بعثتان دوليتان في تركيا للتحقيق بالهجوم الكيماوي على خان شيخون

روسيا تصر على مشاركة الدول الضامنة في لجنة التحقيق

بعثتان دوليتان في تركيا للتحقيق بالهجوم الكيماوي على خان شيخون
TT

بعثتان دوليتان في تركيا للتحقيق بالهجوم الكيماوي على خان شيخون

بعثتان دوليتان في تركيا للتحقيق بالهجوم الكيماوي على خان شيخون

بدأت بعثتان من خبراء منظمتي حظر الأسلحة الكيماوية والصحة العالمية أمس، في تركيا تحقيقات وجمع معلومات حول الهجوم الكيماوي على خان شيخون في محافظة إدلب السورية الأسبوع الماضي، في الوقت الذي قالت فيه رئيسة الوزراء البريطانية تيريزا ماي، أمس، إن بريطانيا تعتقد أن حكومة بشار الأسد مسؤولة عن هجوم بغاز سام في محافظة إدلب.
ووصلت البعثتان إلى مدينة هطاي على الحدود السورية جنوب تركيا لتفقد أوضاع مصابي القصف الكيماوي على خان شيخون الذين نقلوا إلى المستشفيات التركية.
وسيعمل خبراء منظمة حظر الأسلحة الكيماوية على جمع عينات في إطار تحقيق في معطيات حول شن هجوم بغاز السارين في خان شيخون ما أدى إلى مقتل 87 شخصا وإصابة 30 آخرين نقلوا إلى تركيا وتوفي منهم 3 في مستشفى الريحانية في هطاي.
وقالت مصادر في المنظمة ومقرها لاهاي لـ«رويترز»، أمس، إن البعثة ستتولى بعثة لتقصي الحقائق لجمع عينات حيوية (بيومترية) وإجراء مقابلات مع الناجين.
وستحدد البعثة ما إذا كان قد تم استخدام أسلحة كيماوية لكنها ليست مفوضة بتحديد المسؤول. وستحيل البعثة نتائجها المتوقعة في غضون ثلاثة إلى أربعة أسابيع إلى لجنة تحقيق مشتركة بين الأمم المتحدة ومنظمة حظر الأسلحة الكيماوية مهمتها تحديد الأفراد أو المؤسسات المسؤولة عن الهجوم.
وقال أوميت موتلو ترياكي مدير الصحة في هطاي، إن وفد منظمة الصحة العالمية يجري الزيارة إلى هطاي بهدف الاطلاع على آخر ما تم التوصل إليه من أدلة ومعلومات حول الاعتداء الكيماوي على خان شيخون.
وأضاف يلماز أن منظمة الصحة العالمية تولي اهتماماً كبيراً لما نقوم به من تحريات حول الاعتداء الكيماوي على خان شيخون وأن مديرية الصحة في هطاي زوّدت الوفد بما توفر لديها من معلومات حول الاعتداء المذكور ومعالجة الجرحى المصابين.
من جانبها قالت إنيت هاينزلمان إحدى أعضاء وفد منظمة الصحة العالمية، إنّ الوفد قدِم إلى هطاي للتباحث حول كيفية تقديم المساعدات للمستشفيات التركية التي استقبلت جرحى الاعتداء الكيماوي.
وأوضحت هاينزلمان أنّ سوء الأوضاع الأمنية في الداخل السوري حالت دون دخولهم إلى أراضي هذا البلد، وأنّ الوفد سيكتفي بجمع المعلومات من مسؤولي هطاي.
وأضافت أن تركيا تبذل جهوداً كبيرة لإسعاف الجرحى السوريين ومعالجتهم في مستشفياتها، وتنسق مع وزارة الصحة التركية حول كيفية إرسال المساعدات الطبية إلى الداخل السوري.
وكانت وزارة الصحة التركية أعلنت الثلاثاء أن غاز السارين استخدم في الهجوم الكيماوي على خان شيخون.
وبذلت تركيا مساعي دولية واسعة خلال الأيام الماضية من أجل فضح الجريمة وإثبات استخدام النظام للأسلحة المحرمة دوليا.
وتوصل محققون من قبل إلى أن غازات السارين والكلور وخردل الكبريت تم استخدامها خلال الحرب الأهلية في سوريا. واستخدمت قوات الحكومة الكلور بينما استخدم تنظيم داعش خردل الكبريت.
ويعد قصف مدينة خان شيخون، الواقعة في محافظة إدلب التي تسيطر عليها المعارضة قرب الحدود مع تركيا، هو أكبر الهجمات من حيث عدد القتلى منذ هجوم بغاز السارين في 21 أغسطس (آب) عام 2013 أوقع مئات القتلى في الغوطة الشرقية.
