إضراب يقسم القضاة في تونس

لجنة التحقيق في شبكات تسفير المقاتلين تتلقى شهادات مواطنين

إضراب يقسم القضاة في تونس
TT

إضراب يقسم القضاة في تونس

إضراب يقسم القضاة في تونس

بدأت جمعية القضاة التونسيين، أمس، إضراباً عاماً عن العمل في كل المحاكم لمدة ثلاثة أيام، احتجاجاً على «تردي الظروف المادية للقضاة، وتدهور ظروف العمل في المحاكم، وانسداد آفاق التحاور مع الحكومة ووزارة العدل بشأن تركيبة المجلس الأعلى للقضاء».
ولم يلق هذا الإضراب تجاوباً من قبل نقابة القضاة التونسيين التي قاطعته، وأكدت أن جلسات التقاضي «تسير بشكل عادي»، وأن ما يقدم من معطيات عن نجاح الإضراب «لا يجد صدى في الواقع».
ورغم التناقض بين الهيكلين النقابيين الممثلين للقضاء، فإن جمعية القضاة قررت تنفيذ وقفة احتجاجية أمام البرلمان خلال اليوم الثاني من الإضراب مع ارتداء الزي القضائي، وهو اليوم نفسه الذي يبدأ خلاله البرلمان مناقشة المبادرة الحكومية لتنقيح القانون الأساسي للمجلس الأعلى للقضاء.
وتعتبر جمعية القضاة أن المبادرة الحكومية مخالفة للدستور وهي تهدف إلى «إضعاف المجلس والمس باستقلاليته». وهددت بمواصلة التحركات الاحتجاجية والتوجه في مرحلة لاحقة إلى المنظمات الدولية المدافعة عن استقلال القضاء. وأكدت أن رئيس الحكومة لم يمارس صلاحياته وفق القانون في تسمية القضاة لاستكمال تركيبة المجلس الأعلى للقضاء.
وتنص المبادرة الحكومية على أن يدعو رئيس البرلمان إلى انعقاد أول جلسة للمجلس خلال عشرة أيام من تاريخ دخول المبادرة حيز التنفيذ، ولا تكون هذه الدعوة قابلة للطعن بأي وجه من الأوجه، ولو بدعوى تجاوز السلطة، وهو ما رفضته الهياكل النقابية الممثلة للقضاة.
وقالت رئيسة جمعية القضاة التونسيين روضة القرافي، إن نسبة الاستجابة للإضراب في المحكمة الابتدائية الأولى بتونس «بلغت 80 في المائة». وأوضحت في تصريحات أن «القضاة يدخلون في إضراب للمرة الثالثة، بسبب إغلاق أبواب الحوار كافة أمام الجمعية رغم المطالب الكثيرة التي تقدمت بها إلى وزارة العدل ورئاسة الحكومة».
واعتبرت أن القضاة «يعملون في وضعية مزرية يعاني منها جميع المتعاملين مع مرفق العدالة من محامين وعدول تنفيذ وإشهاد وكتبة ومواطنين، مما أدى إلى طول نشر القضايا، وصدور الأحكام خارج الآجال المعقولة، وانعدام مكاتب للقضاة وغياب الإرشاد».
غير أن رئيس نقابة القضاة التونسيين فيصل البوسليمي نفى نجاح الإضراب الذي دعت إليه الجمعية، وقال إن «سير الجلسات في محاكم كثيرة يتم بشكل عادي»، وإن «عدداً كبيراً من القضاة الذين يؤمنون بحجم المسؤولية الملقاة على عاتقهم واصلوا عملهم». ووصف دعوة الجمعية إلى الإضراب العام للمرة الثالثة بـ«غير المعقولة»، منتقداً «محاولة إدخال الوضع المادي للقضاة سبباً من أسباب هذا الإضراب». ورأى أنه «ليس من صلاحيات الجمعية التفاوض في المسائل المتعلقة بالوضع المادي للقضاة».
على صعيد آخر، دعت رئيسة اللجنة البرلمانية للتحقيق في شبكات تسفير الشباب إلى بؤر التوتر، ليلى الشتاوي، التونسيين إلى الإدلاء بشهاداتهم عن ملف تسفير الشباب. وقالت إن «اللجنة بصدد تشكيل لجنة مصغّرة لتقبل الملفات والشهادات ومتابعتها، على أن يتم الشروع في عقد سلسلة من جلسات الاستماع للأطراف المعنية بداية من الأسبوع المقبل».
وعن زيارة وفد برلماني تونسي الأسبوع الماضي إلى دمشق ولقائه مسؤولين سوريين لبحث ملفات بينها قضية التونسيين المنخرطين في تنظيمات تقاتل في سوريا، اعتبر رئيس الوفد عبد العزيز القطي، في تصريحات، أن أخذ الإذن لإتمام الزيارة من البرلمان أو رئيسه أو أي طرف آخر «لم يكن ضرورياً»، رداً على الجدل الذي رافق الزيارة وإثارة قيادات مسألة «الدبلوماسية الموازية» التي تتضارب مع عمل وزارة الخارجية.
وتخشى أطراف سياسية عدة من إمكانية انعكاس نتائج هذه الزيارة على المشهد السياسي الداخلي، على خلفية الاتهامات الموجهة من قبل أحزاب يسارية معارضة إلى «حركة النهضة» الإسلامية، بتسهيل عمليات تجنيد الشباب للقتال في سوريا.



