تصاعد الاحتجاجات الشعبية في لبنان رفضاً للضرائب

سلسلة الرتب والرواتب في مهب الريح... وجلسة مرتقبة للمجلس النيابي الأربعاء المقبل

تصاعد الاحتجاجات الشعبية في لبنان رفضاً للضرائب
TT

تصاعد الاحتجاجات الشعبية في لبنان رفضاً للضرائب

تصاعد الاحتجاجات الشعبية في لبنان رفضاً للضرائب

تواصلت يوم أمس (الجمعة) الاحتجاجات الشعبية في مختلف المناطق اللبنانية، على خلفية لجوء مجلس النواب في الأيام الماضية إلى زيادة الضرائب لتأمين الإيرادات لتمويل «سلسلة الرتب والرواتب» التي من شأن إقرارها زيادة رواتب موظفي القطاع العام والمدرسين.
ويُطالب المجتمع المدني وحزب الكتائب اللبنانية، إضافة إلى «الحزب التقدمي الاشتراكي» الذي انضم أخيراً إليهم، بإقرار السلسلة، على أن يتم تمويلها من خلال اعتماد إجراءات بديلة عن رفع الضرائب، وأبرزها وضع حد للفساد، والحد من التهرب الضريبي، والانطلاق في عملية إصلاح متكاملة.
وباتت عملياً السلسلة في مهب الريح، خصوصاً بعد تعليق حزب القوات اللبنانية أيضاً تأييده لها حتى إيجاد موارد بديلة، مما جعل الطبقة السياسية والكتل التي وافقت على إقرار الضرائب تدور في حلقة مفرغة، فهي غير قادرة على السير بمشروع القانون الذي يتضمن كل هذه الضرائب، ومن ضمنها رفع الضريبة على القيمة المضافة TVA، نظراً للضغوط الشعبية الكبيرة التي تتعرض لها، كما أنّها لا تستطيع أن تتنصل بعد سنوات من البحث من إقرار السلسلة التي يتمسك بها موظفو القطاع العام.
وقالت مصادر سياسية رسمية، لـ«الشرق الأوسط»، إنّه على الرغم من كل الضجة الحاصلة، فإن السلسلة ستقر في نهاية المطاف، لافتة إلى أنّه من المرجح أن يدعو رئيس المجلس النيابي لجلسة لاستكمال البحث فيها يوم الأربعاء المقبل. وأضافت: «للأسف، الناس أضاعوا البوصلة؛ يريدون حقوقهم، ولكنّهم يرفضون الضرائب التي عملنا على إقرارها بتأن كي لا تطال محدودي الدخل».
ورجّحت المصادر أنّه «لو كان بري هو من يرأس الجلسات السابقة، لما كانت الأمور قد وصلت إلى ما هي عليه الآن»، مشيرة إلى أنّه «يعرف تماماً أهواء الكتل وحركتها، وهو قادر على التعامل مع أي لغم تضعه هذه الكتلة أو تلك، نظراً لخبرته الكبيرة في هذا المجال».
وقد ترأس نائب رئيس المجلس النيابي فريد مكاري الجلسات النيابية الماضية لانشغال الرئيس بري بتقبل التعازي في أحد أقربائه. ونظّم ناشطو الحراك المدني وحملة «طلعت ريحتكم»، يوم أمس، مظاهرة في وسط بيروت للتصدي لفرض المزيد من الضرائب، وهم سيواصلون تحركاتهم في هذا الإطار اليوم (السبت)، على أن يكون التحرك أوسع يوم غد (الأحد)، على أن تشارك فيه النقابات. وانضم النائب وليد جنبلاط زعيم الحزب التقدمي الاشتراكي، يوم أمس، إلى رئيس حزب الكتائب اللبنانية سامي الجميل، بانتقاد الإجراءات التي يتم اتخاذها لتمويل السلسلة، مشدداً على أن حزبه منذ اللحظة الأولى تبنى السلسلة «شرط تأمين الموارد، ووقف الهدر، وضرب مكامن الفساد المركزية، من خلال معالجة جدية لتجنب فرض هذا الكم من الضرائب والرسوم».
وحثّ جنبلاط، في سلسلة مواقف أطلقها، على «توحيد السلسلة في جميع القطاعات المدنية والعسكرية، ومعالجة فائض الموظفين المدنيين والعسكريين، ووقف السفر نصف المجاني للوزراء والنواب والعسكريين على خطوط طيران الشرق الأوسط، ووقف العلاوات المتفاوتة للسفر بين مختلف القطاعات، وحصر المناقصات بدائرة المناقصات بعد إعادة تصنيف الشركات والاستغناء عن هذا الكم المستعمل وغير المستعمل من الأبنية الحكومية وإيجاراته المكلفة نتيجة التنفيعات». كما دعا جنبلاط للانطلاق بعملية إصلاح حقيقية، ووقف الهدر، إلى «فصل السياسة عن الإدارة، والسعي لقضاء مستقل وحاسم».
من جهته، واصل النائب الجميل حركته المعترضة، فاعتبر في مؤتمر صحافي عقده يوم أمس أن «نواب الكتائب الـ4 حققوا إنجازاً، بإفشال عملية فرض ضرائب على الشعب بطريقة عشوائية، في ظل تفشي الفساد والهدر في السلطة وكل أماكن الدولة»، وتوجه إلى «القوى السياسية التي تكلمت في السابق كثيراً عن مكافحة الفساد والهدر»، متسائلاً: «ألم تتكلموا عن الإبراء المستحيل، والشراكة بين القطاعين العام والخاص لحل أزمة الكهرباء؟»، وأضاف: «هذه فرصة للجميع لتحويل الأزمة إلى فرصة تاريخية لإنقاذ لبنان، وإعطاء أمل وحلم للبنانيين بالإصلاح الحقيقي؛ هذه فرصة لبناء البلد على أسس صحيحة على كل المستويات»، مؤكداً أنه «بدل رمي المسؤوليات، يجب أن نأخذ قراراً حقيقياً بالإصلاح الحقيقي». أما النائب بطرس حرب، فرفض تحميل الشعب اللبناني كلفة السلسلة دون إطلاق ورشة وقف الفساد والرشوات، وتوزيع المغانم بين معظم القوى السياسية، معتبراً أن ذلك «غير جائز، ولا يمكن السكوت عليه، أو القبول به»، وطالب بـ«رفع السرية المصرفية عن كل المتعاطين في الشأن العام، وتعديل قانون الإثراء غير المشروع، ليصبح قادراً على مساءلة المسؤولين عن الشأن العام، بالإضافة إلى وجوب تفعيل أجهزة التفتيش وتحصين القضاء».



