العبادي يتحدث من واشنطن عن علاقات أكثر دفئاً مع السعودية

مصادر في الوفد العراقي: ترمب طالب بحل الميليشيات الموالية لإيران

رئيس الوزراء العراقي حيدر العبادي مصافحاً رئيسة معهد الولايات المتحدة للسلام نانسي ليندبورغ بعد إلقائه محاضرة مساء أول من أمس (أ.ب)
رئيس الوزراء العراقي حيدر العبادي مصافحاً رئيسة معهد الولايات المتحدة للسلام نانسي ليندبورغ بعد إلقائه محاضرة مساء أول من أمس (أ.ب)
TT

العبادي يتحدث من واشنطن عن علاقات أكثر دفئاً مع السعودية

رئيس الوزراء العراقي حيدر العبادي مصافحاً رئيسة معهد الولايات المتحدة للسلام نانسي ليندبورغ بعد إلقائه محاضرة مساء أول من أمس (أ.ب)
رئيس الوزراء العراقي حيدر العبادي مصافحاً رئيسة معهد الولايات المتحدة للسلام نانسي ليندبورغ بعد إلقائه محاضرة مساء أول من أمس (أ.ب)

التقى رئيس الوزراء العراقي، حيدر العبادي، مع عدد من أعضاء الكونغرس الأميركي أمس، كما يشارك اليوم في المؤتمر الوزاري لمكافحة «داعش» الذي تستضيفه وزارة الخارجية الأميركية. وحمل العبادي رسالة حاسمة بإمكانية القضاء على «داعش»، كما تحدث عن «دفء أكثر» في العلاقات مع السعودية.
وبينما شدد بيان رئاسة الوزراء العراقية بشأن اللقاء الذي جرى في البيت الأبيض أول من أمس بين الرئيس دونالد ترمب والعبادي على تواصل الدعم الأميركي للعراق، قال البيت الأبيض إن الرئيس ترمب بحث مع رئيس الوزراء العراقي «الخطر الذي تشكله إيران في المنطقة برمتها».
إلى ذلك، نقل هشام الهاشمي، الخبير في الشؤون السياسية والأمنية العراقية، عن مصادر في الوفد المرافق للعبادي قولها، إن الجانب الأميركي تحدث مع العبادي بشأن حلفاء إيران من الولائيين (المؤمنون بولاية الفقيه) داخل «الحشد الشعبي». وقال الهاشمي لـ«الشرق الأوسط» إن الجانب الأميركي طالب بـ«إبعاد هؤلاء عن مؤسسة (الحشد) الرسمية وتسليم أسلحتهم الثقيلة، وعدم بقائهم في منظومة الأمن العراقية».
في السياق نفسه، كتب عدد من أعضاء مجلس الشيوخ الأميركي رسالة إلى الرئيس دونالد ترمب يطالبون فيها بـ«اغتنام الفرصة لتحقيق هزيمة (داعش) وإعادة بناء العراق بما يتطلب تحقيق لامركزية لبعض مهام الحكومة العراقية وحل الميليشيات الموالية لإيران وتلبية الاحتياجات الإنسانية للشعب العراقي والالتزام ببرنامج المصالحة». وجاء في الرسالة: «يجب أن نكون مستعدين لدعم حكومة العبادي، لتمضي قدما وتطمئن جميع العراقيين إلى بناء عراق اتحادي موحد، ومساعدة العراق في برنامج اللامركزية، والمصالحة وإصلاح القطاع الأمني، ومواصلة دعم قوات الأمن العراقية، حتى تتمكن من المشاركة مع القوات الأميركية في مكافحة الإرهاب».
وكان العبادي قد عقد جلسة مباحثات مع الرئيس ترمب مساء أول من أمس، استمرت لساعتين، انتقد فيها ترمب الاتفاق النووي الإيراني الذي وقعته إدارة سلفه باراك أوباما، وقال: «أحد الأشياء التي سألت عنها هو لماذا وقع الرئيس أوباما على هذا الاتفاق مع إيران، لأن أحدا لم يتمكن من معرفة ذلك». وانتقد ترمب خروج القوات الأميركية من العراق في عهد أوباما، مشيرا إلى أن ذلك خلق فراغا أدى إلى ظهور «داعش».
