مخاوف من وضع الحوثيين معتقلين في مرمى «التحالف»

اشتداد حدة المواجهات شمال المخا

أحد عناصر الأمن التابعة للحوثي وصالح في صنعاء (رويترز)
أحد عناصر الأمن التابعة للحوثي وصالح في صنعاء (رويترز)
TT

مخاوف من وضع الحوثيين معتقلين في مرمى «التحالف»

أحد عناصر الأمن التابعة للحوثي وصالح في صنعاء (رويترز)
أحد عناصر الأمن التابعة للحوثي وصالح في صنعاء (رويترز)

قالت مصادر مطلعة في مدينة الحديدة الساحلية، غرب اليمن، إن ميليشيات الحوثي وصالح باشرت عمليات نقل للمعتقلين في مراكز اعتقالهم، بما فيها جهاز الأمن السياسي وقلعة الكورنيش التاريخية، إلى أماكن مجهولة، وأظهرت خشية من جعل الحوثيين هذه المواقع أهدافاً لاحقة في مرمى نيران التحالف الذي يستهدف في العادة المواقع العسكرية ومخازن الأسلحة.
وقالت المصادر لـ«الشرق الأوسط» إنه «مع اقتراب قوات الجيش الوطني والتحالف العربي من مدينة الحديدة الساحلية عبر الخط الساحلي والساحل الغربي لليمن، وبدء التجهيزات لتحرير ميناء الحديدة من الميليشيات، شعر الانقلابيون باقتراب نهاية هيمنتهم على الحديدة، فقاموا بنقل المختطفين الذين اعتقلوهم في سجونهم الخاصة إلى أماكن مجهولة وبشكل مفاجئ من دون معرفة أقاربهم الذين يؤكدون هذا الأمر».
وأضافت المصادر أن «عدداً من أقارب المعتقلين الذين كان يسمح لهم بزيارة أهاليهم في سجن الأمن السياسي، تمت إعادتهم من أمام البوابات أثناء ذهابهم لزيارتهم كعادتهم، حيث أخبرتهم الميليشيات الانقلابية بأنه تم نقلهم إلى أماكن أخرى، مع رفضهم الإفصاح عن أماكن وجودهم».
وبينما زاد الجدل حول الحسم العسكري القريب لمدينة الحديدة واقتراب قوات الجيش اليمني والتحالف العربي من تحرير ميناء من أكبر الموانئ في البلاد، الذي جعلت منه الميليشيات الانقلابية قاعدة عسكرية ومحطة للاتجار بالبشر بعدما كان ميناءً مدنياً، يخشى أهالي المختطفين في الحديدة أن تجعل ميليشيات الحوثي وصالح الانقلابية من أبنائهم وآبائهم المختطفين والمعتقلين لديها أهدافاً عسكرية لطيران التحالف العسكري، في ظل انتشار الشائعات التي تروجها الميليشيات الانقلابية بأنه تم نقلهم إلى مزارع تتخذها الميليشيات مواقع عسكرية لها.
وحمل الأهالي الميليشيات الانقلابية مسؤولية حياة أبنائهم في حال وقع أي مكروه بهم. وناشدوا المنظمات الحقوقية والإنسانية المحلية والدولية سرعة التحرك للكشف عن مصير أبنائهم، وحقيقة أن تم نقلهم إلى مواقع عسكرية تتبع الميليشيات الانقلابية.
إلى ذلك، تواصل المقاومة الشعبية في إقليم تهامة عملياتها العسكرية ضد مواقع وأهداف ودوريات عسكرية تتبع ميليشيات الحوثي وصالح الانقلابية في مناطق متفرقة من إقليم تهامة، وتركز استهداف عناصر المقاومة لميليشيات الحوثي وصالح الانقلابية في مدينة الحديدة.
وبالانتقال إلى جبهة الساحل الغربي، اشتدت حدة المواجهات بين الجيش الوطني، المسنود جوياً من طيران التحالف العربي، وميليشيات الحوثي وصالح الانقلابية، وتركزت المواجهات العنيفة شمال مديرية المخا الساحلية وأطراف موزع ومعسكر خالد بن الوليد، غرب تعز، إثر شن قوات الجيش هجومًا على مواقع الميليشيات الانقلابية.
وتجددت المواجهات المصحوبة بالقصف المدفعي المتبادل، على مقربة من حدود مديرية الخوخة الساحلية، أولى مديريات محافظة الحديدة، علاوة على توسعها في غرب موزع.