​انخفاض صادرات العسل في اليمن بنسبة 50 %‎

نحّال يمني بمحافظة تعز حيث تسبب حصار الحوثيين في تراجع إنتاج العسل (أ.ف.ب)
نحّال يمني بمحافظة تعز حيث تسبب حصار الحوثيين في تراجع إنتاج العسل (أ.ف.ب)
TT

​انخفاض صادرات العسل في اليمن بنسبة 50 %‎

نحّال يمني بمحافظة تعز حيث تسبب حصار الحوثيين في تراجع إنتاج العسل (أ.ف.ب)
نحّال يمني بمحافظة تعز حيث تسبب حصار الحوثيين في تراجع إنتاج العسل (أ.ف.ب)

انخفض إنتاج وتصدير العسل في اليمن خلال السنوات الخمس الأخيرة بنسبة تصل إلى 50 في المائة بسبب تغيرات المناخ، وارتفاع درجة الحرارة، إلى جانب آثار الحرب التي أشعلها الحوثيون، وذلك طبقاً لما جاء في دراسة دولية حديثة.

وأظهرت الدراسة التي نُفّذت لصالح اللجنة الدولية للصليب الأحمر أنه خلال السنوات الخمس الماضية، وفي المناطق ذات الطقس الحار، انخفض تعداد مستعمرات النحل بنسبة 10 - 15 في المائة في حين تسبب الصراع أيضاً في انخفاض إنتاج العسل وصادراته بأكثر من 50 في المائة، إذ تركت سنوات من الصراع المسلح والعنف والصعوبات الاقتصادية سكان البلاد يكافحون من أجل التكيف، مما دفع الخدمات الأساسية إلى حافة الانهيار.

100 ألف أسرة يمنية تعتمد في معيشتها على عائدات بيع العسل (إعلام محلي)

ومع تأكيد معدّي الدراسة أن تربية النحل ليست حيوية للأمن الغذائي في اليمن فحسب، بل إنها أيضاً مصدر دخل لنحو 100 ألف أسرة، أوضحوا أن تغير المناخ يؤثر بشدة على تربية النحل، مما يتسبب في زيادة الإجهاد الحراري، وتقليل إنتاج العسل.

وأشارت الدراسة إلى أن هطول الأمطار غير المنتظمة والحرارة الشديدة تؤثران سلباً على مستعمرات النحل، مما يؤدي إلى انخفاض البحث عن الرحيق وتعطيل دورات الإزهار، وأن هذه التغييرات أدت إلى انخفاض إنتاج العسل في المناطق الأكثر حرارة، وأدت إلى إجهاد سبل عيش مربي النحل.