في السياق نفسه، قال الوفد البريطاني في منظمة حظر الأسلحة الكيماوية، أمس، إن عينات أخذت من مسرح الهجوم الكيماوي في سوريا الأسبوع الماضي أثبتت وجود غاز السارين.
وقال الوفد خلال جلسة خاصة للمنظمة في لاهاي: «حلل علماء بريطانيون العينات التي أخذت من خان شيخون. ثبت وجود غاز السارين للأعصاب أو مادة تشبه السارين».
وكانت رئيسة الوزراء البريطانية تيريزا ماي، قالت، في بيان أذيع تلفزيونيا «نعتقد أنه من المرجح بشدة أن
الهجوم نفذه نظام الأسد... وبعيدا عن أي شيء آخر نعتقد أن النظام وحده هو الذي لديه القدرة على تنفيذ مثل هذا الهجوم».
في سياق متصل، تصر روسيا على تشكيل فريق للتحقيق في القصف الذي تعرضت له مدينة خان شيخون باستخدام السباح الكيماوي، وتدعو إلى ضم ممثلين عن الدولة الضامنة لاتفاق وقف إطلاق النار، أي روسيا وتركيا وإيران، إلى محققي منظمة حظر الأسلحة الكيماوية، وقدمت اقتراحا إلى المنظمة بهذا الخصوص.
وكشف وزير الخارجية الروسي سيرغي لافروف خلال مؤتمر صحافي، أمس، أنه عرض على وزير الخارجية الأميركي ريكس تيلرسون، خلال محادثاتهما في اليوم السابق، تشكيل لجنة تحقيق مستقلة على أساس البنى التي تم تشكيلها في الأمم المتحدة ومنظمة حظر الأسلحة الكيماوية، بمشاركة ممثلين عن الدول الغربية وروسيا ودول المنطقة. وأضاف لافروف إنه لمس ترحيبا لدى تيلرسون بالفكرة، إلا أنه لم يكن مستعداً لتقديم الاقتراح باسم روسيا والولايات المتحدة، ولذلك قدمته روسيا لمنظمة حظر الأسلحة الكيماوية باسمها.
من جانبه قال سيرغي ريابكوف نائب وزير الخارجية الروسي، في تصريحات أمس، إن لجنة التحقيق يجب أن تضم ممثلين عن الدول الأعضاء في مجلس الأمن الدولي، وعن الدول الضامنة لعملية آستانة. وأشار في تصريحات نقلتها «ريا نوفوستي» إلى أن موقف بلاده لم يتغير، أي إن موسكو ما زالت تصر على رفض الاتهامات المسبقة، داعياً منظمة حظر الأسلحة الكيميائية «المؤسسة المختصة في هذا المجال والتي تتوفر لديها الخبرة اللازمة للتفتيش، أن تعمل على تحقيق نزيه ومحايد»، مكررا أنه «في حال ساد المنطق خلال أعمال الدورة الاستثنائية للمجلس التنفيذي للمنظمة، وتم تشكيل بعثة التحقيق، فيجب أن تضم خبراء من جميع الدول القادرة على تقييم الأمور بشكل سليم».
في غضون ذلك، دعا نائب رئيس الوزراء التركي ويسي كايناك، المجتمع الدولي للوقوف في وجه عمليات التطهير العرقي التي ينفذها نظام الأسد في سوريا، مطالبا روسيا وإيران بالكف عن دعم جرائم النظام السوري. وقال في تصريحات، أمس، إن تركيا تدعم بشدة عدم إجبار السوريين على ترك منازلهم، وعدم تعرضهم لعمليات تطهير عرقي على يد قوات النظام السوري، مشددا على ضرورة الوقوف في وجه ممارسات النظام السوري هذه.
إلى ذلك قالت صحيفة «صباح» التركية القريبة من الحكومة، إن الإدارة الأميركية وافقت أخيراً على خطط تشكيل منطقة آمنة ومناطق حظر طيران لأجل حماية المدنيين في سوريا والتي كانت تركيا تنادي بها منذ فترة طويلة.
وبحسب الصحيفة، فإن الولايات المتحدة التي ردت الجمعة الماضي على قتل نظام الأسد العشرات في الهجوم الكيماوي على خان شيخون من خلال قصف قاعدة الشعيرات، بدأت تنظر إلى موضوع إنشاء المنطقة الآمنة.
وتصرّ تركيا منذ فترة طويلة على تأسيس منطقة آمنة للمدنيين في سوريا، وقال وزير الدفاع الأميركي جيمس ماتيس إنه يجري أيضاً تقييم الخيارات العسكرية مثل مناطق حظر الطيران.



