روسيا تجدد دعوتها لشراكة ندية مع الولايات المتحدة والبداية من سوريا

بوغدانوف يتطلع إلى مشاركة أميركية في آستانة... والبنتاغون يكشف عن اتصالات رفيعة مع موسكو

روسيا تجدد دعوتها لشراكة ندية مع الولايات المتحدة والبداية من سوريا
TT

روسيا تجدد دعوتها لشراكة ندية مع الولايات المتحدة والبداية من سوريا

روسيا تجدد دعوتها لشراكة ندية مع الولايات المتحدة والبداية من سوريا

كررت روسيا دعوتها الولايات المتحدة لإطلاق شراكة ندية لحل الأزمة السورية، من موقع «القوتين القائدتين عالمياً».
والدعوة هذه المرة موجهة لإدارة الرئيس الأميركي دونالد ترمب، الذي لم يتحرك بعد على محور الأزمة السورية بالشكل والتأثير المناسبين لدولة بحجم ومكانة الولايات المتحدة. في غضون ذلك كشف البنتاغون عن محادثات جديدة بين العسكريين الروس والأميركيين، للاتفاق على قنوات اتصال رفيعة المستوى، لتفادي الحوادث في الأجواء وعلى الأراضي السورية.
وقال ميخائيل بوغدانوف، نائب وزير الخارجية الروسي، في تصريحات أمس من العاصمة الصربية بلغراد، إن روسيا ترغب في مواصلة وتعزيز الدور القيادي الروسي - الأميركي، معربا عن قناعته بأن «الكثير من القضايا والأزمات في الشرق الأوسط، وعلى المستوى الدولي بشكل عام، تنتظر التحرك المشترك لروسيا والولايات المتحدة». وتشكل الأزمة السورية نقطة انطلاق في المساعي الروسية لتحقيق «الدور القيادي المشترك»، إذ أكد بوغدانوف أن موسكو تنتظر ريثما تستكمل الإدارة الأميركية تعيين المسؤولين الجدد، الذين سيعملون على القضايا الملحة، وأشار بصورة خاصة إلى «العمل على التسوية السورية وصياغة آليات مشتركة منسقة في هذا المجال. ولفت إلى أهمية تعيين المسؤولين الجدد كي يتمكن الجانبان من الدفع قدما وبصورة فعالة مسائل وقف الأعمال القتالية في سوريا، ومسائل التصدي للإرهاب، والمساعدات الإنسانية»، مشيرا إلى أن «العملية السياسية تنطلق على أساس القرار 2254. الذي تم تبنيه بالإجماع». وفي هذا السياق يؤكد بوغدانوف على اهتمام روسي كبير بمشاركة ممثلين عن الإدارة الأميركية في مفاوضات أستانة.
تصريحات بوغدانوف أتت في الوقت الذي يستعد فيه وزير الخارجية الأميركي ريكس تيلرسون لبحث سبل التصدي لتنظيم داعش خلال اجتماع وزاري يوم 22 مارس (آذار) بمشاركة ممثلين عن 68 دولة، ليس بينها روسيا، وبرر مارك تونر، القائم بأعمال المتحدث الرسمي باسم الخارجية الأميركية استبعاد روسيا من الاجتماع «لأنها ليست دولة عضوا في التحالف الدولي ضد الإرهاب». إلا أن مراقبين وخبراء روسا قرأوا في تلك الخطوة تأكيداً على الموقف الأميركي الرافض حتى الآن لفكرة التعاون مع روسيا في التصدي للإرهاب في سوريا. غير أن الوضع الميداني في سوريا، لا سيما تواجد قوات برية روسية وأميركية في مناطق الشمال، فرض على العسكريين من الجانبين البحث في إنشاء قنوات اتصال جديدة بينهما على مستوى «الجنرالات» وفق ما قال غريغوري هيكز، المتحدث الصحافي باسم الأركان المشتركة في القوات الأميركية، في حديث أمس لوكالة «تاس»، كشف فيه عن اتصالات ومحادثات جرت مؤخراً بين العسكريين الروس والأميركيين، دون أن يوضح طبيعة تلك الاتصالات ومتى جرت ومستوى المشاركين فيها، لكنه أكد أن «نقاشاً عملياً جرى خلال تلك المحادثات»، لافتاً إلى أن الحديث ركز على اعتماد آليات وقنوات اتصال للحد بصورة أكبر من احتمالات وقوع حوادث بين القوات من البلدين «على الأراضي وفي الأجواء السورية».
وأضاف هيكز موضحاً أن الجانب الأميركي ينطلق في تلك الاتصالات من أن القوات المسلحة الروسية والأميركية ستبحث فيما بينها، على مستويات أرفع مما هي عليه الآن، الوضع في مسرح العمليات في سوريا، واصفا قنوات الاتصال الجديدة بأنها «قنوات جنرالات بثلاث نجوم». وما يجري بحثه عبر تلك القنوات، ليس مذكرة تفاهم جديدة لتفادي الحوادث في الأجواء السورية، كالتي وقعتها موسكو وواشنطن خريف عام 2015، والحديث يدور ضمن الاتصالات الحالية حول «المواضيع التي سيجري بحثها عبر القنوات الجديدة»، حسب قول هيكز، الذي ختم مكرراً تأكيده بأن «الحوار (بين العسكريين الأميركيين والروس) الذي يدور الحديث عنه انطلق للتو».



