السيسي يبدأ زيارة إلى واشنطن هي الأولى لرئيس مصري منذ 7 سنوات

مصادر دبلوماسية عدتها «نقطة تحوّل» في العلاقات بين البلدين

السيسي يبدأ زيارة إلى واشنطن هي الأولى لرئيس مصري منذ 7 سنوات
TT

السيسي يبدأ زيارة إلى واشنطن هي الأولى لرئيس مصري منذ 7 سنوات

السيسي يبدأ زيارة إلى واشنطن هي الأولى لرئيس مصري منذ 7 سنوات

بدأ الرئيس المصري عبد الفتاح السيسي، أمس، زيارة رسمية إلى العاصمة الأميركية واشنطن، هي الأولى لرئيس مصري منذ نحو سبعة أعوام، يلتقي خلالها نظيره الأميركي دونالد ترمب غداً (الاثنين) لبحث عدة ملفات تتصدرها القضايا الأمنية والمساعدات العسكرية. فيما اعتبرت مصادر دبلوماسية الزيارة «نقطة تحول في العلاقات بين البلدين».
وتأمل القاهرة في أن تبدد الزيارة التي تستغرق 5 أيام الضباب الذي وسم العلاقات المصرية الأميركية خلال السنوات الأخيرة من إدارة الرئيس الأميركي السابق باراك أوباما، على خلفية عزل الرئيس المصري الأسبق محمد مرسي منتصف عام 2013. وزيارة السيسي للولايات المتحدة هي الزيارة الرسمية الأولى منذ توليه منصبه، كما تأتي تلبية لدعوة من الرئيس ترمب، حيث كانت زيارات الرئيس السيسي السابقة للولايات المتحدة في إطار مشاركته في فعاليات الأمم المتحدة.
ومصر حليف وثيق للولايات المتحدة في الشرق الأوسط منذ منتصف سبعينات القرن الماضي، وتتلقى مساعدات عسكرية أميركية بقيمة 1.3 مليار دولار سنويا، بموجب اتفاقية السلام التي وقعتها مصر مع إسرائيل برعاية أميركية.
وتوقع مصدر دبلوماسي مصري مطلع أن تشكل زيارة السيسي إلى واشنطن ما اعتبره «نقطة تحول في مسار العلاقات الاستراتيجية بين مصر والولايات المتحدة»، مضيفا أن «الرئيس ترمب يدرك أهمية الدور المصري في المنطقة، وقدرة القاهرة على تعزيز الاستقرار الإقليمي، ومكافحة الإرهاب والتطرف».
من جانبه، قال السفير علاء يوسف المتحدث الرسمي باسم الرئاسة إن «الزيارة التي تعتبر الأولى منذ تولى ترمب مهام منصبه في البيت الأبيض، ستشمل عقد مباحثات بين الرئيسين تتناول عددا من الملفات ذات الصلة بالعلاقات الثنائية فضلا عن الموضوعات المطروحة على الساحتين الإقليمية والدولية».
وأضاف يوسف في بيان حصلت «الشرق الأوسط» على نسخة منه، أن الزيارة تشمل لقاءات للرئيس السيسي مع الوزراء الأميركيين وممثلين لدوائر صنع القرار في الولايات المتحدة، فضلا عن لقاءات متعددة مع أعضاء الكونغرس الأميركي من الحزبين الجمهوري والديمقراطي ورؤساء عدد من اللجان بمجلسي النواب والشيوخ، لعرض الرؤية المصرية للأزمات الإقليمية وكيفية التعامل معها، ولبحث سبل تعزيز العلاقات الثنائية.
كما يعقد الرئيس المصري اجتماعا مع قيادات غرفة التجارة الأميركية ورؤساء كبرى الشركات الأميركية لبحث فرص الاستثمار في مصر، على ضوء التقدم المحرز على صعيد الإصلاح الاقتصادي، والإجراءات التي تتبناها لتشجيع الاستثمارات الأجنبية وتنفيذها لعدد من المشروعات القومية، بحسب البيان.
ومن المقرر أيضاً أن يتضمن برنامج الرئيس لقاء كل من رئيس البنك الدولي ومديرة صندوق النقد الدولي، لبحث فرص تعزيز التعاون القائم بين مصر والمؤسستين الدوليتين في مختلف المجالات الاقتصادية.
ويضم الوفد المصري المرافق للسيسي كلا من: سامح شكري وزير الخارجية، وسحر نصر وزيرة الاستثمار والتعاون الدولي، وطارق قابيل وزير التجارة والصناعة، وعمرو الجارحي وزير المالية، واللواء خالد فوزي رئيس المخابرات العامة، واللواء عباس كامل مدير مكتب الرئيس.
وكان شكري قد استبق الزيارة بسلسلة مباحثات أجراها في واشنطن للإعداد للزيارة، مؤكدا حينها أن علاقات بلاده بواشنطن استراتيجية، وأن الزيارة تتناول الكثير من القضايا الثنائية والإقليمية والدولية بعمق وبتعاون لتحقيق مصالح البلدين.
