قاعدة القيارة نهضت من وسط الركام لتصبح مركزاً لوجيستياً أميركياً

قادة عسكريون يتوقعون نشر مزيد من القوات فيها دعماً لمعركة الموصل

قاعدة القيارة نهضت من وسط الركام لتصبح مركزاً لوجيستياً أميركياً
TT

قاعدة القيارة نهضت من وسط الركام لتصبح مركزاً لوجيستياً أميركياً

قاعدة القيارة نهضت من وسط الركام لتصبح مركزاً لوجيستياً أميركياً

يعمل الجنود الأميركيون بجد على إصلاح قاعدة غرب القيارة الجوية المدمرة لتصبح مركز دعم لوجيستياً للقوات العراقية والدولية في المعركة الحاسمة ضد تنظيم داعش لاستعادة مدينة الموصل الواقعة على مسافة 60 كيلومتراً شمال القاعدة.
ويشير النشاط وعودة القوات الأميركية إلى زيادة جديدة في حجم الوجود الأميركي في العراق بعد 14 عاماً من الغزو الذي أطلق شرارة صراع شهد كثيراً من التحولات. لكن، حسب وكالة «رويترز»، يؤكد كبار المسؤولين العسكريين أن المهمة محدودة ومؤقتة. والهدف المعلن هو القضاء على تنظيم داعش ومساعدة الجيش العراقي. وقالت اللفتنانت جنرال إليزابيث كيرتس من الكتيبة 82 المحمولة جواً: «إنها دولة ذات سيادة وقد سمحت لنا بالحضور وتقديم المشورة لها. نريد التخلص من الأشرار. نحن جميعاً نسعى لهدف واحد».
وقبل 9 أشهر كان تنظيم داعش ما زال يسيطر على قاعدة غرب القيارة الجوية وكان التنظيم المتشدد قد انتزع السيطرة عليها من الجيش العراقي عام 2014 ودمرها وهدم المباني وحطم مدرج الطائرات بآلات حفر. واستعادها الجيش العراقي في يوليو (تموز) الماضي ونشرت قوات أميركية من الفرقة 101 المحمولة جواً هناك في أكتوبر (تشرين الأول) مع بدء الهجوم لاستعادة الموصل آخر مدينة يسيطر عليها المتشددون في البلاد. وتسلمت الكتيبة 82 المحمولة جواً القاعدة في ديسمبر (كانون الأول).
وقال قائد القاعدة اللفتنانت كولونيل سيباستيان باستور إن القاعدة يتمركز بها نحو ألف جندي أغلبهم من الأميركيين، لكنّ من بينهم أفراداً من جنسيات أخرى من قوات التحالف الدولي البالغ عددها 1700 جندي في منطقة عمليات الموصل.
وتقدم قاعدة غرب القيارة الدعم والخدمات اللوجيستية لكثير من مناطق التجمع التكتيكي القريبة من جبهة القتال. والمستشارون الأميركيون منتشرون على جبهة القتال، لكن القاعدة لها دور هجومي كذلك، فهي تضم بطارية صواريخ وتطلق الصواريخ بانتظام على مواقع لتنظيم داعش في غرب الموصل وتنطلق منها طائرات هليكوبتر لدعم القوات البرية العراقية على الأرض.
وظهرت القاعدة وسط أنقاض دمار شامل، فما زالت أكوام من الحجارة من أنقاض المباني المدمرة تتناثر في المكان. وتحيط جدران خرسانية بمحيط القاعدة وتمتد متعرجة إلى الداخل. وتتكدس الحاويات ومنصات المؤن في كل مكان وتصطف أساطيل المدرعات والجرافات في صفوف داخل القاعدة. وينام الجنود في مخابئ صغيرة من الخرسانة وأصبح خزان ماء مدمر علامة مميزة للمكان. وفي الأيام القليلة الماضية حولت الأمطار الغزيرة أرض القاعدة إلى بحر من الوحل.
ويبدو المشهد بعيداً كل البعد عما كان عليه عندما كانت قاعدة غرب القيارة قاعدة أميركية كبيرة وقت ذروة الاحتلال وكانت تضم ملعباً للغولف وحمام سباحة وكان يطلق عليها اسم «كي ويست» على اسم منتجع في فلوريدا.
وقالت الكابتن آن ناجي المسؤولة عن أعمال الإنشاءات: «ستصبح أكبر لكنها لن تصبح أجمل».
ووصفت ناجي القاعدة بأنها تبدو مثل محطة حافلات عملاقة. وقالت: «لدينا مئات الأفراد العابرين وهم يحتاجون لإمدادات. هناك كثير من الأفراد الذين تتمثل مهمتهم الأساسية في تنظيم الناس والغذاء والوقود والذخيرة».
وتابعت أن مزيداً من القوات سيصل، لكن الأعداد ومدة بقائها تعتمد على معركة الموصل وما بعدها.
وأكدت اللفتنانت جنرال كيرتس كذلك أن الحشد لا يعني أن الولايات المتحدة تلزم قواتها بعهد جديد من التدخل المكلف وطويل الأمد. وعملت كيرتس في العراق خلال الغزو عام 2003. وقالت: «إنه قتال مختلف الآن. نحن هنا لدعم الحكومة العراقية. نحن هنا بإذن منها بناء على طلبها. لسنا الطرف الذي يحارب، نحن فقط نقدم النصح». وردت على سؤال عن الوقت المتوقع لبقاء القوات الأميركية قائلة: «قتالنا الآن في غرب الموصل. لا يمكننا التنبؤ بما سيحدث بعد ذلك». وقالت اللفتنانت كولونيل كاري كولمان قائدة المجموعة الاستشارية للاستطلاع الجوي إن تسليم القاعدة للقوات العراقية هدف أساسي كذلك.
وأصلح المدرج وأصبح بإمكان طائرات النقل سي - 130 استخدامه. وقالت كولمان: «مهمتنا هنا هي الحفاظ على استمرار حركة الخدمة اللوجيستية وجلب الشحنات والأفراد. هدفنا هو أن يقوى العراقيون في أقرب وقت ممكن».



