أصغر أنجال أبو حمزة المصري يظهر في مقطع دعائي يندد بـ«داعش» في سوريا

قال عن والده المحبوس في أميركا «فك الله أسره»... وهناك أخطاء قد ظهرت ولكن من منا لا يخطئ

سفيان نجل أبو حمزة المصري - أبو حمزة يلقي خطبة الجمعة في الشارع أمام مسجد فنسبري قبل اعتقاله وترحيله إلى أميركا («الشرق الأوسط»)
سفيان نجل أبو حمزة المصري - أبو حمزة يلقي خطبة الجمعة في الشارع أمام مسجد فنسبري قبل اعتقاله وترحيله إلى أميركا («الشرق الأوسط»)
TT

أصغر أنجال أبو حمزة المصري يظهر في مقطع دعائي يندد بـ«داعش» في سوريا

سفيان نجل أبو حمزة المصري - أبو حمزة يلقي خطبة الجمعة في الشارع أمام مسجد فنسبري قبل اعتقاله وترحيله إلى أميركا («الشرق الأوسط»)
سفيان نجل أبو حمزة المصري - أبو حمزة يلقي خطبة الجمعة في الشارع أمام مسجد فنسبري قبل اعتقاله وترحيله إلى أميركا («الشرق الأوسط»)