3 مقترحات يمنية أمام مجلس الشيوخ الأميركي لإسناد الشرعية

رئيس مجلس القيادة الرئاسي اليمني يلتقي في الرياض الأحد مسؤولين أميركيين (سبأ)
رئيس مجلس القيادة الرئاسي اليمني يلتقي في الرياض الأحد مسؤولين أميركيين (سبأ)
TT

3 مقترحات يمنية أمام مجلس الشيوخ الأميركي لإسناد الشرعية

رئيس مجلس القيادة الرئاسي اليمني يلتقي في الرياض الأحد مسؤولين أميركيين (سبأ)
رئيس مجلس القيادة الرئاسي اليمني يلتقي في الرياض الأحد مسؤولين أميركيين (سبأ)

قدمت الحكومة اليمنية عبر سفارتها في واشنطن 3 مقترحات أمام مجلس الشيوخ الأميركي لإسناد الشرعية في مواجهة الجماعة الحوثية المدعومة من إيران، في حين تحدثت الجماعة، الأحد، عن غارة ضربت موقعاً لها في جنوب محافظة الحديدة.

ووصف الإعلام الحوثي الغارة بـ«الأميركية - البريطانية»، وقال إنها استهدفت موقعاً في مديرية التحيتا الخاضعة للجماعة في جنوب محافظة الحديدة الساحلية على البحر الأحمر، دون إيراد تفاصيل عن آثار الضربة.

مقاتلات أميركية من طراز «إف 35» شاركت في ضرب الحوثيين باليمن (أ.ب)

وفي حين لم يتبنَّ الجيش الأميركي على الفور هذه الغارة، تراجعت خلال الشهر الأخير الضربات على مواقع الحوثيين، إذ لم تسجل سوى 3 غارات منذ 12 نوفمبر (تشرين الثاني) الماضي.

وكانت واشنطن أنشأت تحالفاً بقيادتها سمّته «حارس الازدهار» وبدأت - ومعها بريطانيا في عدد من المرات - في شن ضربات على مواقع الجماعة الحوثية ابتداء من 12 يناير (كانون الثاني) 2024، في مسعى لإضعاف قدرة الجماعة على مهاجمة السفن.

وإذ بلغت الغارات أكثر من 800 غارة غربية استأثرت محافظة الحديدة الساحلية بأغلبها، كانت الجماعة تبنت مهاجمة نحو 215 سفينة منذ نوفمبر 2023، وأدت الهجمات إلى غرق سفينتين وإصابة أكثر من 35 سفينة ومقتل 3 بحارة.

وتزعم الجماعة الموالية لإيران أنها تشن هجماتها ضد السفن إلى جانب عشرات الهجمات باتجاه إسرائيل مساندة منها للفلسطينيين في غزة، في حين تقول الحكومة اليمنية إن الجماعة تنفذ أجندة طهران واستغلت الأحداث للهروب من استحقاقات السلام.

تصنيف ودعم وتفكيك

في وقت يعول فيه اليمنيون على تبدل السياسة الأميركية في عهد الرئيس المنتخب دونالد ترمب، لتصبح أكثر صرامة في مواجهة الحوثيين الذين باتوا الذراع الإيرانية الأقوى في المنطقة بعد انهيار «حزب الله» وسقوط نظام بشار الأسد، قدم السفير اليمني لدى واشنطن محمد الحضرمي 3 مقترحات أمام مجلس الشيوخ لدعم بلاده.

وتتضمن المقترحات الثلاثة إعادة تصنيف الحوثيين منظمة إرهابية أجنبية، ودعم الحكومة اليمنية لتحرير الحديدة وموانئها، واستهداف قيادات الجماعة لتفكيك هيكلهم القيادي.

محمد الحضرمي سفير اليمن لدى الولايات المتحدة ووزير الخارجية الأسبق (سبأ)

وقال السفير الحضرمي إن تصنيف الحوثيين منظمة إرهابية أجنبية على غرار تصنيف «حزب الله» و«الحرس الثوري» الإيراني، من شأنه أن يبعث برسالة قوية مفادها أن أفعال الحوثيين (ترويع المدنيين، واستهداف الأمن البحري، وزعزعة استقرار المنطقة) غير مقبولة.

