المعارضة تقاطع «آستانة 3» منعاً لتكرار نموذج وادي بردى في الوعر

أبو زيد: القصف المتواصل والتهجير القسري يقطعان الطريق أمام المشاركة... والخارجية الفرنسية تدين هجوم دمشق وتدعو روسيا وإيران لضمان الهدنة

حي الوعر كما بدا أخيراً بعد قصف عنيف تعرض له من قبل الطيران الروسي والطيران الحربي للنظام (وكالة قاسيون)
حي الوعر كما بدا أخيراً بعد قصف عنيف تعرض له من قبل الطيران الروسي والطيران الحربي للنظام (وكالة قاسيون)
TT

المعارضة تقاطع «آستانة 3» منعاً لتكرار نموذج وادي بردى في الوعر

حي الوعر كما بدا أخيراً بعد قصف عنيف تعرض له من قبل الطيران الروسي والطيران الحربي للنظام (وكالة قاسيون)
حي الوعر كما بدا أخيراً بعد قصف عنيف تعرض له من قبل الطيران الروسي والطيران الحربي للنظام (وكالة قاسيون)

أكدت المعارضة السورية مقاطعتها مؤتمر «آستانة 3» المزمع عقده هذا الأسبوع في عاصمة كازاخستان، على خلفية «استمرار الخروقات ورعاية روسية مباشرة لتهجير حي الوعر»، آخر معاقل المعارضة في مدينة حمص الذي فشلت الوساطات فيه، لتوقيع اتفاقية لإخراج قوات المعارضة منه إلى ريف شمال سوريا.
وأكد المستشار القانوني للجيش السوري الحر أسامة أبو زيد لـ«الشرق الأوسط»، أن «استمرار الخروقات في حي الوعر في حمص، ورعاية روسيا المباشرة لتهجير حي الوعر، دفعتنا لمقاطعة مؤتمر آستانة»، مشيراً إلى أن أحد أسباب المقاطعة أيضاً «يتمثل في مساعينا لعدم تكرار قصة وادي بردى»، في إشارة إلى الموافقة على حضور مؤتمر «آستانة 1» بالتزامن مع عمليات عسكرية نفذها النظام السوري مدعوماً بقوات من «حزب الله» في منطقة وادي بردى بريف دمشق الغربي، أدت إلى توقيع اتفاق قضى بترحيل المقاتلين المعارضين من وادي بردى إلى الشمال السوري، وتوقيع اتفاقية أتاحت للنظام استعادة السيطرة على المنطقة.
وأشار أبو زيد إلى أن «القصف الروسي الإيراني والتهجير القسري يقطعان الطريق أمام مشاركة المعارضة في آستانة»، لافتاً إلى أن «استمرار الروس بالضغط على الثوار في حي الوعر لتوقيع الاتفاق دفعنا أيضاً لاتخاذ هذا القرار».
وحي الوعر، يعد آخر الأحياء الخاضعة لسيطرة المعارضة في مدينة حمص، وتحاصره قوات النظام منذ 4 سنوات. ويسعى النظام عبر الروس للتوصل إلى اتفاق مع المعارضة يقضي بترحيل المعارضين منه إلى ريف إدلب الشمالي، ودخول الشرطة النظامية إلى الحي.
وكان من المفترض أن يتم توقيع الاتفاق أمس، إلا أن «الخروقات المتكررة من قبل قوات النظام على أطرافه، دفعت لتأجيلها»، كما قال مصدر معارض في حي الوعر لـ«الشرق الأوسط»، مشيراً إلى «تأجيل التوقيع على الاتفاقية بعد اتفاق بين لجنة التوافق والوفد الروسي على تطبيق آلية خروج المعارضين من الحي». وإذ أشار إلى أن قوات النظام «خرقت الهدنة في الحي ولم تتوقف عن إطلاق النار على الحي»، قال: «لا أستطيع أن أجزم بتوقيت توقيع الاتفاق... قد يكون خلال الأسبوع الحالي إذا التزم النظام بالهدنة وتوصل الجميع إلى الاتفاق على تفاصيل عالقة»، من غير أن يسميها.
وتشير مسودة الاتفاق بين النظام ولجنة تفاوض حي الوعر، إلى إخراج المقاتلين المعارضين للاتفاق مع ذويهم المدنيين إلى خارج الحي، مقابل فك الحصار المفروض عليه، وهو ما اعتبرته المعارضة في وقت سابق «خطة تهجير جديدة».
وفي حال وافق المعارضون على الاتفاق، فإن مدينة حمص ستكون خالية تماماً من نفوذ قوات المعارضة، كون الاتفاق يقضي بدخول قوات النظام إليه بعد فترة.
وذكرت وسائل إعلام مقربة من النظام أن المفاوضات في حي الوعر قطعت شوطاً كبيراً نحو الحلّ، حيث تمّ الاتفاق من حيث المبدأ على استكمال المرحلة الثالثة من الاتفاق السابق، التي تشمل خروج المسلحين الرافضين للاتفاق من الحي، وإجراء عملية تسوية لمن يرغب من المسلحين بالبقاء داخل الحي. وذكرت أن هذه الخطوة «يليها دخول قوات الشرطة إلى الوعر، وتفعيل المؤسسات الحكومية داخله، وذلك بالتزامن مع فتح طرقات الحي أمام دخول وخروج المدنيين والمواد الغذائية والمساعدات الإغاثية».
وفي السياق ذاته، تضمنت بنود الاتفاق أن النظام لن يدخل إلى الحي إلا بعد 6 أشهر. وستدخل الشرطة السورية والشرطة الروسية في هذه الفترة المحددة، وستشكل لجنة من الحي لمتابعة أمور التفاوض، إضافة إلى «بقاء 300 مسلح لضمان أمن الحي بتنسيق مع النظام».
وفي باريس، أدانت وزارة الخارجية الفرنسية تفجيرا دمويا وقع في دمشق، ودعت ضامني الهدنة في سوريا؛ بخاصة روسيا وإيران، إلى التأكد من احترام تنفيذ وقف إطلاق النار بشكل كامل.
وقالت الخارجية في بيان: «هناك حاجة عاجلة الآن أكثر من أي وقت مضى لاحترام وقف إطلاق النار في سوريا».
وأضاف البيان: «ندعو ضامني الهدنة، بخاصة روسيا وإيران، الذين سيجتمعون في آستانة هذا الأسبوع، إلى الضغط على الأطراف المعنية لضمان احترام وقف إطلاق النار بالكامل».