ظهر سفيان، الابن السادس لداعية الإرهاب أبو حمزة المصري الذي يقضي عقوبة السجن مدى الحياة في الولايات المتحدة بتهم الإرهاب، في مقطع دعائي في سوريا الأسبوع الماضي. ويقاتل سفيان مصطفي أصغر أنجال أبو حمزة، 22 عاما، في صفوف المعارضة السورية، وذلك بعد هروبه من بريطانيا وتخرجه من جامعة وستمنستر. وبزغ النجم الإعلامي الجديد في مقطع دعائي مصور يدين فيه الرئيس بشار الأسد ويشجب فيه ممارسات «داعش» الإرهابية لتشويهها صورة الإسلام.
ويقول سفيان في المقطع الذي يعرض على «يوتيوب» على الإنترنت وعرضته إنه «لا حل للوضع في سوريا طالما استمر الأسد في السلطة. فإن أردت أن تمد يد العون فعليك أن تلقي الضوء على المذابح التي يرتكبها نظام الأسد، والروس، وداعش».
وأضاف سفيان: «من الظلم من الغرب أن تحكم على المسلمين من خلال أفعال القاعدة وداعش أو حزب الله. فإن كان هذا عدلا، فمن حق المسلمين النظر إلى جميع المسيحيين باعتبارهم صليبيين، وإلى الأميركان باعتبارهم تشارلز ماسون»، مضيفا: «سأواصل الوقوف إلى جانب السوريين والقتال لنصرة قضيتهم التي ضحى الكثير من أحبائنا بحياتهم في سبيلها».
ومنذ إتمام رحلته بعد أن ترك جامعة وستمنستر بوسط لندن، التي بلغ طولها 22.000 ميل إلى سوريا، استمر سفيان في لعب دور حيوي في القتال وكان ضمن المحاصرين في حلب، بحسب أجهزة استخبارات داخل سوريا، وإن كان التنظيم الذي يحارب في صفوفه غير معروف حتى الآن. إلا أن بعض المصادر العليمة أكدت لـ«الشرق الأوسط» أنه يقاتل في صفوف الجيش الحر.
ويعتبر مصطفي الابن السادس لثمانية أبناء لداعية التشدد مصري المولد أبو حمزة المصري (58 عاما)، واسمه الحقيقي مصطفى كمال مصطفى، الذي يقضي حاليا عقوبة السجن مدى الحياة في سجن أميركي لارتكابه جرائهم إرهابية.
يذكر أن محكمة بريطانية قررت تسليم أبي حمزة المصري عام 2012 إلى الولايات المتحدة بعد اعتقاله في قاعدة عسكرية بريطانية. وحكمت محكمة أميركية بالسجن مدى الحياة على أبي حمزة الذي يحمل الجنسية البريطانية بعد إدانته باحتجاز رهائن وتهم أخرى بالإرهاب.
وأبدى سفيان استغرابه من سحب الحكومة البريطانية لجواز سفره واتهامه بالإرهاب، رغم أنه يقاتل في صفوف المنتمين للجيش الحر، مضيفا: «أقاتل في صفوف الثوار الذين دعمتهم الحكومة البريطانية والولايات المتحدة بالسلاح والتدريب، فهل حكومتنا البريطانية تمول الإرهاب؟».
ويقول سفيان إنه يعتقد أن سبب طول مدة الحرب هو الانقسام الداخلي بين الفصائل المعارضة، ويرفض رفضا تاما وجود «القاعدة» ممثلة في «النصرة» في سوريا لأنه ملف «يفتح أبواب المفاسد على الأمة»، حسب تعبيره. وأرسلت له «الشرق الأوسط» عدة أسئلة على بريده الإلكتروني الخاص، عن حياته الخاصة بعد تخرجه الجامعي، وكيفية وصوله إلى الداخل السوري.
وشارك سفيان منذ 2013 في المعارك واكتسب خبرات عسكرية، مضيفا في تصريحات تبدو مختلفة عن أدبيات الجماعات الجهادية التي كان والده من أبرز مناصريها «إنني مؤمن أن المعركة الحقيقية سوف تكون بعد سقوط النظام، في بناء سوريا من جديد وإصلاح شؤونها السياسية والاقتصادية وبناء المدارس الحكومية لكي يدرس فيها الشباب والفتيات، ويكبر جيل يعرف القراءة والكتابة، انتصار الثورة سوف يكون عندما نرى شعبا انتخب حكومة تمثله ويأخذ البلاد إلى مستقبل أفضل مما كان عليه».
وعن مدى التزامه بنهج والده الأصولي الذي سبق وأن اعتقل في بريطانيا بتهمة التحريض على الكراهية ضد غير المسلمين، والمعتقل حاليا في الولايات المتحدة بتهم تتعلق بالإرهاب، يعلق سفيان بالقول: «الوالد فك الله أسره تاريخه معروف، أما عن عمله فلا شك أن هناك أخطاء قد ظهرت ولكن من منا لا يخطئ، كل بني آدم خطاء وخير الخطائين التوابون، في نهاية الأمر هو رجل جاهد بنفسه ثم بماله ولسانه من أجل قضية يؤمن بها، فأسأل الله أن يفك أسره ويجمعه مع شيخيه عبد الله عزام وحبيبه الشيخ عمر عبد الرحمن في الجنان».
ويقول سفيان إنه سيعود إلى بريطانيا فور انتهاء القتال مع النظام، حسب تعبيره، «بريطانيا هي المكان الذي ولدت فيه وعشت فيه وإذا ما انتهى القتال ضد النظام وحلفائه سوف أعود من حيث أتيت، لم أكن يوما خطرا على الأمن القومي في بريطانيا، ولم ولن نعتدي على سكانها، لأن ديننا لا يسمح بالاعتداء على الأبرياء العزل، أما إذا ما كانت تنوي الحكومة البريطانية محاكمتي فهذا الأمر لا يهمني، فعملي في سوريا كان ولا يزال مع الثوار الذين تدعمهم الحكومتان الأميركية والبريطانية نفسهما بالسلاح والتدريب في تركيا وقطر، فإن وضعت في قائمة الإرهاب فهل يعني أن هذه الحكومات هي ممولة للإرهاب؟».