وأوضح المتحدث باسم البيت الأبيض، أن الرئيس ترمب «أشاد بالتعاون بين القوات الأميركية والعراقية في الحرب ضد (داعش) لتحرير غرب الموصل، وتأكيد هزيمة التنظيم، واتفق الجانبان على مواصلة الشراكة للقضاء على الإرهاب من العراق بشكل حاسم ودعم القوات العراقية، لتحقيق هزيمة حاسمة ودائمة للجماعات الإرهابية، وزيادة بناء قدرات القوات العراقية». وأضاف المتحدث أن الطرفين اعترفا بأن «الإرهاب لا يمكن هزيمته بالقوة العسكرية وحدها، واتفقا على شراكة سياسية واقتصادية لتعميق العلاقات التجارية وتعزيز الاستثمار وتوسيع التعاون في قطاع الطاقة والبحث عن فرض جديدة للتعاون الثقافي والتعليمي»، وأن العبادي «تعهد ببناء اقتصاد مزدهر ومتنوع في العراق والوفاء بتطلعات الشعب العراقي والشراكة مع صندوق النقد الدولي وتعزيز الحكم الأكثر شمولية وخضوعا للمساءلة في العراق ومعالجة المعاناة الناجمة عن وحشية تنظيم داعش».
وحول ما يتعلق بدول المنطقة، قال البيت الأبيض إن الرئيس ترمب اتفق مع العبادي على ضرورة أن يطور العراق علاقات إيجابية مع الشركاء الإقليميين من أجل تعزيز الاستقرار في الشرق الأوسط. وأثنى ترمب على جهود العراق لتعزيز العلاقات البناءة مع دول المنطقة التي لها دور حيوي في العراق، على أن يصبح قوة للاستقرار. وشدد البيت الأبيض على أن الإدارة الأميركية لن تتسامح مع الجهود التي يبذلها أي بلد لزعزعة استقرار العراق أو تقويض المؤسسات الديمقراطية في العراق.
إلى ذلك، وصف العبادي خلال لقائه في مركز الولايات المتحدة للسلام علاقات بلاده مع السعودية بأنها أصبحت أكثر دفئا، مشيرا إلى علاقات جيرة أكثر دفئا مع السعودية بعد زيارة وزيرة الخارجية السعودي عادل الجبير إلى العراق مؤخرا. وقال العبادي: «لم يزر العراق أي مسؤول سعودي منذ عام 1991، وأعتقد أن الزيارة الأخيرة جيدة، ليروا ما يحدث في العراق وأننا لا نخضع لأي نفوذ من أي دولة. وندعو المملكة العربية السعودية إلى مزيد من التعاون مع العراق». وتابع: «لا أريد للعراقيين أن يستمروا في الحرب مع الجيران. نعم لدينا اختلافات، لكن أيضا لدينا مساحة كبيرة من المصلحة المشتركة، وأنا متفائل بالتقارب مع المملكة العربية السعودية وتركيا وإيران». وأضاف ساخرا: «علينا بناء علاقات جوار جيدة وإلا ماذا سنفعل، هل سنبني حائطا على الحدود؟». وأوضح رئيس الوزراء العراقي أنه ورث كثيرا من المشكلات في العراق، معترفا بوقوع انتهاكات لحقوق الإنسان، لكنه أكد أنه يعمل على محاسبة الذين يرتكبون هذه الانتهاكات، وأن يعرف الجميع أنه ستتم محاسبتهم إذا أخطأوا. وانتقد العبادي الخلط بين مفهوم الديمقراطية والتصرفات غير الديمقراطية لدى البعض في العراق، وأضاف: «هذه ديمقراطية جديدة في العراق، ومن الخطر إذا اعتقد الناس أن الديكتاتورية أفضل إذا لم تحمهم الديمقراطية، لذا فنحن في حاجة ملحة للإصلاح».
من ناحية ثانية، أثنى مايك بنس، نائب الرئيس الأميركي، في اجتماعه مع العبادي على التقدم الذي أحرزته قوات الأمن العراقية في غرب الموصل. وشدد على حماية الأقليات الدينية والإثنية بما في ذلك المسيحيون والإيزيديون وغيرهما، ومواصلة الجهود لضمان الحكم الشامل. وقال البيت الأبيض إن نائب الرئيس شدد على عدم السماح لأي دولة بزعزعة استقرار العراق ومؤسساته الديمقراطية.



