ميلشيات القوة الثالثة المحاصرة داخل القاعدة.
وقال العميد محمد بن نايل، قائد عملية «الرمال المتحركة» التي دشنها الجيش الليبي لاستعادة السيطرة على منطقة الجنوب الليبي، إنه لا حوار أو مفاوضات مع هذه الميليشيات بعد دخول تنظيم القاعدة إلى قاعدة تمنهنت.
وزعمت قناة النبأ التلفزيونية المحلية، الموالية لجماعة «الإخوان»، أن قوات الجيش الذي يقوده حفتر قصفت قاعدة تمنهنت بأكثر من 20 قذيفة هاوتزر، بعد انتهاء فترة الهدنة المبرمة بالجنوب، ونقلت عن القائد الميداني في القوة الثالثة أشرف تنتون أن وساطة مشايخ جبل نفوسة بين طرفي القتال «باءت بالفشل»، بعد رفض قوات الجيش التي تصر على تسليم قاعدتي براك وتمنهنت لقوة محايدة.
وتسيطر على هذه القاعدة منذ 3 سنوات ميليشيات «القوة الثالثة لحماية الجنوب»، وهي تتبع المجلس العسكري لمدينة مصراتة، وقد كلفت من قبل الحكومة الليبية بفض النزاعات بين قبائل الجنوب التي تدخل في نزاعات قبلية بين الحين والآخر.
وخلال الأسبوع الماضي، هددت قوات الجيش الليبي بقصف قاعدة جوية غرب البلاد، تابعة لحكومة السراج، رداً على قصف طائرات أقلعت من تلك القاعدة على قاعدة عسكرية أخرى تابعة للجيش، جنوب البلاد. وقصف الطيران الحربي من قاعدة مصراتة الجوية قاعدة «براك الشاطئ»، التابعة للجيش الليبي، فيما زعمت إدارة قاعدة مصراتة أن هذا القصف تم بناء على تعليمات المهدي البرغثي، وزير الدفاع بحكومة السراج.



​انخفاض صادرات العسل في اليمن بنسبة 50 %‎

نحّال يمني بمحافظة تعز حيث تسبب حصار الحوثيين في تراجع إنتاج العسل (أ.ف.ب)
نحّال يمني بمحافظة تعز حيث تسبب حصار الحوثيين في تراجع إنتاج العسل (أ.ف.ب)
TT
20

​انخفاض صادرات العسل في اليمن بنسبة 50 %‎

نحّال يمني بمحافظة تعز حيث تسبب حصار الحوثيين في تراجع إنتاج العسل (أ.ف.ب)
نحّال يمني بمحافظة تعز حيث تسبب حصار الحوثيين في تراجع إنتاج العسل (أ.ف.ب)

انخفض إنتاج وتصدير العسل في اليمن خلال السنوات الخمس الأخيرة بنسبة تصل إلى 50 في المائة بسبب تغيرات المناخ، وارتفاع درجة الحرارة، إلى جانب آثار الحرب التي أشعلها الحوثيون، وذلك طبقاً لما جاء في دراسة دولية حديثة.

وأظهرت الدراسة التي نُفّذت لصالح اللجنة الدولية للصليب الأحمر أنه خلال السنوات الخمس الماضية، وفي المناطق ذات الطقس الحار، انخفض تعداد مستعمرات النحل بنسبة 10 - 15 في المائة في حين تسبب الصراع أيضاً في انخفاض إنتاج العسل وصادراته بأكثر من 50 في المائة، إذ تركت سنوات من الصراع المسلح والعنف والصعوبات الاقتصادية سكان البلاد يكافحون من أجل التكيف، مما دفع الخدمات الأساسية إلى حافة الانهيار.

100 ألف أسرة يمنية تعتمد في معيشتها على عائدات بيع العسل (إعلام محلي)

ومع تأكيد معدّي الدراسة أن تربية النحل ليست حيوية للأمن الغذائي في اليمن فحسب، بل إنها أيضاً مصدر دخل لنحو 100 ألف أسرة، أوضحوا أن تغير المناخ يؤثر بشدة على تربية النحل، مما يتسبب في زيادة الإجهاد الحراري، وتقليل إنتاج العسل.

وأشارت الدراسة إلى أن هطول الأمطار غير المنتظمة والحرارة الشديدة تؤثران سلباً على مستعمرات النحل، مما يؤدي إلى انخفاض البحث عن الرحيق وتعطيل دورات الإزهار، وأن هذه التغييرات أدت إلى انخفاض إنتاج العسل في المناطق الأكثر حرارة، وأدت إلى إجهاد سبل عيش مربي النحل.