تغيرات المناخ

في حين تتفاقم الأزمة الإنسانية في اليمن، ويعتمد 70 في المائة من السكان على المساعدات، ويعيش أكثر من 80 في المائة تحت خط الفقر، توقعت الدراسة أن يؤدي تغير المناخ إلى ارتفاع درجات الحرارة في هذا البلد بمقدار 1.2 - 3.3 درجة مئوية بحلول عام 2060، وأن تزداد درجات الحرارة القصوى، حيث ستصبح الأيام الأكثر سخونة بحلول نهاية هذا القرن بمقدار 3 - 7 درجات مئوية عما هي عليه اليوم.

شابة يمنية تروج لأحد أنواع العسل في مهرجان بصنعاء (إعلام محلي)

وإذ ينبه معدّو الدراسة إلى أن اليمن سيشهد أحداثاً جوية أكثر شدة، بما في ذلك الفيضانات الشديدة، والجفاف، وزيادة وتيرة العواصف؛ وفق ما ذكر مركز المناخ، ذكروا أنه بالنسبة لمربي النحل في اليمن، أصبحت حالات الجفاف وانخفاض مستويات هطول الأمطار شائعة بشكل زائد. وقد أدى هذا إلى زيادة ندرة المياه، التي يقول مربو النحل إنها التحدي المحلي الرئيس لأي إنتاج زراعي، بما في ذلك تربية النحل.

ووفق بيانات الدراسة، تبع ذلك الوضع اتجاه هبوطي مماثل فيما يتعلق بتوفر الغذاء للنحل، إذ يعتمد مربو النحل على النباتات البرية بصفتها مصدراً للغذاء، والتي أصبحت نادرة بشكل زائد في السنوات العشر الماضية، ولم يعد النحل يجد الكمية نفسها أو الجودة من الرحيق في الأزهار.

وبسبب تدهور مصادر المياه والغذاء المحلية، يساور القلق - بحسب الدراسة - من اضطرار النحل إلى إنفاق مزيد من الطاقة والوقت في البحث عن هذين المصدرين اللذين يدعمان الحياة.

وبحسب هذه النتائج، فإن قيام النحل بمفرده بالبحث عن الماء والطعام والطيران لفترات أطول من الزمن وإلى مسافات أبعد يؤدي إلى قلة الإنتاج.

وذكرت الدراسة أنه من ناحية أخرى، فإن زيادة حجم الأمطار بسبب تغير المناخ تؤدي إلى حدوث فيضانات عنيفة بشكل متكرر. وقد أدى هذا إلى تدمير مستعمرات النحل بأكملها، وترك النحّالين من دون مستعمرة واحدة في بعض المحافظات، مثل حضرموت وشبوة.

برنامج للدعم

لأن تأثيرات تغير المناخ على المجتمعات المتضررة من الصراع في اليمن تشكل تحدياً عاجلاً وحاسماً لعمل اللجنة الدولية للصليب الأحمر الإنساني، أفادت اللجنة بأنها اتخذت منذ عام 2021 خطوات لتوسيع نطاق سبل العيش القائمة على الزراعة للنازحين داخلياً المتضررين من النزاع، والعائدين والأسر المضيفة لمعالجة دعم الدخل، وتنويع سبل العيش، ومن بينها مشروع تربية النحل المتكامل.

الأمطار الغزيرة تؤدي إلى تدمير مستعمرات النحل في اليمن (إعلام محلي)

ويقدم البرنامج فرصة لدمج الأنشطة الخاصة بالمناخ التي تدعم المجتمعات لتكون أكثر قدرة على الصمود في مواجهة تغير المناخ، ومعالجة تأثير الصراع أيضاً. ومن ضمنها معلومات عن تغير المناخ وتأثيراته، وبعض الأمثلة على تدابير التكيف لتربية النحل، مثل استخدام الظل لحماية خلايا النحل من أشعة الشمس، وزيادة وعي النحالين بتغير المناخ مع المساعدة في تحديث مهاراتهم.

واستجابة لارتفاع درجات الحرارة الناجم عن تغير المناخ، وزيادة حالات الجفاف التي أسهمت في إزالة الغابات والتصحر، نفذت اللجنة الدولية للصليب الأحمر أيضاً برنامجاً لتعزيز قدرة المؤسسات المحلية على تحسين شبكة مشاتل أنشطة التشجير في خمس محافظات، لإنتاج وتوزيع أكثر من 600 ألف شتلة لتوفير العلف على مدار العام للنحل.