اعتقالات الحوثيين وتسليح الاقتصاد يهيمنان على إحاطة غروندبرغ

المبعوث الأممي إلى اليمن هانس غروندبرغ (الأمم المتحدة)
المبعوث الأممي إلى اليمن هانس غروندبرغ (الأمم المتحدة)
TT

اعتقالات الحوثيين وتسليح الاقتصاد يهيمنان على إحاطة غروندبرغ

المبعوث الأممي إلى اليمن هانس غروندبرغ (الأمم المتحدة)
المبعوث الأممي إلى اليمن هانس غروندبرغ (الأمم المتحدة)

تصدرت اعتقالات الحوثيين للموظفين الأمميين والإغاثيين، وتسليح الاقتصاد في اليمن، الإحاطة الشهرية للمبعوث الأممي إلى اليمن هانس غروندبرغ، أمام مجلس الأمن، الأربعاء، مع تأكيد المبعوث أن الحلّ السلمي وتنفيذ خريطة طريق تحقق السلام أمر ليس مستحيلاً، على الرغم من التصعيد الحوثي البحري والبري والردود العسكرية الغربية.

وقال المبعوث الأممي إنه من الضروري أن تقتنص الأطراف المعنية، والمنطقة، والمجتمع الدولي «اللحظات المحورية»، وألا تفوّت الفرصة لتحويلها إلى خطوات واضحة نحو تحقيق السلام المنشود في اليمن.

آثار مسيرة حوثية انفجرت في مبنى سكني في تل أبيب (أ.ف.ب)

ومع انهيار الاقتصاد وتدهور مستويات المعيشة، رأى غروندبرغ أنه لا يوجد أي مبرر لهذه المعاناة، وأن إنهاء الحرب في اليمن هو خيار حقيقي ومتاح، ويبقى ضمن متناول الأطراف، داعياً جميع الأطراف للانخراط بجدية مع الجهود التي يقودها لتنفيذ خريطة الطريق، والتي تهدف إلى تحقيق وقف إطلاق النار، وتنفيذ تدابير اقتصادية، تشمل دفع الرواتب بشكل مستدام، والتمهيد لعملية سياسية شاملة.

وحضّ غروندبرغ على اتخاذ الإجراءات اللازمة، وتقديم التنازلات، والتركيز الصادق على اليمن، باعتبار ذلك أمراً ضرورياً «إذا كانت الأطراف تسعى لتخفيف معاناة اليمنيين وإعادة الأمل في مستقبل يسوده السلام».

اعتقالات تعسفية

أشار المبعوث الأممي إلى اليمن في إحاطته إلى مرور 6 أشهر على بدء الحوثيين اعتقالات تعسفية استهدفت موظفين من المنظمات الدولية والوطنية، والبعثات الدبلوماسية، ومنظمات المجتمع المدني، وقطاعات الأعمال الخاصة.

وقال، رغم الإفراج عن 3 محتجزين، إن عشرات آخرين، بمن فيهم أحد أعضاء مكتبه لا يزالون رهن الاحتجاز التعسفي، «بل إن البعض يُحرم من أبسط الحقوق الإنسانية، مثل إجراء مكالمة هاتفية مع عائلاتهم». وفق تعبيره.

الحوثيون انخرطوا في ما يمسى محور المقاومة بقيادة إيران (إ.ب.أ)

ووصف المبعوث الأممي هذه الاعتقالات التعسفية بأنها «تشكل انتهاكاً صارخاً للحقوق الإنسانية الأساسية، وتسبب معاناة عميقة لأسرهم التي تعيش في حالة مستمرة من القلق والخوف على سلامة أحبائهم»، وشدّد على الإفراج الفوري وغير المشروط عن جميع المعتقلين، مع تعويله على دعم مجلس الأمن لتوصيل هذه الرسالة.

وأوضح غروندبرغ أن مكتبه ملتزم بشكل كبير بإطلاق سراح جميع المحتجزين على خلفية النزاع في اليمن، وقال إن هناك من قضى 10 سنوات رهن الاعتقال، داعياً الجميع إلى الوفاء بالتزاماتهم بموجب اتفاق استوكهولم، ومواصلة العمل بروح من التعاون الصادق للوفاء بهذا الملف الإنساني البالغ الأهمية، وأن تسترشد المفاوضات بالمبدأ المتفق عليه، وهو «الكل مقابل الكل».