وعشية زيارة الرئيس المصري إلى الولايات المتحدة الأميركية، قال مسؤول كبير بالبيت الأبيض الجمعة الماضي، إن ترمب سيسعى لإعادة بناء العلاقات مع مصر أثناء اجتماعه مع السيسي مع التركيز على القضايا الأمنية والمساعدات العسكرية.
وعلى خلفية التوترات المصرية الأميركية، جمد الرئيس الأميركي السابق المساعدات العسكرية لمصر عامين، لكنها استؤنفت لاحقا.
وتأتي زيارة السيسي بينما اقترحت إدارة ترمب تخفيضات واسعة في المساعدات الخارجية الأميركية لم يتم حتى الآن تحديد تفاصيلها. ويتوقع البيت الأبيض أن المساعدات إلى مصر ستستمر لكنه لم يقدم أي تفاصيل بهذا الشأن.
وأبلغ المسؤول الأميركي الصحافيين، بحسب وكالة «رويترز» أن ترمب «يريد استغلال زيارة الرئيس السيسي لتأسيس بداية جديدة للعلاقات الثنائية وتعزيز الصلات القوية التي أقامها الرئيسان عندما اجتمعا أول مرة في نيويورك في سبتمبر (أيلول) الماضي».
وقال البيت الأبيض إن علاقة ترمب مع السيسي شهدت بداية جيدة قبل انتخابات الرئاسة الأميركية أثناء اجتماع في نيويورك في سبتمبر (أيلول) عندما كان ترمب مرشح الحزب الجمهوري. وقال المسؤول إن ترمب يؤيد نهج السيسي في مكافحة الإرهاب الذي يشمل الجهود العسكرية والسياسية ومساعيه لإصلاح اقتصاد مصر ودعوات السيسي إلى «إصلاح وتجديد الخطاب الديني».
وسئل المسؤول عما إذا كانت الولايات المتحدة ستصنف الإخوان المسلمين كجماعة إرهابية، مثلما فعلت مصر، فقال إن ترمب مهتم بسماع آراء السيسي أثناء الاجتماع. وأضاف قائلا: «نحن، إلى جانب عدد من الدول، لدينا بعض المخاوف بشأن أنشطة متعددة مارستها (جماعة) الإخوان المسلمين في المنطقة».
وعارض بعض أعضاء الكونغرس الأميركي تخفيف القيود على المساعدات لمصر بسبب المخاوف بشأن حقوق الإنسان. وقال مسؤول البيت الأبيض إن إدارة ترمب تعتزم مناقشة مسائل حقوق الإنسان خلف أبواب مغلقة.
من جانبه، اعتبر السفير ياسر رضا، سفير مصر لدى الولايات المتحدة، أن زيارة السيسي للولايات المتحدة تحمل رسالة شاملة للتواصل مع كل عناصر المجتمع الأميركي.
وأضاف، في كلمته للوفد الإعلامي على هامش عشاء أقيم بمقر إقامة السفير بواشنطن، أن الزيارة سيسجلها التاريخ ويعبر عنها أنها زيارة تمثل مرحلة جديدة في العلاقات المصرية الأميركية، خاصة أن مصر تغيرت وأميركا تغيرت هي الأخرى وجاء الآن وقت إعادة العلاقات لمسارها الصحيح بما تمثله من زخم، مشيراً إلى أن الرئيس ترمب سيقيم غداء عمل على شرف الرئيس السيسي وسيعقد معه جلسة مباحثات مطولة.
وقبيل مغادرته القاهرة، استقبل الرئيس المصري أمس بيتر طومسون رئيس الجمعية العامة للأمم المتحدة، حيث أعرب السيسي عن حرص بلاده على الاضطلاع بمسؤولياتها تجاه تطوير دور المنظمة بما يساهم في مواجهة التحديات الدولية الراهنة.
وأوضح المتحدث الرئاسي أن السيسي أكد خلال لقاء طومسون على الاهتمام الذي توليه مصر لمنظمة الأمم المتحدة وللعمل الدولي متعدد الأطراف، مشدداً على حرص مصر على إرساء دعائم السلم والأمن والاستقرار العالمي، فضلا عن الاستمرار في المشاركة بفعالية في مهام حفظ السلام التابعة للأمم المتحدة إسهاما منها في مساندة جهود المنظمة في مجال حفظ السلم والأمن الدوليين.
وأضاف السفير يوسف في بيان حصلت «الشرق الأوسط» على نسخة منه أن رئيس الجمعية العامة للأمم المتحدة أشاد من جانبه بدور مصر المحوري بمنطقة الشرق الأوسط باعتبارها ركيزة أساسية للأمن والاستقرار، وحرصها على التوصل إلى تسويات سياسية لمختلف الأزمات التي تمر بها المنطقة. كما ثمن طومسون مشاركة مصر الفعّالة في مختلف أنشطة الأمم المتحدة والمحافل الدولية متعددة الأطراف، وسعيها للدفاع عن قضايا الدول الأفريقية والنامية، ولا سيما في إطار عضويتها الحالية في مجلس الأمن الدولي.