من جهته قال الدكتور هاني السباعي مدير مركز المقريزي للدراسات بلندن وأحد الأشخاص المقربين من عائلة أبو حمزة إنه عرف سفيان صغيرا بعد أن تخرج في الثانوية العامة والتحق بجامعة وستمنستر لدراسة البرمجة والكومبيوتر، وكان صبيا وديعا أتم حفظ القران الكريم عن ظهر قلب برواية «ورش» مثل شقيقه عثمان على يدي والده الإسلامي المصري أبو حمزة. وأضاف السباعي «إنني أعتقد أن سفيان نجل أبو حمزة وهو أصغر أولاده الثمانية ضد أبجديات داعش والقاعدة، وهو في صفوف الجيش الحر، وذهب إلى سوريا ضمن الشباب المستقلين مثل مجموعات من المغاربة ذهبت قبل سنوات، منذ اندلاع الحرب ضد الطاغية رئيس النظام السوري بشار الأسد».
وكان الابن السادس للداعية المصري «أبو حمزة»، ظهر في شريط فيديو جديد هاجم فيه تنظيم «الدولة» و«القاعدة» ورئيس النظام السوري بشار الأسد. وحسب المصادر البريطانية فإن سفيان مصطفى الابن السادس للداعية أبو حمزة المصري كان سافر لسوريا وانضم لجماعة متشددة من الجماعات التي تقاتل ضد النظام السوري، وكان شارك في المعارك في مدينة حلب شمال سوريا.
وأبلغ ضابط استخباراتي داخل سوريا صحيفة «ذا صنداي بيبول» أنه ليس لسفيان سجل إجرامي في المملكة المتحدة، غير أنه شارك في العمليات العسكرية في سوريا. أضاف المسؤول الاستخباراتي أنه «استطاع البقاء في الظل منذ وصوله إلى سوريا، لكن من المعتقد أنه يشارك في صفوف قوات المعارضة السورية في الشمال». وبحسب الخبراء، فقد تدفق إلى العراق وسوريا أكثر من 800 بريطاني للانضمام إلى 27.000 أجنبي يقاتلون ضمن صفوف تنظيم داعش منذ انفجار العنف هناك عام 2011، ويقضي والد سفيان، أبو حمزة، عقوبة السجن مدى الحياة في الولايات المتحدة لارتكابه أعمال عنف جرت خلال جلسة محاكمة عقدت بنيويورك عام 2015، ويقضي حاليا العقوبة في عنبر انفرادي بسجن شديد الحراسة بفلورنسا بولاية كلورادو.
وكانت الحكومة البريطانية قد سلمته إلى الولايات المتحدة بعد أن قضت نحو عشر سنوات تحاول خلالها طرده من البلاد. وكانت شهرته قد ذاعت في بريطانيا بعد أن أصبح إماما لمسجد «فنسبري بارك» بشمال لندن عام 1997، وبعد ذلك بعام واحد، تورط أبو حمزة في عملية احتجاز 16 رهينة بريطانيا في اليمن قتل خلالها أسترالي أثناء عملية تحرير الرهائن. وفي عام 2000 بموجب الملفات القضائية التي حوكم بها أقام معسكرا لتدريب الإرهابيين في الولايات المتحدة، تحديدا في بالي وأوريغن، وأرسل المتطوعين والمال إلى أفغانستان لدعم «القاعدة» و«طالبان».
وبعد ذلك بات على رادار الحكومات الغربية عام 2001 بعدما تحدث صراحة عن دعمه لأسامة بن لادن عقب هجمات الحادي عشر من سبتمبر (أيلول). ويكتسب السجن الذي يقضي به أبو حمزة المصري عقوبته شهرة نظرا لكونه شديد الحراسة ومن المستحيل الهروب منه، ويضم عتاة المجرمين في سجون الولايات المتحدة ويعتقد أنه أحد أكثر سجون العالم تأمينا.
بعد دراسته الهندسة المدنية، دخل أبو حمزة المملكة المتحدة عام 1979 بتأشيرة دخول طالب، وحصل على الجنسية البريطانية بعدما اقترن بزوجته الأولى البريطانية التي اعتنقت الإسلام عام 1980. وقال إنها كانت جعلته يترك عمله في ملهى «سوسو» بلندن، وبعد ذلك عاود دراسة الهندسة بجامعة برنل ثم جامعة براياون بوليثنك، اللتين حصل منهما على درجات جامعية. بعد ذلك قام بتطليق زوجته الأولى وأم ابنه الأكبر محمد كامل، الذي أدين عندما كان في سن السابعة عشرة بمحاولة تفجير قنبلة باليمن وأودع السجن لثلاث سنوات عام 1999، بعد ذلك تقابل مع زوجته الثانية عام 1984 في احتفالية إسلامية في لندن وأنجبت له ابنه السابع. ولتأثره الشديد بالثورة الإيرانية، زاد اهتمامه بالإسلام والسياسة، خاصة احتلال الاتحاد السوفياتي لأفغانستان. وبعد لقائه بمؤسس جماعة المجاهدين الأفغان عام 1987، انتقل للعيش في مصر ولاحقا انتقل إلى أفغانستان، وفي السنوات اللاحقة تعرض لفقد كلتا يديه وإحدى عينيه.