وبحسب ما قالت مصادر عسكرية ميدانية لـ«الشرق الأوسط»، فإن بوارج التحالف العربي شاركت بإسنادها إلى جانب طيران التحالف والأباتشي، واستهدفت تعزيزات للميليشيات الانقلابية شمال مديرية المخا، ودمرت آليات عسكرية إضافة إلى سقوط جرحى وقتلى من صفوف الميليشيات الانقلابية.
وفي جبهة المدينة، قالت إن قوات الجيش الوطني تتصدى لمحاولات الميليشيات المتكررة التقدم إلى مواقعها في شرق وغرب وشمال المدينة، بما فيها هجومها المتواصل على جبل هان ومنطقة مدارات ومحيط معسكر التشريفات والجمهوري، ومواقع أخرى في جبهتي الصلو وحيفان الريفية، جنوباً.
من جانبه، يواصل طيران التحالف غاراته على مواقع وتعزيزات وأهداف عسكرية ثابتة ومتحركة للميليشيات الانقلابية في مناطق متفرقة بتعز، بما فيها غاراته على محيط البرح والوازعية والأحيوق وغرب معسكر خالد بمفرق المخا. وفي سياق متصل، احتشد المئات من أبناء تعز في ساحة الحرية لإحياء جمعة «التحالف وفاء بلا حدود»، وذلك تزامناً مع الذكرى الثانية لـ«عاصفة الحزم» التي أطلقها التحالف العربي بقيادة السعودية بطلب من الرئيس عبد ربه منصور هادي لاستعادة الدولة وإنهاء انقلاب ميليشيات الحوثي وصالح.
في المقابل، تمكن أكثر من 5 آلاف طالب وطالبة في عزلة العزاعز بمديرية الشمايتين في تعز، من العودة إلى مدارسهم بعد توقف دام لعدة أشهر جراء استمرار إضراب المعلمين والمعلمات الذين يطالبون بمرتباتهم الموقوفة منذ 6 أشهر، مثلهم مثل غيرهم من الموظفين الحكوميين.
وتأتي عودة الطلاب والطالبات إلى مدارسهم بعد نجاح مبادرة مجتمعية عملت على عودتهم في 6 مدارس من أصل 7 في عزلة العزاعز.
وقال حمزة محمد العزعزي، ولي أمر لأحد الطلاب، إن «المبادرة المجتمعية نجحت في عودة أبنائنا إلى المدارس بفضل المبادرة التي قدمها صندوق دعم التعليم لأهالي عزلة العزاعز لاستئناف العملية الدراسية والتخفيف من معاناة الأهالي التي زادت مع استمرار الحرب والحصار اللذين تشهدهما مدينة تعز من قبل الميليشيات الانقلابية منذ أكثر من عامين».
وأضاف لـ«الشرق الأوسط»: «تمكن أكثر من 5 آلاف طالب وطالبة من العودة إلى الدراسة بعدما جمع الصندوق مبالغ مالية كتبرعات من أبناء المنطقة من أجل توزيعها كمبالغ رمزية ورواتب لشهرين لما تبقى لإنهاء العام الدراسي، على المعلمين والمعلمات في المدارس التي توقف فيها التعليم.
إلى ذلك, أدت المعارك في مناطق بيحان وعسيلان إلى نزوح مئات الأسر من منازلها. وتقول المصادر المحلية إن أغلب تلك الأسر نزحت إلى مناطق بعيدة من مواقع المعارك، وإلى محافظة مأرب وحضرموت.
وقتل 10 من مسلحي ميليشيات الحوثي وصالح، على الأقل، وأصيب آخرون، في المعارك والقصف المدفعي العنيف، في جبهات محافظة شبوة اليمنية الغنية بالنفط، بجنوب شرقي البلاد، وفقا لمصادر عسكرية.
وقال ناشطون إن قصفا عنيفا ومواجهات شرسة اندلعت بين قوات الجيش الوطني اليمني والمقاومة الشعبية، من جهة، والميليشيات من جهة ثانية، خلال الساعات الـ24 الماضية.
ودارت المواجهات بين الطرفين في مناطق الخيضر والنقوب والحما، وهي المناطق الفاصلة بين مديريتي بيحان وعسيلان، جنوب غربي المحافظة.
وتسيطر الميليشيات على مديريات بيحان وأجزاء كبيرة من عسيلان، وهي مناطق الكثافة السكانية في المحافظة، فيما سيطرت قوات الجيش على أجزاء من عسيلان ومديرية العين القريبة من مأرب.
وشهدت الأسابيع القليلة الماضية، خلافات وتوترات حادة في صفوف الميليشيات وموالين لهم من أبناء المديريات، تطورت لتتحول إلى مواجهات أدت إلى سقوط قتلى وجرحى من الطرفين.



