أصعب ما يعانيه البعض، هو محاولة إنقاص الوزن والالتزام بحمية غذائية قاسية. ولكن، قد تكون هناك طريقة بسيطة لإنقاص الوزن؛ وهي فقط استخدام قوة الفكر. كل ما عليك أن تعرفه عن ذلك، موجود في السطور التالية للكاتب العلمي في «بي بي سي» ديفيد روبسون.
يتبع إريك روبنسون حيلة مثيرة للدهشة لإنقاص الوزن، مستخدماً أداة نملكها جميعاً، ولكننا ربما لا نستخدمها بقدر ما نريد، ألا وهي «ذاكرتنا».
غالباً ما يشعر أخصائيو الحمية الغذائية بأنهم في حرب مع المعدة، لكن يرى علماء النفس ممن هم على شاكلة روبنسون أنه يمكن تشكيل الشهية بقدر تنميتنا للشجاعة. ويقول روبنسون إنه بقدر محاولتك لتذكر آخر وجبة تناولتها، يمكنك أن تفقد الوزن دون إحساسك بآلام الجوع.
ويضيف: «أظهر الكثير من الأبحاث التي أجريت حتى الآن أنه يمكن لعوامل نفسية خفية التأثير على كمية الطعام الذي تتناوله ولكن الناس ما زالوا غير مدركين لهذا، وهذا أمر مهم، نظراً لمشكلة السمنة في جميع أنحاء العالم». فإذا كان هذا صحيحاً، فكيف يمكن أن يكون ذلك مفيداً؟
يأتي مصدر إلهام هذا التفكير، بشكل جزئي، من ذوي الذاكرة الضعيفة للغاية الذين يعانون من عجز يعرف بفقد الذاكرة التقدمي، وقد تلتقي بهم وتخوض في محادثة عميقة - ولكن بعد 20 دقيقة لن تكون لديهم أدنى فكرة عنك، «شيء ما يحدث لهم، ولن يتذكروا من أنت بعد 20 دقيقة من غيابك عنهم»، بحسب ما جاء عن روبنسون، الأستاذ بجامعة ليفربول.
نسيان الطعام
ينطبق الشيء نفسه على الطعام الذي يأكلونه، حيث ضمت إحدى الدراسات الأساسية موسيقياً ومصرفياً سابقين، وكلاهما يعاني من فقدان الذاكرة بعد العدوى بالهربس الذي أصاب القشرة الزمانية، وهي جزء من الدماغ يعمل على خلق ذكريات جديدة.
لقد قُدم لهما في المرة الأولى طبق من الساندويتشات والكعك، فأخذوا يأكلون حتى التهموا الطعام بالكامل، فأخذ الطبق بعيداً عنهما - ولكن قُدم مرة أخرى بكمية أكثر بعد 15 دقيقة.
وفي الوقت الذي شعر فيه المتطوعون الأصحاء بعدم الرغبة في تناول المزيد من الطعام، أكل الاثنان حتى نفد الطعام مرة أخرى، وذلك «لأنهما نسيا ما كان في المرة الأولى من تناول طعام، حتى وإن قُدم لهما طعام للمرة الثالثة فإنهما سيتناولانه أيضاً»، كما ذكرت جلين همفريز، من جامعة أكسفورد، التي أجرت الدراسة.
وعلى الرغم من ذاكرتهما الضعيفة، فلم يبد أنهما كانا يعلمان بما أكلا تواً، وفي جزء آخر من التجربة، سُمح لهما بتذوق مجموعة من الأطعمة - طبق من الأرز الحلو، ورقائق البطاطس أو الشوكولاته، وطلب منهما الانتظار قليلاً.
ثم عرضت عليهما طاولة الأطعمة مرة أخرى، قد يختار معظم الناس، مثلي ومثلك، مجموعة متنوعة من النكهات، لنجرب أذواقاً أخرى في المرة الثانية - وهي ظاهرة تسمى بـ«شبع حسي محدد».
ومثلنا، رأى المتطوعان فاقدا الذاكرة أنهما أقل إغراءً أيضاً تجاه اختيارهما السابق - على الرغم من عدم يقينهما بأنهما قد تناولاه من قبل.
ويوحي تفضيلهما بتغيير الأذواق أنه ليس لديهما مشكلة مع معالجة حسية الأطباق - بل لا يمكنهما التذكر بوعي ووضوح ما تناولاه، ولهذا فإنهما لا يزالان يشعران بالجوع، وحتى وإن كانت بطونهما ممتلئة.