الخارجية الفلسطينية ترحب بموافقة الأمم المتحدة على تمديد ولاية «الأونروا»

رجل يعلق علماً فلسطينياً على هوائي في مبنى شبه مدمّر كان يضم عيادة لـ«الأونروا» في مخيم جباليا بغزة (أ.ف.ب)
رجل يعلق علماً فلسطينياً على هوائي في مبنى شبه مدمّر كان يضم عيادة لـ«الأونروا» في مخيم جباليا بغزة (أ.ف.ب)
TT

الخارجية الفلسطينية ترحب بموافقة الأمم المتحدة على تمديد ولاية «الأونروا»

رجل يعلق علماً فلسطينياً على هوائي في مبنى شبه مدمّر كان يضم عيادة لـ«الأونروا» في مخيم جباليا بغزة (أ.ف.ب)
رجل يعلق علماً فلسطينياً على هوائي في مبنى شبه مدمّر كان يضم عيادة لـ«الأونروا» في مخيم جباليا بغزة (أ.ف.ب)

رحبت وزارة الخارجية الفلسطينية، الجمعة، بتبني الجمعية العامة بأغلبية ساحقة خمسة قرارات لصالح الشعب الفلسطيني، من بينها تجديد ولاية وكالة غوث وتشغيل اللاجئين الفلسطينيين «الأونروا».

وقالت الوزارة، في بيان، إن هذه القرارات «تعكس تضامناً واسعاً من جميع أنحاء العالم مع الشعب الفلسطيني وقضيته العادلة، وتمثل إقراراً بمسؤولية المجتمع الدولي في دعم الاحتياجات السياسية والإنسانية، بما فيها حق لاجئي فلسطين».

وأضافت أن هذا التضامن يؤكد دعم العالم لوكالة «الأونروا» سياسياً ومالياً، ولحماية حقوق اللاجئين وممتلكاتهم وإدانة الاستيطان الإسرائيلي.

وأشارت الخارجية الفلسطينية إلى أن هذا التصويت «تعبير إضافي عن رفض المجتمع الدولي للضم والاستيطان والتهجير القسري والعقاب الجماعي والتدمير الواسع للبنية التحتية في الأرض الفلسطينية المحتلة، والإبادة في قطاع غزة».


حديث ترمب عن تعديل المرحلة الثانية... هل يُفعل «البند 17» بـ«اتفاق غزة»؟

يملأ فلسطينيون حاوياتهم بالمياه في مخيم النصيرات للنازحين الفلسطينيين وسط قطاع غزة (أ.ف.ب)
يملأ فلسطينيون حاوياتهم بالمياه في مخيم النصيرات للنازحين الفلسطينيين وسط قطاع غزة (أ.ف.ب)
TT

حديث ترمب عن تعديل المرحلة الثانية... هل يُفعل «البند 17» بـ«اتفاق غزة»؟

يملأ فلسطينيون حاوياتهم بالمياه في مخيم النصيرات للنازحين الفلسطينيين وسط قطاع غزة (أ.ف.ب)
يملأ فلسطينيون حاوياتهم بالمياه في مخيم النصيرات للنازحين الفلسطينيين وسط قطاع غزة (أ.ف.ب)

حديث عابر للرئيس الأميركي دونالد ترمب عن «تعديل المرحلة الثانية من اتفاق وقف إطلاق النار في قطاع غزة» دون أن يوضح تفاصيل ذلك التعديل، أثار تساؤلات بشأن تنفيذ ذلك.