ملاهي سوريا وحاناتها تعيد فتح أبوابها بحذر بعد انتصار فصائل المعارضة

سوري يصب شراباً محلياً في سوق باب توما بدمشق (رويترز)
سوري يصب شراباً محلياً في سوق باب توما بدمشق (رويترز)
TT

ملاهي سوريا وحاناتها تعيد فتح أبوابها بحذر بعد انتصار فصائل المعارضة

سوري يصب شراباً محلياً في سوق باب توما بدمشق (رويترز)
سوري يصب شراباً محلياً في سوق باب توما بدمشق (رويترز)

احتفل سكان دمشق بسقوط نظام بشار الأسد بعد حرب وحشية استمرت 13 عاماً، لكن أصحاب أماكن السهر في المدينة اعتراهم القلق وهم يعيدون فتح أبواب حاناتهم وملاهيهم.

فقد قادت «هيئة تحرير الشام» فصائل المعارضة التي أطاحت بنظام الأسد، وكانت هناك خشية لدى بعض الناس من أن تمنع الهيئة شرب الكحول.

ظلت حانات دمشق ومحلات بيع الخمور فيها مغلقة لأربعة أيام بعد دخول مقاتلي «هيئة تحرير الشام» المدينة، دون فرضهم أي إجراءات صارمة، والآن أعيد فتح هذه الأماكن مؤقتاً.

ما يريده صافي، صاحب «بابا بار» في أزقة المدينة القديمة، من الجميع أن يهدأوا ويستمتعوا بموسم عيد الميلاد الذي يشهد إقبالاً عادة.

مخاوف بسبب وسائل التواصل

وفي حديث مع «وكالة الصحافة الفرنسية» في حانته، اشتكى صافي، الذي لم يذكر اسم عائلته حتى لا يكشف عن انتمائه الطائفي، من حالة الذعر التي أحدثتها وسائل التواصل الاجتماعي.

فبعدما انتشرت شائعات أن المسلحين المسيطرين على الحي يعتزمون شن حملة على الحانات، توجه إلى مركز الشرطة الذي بات في أيدي الفصائل في ساحة باب توما.

وقال صافي بينما كان يقف وخلفه زجاجات الخمور: «أخبرتهم أنني أملك حانة وأود أن أقيم حفلاً أقدم فيه مشروبات كحولية».