تغيرات المناخ

في حين تتفاقم الأزمة الإنسانية في اليمن، ويعتمد 70 في المائة من السكان على المساعدات، ويعيش أكثر من 80 في المائة تحت خط الفقر، توقعت الدراسة أن يؤدي تغير المناخ إلى ارتفاع درجات الحرارة في هذا البلد بمقدار 1.2 - 3.3 درجة مئوية بحلول عام 2060، وأن تزداد درجات الحرارة القصوى، حيث ستصبح الأيام الأكثر سخونة بحلول نهاية هذا القرن بمقدار 3 - 7 درجات مئوية عما هي عليه اليوم.

شابة يمنية تروج لأحد أنواع العسل في مهرجان بصنعاء (إعلام محلي)

وإذ ينبه معدّو الدراسة إلى أن اليمن سيشهد أحداثاً جوية أكثر شدة، بما في ذلك الفيضانات الشديدة، والجفاف، وزيادة وتيرة العواصف؛ وفق ما ذكر مركز المناخ، ذكروا أنه بالنسبة لمربي النحل في اليمن، أصبحت حالات الجفاف وانخفاض مستويات هطول الأمطار شائعة بشكل زائد. وقد أدى هذا إلى زيادة ندرة المياه، التي يقول مربو النحل إنها التحدي المحلي الرئيس لأي إنتاج زراعي، بما في ذلك تربية النحل.

ووفق بيانات الدراسة، تبع ذلك الوضع اتجاه هبوطي مماثل فيما يتعلق بتوفر الغذاء للنحل، إذ يعتمد مربو النحل على النباتات البرية بصفتها مصدراً للغذاء، والتي أصبحت نادرة بشكل زائد في السنوات العشر الماضية، ولم يعد النحل يجد الكمية نفسها أو الجودة من الرحيق في الأزهار.

وبسبب تدهور مصادر المياه والغذاء المحلية، يساور القلق - بحسب الدراسة - من اضطرار النحل إلى إنفاق مزيد من الطاقة والوقت في البحث عن هذين المصدرين اللذين يدعمان الحياة.

وبحسب هذه النتائج، فإن قيام النحل بمفرده بالبحث عن الماء والطعام والطيران لفترات أطول من الزمن وإلى مسافات أبعد يؤدي إلى قلة الإنتاج.

وذكرت الدراسة أنه من ناحية أخرى، فإن زيادة حجم الأمطار بسبب تغير المناخ تؤدي إلى حدوث فيضانات عنيفة بشكل متكرر. وقد أدى هذا إلى تدمير مستعمرات النحل بأكملها، وترك النحّالين من دون مستعمرة واحدة في بعض المحافظات، مثل حضرموت وشبوة.

برنامج للدعم

لأن تأثيرات تغير المناخ على المجتمعات المتضررة من الصراع في اليمن تشكل تحدياً عاجلاً وحاسماً لعمل اللجنة الدولية للصليب الأحمر الإنساني، أفادت اللجنة بأنها اتخذت منذ عام 2021 خطوات لتوسيع نطاق سبل العيش القائمة على الزراعة للنازحين داخلياً المتضررين من النزاع، والعائدين والأسر المضيفة لمعالجة دعم الدخل، وتنويع سبل العيش، ومن بينها مشروع تربية النحل المتكامل.

الأمطار الغزيرة تؤدي إلى تدمير مستعمرات النحل في اليمن (إعلام محلي)

ويقدم البرنامج فرصة لدمج الأنشطة الخاصة بالمناخ التي تدعم المجتمعات لتكون أكثر قدرة على الصمود في مواجهة تغير المناخ، ومعالجة تأثير الصراع أيضاً. ومن ضمنها معلومات عن تغير المناخ وتأثيراته، وبعض الأمثلة على تدابير التكيف لتربية النحل، مثل استخدام الظل لحماية خلايا النحل من أشعة الشمس، وزيادة وعي النحالين بتغير المناخ مع المساعدة في تحديث مهاراتهم.

واستجابة لارتفاع درجات الحرارة الناجم عن تغير المناخ، وزيادة حالات الجفاف التي أسهمت في إزالة الغابات والتصحر، نفذت اللجنة الدولية للصليب الأحمر أيضاً برنامجاً لتعزيز قدرة المؤسسات المحلية على تحسين شبكة مشاتل أنشطة التشجير في خمس محافظات، لإنتاج وتوزيع أكثر من 600 ألف شتلة لتوفير العلف على مدار العام للنحل.