عواقب وخيمة

وفي ما يخص الوضع الاقتصادي في اليمن، قال المبعوث الأممي إن الأزمة تتفاقم مجدداً، مع التنبيه إلى «العواقب الوخيمة» التي تترتب على الانكماش الاقتصادي، وتجزئته، واستخدامه كأداة في الصراع.

وأكد غروندبرغ أن الفشل في دفع رواتب ومعاشات القطاع العام أدّى إلى زيادة الفقر بشكل واسع، بينما أسهم التضخم المتزايد في جعل كثير من الأسر عاجزة عن تلبية احتياجاتها الأساسية، بما في ذلك الغذاء.

تدهور الاقتصاد وانقطاع الرواتب في اليمن تسببا في جوع ملايين السكان (أ.ف.ب)

وفي شأن مساعيه، أفاد المبعوث الأممي بأن مكتبه من خلال زيارات صنعاء وعدن أوضح مفترق الطرق الحاسم الذي تواجهه الأطراف، وهو إما الاستمرار في «المسار الكارثي من النزاع غير المحسوم وتسليح الاقتصاد الذي سيؤدي بلا شك إلى خسارة الجميع، أو التعاون لحلّ القضايا الاقتصادية لتمهيد الطريق نحو النمو وتحقيق مكاسب السلام الممكنة».

وأشار إلى أن العمل جارٍ على استكشاف حلول عملية وملموسة تهدف إلى استعادة الاستقرار وتعزيز الحوار بشأن الاقتصاد اليمني، بما يشمل دفع الرواتب واستئناف صادرات النفط والغاز، بما يخدم مصلحة الشعب اليمني وترجمة الالتزامات التي تعهدت بها الأطراف في يوليو (تموز) الماضي إلى خطوات ملموسة تعود بالفائدة على جميع اليمنيين.

التصعيد العسكري

في شأن التصعيد العسكري، قال غروندبرغ إن انعدام الأمن في البحر الأحمر لا يزال يتفاقم نتيجة أعمال الحوثيين، إلى جانب الهجمات على إسرائيل، والغارات الجوية التي شنّتها الولايات المتحدة والمملكة المتحدة رداً على تلك التطورات.

وأشار إلى أن هذه الأحداث التي استمرت طوال العام، قلّصت الحيز المتاح لجهود الوساطة التي يقودها. وحضّ جميع الأطراف المعنية على اتخاذ خطوات جادة لتهيئة بيئة مناسبة، تمهد الطريق لحل النزاع في اليمن، وحذّر من أن الفشل في تحقيق ذلك لن يؤدي إلا إلى تعزيز دعوات العودة إلى الحرب.

طائرة حوثية من دون طيار في معرض أقامه الحوثيون في صنعاء بمناسبة الأسبوع السنوي لذكرى قتلاهم (رويترز)

وأوضح أن الأوضاع الهشّة في اليمن لا تزال مستمرة على عدة جبهات، مع تصاعد الاشتباكات بشكل متكرر في مناطق، مثل الضالع، الحديدة، لحج، مأرب، صعدة، شبوة، تعز. ما يؤدي مراراً إلى خسائر مأساوية في الأرواح.

وتصاعدت الأعمال العدائية في المناطق الشرقية من تعز - وفق المبعوث الأممي - مع ورود تقارير عن وقوع انفجارات وقصف بالقرب من الأحياء السكنية.

وفي الأسبوع الماضي فقط، أورد المبعوث في إحاطته أن طائرة من دون طيار استهدفت سوقاً مزدحمة في مقبنة بمحافظة تعز، ما أسفر عن مقتل 6 أشخاص على الأقل، وإصابة آخرين بجروح خطرة.

ودعا غروندبرغ أطراف النزاع اليمني إلى التقيد الجاد بالتزاماتهم، بموجب القانون الإنساني الدولي، لضمان حماية المدنيين والبنية التحتية المدنية. وقال إن هذه الحوادث تسلط الضوء على الحاجة الملحة للتوصل إلى اتفاق لوقف إطلاق النار.

ولدعم جهود التهدئة، أفاد المبعوث بأن مكتبه يتواصل مع المسؤولين العسكريين والأمنيين من الطرفين، لتسهيل الحوار حول الديناميكيات الحالية، واستكشاف سبل تعزيز بناء الثقة.