هذا الحديث الغامض من ترمب، يفسره خبراء تحدثوا لـ«الشرق الأوسط» بأنه سيكون تغييراً في تنفيذ بنود الاتفاق، فبدلاً من الذهاب لانسحاب إسرائيلي من القطاع الذي يسيطر فيه على نسبة 55 في المائة، ونزع سلاح «حماس»، سيتم الذهاب إلى «البند 17» المعني بتطبيق منفرد لخطة السلام دون النظر لترتيباتها، وتوقعوا أن «المرحلة الثانية لن يتم الوصول إليها بسهولة في ظل عدم إنهاء ملفات عديدة أهمها تشكيل مجلس السلام ولجنة إدارة غزة ونشر قوات الاستقرار».

و«البند 17» في اتفاق وقف إطلاق النار بغزة الذي دخل حيز التنفيذ في 10 أكتوبر (تشرين الأول) الماضي، ينص على أنه «في حال أخّرت (حماس) أو رفضت هذا المقترح، فإنّ العناصر المذكورة أعلاه، بما في ذلك عملية المساعدات الموسّعة، ستنفّذ في المناطق الخالية من الإرهاب التي يسلّمها الجيش الإسرائيلي إلى قوة الاستقرار الدولية».

و«وثيقة السلام» التي وُقعت في أكتوبر الماضي بين «حماس» وإسرائيل تناولت فقط النقاط المتعلقة بما يسمى «المرحلة الأولى»، وتشمل الهدنة الأولية وانسحاب قوات الجيش الإسرائيلي، وشروط تبادل الأسرى والمحتجزين، وتسهيل دخول المساعدات الإنسانية، فيما لم يتم التوصل إلى اتفاق رسمي بشأن «المرحلة الثانية» المتعلقة بإدارة غزة بعد الحرب.

وأعلن ترمب في تصريحات نقلت، الخميس، أن المرحلة الثانية من خطته للسلام في غزة «ستخضع للتعديل قريباً جداً»، وسط تصاعد القلق من تعثرها وعدم إحرازها تقدماً ملموساً في التنفيذ، دون توضيح ماهية تلك التعديلات.

المحلل في الشأن الإسرائيلي بمركز «الأهرام للدراسات السياسية والاستراتيجية»، الدكتور سعيد عكاشة، يرى أن التعديل الذي يمكن أن يرتكز عليه ترمب للحيلولة دون انهيار الاتفاق كما يعتقد هو اللجوء لـ«البند 17» الذي يرسخ لتقسيم غزة، لغزة قديمة وجديدة، وهذا ما كان يطرحه المبعوث الأميركي، ستيف ويتكوف الشهر الماضي في عدد من لقاءاته.

وأشار إلى أن هذا التعديل هو المتاح خاصة أن الاتفاق أقر في مجلس الأمن الشهر الماضي، ويمكن أن يعاد تفعيل ذلك البند تحت ذرائع عدم استجابة «حماس» لنزع السلاح أو ما شابه، متوقعاً أن يقود هذا الوضع لحالة لا سلم ولا حرب حال تم ذلك التعديل.

رد فعل فلسطينية على مقتل أحد أقربائها في غارة إسرائيلية بخان يونس (أ.ف.ب)

ويرجح المحلل السياسي الفلسطيني، الدكتور أيمن الرقب، أنه في ظل عدم توضيح ماهية تعديلات ترمب بشأن المرحلة الثانية، فإن «هناك مخاوف من ترسيخ تقسيم غزة يمكن أن نراها في التعديل مع رغبة إسرائيلية في استمرار بقائها في القطاع، تطبيقاً لما يتداول بأن هذا غزة جديدة وأخرى قديمة».