ملاهي سوريا وحاناتها تعيد فتح أبوابها بحذر بعد انتصار فصائل المعارضة

سوري يصب شراباً محلياً في سوق باب توما بدمشق (رويترز)
سوري يصب شراباً محلياً في سوق باب توما بدمشق (رويترز)
TT

ملاهي سوريا وحاناتها تعيد فتح أبوابها بحذر بعد انتصار فصائل المعارضة

سوري يصب شراباً محلياً في سوق باب توما بدمشق (رويترز)
سوري يصب شراباً محلياً في سوق باب توما بدمشق (رويترز)

احتفل سكان دمشق بسقوط نظام بشار الأسد بعد حرب وحشية استمرت 13 عاماً، لكن أصحاب أماكن السهر في المدينة اعتراهم القلق وهم يعيدون فتح أبواب حاناتهم وملاهيهم.

فقد قادت «هيئة تحرير الشام» فصائل المعارضة التي أطاحت بنظام الأسد، وكانت هناك خشية لدى بعض الناس من أن تمنع الهيئة شرب الكحول.

ظلت حانات دمشق ومحلات بيع الخمور فيها مغلقة لأربعة أيام بعد دخول مقاتلي «هيئة تحرير الشام» المدينة، دون فرضهم أي إجراءات صارمة، والآن أعيد فتح هذه الأماكن مؤقتاً.

ما يريده صافي، صاحب «بابا بار» في أزقة المدينة القديمة، من الجميع أن يهدأوا ويستمتعوا بموسم عيد الميلاد الذي يشهد إقبالاً عادة.

مخاوف بسبب وسائل التواصل

وفي حديث مع «وكالة الصحافة الفرنسية» في حانته، اشتكى صافي، الذي لم يذكر اسم عائلته حتى لا يكشف عن انتمائه الطائفي، من حالة الذعر التي أحدثتها وسائل التواصل الاجتماعي.

فبعدما انتشرت شائعات أن المسلحين المسيطرين على الحي يعتزمون شن حملة على الحانات، توجه إلى مركز الشرطة الذي بات في أيدي الفصائل في ساحة باب توما.