3 مقترحات يمنية أمام مجلس الشيوخ الأميركي لإسناد الشرعية

رئيس مجلس القيادة الرئاسي اليمني يلتقي في الرياض الأحد مسؤولين أميركيين (سبأ)
رئيس مجلس القيادة الرئاسي اليمني يلتقي في الرياض الأحد مسؤولين أميركيين (سبأ)
TT

3 مقترحات يمنية أمام مجلس الشيوخ الأميركي لإسناد الشرعية

رئيس مجلس القيادة الرئاسي اليمني يلتقي في الرياض الأحد مسؤولين أميركيين (سبأ)
رئيس مجلس القيادة الرئاسي اليمني يلتقي في الرياض الأحد مسؤولين أميركيين (سبأ)

قدمت الحكومة اليمنية عبر سفارتها في واشنطن 3 مقترحات أمام مجلس الشيوخ الأميركي لإسناد الشرعية في مواجهة الجماعة الحوثية المدعومة من إيران، في حين تحدثت الجماعة، الأحد، عن غارة ضربت موقعاً لها في جنوب محافظة الحديدة.

ووصف الإعلام الحوثي الغارة بـ«الأميركية - البريطانية»، وقال إنها استهدفت موقعاً في مديرية التحيتا الخاضعة للجماعة في جنوب محافظة الحديدة الساحلية على البحر الأحمر، دون إيراد تفاصيل عن آثار الضربة.

مقاتلات أميركية من طراز «إف 35» شاركت في ضرب الحوثيين باليمن (أ.ب)

وفي حين لم يتبنَّ الجيش الأميركي على الفور هذه الغارة، تراجعت خلال الشهر الأخير الضربات على مواقع الحوثيين، إذ لم تسجل سوى 3 غارات منذ 12 نوفمبر (تشرين الثاني) الماضي.

وكانت واشنطن أنشأت تحالفاً بقيادتها سمّته «حارس الازدهار» وبدأت - ومعها بريطانيا في عدد من المرات - في شن ضربات على مواقع الجماعة الحوثية ابتداء من 12 يناير (كانون الثاني) 2024، في مسعى لإضعاف قدرة الجماعة على مهاجمة السفن.

وإذ بلغت الغارات أكثر من 800 غارة غربية استأثرت محافظة الحديدة الساحلية بأغلبها، كانت الجماعة تبنت مهاجمة نحو 215 سفينة منذ نوفمبر 2023، وأدت الهجمات إلى غرق سفينتين وإصابة أكثر من 35 سفينة ومقتل 3 بحارة.

وتزعم الجماعة الموالية لإيران أنها تشن هجماتها ضد السفن إلى جانب عشرات الهجمات باتجاه إسرائيل مساندة منها للفلسطينيين في غزة، في حين تقول الحكومة اليمنية إن الجماعة تنفذ أجندة طهران واستغلت الأحداث للهروب من استحقاقات السلام.

تصنيف ودعم وتفكيك

في وقت يعول فيه اليمنيون على تبدل السياسة الأميركية في عهد الرئيس المنتخب دونالد ترمب، لتصبح أكثر صرامة في مواجهة الحوثيين الذين باتوا الذراع الإيرانية الأقوى في المنطقة بعد انهيار «حزب الله» وسقوط نظام بشار الأسد، قدم السفير اليمني لدى واشنطن محمد الحضرمي 3 مقترحات أمام مجلس الشيوخ لدعم بلاده.

وتتضمن المقترحات الثلاثة إعادة تصنيف الحوثيين منظمة إرهابية أجنبية، ودعم الحكومة اليمنية لتحرير الحديدة وموانئها، واستهداف قيادات الجماعة لتفكيك هيكلهم القيادي.

محمد الحضرمي سفير اليمن لدى الولايات المتحدة ووزير الخارجية الأسبق (سبأ)

وقال السفير الحضرمي إن تصنيف الحوثيين منظمة إرهابية أجنبية على غرار تصنيف «حزب الله» و«الحرس الثوري» الإيراني، من شأنه أن يبعث برسالة قوية مفادها أن أفعال الحوثيين (ترويع المدنيين، واستهداف الأمن البحري، وزعزعة استقرار المنطقة) غير مقبولة.