ووسط ذلك الغموض بشأن التعديل، أفاد موقع «أكسيوس» بأن ترمب يعتزم إعلان انتقال عملية السلام في غزة إلى مرحلتها الثانية، والكشف عن هيكل الحكم الجديد في القطاع قبل 25 ديسمبر (كانون الأول) الجاري. ونقل الموقع، الخميس، عن مسؤولَين أميركيين قولهما إن «تشكيل القوة الدولية وهيكل الحكم الجديد لغزة في مراحله الأخيرة»، متوقعين أن يعقد الرئيس الأميركي اجتماعاً مع رئيس الوزراء الإسرائيلي، بنيامين نتنياهو قبل نهاية ديسمبر الجاري لمناقشة هذه الخطوات.

غير أن الرقب يرى أن المرحلة الثانية أمامها عقبات تتمثل في «عدم تشكيل مجلس السلام وحكومة التكنوقراط، وعدم تشكيل الشرطة التي ستتولى مهامها وقوة الاستقرار، وأن أي تحركات لن ترى النور قبل يناير (كانون الثاني) المقبل».

ولا يرى عكاشة في المستقبل القريب سوى اتساع احتلال إسرائيل للمناطق التي تقع تحت سيطرتها في القطاع لتصل إلى 60 في المائة مع استمرار تعثر تنفيذ الاتفاق دون تصعيد كبير على نحو ما يحدث في جنوب لبنان من جانب إسرائيل.

فلسطينيون يسيرون أمام الخيام الممتدة على طول الشوارع وسط أنقاض المباني المدمرة في جباليا (أ.ف.ب)

وقبل أيام، تحدثت صحيفة «يديعوت أحرونوت» عن أن هناك خطة إسرائيلية لإعادة توطين نحو مليوني فلسطيني في مناطق جديدة خاضعة لإسرائيل شرق الخط الأصفر، وتفريغ المناطق الخاضعة لسيطرة «حماس» من المدنيين بالكامل، وملاحقة عناصر حركة «حماس» في هذه المناطق تدريجياً. كما نقلت صحيفة «تلغراف» البريطانية، عن دبلوماسيين غربيين أن الخطة الأميركية بشأن غزة تنطوي على خطر تقسيم القطاع إلى جزأين للأبد، ما يؤسّس لوجود قوات الاحتلال بشكل دائم في القطاع المنكوب.

وقبل نحو أسبوع، أكد وزير الخارجية المصري، بدر عبد العاطي، في لقاء ببرشلونة مع الممثلة العليا للشؤون الخارجية والسياسة الأمنية للاتحاد الأوروبي، كايا كالاس، على وحدة الأراضي الفلسطينية بين الضفة الغربية وقطاع غزة ورفض مصر أي إجراءات من شأنها تكريس الانفصال بين الضفة الغربية وغزة أو تقويض فرص حل الدولتين على الأرض.

وأعاد عبد العاطي، التأكيد على ذلك في تصريحات، الأربعاء، قائلاً إنه «لا مجال للحديث عن تقسيم غزة، فغزة هي وحدة إقليمية متكاملة، وجزء لا يتجزأ من الدولة الفلسطينية القادمة، جنباً إلى جنب مع الضفة الغربية بما فيها القدس الشرقية، وهذه هي قرارات الشرعية الدولية وبالتأكيد يتعين الالتزام بذلك»، مؤكداً أنه إلى الآن يجرى التشاور بشأن لجنة إدارة قطاع غزة مع الأطراف المعنية، حتى تتولى هذه اللجنة الإدارية من التكنوقراط مهام العمل على الأرض. وأشار عكاشة إلى أن الجهود المصرية ستتواصل لمنع حدوث تقسيم في قطاع غزة أو حدوث تعديل يؤثر على الاتفاق، لافتاً إلى أن السيناريوهات مفتوحة بشأن التطورات المرتبطة بخطة ترمب.