وقال صافي بينما كان يقف وخلفه زجاجات الخمور: «أخبرتهم أنني أملك حانة وأود أن أقيم حفلاً أقدم فيه مشروبات كحولية».

وأضاف أنهم أجابوه: «افتحوا المكان، لا مشكلة. لديكم الحق أن تعملوا وتعيشوا حياتكم الطبيعية كما كانت من قبل»، فيما كانت الموسيقى تصدح في المكان.

ولم تصدر الحكومة، التي تقودها «هيئة تحرير الشام» أي بيان رسمي بشأن الكحول، وقد أغلق العديد من الأشخاص حاناتهم ومطاعمهم بعد سقوط العاصمة.

لكن الحكومة الجديدة أكدت أيضاً أنها إدارة مؤقتة وستكون متسامحة مع كل الفئات الاجتماعية والدينية في سوريا.

وقال مصدر في «هيئة تحرير الشام»، لـ«وكالة الصحافة الفرنسية»، طلب عدم كشف هويته، إن «الحديث عن منع الكحول غير صحيح». وبعد الإلحاح عليه بالسؤال شعر بالغضب، مشدداً على أن الحكومة لديها «قضايا أكبر للتعامل معها».

وأعيد فتح «بابا بار» وعدد قليل من الحانات القريبة، لكن العمل محدود ويأمل صافي من الحكومة أن تطمئنهم ببيان يكون أكثر وضوحاً وقوة إلى أنهم آمنون.

في ليلة إعادة الافتتاح، أقام حفلة حتى وقت متأخر حضرها نحو 20 شخصاً، ولكن في الليلة الثانية كانت الأمور أكثر هدوءاً.

وقال إن «الأشخاص الذين حضروا كانوا في حالة من الخوف، كانوا يسهرون لكنهم في الوقت نفسه لم يكونوا سعداء».

وأضاف: «ولكن إذا كانت هناك تطمينات (...) ستجد الجميع قد فتحوا ويقيمون حفلات والناس مسرورون، لأننا الآن في شهر عيد الميلاد، شهر الاحتفالات».

وفي سوريا أقلية مسيحية كبيرة تحتفل بعيد الميلاد، مع تعليق الزينات في دمشق.

في مطعم العلية القريب، كان أحد المغنين يقدم عرضاً بينما يستمتع الحاضرون بأطباق من المقبلات والعرق والبيرة.

لم تكن القاعة ممتلئة، لكن الدكتور محسن أحمد، صاحب الشخصية المرحة والأنيقة، كان مصمماً على قضاء وقت ممتع.

وقال لـ«وكالة الصحافة الفرنسية»: «كنا نتوقع فوضى عارمة في الموقف»، فيما كانت الأضواء تنعكس على ديكورات المطعم، مضيفاً: «لكننا عدنا سريعاً إلى حياتنا، حياتنا الليلية، وحقوقنا».

حفلة مع مغنٍ

وقال مدير المطعم يزن شلش إن مقاتلي «هيئة تحرير الشام» حضروا في ليلة إعادة الافتتاح ولم يغلقوا المكان.

وأضاف: «بدأنا العمل أمس. كانت الأمور جيدة جداً. كانت هناك حفلة مع مغنٍ. بدأ الناس بالتوافد، وفي وسط الحفلة حضر عناصر من (هيئة تحرير الشام)»، وأشار إلى أنهم «دخلوا بكل أدب واحترام وتركوا أسلحتهم في الخارج».

وبدلاً من مداهمة المكان، كانت عناصر الهيئة حريصين على طمأنة الجميع أن العمل يمكن أن يستمر.

وتابع: «قالوا للناس: لم نأتِ إلى هنا لنخيف أو نرهب أحداً. جئنا إلى هنا للعيش معاً في سوريا بسلام وحرية كنا ننتظرهما منذ فترة طويلة».

وتابع شلش: «عاملونا بشكل حسن البارحة، نحن حالياً مرتاحون مبدئياً لكنني أخشى أن يكون هذا الأمر آنياً ولا يستمر».

ستمارس الحكومة الانتقالية الجديدة في سوريا بقيادة «هيئة تحرير الشام» عملها حتى الأول من مارس (آذار). بعد ذلك، لا يعرف أصحاب الحانات ماذا يتوقعون.