«هدنة غزة» تقترب وسط جولات مكوكية وحديث عن «تنازلات»

دخان القصف الإسرائيلي فوق بيت ياحون بقطاع غزة الخميس (رويترز)
دخان القصف الإسرائيلي فوق بيت ياحون بقطاع غزة الخميس (رويترز)
TT

«هدنة غزة» تقترب وسط جولات مكوكية وحديث عن «تنازلات»

دخان القصف الإسرائيلي فوق بيت ياحون بقطاع غزة الخميس (رويترز)
دخان القصف الإسرائيلي فوق بيت ياحون بقطاع غزة الخميس (رويترز)

وسط حديث عن «تنازلات» وجولات مكوكية للمسؤولين، يبدو أن إسرائيل وحركة «حماس» قد اقتربتا من إنجاز «هدنة مؤقتة» في قطاع غزة، يتم بموجبها إطلاق سراح عدد من المحتجزين في الجانبين، لا سيما مع تداول إعلام أميركي أنباء عن مواقفة حركة «حماس» على بقاء إسرائيل في غزة «بصورة مؤقتة»، في المراحل الأولى من تنفيذ الاتفاق.

وتباينت آراء خبراء تحدثت إليهم «الشرق الأوسط»، بين من أبدى «تفاؤلاً بإمكانية إنجاز الاتفاق في وقت قريب»، ومن رأى أن هناك عقبات قد تعيد المفاوضات إلى المربع صفر.

ونقلت صحيفة «وول ستريت جورنال» الأميركية، عن وسطاء عرب، قولهم إن «حركة (حماس) رضخت لشرط رئيسي لإسرائيل، وأبلغت الوسطاء لأول مرة أنها ستوافق على اتفاق يسمح للقوات الإسرائيلية بالبقاء في غزة مؤقتاً عندما يتوقف القتال».

وسلمت «حماس» أخيراً قائمة بأسماء المحتجزين، ومن بينهم مواطنون أميركيون، الذين ستفرج عنهم بموجب الصفقة.

وتأتي هذه الأنباء في وقت يجري فيه جيك سوليفان، مستشار الأمن القومي للرئيس الأميركي، محادثات في تل أبيب مع رئيس الوزراء الإسرائيلي بنيامين نتنياهو، الخميس، قبل أن يتوجه إلى مصر وقطر.

ونقلت «رويترز» عن دبلوماسي غربي قوله إن «الاتفاق يتشكل، لكنه على الأرجح سيكون محدود النطاق، ويشمل إطلاق سراح عدد قليل من الرهائن ووقف قصير للأعمال القتالية».