اعتقالات الحوثيين وتسليح الاقتصاد يهيمنان على إحاطة غروندبرغ

المبعوث الأممي إلى اليمن هانس غروندبرغ (الأمم المتحدة)
المبعوث الأممي إلى اليمن هانس غروندبرغ (الأمم المتحدة)
TT

اعتقالات الحوثيين وتسليح الاقتصاد يهيمنان على إحاطة غروندبرغ

المبعوث الأممي إلى اليمن هانس غروندبرغ (الأمم المتحدة)
المبعوث الأممي إلى اليمن هانس غروندبرغ (الأمم المتحدة)

تصدرت اعتقالات الحوثيين للموظفين الأمميين والإغاثيين، وتسليح الاقتصاد في اليمن، الإحاطة الشهرية للمبعوث الأممي إلى اليمن هانس غروندبرغ، أمام مجلس الأمن، الأربعاء، مع تأكيد المبعوث أن الحلّ السلمي وتنفيذ خريطة طريق تحقق السلام أمر ليس مستحيلاً، على الرغم من التصعيد الحوثي البحري والبري والردود العسكرية الغربية.

وقال المبعوث الأممي إنه من الضروري أن تقتنص الأطراف المعنية، والمنطقة، والمجتمع الدولي «اللحظات المحورية»، وألا تفوّت الفرصة لتحويلها إلى خطوات واضحة نحو تحقيق السلام المنشود في اليمن.

آثار مسيرة حوثية انفجرت في مبنى سكني في تل أبيب (أ.ف.ب)

ومع انهيار الاقتصاد وتدهور مستويات المعيشة، رأى غروندبرغ أنه لا يوجد أي مبرر لهذه المعاناة، وأن إنهاء الحرب في اليمن هو خيار حقيقي ومتاح، ويبقى ضمن متناول الأطراف، داعياً جميع الأطراف للانخراط بجدية مع الجهود التي يقودها لتنفيذ خريطة الطريق، والتي تهدف إلى تحقيق وقف إطلاق النار، وتنفيذ تدابير اقتصادية، تشمل دفع الرواتب بشكل مستدام، والتمهيد لعملية سياسية شاملة.

وحضّ غروندبرغ على اتخاذ الإجراءات اللازمة، وتقديم التنازلات، والتركيز الصادق على اليمن، باعتبار ذلك أمراً ضرورياً «إذا كانت الأطراف تسعى لتخفيف معاناة اليمنيين وإعادة الأمل في مستقبل يسوده السلام».

اعتقالات تعسفية

أشار المبعوث الأممي إلى اليمن في إحاطته إلى مرور 6 أشهر على بدء الحوثيين اعتقالات تعسفية استهدفت موظفين من المنظمات الدولية والوطنية، والبعثات الدبلوماسية، ومنظمات المجتمع المدني، وقطاعات الأعمال الخاصة.

وقال، رغم الإفراج عن 3 محتجزين، إن عشرات آخرين، بمن فيهم أحد أعضاء مكتبه لا يزالون رهن الاحتجاز التعسفي، «بل إن البعض يُحرم من أبسط الحقوق الإنسانية، مثل إجراء مكالمة هاتفية مع عائلاتهم». وفق تعبيره.

الحوثيون انخرطوا في ما يمسى محور المقاومة بقيادة إيران (إ.ب.أ)

ووصف المبعوث الأممي هذه الاعتقالات التعسفية بأنها «تشكل انتهاكاً صارخاً للحقوق الإنسانية الأساسية، وتسبب معاناة عميقة لأسرهم التي تعيش في حالة مستمرة من القلق والخوف على سلامة أحبائهم»، وشدّد على الإفراج الفوري وغير المشروط عن جميع المعتقلين، مع تعويله على دعم مجلس الأمن لتوصيل هذه الرسالة.