اعتقالات الحوثيين وتسليح الاقتصاد يهيمنان على إحاطة غروندبرغ

المبعوث الأممي إلى اليمن هانس غروندبرغ (الأمم المتحدة)
المبعوث الأممي إلى اليمن هانس غروندبرغ (الأمم المتحدة)
TT

اعتقالات الحوثيين وتسليح الاقتصاد يهيمنان على إحاطة غروندبرغ

المبعوث الأممي إلى اليمن هانس غروندبرغ (الأمم المتحدة)
المبعوث الأممي إلى اليمن هانس غروندبرغ (الأمم المتحدة)

تصدرت اعتقالات الحوثيين للموظفين الأمميين والإغاثيين، وتسليح الاقتصاد في اليمن، الإحاطة الشهرية للمبعوث الأممي إلى اليمن هانس غروندبرغ، أمام مجلس الأمن، الأربعاء، مع تأكيد المبعوث أن الحلّ السلمي وتنفيذ خريطة طريق تحقق السلام أمر ليس مستحيلاً، على الرغم من التصعيد الحوثي البحري والبري والردود العسكرية الغربية.

وقال المبعوث الأممي إنه من الضروري أن تقتنص الأطراف المعنية، والمنطقة، والمجتمع الدولي «اللحظات المحورية»، وألا تفوّت الفرصة لتحويلها إلى خطوات واضحة نحو تحقيق السلام المنشود في اليمن.

آثار مسيرة حوثية انفجرت في مبنى سكني في تل أبيب (أ.ف.ب)

ومع انهيار الاقتصاد وتدهور مستويات المعيشة، رأى غروندبرغ أنه لا يوجد أي مبرر لهذه المعاناة، وأن إنهاء الحرب في اليمن هو خيار حقيقي ومتاح، ويبقى ضمن متناول الأطراف، داعياً جميع الأطراف للانخراط بجدية مع الجهود التي يقودها لتنفيذ خريطة الطريق، والتي تهدف إلى تحقيق وقف إطلاق النار، وتنفيذ تدابير اقتصادية، تشمل دفع الرواتب بشكل مستدام، والتمهيد لعملية سياسية شاملة.

وحضّ غروندبرغ على اتخاذ الإجراءات اللازمة، وتقديم التنازلات، والتركيز الصادق على اليمن، باعتبار ذلك أمراً ضرورياً «إذا كانت الأطراف تسعى لتخفيف معاناة اليمنيين وإعادة الأمل في مستقبل يسوده السلام».

اعتقالات تعسفية

أشار المبعوث الأممي إلى اليمن في إحاطته إلى مرور 6 أشهر على بدء الحوثيين اعتقالات تعسفية استهدفت موظفين من المنظمات الدولية والوطنية، والبعثات الدبلوماسية، ومنظمات المجتمع المدني، وقطاعات الأعمال الخاصة.

وقال، رغم الإفراج عن 3 محتجزين، إن عشرات آخرين، بمن فيهم أحد أعضاء مكتبه لا يزالون رهن الاحتجاز التعسفي، «بل إن البعض يُحرم من أبسط الحقوق الإنسانية، مثل إجراء مكالمة هاتفية مع عائلاتهم». وفق تعبيره.

الحوثيون انخرطوا في ما يمسى محور المقاومة بقيادة إيران (إ.ب.أ)

ووصف المبعوث الأممي هذه الاعتقالات التعسفية بأنها «تشكل انتهاكاً صارخاً للحقوق الإنسانية الأساسية، وتسبب معاناة عميقة لأسرهم التي تعيش في حالة مستمرة من القلق والخوف على سلامة أحبائهم»، وشدّد على الإفراج الفوري وغير المشروط عن جميع المعتقلين، مع تعويله على دعم مجلس الأمن لتوصيل هذه الرسالة.