وبخصوص دعم الحكومة اليمنية لتحرير ميناء الحديدة، أوضح الحضرمي في مداخلته أمام مجلس الشيوخ الأميركي أن تأمين هذا الميناء الحيوي على البحر الأحمر، من شأنه أن يمكن الحكومة من حماية البحر الأحمر وإجبار الحوثيين على الانخراط في السلام، وكذلك منع وصول الدعم الإيراني إليهم.

وأكد الحضرمي أن تحرير الحديدة لن يكلف الحكومة اليمنية الكثير، وقال: «كنا على مسافة قليلة جداً من تحرير الحديدة في 2018، وتم إيقافنا من قبل المجتمع الدولي. وأعتقد أنه حان الأوان لتحرير هذا الميناء».

وفيما يتعلق باستهداف قيادات الحوثيين لتفكيك هيكلهم القيادي، شدد السفير اليمني في واشنطن على أهمية هذه الخطوة، وقال إن «محاسبة قادة الميليشيات الحوثية على جرائمهم ستؤدي إلى إضعاف عملياتهم وتعطيل قدرتهم على الإفلات من العقاب».

وأضاف: «ستعمل هذه التدابير على تعزيز أمن البحر الأحمر، وحفظ دافعي الضرائب وهذا البلد (الولايات المتحدة) للكثير من المال، ومحاسبة الحوثيين على أفعالهم، وتوفير الضغط اللازم لإجبار الجماعة على الانخراط في المفاوضات، مما يمهد الطريق لسلام دائم في اليمن».

ورأى السفير اليمني أن الدبلوماسية وحدها لا تجدي نفعاً مع النظام الإيراني ووكلائه، وقال: «حاولنا ذلك معهم لسنوات عديدة. (السلام من خلال القوة) هو المجدي! وأنا واثق بأن الشعب اليمني والإيراني سيتمكنون يوماً ما من تحرير أنفسهم من طغيان النظام الإيراني ووكلائه».

اتهام إيران

أشار السفير الحضرمي في مداخلته إلى أن معاناة بلاده كانت النتيجة المتعمدة لدعم إيران للفوضى وعدم الاستقرار في المنطق، وقال: «منذ أكثر من 10 سنوات، قامت إيران بتمويل وتسليح جماعة الحوثي الإرهابية، وتزويدها بالأسلحة الفتاكة لزعزعة استقرار اليمن وتهديد خطوط الملاحة الدولية في البحر الأحمر».

وأوضح أنه من المأساوي أن الدعم الإيراني مكّن الحوثيين من أن يصبحوا خطراً ليس فقط على اليمن، بل على المنطقة والعالم، إذ يعدّ البحر الأحمر ممراً مهماً للشحن التجاري، حيث يمر منه أكثر من 10 في المائة من التجارة العالمية و30 في المائة من شحن البضائع السنوي، لافتاً إلى أن الولايات المتحدة وحدها تنفق مليارات الدولارات للتصدي لهجمات لا تكلف إيران إلا القليل.

صاروخ وهمي من صنع الحوثيين خلال تجمع في صنعاء دعا له زعيم الجماعة (إ.ب.أ)

وخاطب الحضرمي أعضاء مجلس الشيوخ الأميركي بالقول: «يجب إيقاف الحوثيين، ويمكن لليمنيين إيقافهم! فنحن نمتلك العزيمة والقوة البشرية لمواجهة الحوثيين والتهديد الإيراني في اليمن والبحر الأحمر. ولكننا لا نستطيع أن نفعل ذلك بمفردنا؛ نحن بحاجة لدعمكم».

وأشار السفير اليمني إلى أن الحوثيين يحصلون على النفط والغاز مجاناً من إيران، وباستخدام الأسلحة الإيرانية يمنعون اليمن من تصدير موارده الطبيعية، مما أعاق قدرة الحكومة على دفع الرواتب، أو تقديم الخدمات، أو شن هجوم مضاد فعال ضد الجماعة. وقال: «يمكن أن يتغير ذلك بدعم الولايات المتحدة».

وأكد الحضرمي أن اليمنيين لديهم العزيمة والقدرة على هزيمة الحوثيين واستعادة مؤسسات الدولة وإحلال السلام، واستدرك بالقول إن «وجود استراتيجية أميركية جديدة حول اليمن يعدّ أمراً بالغ الأهمية لمساعدتنا في تحقيق هذا الهدف».

ومع تشديد السفير اليمني على وجود «حاجة ماسة إلى نهج جديد لمعالجة التهديد الحوثي»، أكد أن الحوثيين «ليسوا أقوياء بطبيعتهم، وأن قوتهم تأتي فقط من إيران وحرسها الثوري، وأنه بوجود الاستراتيجية الصحيحة، يمكن تحييد هذا الدعم».