وبخصوص دعم الحكومة اليمنية لتحرير ميناء الحديدة، أوضح الحضرمي في مداخلته أمام مجلس الشيوخ الأميركي أن تأمين هذا الميناء الحيوي على البحر الأحمر، من شأنه أن يمكن الحكومة من حماية البحر الأحمر وإجبار الحوثيين على الانخراط في السلام، وكذلك منع وصول الدعم الإيراني إليهم.

وأكد الحضرمي أن تحرير الحديدة لن يكلف الحكومة اليمنية الكثير، وقال: «كنا على مسافة قليلة جداً من تحرير الحديدة في 2018، وتم إيقافنا من قبل المجتمع الدولي. وأعتقد أنه حان الأوان لتحرير هذا الميناء».

وفيما يتعلق باستهداف قيادات الحوثيين لتفكيك هيكلهم القيادي، شدد السفير اليمني في واشنطن على أهمية هذه الخطوة، وقال إن «محاسبة قادة الميليشيات الحوثية على جرائمهم ستؤدي إلى إضعاف عملياتهم وتعطيل قدرتهم على الإفلات من العقاب».

وأضاف: «ستعمل هذه التدابير على تعزيز أمن البحر الأحمر، وحفظ دافعي الضرائب وهذا البلد (الولايات المتحدة) للكثير من المال، ومحاسبة الحوثيين على أفعالهم، وتوفير الضغط اللازم لإجبار الجماعة على الانخراط في المفاوضات، مما يمهد الطريق لسلام دائم في اليمن».

ورأى السفير اليمني أن الدبلوماسية وحدها لا تجدي نفعاً مع النظام الإيراني ووكلائه، وقال: «حاولنا ذلك معهم لسنوات عديدة. (السلام من خلال القوة) هو المجدي! وأنا واثق بأن الشعب اليمني والإيراني سيتمكنون يوماً ما من تحرير أنفسهم من طغيان النظام الإيراني ووكلائه».

اتهام إيران

أشار السفير الحضرمي في مداخلته إلى أن معاناة بلاده كانت النتيجة المتعمدة لدعم إيران للفوضى وعدم الاستقرار في المنطق، وقال: «منذ أكثر من 10 سنوات، قامت إيران بتمويل وتسليح جماعة الحوثي الإرهابية، وتزويدها بالأسلحة الفتاكة لزعزعة استقرار اليمن وتهديد خطوط الملاحة الدولية في البحر الأحمر».

وأوضح أنه من المأساوي أن الدعم الإيراني مكّن الحوثيين من أن يصبحوا خطراً ليس فقط على اليمن، بل على المنطقة والعالم، إذ يعدّ البحر الأحمر ممراً مهماً للشحن التجاري، حيث يمر منه أكثر من 10 في المائة من التجارة العالمية و30 في المائة من شحن البضائع السنوي، لافتاً إلى أن الولايات المتحدة وحدها تنفق مليارات الدولارات للتصدي لهجمات لا تكلف إيران إلا القليل.

صاروخ وهمي من صنع الحوثيين خلال تجمع في صنعاء دعا له زعيم الجماعة (إ.ب.أ)

وخاطب الحضرمي أعضاء مجلس الشيوخ الأميركي بالقول: «يجب إيقاف الحوثيين، ويمكن لليمنيين إيقافهم! فنحن نمتلك العزيمة والقوة البشرية لمواجهة الحوثيين والتهديد الإيراني في اليمن والبحر الأحمر. ولكننا لا نستطيع أن نفعل ذلك بمفردنا؛ نحن بحاجة لدعمكم».

وأشار السفير اليمني إلى أن الحوثيين يحصلون على النفط والغاز مجاناً من إيران، وباستخدام الأسلحة الإيرانية يمنعون اليمن من تصدير موارده الطبيعية، مما أعاق قدرة الحكومة على دفع الرواتب، أو تقديم الخدمات، أو شن هجوم مضاد فعال ضد الجماعة. وقال: «يمكن أن يتغير ذلك بدعم الولايات المتحدة».

وأكد الحضرمي أن اليمنيين لديهم العزيمة والقدرة على هزيمة الحوثيين واستعادة مؤسسات الدولة وإحلال السلام، واستدرك بالقول إن «وجود استراتيجية أميركية جديدة حول اليمن يعدّ أمراً بالغ الأهمية لمساعدتنا في تحقيق هذا الهدف».

ومع تشديد السفير اليمني على وجود «حاجة ماسة إلى نهج جديد لمعالجة التهديد الحوثي»، أكد أن الحوثيين «ليسوا أقوياء بطبيعتهم، وأن قوتهم تأتي فقط من إيران وحرسها الثوري، وأنه بوجود الاستراتيجية الصحيحة، يمكن تحييد هذا الدعم».