وأضاف أنهم أجابوه: «افتحوا المكان، لا مشكلة. لديكم الحق أن تعملوا وتعيشوا حياتكم الطبيعية كما كانت من قبل»، فيما كانت الموسيقى تصدح في المكان.

ولم تصدر الحكومة، التي تقودها «هيئة تحرير الشام» أي بيان رسمي بشأن الكحول، وقد أغلق العديد من الأشخاص حاناتهم ومطاعمهم بعد سقوط العاصمة.

لكن الحكومة الجديدة أكدت أيضاً أنها إدارة مؤقتة وستكون متسامحة مع كل الفئات الاجتماعية والدينية في سوريا.

وقال مصدر في «هيئة تحرير الشام»، لـ«وكالة الصحافة الفرنسية»، طلب عدم كشف هويته، إن «الحديث عن منع الكحول غير صحيح». وبعد الإلحاح عليه بالسؤال شعر بالغضب، مشدداً على أن الحكومة لديها «قضايا أكبر للتعامل معها».

وأعيد فتح «بابا بار» وعدد قليل من الحانات القريبة، لكن العمل محدود ويأمل صافي من الحكومة أن تطمئنهم ببيان يكون أكثر وضوحاً وقوة إلى أنهم آمنون.

في ليلة إعادة الافتتاح، أقام حفلة حتى وقت متأخر حضرها نحو 20 شخصاً، ولكن في الليلة الثانية كانت الأمور أكثر هدوءاً.

وقال إن «الأشخاص الذين حضروا كانوا في حالة من الخوف، كانوا يسهرون لكنهم في الوقت نفسه لم يكونوا سعداء».

وأضاف: «ولكن إذا كانت هناك تطمينات (...) ستجد الجميع قد فتحوا ويقيمون حفلات والناس مسرورون، لأننا الآن في شهر عيد الميلاد، شهر الاحتفالات».

وفي سوريا أقلية مسيحية كبيرة تحتفل بعيد الميلاد، مع تعليق الزينات في دمشق.

في مطعم العلية القريب، كان أحد المغنين يقدم عرضاً بينما يستمتع الحاضرون بأطباق من المقبلات والعرق والبيرة.

لم تكن القاعة ممتلئة، لكن الدكتور محسن أحمد، صاحب الشخصية المرحة والأنيقة، كان مصمماً على قضاء وقت ممتع.

وقال لـ«وكالة الصحافة الفرنسية»: «كنا نتوقع فوضى عارمة في الموقف»، فيما كانت الأضواء تنعكس على ديكورات المطعم، مضيفاً: «لكننا عدنا سريعاً إلى حياتنا، حياتنا الليلية، وحقوقنا».

حفلة مع مغنٍ

وقال مدير المطعم يزن شلش إن مقاتلي «هيئة تحرير الشام» حضروا في ليلة إعادة الافتتاح ولم يغلقوا المكان.

وأضاف: «بدأنا العمل أمس. كانت الأمور جيدة جداً. كانت هناك حفلة مع مغنٍ. بدأ الناس بالتوافد، وفي وسط الحفلة حضر عناصر من (هيئة تحرير الشام)»، وأشار إلى أنهم «دخلوا بكل أدب واحترام وتركوا أسلحتهم في الخارج».

وبدلاً من مداهمة المكان، كانت عناصر الهيئة حريصين على طمأنة الجميع أن العمل يمكن أن يستمر.

وتابع: «قالوا للناس: لم نأتِ إلى هنا لنخيف أو نرهب أحداً. جئنا إلى هنا للعيش معاً في سوريا بسلام وحرية كنا ننتظرهما منذ فترة طويلة».

وتابع شلش: «عاملونا بشكل حسن البارحة، نحن حالياً مرتاحون مبدئياً لكنني أخشى أن يكون هذا الأمر آنياً ولا يستمر».

ستمارس الحكومة الانتقالية الجديدة في سوريا بقيادة «هيئة تحرير الشام» عملها حتى الأول من مارس (آذار). بعد ذلك، لا يعرف أصحاب الحانات ماذا يتوقعون.