«المعاقون» في صنعاء... فئة منسيّة تحت مقصلة الحرمان

معاقون في صنعاء أخضعهم الحوثيون للمشاركة في فعالية طائفية (فيسبوك)
معاقون في صنعاء أخضعهم الحوثيون للمشاركة في فعالية طائفية (فيسبوك)
TT

«المعاقون» في صنعاء... فئة منسيّة تحت مقصلة الحرمان

معاقون في صنعاء أخضعهم الحوثيون للمشاركة في فعالية طائفية (فيسبوك)
معاقون في صنعاء أخضعهم الحوثيون للمشاركة في فعالية طائفية (فيسبوك)

تتفاقم معاناة الآلاف من ذوي الإعاقة في العاصمة اليمنية المختطفة صنعاء، في ظل انهيار شبه كامل لمنظومة الرعاية الاجتماعية، واتهامات مباشرة للجماعة الحوثية بتحويل الموارد المخصصة لهذه الفئة إلى قنوات تخدم مشروعها العسكري والآيديولوجي.

ومع استمرار انقطاع البرامج الحكومية والدعم الدولي، يجد المعاقون أنفسهم أمام واقع قاسٍ تتضاعف فيه الاحتياجات وتتراجع فيه فرص العلاج والرعاية.

مصادر محلية أكدت لـ«الشرق الأوسط» أن الجماعة الحوثية كثفت خلال الأسابيع الأخيرة من ممارساتها التي تستهدف ذوي الإعاقة في صنعاء ومدن أخرى تحت سيطرتها، سواء عبر استغلالهم في فعاليات ومناسبات سياسية، أو من خلال إجبار عشرات الأطفال على حضور دورات تعبئة فكرية تستند إلى خطاب طائفي، في مخالفة صريحة لأبسط قواعد الرعاية الإنسانية.

وتشير المصادر إلى أن ما تبقى من المراكز والمنشآت المتخصصة التي كانت تقدم خدمات طبية وتأهيلية للمعاقين، تحوّل إلى أماكن شبه مهجورة بعد إغلاقات تعسفية ووقف شبه تام للبرامج الفنية والدعم الخارجي، نتيجة استحواذ الجماعة على المخصصات والموارد المالية.

مبنى «صندوق رعاية وتأهيل المعاقين» الخاضع للحوثيين في صنعاء (إكس)

وكشف سكان في صنعاء أن مئات المعاقين فقدوا مصادر دخلهم المحدودة. ومع غياب برامج الدعم، اضطرت كثير من الأسر إلى إرسال أبنائها من ذوي الإعاقة إلى شوارع المدينة، بحثاً عن أي مساعدة تساهم في تغطية احتياجاتهم الغذائية أو تكاليف العلاج باهظة الثمن.

وتؤكد أسرة تقيم في ضواحي صنعاء أن اثنين من أبنائها من ذوي الإعاقة لم يعودا قادرين على تلقي جلسات العلاج الطبيعي أو الحصول على أجهزة طبية مساعدة، مثل الأطراف الصناعية أو السماعات، بعد ارتفاع أسعارها وغياب الدعم المخصص لهم من «صندوق رعاية وتأهيل المعاقين» الخاضع لسيطرة الحوثيين.

وتضيف الأسرة أن الصندوق ـ الذي كان يعد المتنفس الوحيد لهذه الفئة ـ توقف عن تقديم معظم خدماته التعليمية والتأهيلية، مما أدى إلى حرمان مئات الأطفال من ذوي الإعاقة من حقهم في التعليم المتخصص.

ضحايا بلا رعاية

تقدّر مصادر يمنية حقوقية أن عدد ذوي الإعاقة في صنعاء وبقية مناطق سيطرة الحوثيين يتجاوز 4.5 مليون معاق، بينهم مصابون بإعاقات خلقية، وآخرون نتيجة الحرب التي أشعلتها الجماعة منذ انقلابها. وتؤكد التقديرات أن أكثر من 70 في المائة منهم محرومون من الحصول على أهم الاحتياجات الأساسية، وعلى رأسها الكراسي المتحركة، والأجهزة التعويضية، وجلسات العلاج الطبيعي، وبرامج التأهيل المهني.