وأوضح غروندبرغ أن مكتبه ملتزم بشكل كبير بإطلاق سراح جميع المحتجزين على خلفية النزاع في اليمن، وقال إن هناك من قضى 10 سنوات رهن الاعتقال، داعياً الجميع إلى الوفاء بالتزاماتهم بموجب اتفاق استوكهولم، ومواصلة العمل بروح من التعاون الصادق للوفاء بهذا الملف الإنساني البالغ الأهمية، وأن تسترشد المفاوضات بالمبدأ المتفق عليه، وهو «الكل مقابل الكل».

عواقب وخيمة

وفي ما يخص الوضع الاقتصادي في اليمن، قال المبعوث الأممي إن الأزمة تتفاقم مجدداً، مع التنبيه إلى «العواقب الوخيمة» التي تترتب على الانكماش الاقتصادي، وتجزئته، واستخدامه كأداة في الصراع.

وأكد غروندبرغ أن الفشل في دفع رواتب ومعاشات القطاع العام أدّى إلى زيادة الفقر بشكل واسع، بينما أسهم التضخم المتزايد في جعل كثير من الأسر عاجزة عن تلبية احتياجاتها الأساسية، بما في ذلك الغذاء.

تدهور الاقتصاد وانقطاع الرواتب في اليمن تسببا في جوع ملايين السكان (أ.ف.ب)

وفي شأن مساعيه، أفاد المبعوث الأممي بأن مكتبه من خلال زيارات صنعاء وعدن أوضح مفترق الطرق الحاسم الذي تواجهه الأطراف، وهو إما الاستمرار في «المسار الكارثي من النزاع غير المحسوم وتسليح الاقتصاد الذي سيؤدي بلا شك إلى خسارة الجميع، أو التعاون لحلّ القضايا الاقتصادية لتمهيد الطريق نحو النمو وتحقيق مكاسب السلام الممكنة».

وأشار إلى أن العمل جارٍ على استكشاف حلول عملية وملموسة تهدف إلى استعادة الاستقرار وتعزيز الحوار بشأن الاقتصاد اليمني، بما يشمل دفع الرواتب واستئناف صادرات النفط والغاز، بما يخدم مصلحة الشعب اليمني وترجمة الالتزامات التي تعهدت بها الأطراف في يوليو (تموز) الماضي إلى خطوات ملموسة تعود بالفائدة على جميع اليمنيين.

التصعيد العسكري

في شأن التصعيد العسكري، قال غروندبرغ إن انعدام الأمن في البحر الأحمر لا يزال يتفاقم نتيجة أعمال الحوثيين، إلى جانب الهجمات على إسرائيل، والغارات الجوية التي شنّتها الولايات المتحدة والمملكة المتحدة رداً على تلك التطورات.

وأشار إلى أن هذه الأحداث التي استمرت طوال العام، قلّصت الحيز المتاح لجهود الوساطة التي يقودها. وحضّ جميع الأطراف المعنية على اتخاذ خطوات جادة لتهيئة بيئة مناسبة، تمهد الطريق لحل النزاع في اليمن، وحذّر من أن الفشل في تحقيق ذلك لن يؤدي إلا إلى تعزيز دعوات العودة إلى الحرب.

طائرة حوثية من دون طيار في معرض أقامه الحوثيون في صنعاء بمناسبة الأسبوع السنوي لذكرى قتلاهم (رويترز)

وأوضح أن الأوضاع الهشّة في اليمن لا تزال مستمرة على عدة جبهات، مع تصاعد الاشتباكات بشكل متكرر في مناطق، مثل الضالع، الحديدة، لحج، مأرب، صعدة، شبوة، تعز. ما يؤدي مراراً إلى خسائر مأساوية في الأرواح.

وتصاعدت الأعمال العدائية في المناطق الشرقية من تعز - وفق المبعوث الأممي - مع ورود تقارير عن وقوع انفجارات وقصف بالقرب من الأحياء السكنية.

وفي الأسبوع الماضي فقط، أورد المبعوث في إحاطته أن طائرة من دون طيار استهدفت سوقاً مزدحمة في مقبنة بمحافظة تعز، ما أسفر عن مقتل 6 أشخاص على الأقل، وإصابة آخرين بجروح خطرة.

ودعا غروندبرغ أطراف النزاع اليمني إلى التقيد الجاد بالتزاماتهم، بموجب القانون الإنساني الدولي، لضمان حماية المدنيين والبنية التحتية المدنية. وقال إن هذه الحوادث تسلط الضوء على الحاجة الملحة للتوصل إلى اتفاق لوقف إطلاق النار.

ولدعم جهود التهدئة، أفاد المبعوث بأن مكتبه يتواصل مع المسؤولين العسكريين والأمنيين من الطرفين، لتسهيل الحوار حول الديناميكيات الحالية، واستكشاف سبل تعزيز بناء الثقة.