داخل مجمع مكتبي يبدو عاديا، وأمام مجموعة من الموظفين الذين يرتدون أغطية على رؤوسهم، يوجد نموذج أولي لما تعتقد «هوليوود» أنه سيصبح الصيحة الجديدة المقبلة في عالم الترفيه - وهو جهاز يسمى «فويد Void «من الممكن أن يصبح بمثابة دجاجة تبيض ذهباً لمخترعيه، ويوفر في الوقت ذاته شريان حياة لمراكز التسوق التجاري المتعثرة ويمنح دفعة كبرى لمبيعات أجهزة الواقع الافتراضي.
في هذا الصدد، قال كليف بلومر، المدير السابق لشركة «لوكاسفيلم» والخبير التكنولوجي بها: «عاينت الكثير من تجارب الواقع الافتراضي الرائعة، لكن أياً منها لا يقارن حتى بما يحققه فويد»، مضيفاً: «لو أن شيئا ما سيلهم المستهلكين للإقبال جماعات على أجهزة الواقع الافتراضي، فهو هذا الجهاز». يذكر أن بلومر انتقل للعمل في شركة «فويد» الناشئة المعنية بمجال الواقع الافتراضي في منصب الرئيس التنفيذي في 9 من فبراير (شباط) الماضي.
* واقع ألعاب افتراضية
ومع ذلك، ظاهرياً لا يبدو ثمة شيء مميز بخصوص «فويد»، والذي يتألف من أربعة جدران خشبية تشكل فيما مربعاً بمساحة 30 قدماً. أما الجزء الداخلي، فمقسم إلى غرف بدائية متصلة ببعضها البعض. ولا يوجد سقف، إلا إذا احتسبت الكابلات والمجسات.
إلا أن كل هذا يتبدل لحظة ارتدائك جهازاً خاصاً للواقع الافتراضي على الرأس، والتقاطك سلاحاً بلاستيكياً بدائياً، وارتداء سترة وتحمل حقيبة ظهر صغيرة تضم بداخلها كومبيوترا خفيف الوزن - وفي لحظة تتحول أنت وأصدقاؤك إلى فريق من صائدي الأشباح!
الآن، أصبحت الغرفة الأولى شقة مكدسة بالأثاث داخل نيويورك تعج بأرواح شريرة وردية اللون. والآن، يتحول السلاح البلاستيكي بيديك إلى بندقية بروتون، تماماً مثلما الحال في الفيلم الشهير «صائدو الأشباح». وبإمكانك استخدام البندقية في تدمير الأشباح (وأي شيء آخر يقع في مجال رؤيتك). ومع مضي المغامرة التي تستمر 10 دقائق، تقتفي المجموعة الخاصة بك أثر الأشباح عبر البرج السكني.
وداخل مصعد سريع الحركة، وبالخارج داخل منصة معلقة تستخدم في غسل جدران المبنى من الخارج - في الوقت الذي تطفو بعض الأشباح حولك، ويصاحب قدومها هبوب دفقة قوية من الهواء على وجهك واهتزاز في السترة التي ترتديها. وفي النهاية، يظهر الشبح الأكبر، وإذا نجحت في التعامل معه على النحو الصائب، سيمتلئ أنفك برائحة شواء!
والسؤال هنا هل يمكن أن يقدم الأفراد، خاصة الشباب منهم، على دفع 20 دولاراً مقدماً لخوض مثل هذه التجربة؟ يعتقد المسؤولون عن «فويد»، الذي نجح في تنقيح فكرة صياغة عالم افتراضي داخل مسرح واقعي، أنهم سيفعلون ذلك. في الواقع، بدأ الموقع الأول لـ«فويد»، قرب تايمز سكوير، في جني عائدات بالفعل. ويعتمد الموقع على فكرة صائدي الأشباح ذاتها، وجرى افتتاحه في يوليو (تموز) داخل متحف مدام توسو في نيويورك. ومنذ ذلك الحين، باع أكثر من 43.000 تذكرة، ما حقق عائدات قاربت 900000 دولار.
وتنوي الشركة افتتاح 20 مركزاً إضافياً خلال العام الجاري، بحيث يضم كل «مركز تجربة فويد» أكثر من «مسرح»، المصطلح الذي تستخدمه الشركة في الإشارة إلى الأجهزة. علاوة على ذلك، ستضم المراكز الجديدة قصصاً أخرى بخلاف صائدي الأشباح، مثل التجول داخل غابة تعج بالديناصورات، أو ربما البحث عن كنز داخل هرم مصري.
حتى الآن، جرى تمويل «فويد» من جانب أحد مؤسسي الشركة الثلاثة - كين بريتسنايدر، الذي استثمر ملايين في الاختراع الجديد.