جانب من زيارة قيادات حوثية لـ«صندوق رعاية وتأهيل المعاقين» في صنعاء (إعلام حوثي)

وأكد عاملون في «صندوق رعاية وتأهيل المعاقين» بصنعاء لـ«الشرق الأوسط» أن هناك تراجعاً حاداً في الخدمات المقدمة، مشيرين إلى أن الصندوق يستقبل شهرياً نحو 800 حالة جديدة، معظمها تحتاج إلى رعاية طويلة المدى لا يستطيع الصندوق تلبيتها حالياً. وقالوا إن سيطرة الحوثيين على موارد الصندوق وقراراته أدت إلى إيقاف عشرات المراكز وتجميد برامج التأهيل، إضافة إلى تحويل جزء كبير من الدعم لصالح الجرحى والمقاتلين العائدين من الجبهات.

وأشار العاملون إلى أن المساعدات النقدية والأجهزة التعويضية تُمنح بشكل شبه حصري لعناصر الجماعة وجرحاها، في الوقت الذي يُترك فيه آلاف المعاقين المدنيين لمواجهة مصيرهم دون أي دعم.

تعبئة فكرية

وسط هذا الانهيار الإنساني، تواصل الجماعة الحوثية إخضاع عشرات الأطفال من ذوي الإعاقة في صنعاء لدورات فكرية وتعبوية تحت اسم «دورات توعوية»؛ إذ أفادت مصادر مطلعة بأن الجماعة جمعت خلال الأيام الماضية أطفالاً ومراهقين من تسعة مراكز وجمعيات متخصصة، تتراوح أعمارهم بين 10 و18 عاماً، وأخضعتهم لمحاضرات تهدف إلى غرس أفكارها العقائدية.

وتقول المصادر إن هذه هي المرة الثالثة منذ مطلع العام التي يتم فيها إخضاع قاصرين معاقين لمثل هذه الأنشطة، في خطوة أثارت سخطاً واسعاً بين أسر الضحايا، الذين اعتبروا ذلك استغلالاً فجاً لفئة يُفترض حمايتها وتمكينها بدلاً من تجييرها لصالح مشروع سياسي.

ويأتي ذلك بعد زيارة مفاجئة للقيادي الحوثي محمد مفتاح، القائم بأعمال رئيس حكومة الانقلاب، إلى مقر الصندوق، وهي زيارة رأى فيها مراقبون محاولة لشرعنة ممارسات الجماعة لا أكثر.

فتيات معاقات لدى مشاركتهن في برنامج تعبوي نظمه الحوثيون في صنعاء (فيسبوك)

ويحذر مختصون اجتماعيون في صنعاء من أن استمرار الإهمال وغياب برامج الدعم قد يدفعان بمزيد من ذوي الإعاقة إلى دوامة الفقر المدقع، ويعمق من معاناتهم الصحية والإنسانية. ويتهمون الجماعة الحوثية بأنها حولت هذه الفئة من مواطنين يحتاجون إلى رعاية إلى وسيلة للابتزاز السياسي والاستغلال الإعلامي.

ويطالب المختصون المؤسسات الدولية والمانحين بضرورة إعادة تفعيل برامج الدعم والتأهيل وضمان وصول المساعدات إلى مستحقيها بعيداً عن تدخّلات الحوثيين، داعين إلى وضع آلية رقابة مستقلة على البرامج الموجهة لذوي الإعاقة.

ويؤكد المختصون أن إنقاذ هذه الفئة يتطلب جهوداً عاجلة، خصوصاً في ظل الانهيار المتواصل للخدمات الصحية وارتفاع تكاليف العلاج وتوقف التمويل المحلي والدولي عن معظم المراكز.