فلسطينيون بين أنقاض المباني المنهارة في مدينة غزة (أ.ف.ب)

في حين أشار القيادي في «حماس» باسم نعيم إلى أن «أي حراك لأي مسؤول أميركي يجب أن يكون هدفه وقف العدوان والوصول إلى صفقة لوقف دائم لإطلاق النار، وهذا يفترض ممارسة ضغط حقيقي على نتنياهو وحكومته للموافقة على ما تم الاتفاق عليه برعاية الوسطاء وبوساطة أميركية».

ومساء الأربعاء، التقى رئيس جهاز المخابرات الإسرائيلي، ديفيد برنياع، مع رئيس الوزراء القطري، الشيخ محمد بن عبد الرحمن آل ثاني، في الدوحة؛ لبحث الاتفاق. بينما قال مكتب وزير الدفاع الإسرائيلي، يسرائيل كاتس، في بيان، إنه «أبلغ وزير الدفاع الأميركي لويد أوستن في اتصال هاتفي، الأربعاء، بأن هناك فرصة للتوصل إلى اتفاق جديد يسمح بعودة جميع الرهائن، بمن فيهم المواطنون الأميركيون».

وحال تم إنجاز الاتفاق ستكون هذه هي المرة الثانية التي تتم فيها هدنة في قطاع غزة منذ بداية الحرب في 7 أكتوبر (تشرين الأول) 2023. وتلعب مصر وقطر والولايات المتحدة دور الوساطة في مفاوضات ماراثونية مستمرة منذ نحو العام، لم تسفر عن اتفاق حتى الآن.

وأبدى خبير الشؤون الإسرائيلية بـ«مركز الأهرام للدراسات السياسية والاستراتيجية» الدكتور سعيد عكاشة «تفاؤلاً حذراً» بشأن الأنباء المتداولة عن قرب عقد الاتفاق. وقال لـ«الشرق الأوسط» إن «التقارير تشير إلى تنازلات قدمتها حركة (حماس) بشأن الاتفاق، لكنها لا توضح نطاق وجود إسرائيل في غزة خلال المراحل الأولى من تنفيذه، حال إقراره».

وأضاف: «هناك الكثير من العقبات التي قد تعترض أي اتفاق، وتعيد المفاوضات إلى المربع صفر».

على الجانب الآخر، بدا أستاذ العلوم السياسية بجامعة القدس السياسي الفلسطيني، الدكتور أيمن الرقب، «متفائلاً بقرب إنجاز الاتفاق». وقال لـ«الشرق الأوسط» إن «هناك حراكاً أميركياً لإتمام الصفقة، كما أن التقارير الإسرائيلية تتحدث عن أن الاتفاق ينتظر الضوء الأخضر من جانب تل أبيب و(حماس) لتنفيذه».

وأضاف: «تم إنضاج الاتفاق، ومن المتوقع إقرار هدنة لمدة 60 يوماً يتم خلالها الإفراج عن 30 محتجزاً لدى (حماس)»، مشيراً إلى أنه «رغم ذلك لا تزال هناك نقطة خلاف رئيسية بشأن إصرار إسرائيل على البقاء في محور فيلادلفيا، الأمر الذي ترفضه مصر».

وأشار الرقب إلى أن «النسخة التي يجري التفاوض بشأنها حالياً تعتمد على المقترح المصري، حيث لعبت القاهرة دوراً كبيراً في صياغة مقترح يبدو أنه لاقى قبولاً لدى (حماس) وإسرائيل»، وقال: «عملت مصر على مدار شهور لصياغة رؤية بشأن وقف إطلاق النار مؤقتاً في غزة، والمصالحة الفلسطينية وسيناريوهات اليوم التالي».

ويدفع الرئيس الأميركي جو بايدن والرئيس الأميركي المنتخب دونالد ترمب، من أجل «هدنة في غزة»، وكان ترمب طالب حركة «حماس»، في وقت سابق، بإطلاق سراح المحتجزين في غزة قبل توليه منصبه خلفاً لبايدن في 20 يناير (كانون الثاني) المقبل، وإلا فـ«الثمن سيكون باهظاً».