من ناحيته، خاض ستيفين بي. بيرك، الرئيس التنفيذي لشركة «إن بي سي يونيفرسال»، تجربة النموذج الأولي لـ«فويد»، وكذلك الحال مع روبرت إيه. آيغر، الرئيس التنفيذي لشركة «والت ديزني».
* إمكانات هوليوودية
وفي العام الماضي، جلبت شركة «والت ديزني» جهاز «فويد» إلى داخل اجتماع لمجلس إدارتها، بحيث يتمكن أعضاء المجلس من تجريب الجهاز الجديد.
وبالمثل، حرص الكثير من مخرجي هوليوود على تجريب الجهاز بأنفسهم، بما في ذلك ستيفين سبيلبيرغ. من جهته، أكد إيفان ريتمان، مخرج فيلم «صائدو الأشباح» الأصلي وكذلك الجزء الثاني منه، أن «فويد»: «تجربة من السهل للغاية تكرارها، تماماً مثل مشاهدة الأفلام، إضافة إلى أنه وسيلة عميقة وفاعلة على نحو استثنائي لسرد قصة».
من ناحية أخرى، حققت أجهزة الواقع الافتراضي التي تباع بغرض اصطحابها للمنزل مبيعات واهنة بسبب ارتفاع تكلفتها (تبلغ ما بين 400 و800 دولار لجهاز الرأس فقط). كما أن ثمة سمعة سيئة تحيط بأجهزة الواقع الافتراضي حول أنها تسبب شعوراً بالدوار، علاوة على أن تجارب الواقع الافتراضي التي طرحت حتى الآن يمكن أن تثير لدى المرء شعوراً بالعزلة، بالنظر إلى أن أحداً غيره لا يرتدي النظارات غيرك.
في المقابل، يتيح «فويد» تجربة مختلفة تماماً، ولست بحاجة لادخار مبلغ كبير لخوضها، وإنما يكفيك الحضور إلى مركز «فويد» وشراء تذكرة. وتتميز تجربة «فويد» بطابعها الاجتماعي، ذلك أنه بمقدور أربعة أشخاص الاشتراك بها في ذات الوقت. كما أن التجول عبر أرجاء مساحة واسعة يجري بصورة لاسلكية، وبالتالي لا يرتبط المشاركون بسلك يقيد حركتهم مثلما الحال مع أجهزة الواقع الافتراضي في المنزل، الأمر الذي يوفر حلاً، على ما يبدو، لمشكلة الشعور بالغثيان.
في هذا الصدد، أوضح آدم غازلي، أستاذ علم الأعصاب بجامعة كاليفورنيا، الذي انضم أخيرا إلى المجلس الاستشاري بشركة «فويد»، أن: «هذا ليس بالاختلاف الهين».
ومع هذا، ما يزال «فويد» يواجه الكثير من التحديات، منها الحجم: كيف يمكنك توفير مساحة كافية ليتمكن الأشخاص من الحركة عبر المشاهد المختلفة؟ جدير بالذكر أن تجربة «صائدو الأشباح» في نيويورك بمقدورها استيعاب 40 شخصاً فقط - أي نحو 450 شخصاً يومياً. ويستغرق الأمر قرابة 15 دقيقة كي يتحرك المشاركون عبر المشاهد، بجانب الدخول إلى والخروج من التجربة. بجانب ذلك، هناك مسألة الاستدامة، فحتى لو حقق «فويد» نجاحاً كبيراً خلال الفترة الأولى لإطلاقه، ما الذي يضمن ألا يتحول إلى فقاعة عابرة سرعان ما تختفي؟
من ناحية أخرى، ثمة منافسة محتدمة على صعيد الواقع الافتراضي. على سبيل المثال، أعلنت شركة «آيماكس» الأسبوع الماضي عزمها افتتاح ستة مراكز للواقع الافتراضي هذا العام، بعضها بالتعاون مع «إيه إم سي ثياترز» و«ريغال إنترتينمنت»، بتكلفة 400000 دولار لكل مركز، بخلاف العقارات. وبالفعل، افتتحت الشركة واحداً من هذه المراكز في لوس أنجليس في يناير (كانون الثاني) ، وتبدأ أسعار التذاكر فيه من 7 دولارات.
أيضاً، صدر إعلان الشهر الماضي عن قرب افتتاح مراكز للواقع الافتراضي من قبل شركة «دريمسبيس إميرسيف»، التي تأمل في افتتاح مركزها الأول في الصيف. وقد نجحت الشركة في الحصول على تمويل من أجل هذا المشروع بقيمة 11 مليون دولار من جانب شركات مثل «21 سنشري فوكس» و«ويستفيلد كوربوريشن» و«وارنر بروس». أيضاً، يشارك سبيلبيرغ في المشروع.
* خدمة «نيويورك تايمز».