وأوضح غروندبرغ أن مكتبه ملتزم بشكل كبير بإطلاق سراح جميع المحتجزين على خلفية النزاع في اليمن، وقال إن هناك من قضى 10 سنوات رهن الاعتقال، داعياً الجميع إلى الوفاء بالتزاماتهم بموجب اتفاق استوكهولم، ومواصلة العمل بروح من التعاون الصادق للوفاء بهذا الملف الإنساني البالغ الأهمية، وأن تسترشد المفاوضات بالمبدأ المتفق عليه، وهو «الكل مقابل الكل».

عواقب وخيمة

وفي ما يخص الوضع الاقتصادي في اليمن، قال المبعوث الأممي إن الأزمة تتفاقم مجدداً، مع التنبيه إلى «العواقب الوخيمة» التي تترتب على الانكماش الاقتصادي، وتجزئته، واستخدامه كأداة في الصراع.

وأكد غروندبرغ أن الفشل في دفع رواتب ومعاشات القطاع العام أدّى إلى زيادة الفقر بشكل واسع، بينما أسهم التضخم المتزايد في جعل كثير من الأسر عاجزة عن تلبية احتياجاتها الأساسية، بما في ذلك الغذاء.

تدهور الاقتصاد وانقطاع الرواتب في اليمن تسببا في جوع ملايين السكان (أ.ف.ب)

وفي شأن مساعيه، أفاد المبعوث الأممي بأن مكتبه من خلال زيارات صنعاء وعدن أوضح مفترق الطرق الحاسم الذي تواجهه الأطراف، وهو إما الاستمرار في «المسار الكارثي من النزاع غير المحسوم وتسليح الاقتصاد الذي سيؤدي بلا شك إلى خسارة الجميع، أو التعاون لحلّ القضايا الاقتصادية لتمهيد الطريق نحو النمو وتحقيق مكاسب السلام الممكنة».

وأشار إلى أن العمل جارٍ على استكشاف حلول عملية وملموسة تهدف إلى استعادة الاستقرار وتعزيز الحوار بشأن الاقتصاد اليمني، بما يشمل دفع الرواتب واستئناف صادرات النفط والغاز، بما يخدم مصلحة الشعب اليمني وترجمة الالتزامات التي تعهدت بها الأطراف في يوليو (تموز) الماضي إلى خطوات ملموسة تعود بالفائدة على جميع اليمنيين.

التصعيد العسكري

في شأن التصعيد العسكري، قال غروندبرغ إن انعدام الأمن في البحر الأحمر لا يزال يتفاقم نتيجة أعمال الحوثيين، إلى جانب الهجمات على إسرائيل، والغارات الجوية التي شنّتها الولايات المتحدة والمملكة المتحدة رداً على تلك التطورات.

وأشار إلى أن هذه الأحداث التي استمرت طوال العام، قلّصت الحيز المتاح لجهود الوساطة التي يقودها. وحضّ جميع الأطراف المعنية على اتخاذ خطوات جادة لتهيئة بيئة مناسبة، تمهد الطريق لحل النزاع في اليمن، وحذّر من أن الفشل في تحقيق ذلك لن يؤدي إلا إلى تعزيز دعوات العودة إلى الحرب.

طائرة حوثية من دون طيار في معرض أقامه الحوثيون في صنعاء بمناسبة الأسبوع السنوي لذكرى قتلاهم (رويترز)

وأوضح أن الأوضاع الهشّة في اليمن لا تزال مستمرة على عدة جبهات، مع تصاعد الاشتباكات بشكل متكرر في مناطق، مثل الضالع، الحديدة، لحج، مأرب، صعدة، شبوة، تعز. ما يؤدي مراراً إلى خسائر مأساوية في الأرواح.

وتصاعدت الأعمال العدائية في المناطق الشرقية من تعز - وفق المبعوث الأممي - مع ورود تقارير عن وقوع انفجارات وقصف بالقرب من الأحياء السكنية.

وفي الأسبوع الماضي فقط، أورد المبعوث في إحاطته أن طائرة من دون طيار استهدفت سوقاً مزدحمة في مقبنة بمحافظة تعز، ما أسفر عن مقتل 6 أشخاص على الأقل، وإصابة آخرين بجروح خطرة.

ودعا غروندبرغ أطراف النزاع اليمني إلى التقيد الجاد بالتزاماتهم، بموجب القانون الإنساني الدولي، لضمان حماية المدنيين والبنية التحتية المدنية. وقال إن هذه الحوادث تسلط الضوء على الحاجة الملحة للتوصل إلى اتفاق لوقف إطلاق النار.

ولدعم جهود التهدئة، أفاد المبعوث بأن مكتبه يتواصل مع المسؤولين العسكريين والأمنيين من الطرفين، لتسهيل الحوار حول الديناميكيات الحالية، واستكشاف سبل تعزيز بناء الثقة.