وقد تظن أن العقل السليم ذكي بما فيه الكفاية لينتبه لما تأكل، ولكن تُظهر الأبحاث الأخيرة انخداعه بسهولة، انظر إلى هذه التجربة البارعة التي أجراها جيف برونستروم في جامعة بريستول، حيث ظن المشاركون في التجربة أن المهمة بسيطة: وهي تناول حساء الشوربة.
ودون علمهم، قام برونستروم بتوصيل أنابيب من خلال المنضدة بالأطباق، والتي سمحت له بزيادة الكمية في بعض الأطباق دون ملاحظتهم، فوجد أن تناولهم يعتمد بالكامل على ما كان في الوعاء في بداية الوجبة - سواء أكان يبدو كثيراً أو قليلاً - وفي الواقع لم يقدم لهم سوى كمية قليلة للغاية.
وكل هذا يضعف من الفكرة السائدة بأن الجوع تتحكم فيه هرمونات الأمعاء، ولكن كما يقول برونستروم: «لا أعتقد أن هذا النوع من الإشارات مهم، ولكنه كان يقلل من دور الإدراك»، الذي قد يكون في بعض الحالات أكثر أهمية.
وقد يمكن لذلك التأثير على حياتنا العصرية المحمومة، إذ تنتشر الآن وجبة غداء العمل في معظم المكاتب، ونظراً لقيام كثير من الناس بمشاهدة التلفزيون أو اللعب بهواتفهم الذكية وأجهزة الكومبيوتر المحمولة أثناء وجبات الطعام في المساء، فقد يؤثر ذلك على أن تتذكر ما كنت تأكله.
وطلب برونستروم، على سبيل المثال، من بعض المشاركين في التجربة تناول الطعام بيد واحدة أثناء لعبهم بلعبة «سوليتير» باليد الأخرى.
وبفضل التشتت، وجد المشاركون صعوبة في تذكر ما كان بالوجبة، بل وتناولوا المزيد من البسكويت في وقت لاحق من اليوم.
تعزيز الحواس
لهذا السبب يسعى الباحثون الآن لتعزيز الذاكرة الحسية للغذاء، حيث أجرى روبنسون مؤخراً اختباراً حول ما إذا كان بإمكان تسجيل يعمل أثناء تناول الطعام أن يساعد في استرعاء انتباه مجموعة من النساء البدينات عند أكل بعض ساندويتشات اللحم.
وكانت التعليمات الصوتية بسيطة، وهي عبارة عن مقطع مدته 3 دقائق يطلب منهن التركيز على تجربة حسية كاملة تهتم بإدراك ما يتناولن من أطعمة، ومذاقها، ورائحتها.
في حين تناولت مجموعة ثانية الساندويتشات وهي تستمع لصوت وقواق عذب. وكما كان يأمل روبنسون، فقد وجه لهن سؤالاً عن الطعام، وطلب وصفاً كاملاً في وقت لاحق. وبعد مرور أقل من 3 ساعات، تناولن وجبات خفيفة - أي بعد استهلاك أقل من 30 في المائة من السعرات الحرارية.
على الرغم من أن هذا النهج قد لا يتناسب مع الجميع، فإن لدى روبنسون أفكاراً أخرى للطرق البديلة؛ ففي تجربة أخرى، بدا أن سؤال الناس بأن يتذكروا بوعي ما كانوا يأكلون في وقت سابق من اليوم يقلل من الإفراط في تناول الطعام في وقت لاحق.
ويرى أنه حتى الخيال قد يساعد في ذلك: إذ وجد فريق بولاية بنسلفانيا أن تصورك بالتفصيل الممل للوجبة التي تتناولها يخدع العقل، بل ويجعله يشعر بأنه قد تناول في الواقع وجبة خفيفة، وهذا يقلل من الرغبة في الأكل، بل وحرق السعرات بشكل فعلي.
اكتشف كيف تخدع عقلك على تناول الأكل الصحي
اكتشف كيف تخدع عقلك على تناول الأكل الصحي
لم تشترك بعد
انشئ حساباً خاصاً بك لتحصل على أخبار مخصصة لك ولتتمتع بخاصية حفظ المقالات وتتلقى نشراتنا البريدية المتنوعة