عباس يطالب إسرائيل بإجراءات لدفع السلام

بريطانيا تؤكد التزامها حل الدولتين... والسلطة تطلب اعتذاراً عن «وعد بلفور»

عباس وجونسون خلال لقائهما في رام الله أمس (أ.ف.ب)
عباس وجونسون خلال لقائهما في رام الله أمس (أ.ف.ب)
TT

عباس يطالب إسرائيل بإجراءات لدفع السلام

عباس وجونسون خلال لقائهما في رام الله أمس (أ.ف.ب)
عباس وجونسون خلال لقائهما في رام الله أمس (أ.ف.ب)

طالب الرئيس الفلسطيني محمود عباس إسرائيل، أمس، بإجراءات على رأسها وقف الاستيطان من أجل دفع عملية سلام جديدة، فيما أكدت بريطانيا التزامها دعم حل الدولتين.
وقال عباس بعد اجتماعه مع وزير الخارجية البريطاني بوريس جونسون، أمس، إن على إسرائيل «وقف سياسة الاستيطان والاغتيالات والاقتحامات والاعتقالات بحق الشعب الفلسطيني، إذا أرادت إعطاء فرصة للعملية السياسية». وشدد على أن «الاستيطان غير شرعي»، مجدداً التزام الجانب الفلسطيني بعملية السلام القائمة على مبدأ حل الدولتين وقرارات الشرعية الدولية ومبادرة السلام العربية، لإقامة الدولة الفلسطينية على حدود عام 1967 وعاصمتها القدس الشرقية.
ورد وزير الخارجية البريطاني بتأكيد دعم بلاده الكامل لمبدأ حل الدولتين، مشدداً كذلك على عدم شرعية الاستيطان. وقال جونسون الذي زار أمس فلسطين وإسرائيل للمرة الأولى منذ توليه منصبه، إن سياسة حكومة بلاده «لم تتغير». وأضاف خلال مؤتمر صحافي مع نظيره الفلسطيني رياض المالكي: «نبقى ملتزمين حل الدولتين. هذه هي الرؤية، وهذا هو حل الصراع».
وتنضم بريطانيا بهذا الموقف إلى دول خالفت موقف الرئيس الأميركي دونالد ترمب الذي أعلن الشهر الماضي انفتاحه على خيارات بديلة لحل الدولتين. لكن جونسون اعتبر أن الإدارة الأميركية الجديدة «تمثل فرصة للسلام، ويجب بحث الأمور بروية». وأوضح أن «الموقف الأميركي، وإن اعتراه بعض الغموض بالنسبة إليّ، إلا أنه ما زال يدلِّل على انغماس الإدارة الأميركية بالعملية السلمية، وأنها ما زالت تؤمن بحل الدولتين».
وأضاف: «هذا هو ما لمسته من التصريحات والإيماءات الأميركية. رغم ما ذكره الرئيس ترمب عن حل الدولتين أو حل الدولة الواحدة، إلا أن هذا يدلّل إجمالاً على أن الهدف الأكبر له هو تحقيق السلام بين الفلسطينيين والإسرائيليين مع إشراك الأردن ومصر السعودية والإمارات، ليتحرك الجانب الإسرائيلي نحو الحل الذي يضمن الأمن والاستقرار للجميع في المنطقة».
ورأى أن إحلال السلام على الأرض ما زال قائماً وقابلاً للتحقق، لكنه لفت إلى أن بريطانيا «ترى أن من الخطأ فرض الحل على الطرفين، ولا بد من أن يأتي بقبول قيادتي الطرفين الفلسطيني والإسرائيلي لحل يؤدي إلى إنهاء الصراع القائم على أساس خيار الدولتين».
ورد المالكي بتمسك الفلسطينيين بحل الدولتين، لكنه قال: إن الشروط المسبقة التي يضعها رئيس الحكومة الإسرائيلية بنيامين نتنياهو للبدء في أي عملية تفاوضية بين الطرفين «مرفوضة، خصوصاً اعتراف الفلسطينيين بيهودية الدولة والسيطرة الأمنية الإسرائيلية على الدولة الفلسطينية ومنطقة سيادتها ونفوذها». وتساءل: «لماذا تطلب الشروط من الفلسطينيين وحدهم وليس من غيرهم؟». وأشار إلى الممارسات الإسرائيلية المعطلة لعملية السلام والتقدُّم بها، وعلى رأسها الاستمرار بالاستيطان.
وانتقد بشدة بيان نتنياهو - ترمب، معتبراً أنه كان بمثابة «إشارة ضوء خضراء لتكثيف الاستيطان في القدس والضفة الغربية». وطالب بموقف من المجتمع الدولي تجاه الاستيطان وعدم شرعيته وحل الدولتين.
وطلب المالكي من جونسون اعتذاراً بريطانياً عن «وعد بلفور، بدل الدعوة إلى إحياء ذكراه، لأنه يمثل كارثة الكوارث التي حلت بالشعب الفلسطيني وحلمه بالاستمرار على تراب وطنه كبقية شعوب الأرض». وقال: «كان الأحرى ببريطانيا أن تصحح هذا الخطأ التاريخي الذي ألحق أكبر الضرر بالشعب الفلسطيني وقضيته الوطنية، وحوّل ثلثي الشعب الفلسطيني إلى لاجئين ومشردين في المنطقة وأصقاع المعمورة». ودعا إلى «الاعتراف بالدولة الفلسطينية على خطوط الرابع من يونيو (حزيران) 1967، وعاصمتها القدس الشرقية».
وكان الوزير البريطاني التقى قبل زيارة رام الله، الرئيس الإسرائيلي رؤوفين ريفلين. وقال جونسون في إسرائيل إن «هناك بالطبع حاجة لدى الشعب الإسرائيلي للشعور أن بإمكانه العيش بأمان من دون خوف من الإرهاب والعنف... لكن هناك عقبات مثل تسارع وتيرة البناء الاستيطاني، وتسارع وتيرة الهدم في المناطق الفلسطينية».
وجاءت تصريحات جونسون ضد الاستيطان بعد قول الناطق الرسمي باسم وزارة الخارجية الأميركية مارك تونر أن موقف واشنطن تجاه المستوطنات «لم يتغير، وهو ضرورة وقف البناء الاستيطاني من أجل المضي في عملية السلام». وأوضح أن «الرئيس (ترمب) قال: إنه يريد أن يرى إسرائيل تمتنع عن النشاط الاستيطاني... ونحن في وسط نقاشات مع إسرائيل حول الأمر».
وتضاربت الأنباء في إسرائيل حول قرار لنتنياهو بتجميد مشاريع استيطان جديدة. وذكر موقع القناة العبرية السابعة أن نتنياهو أمر بتجميد قرارات كان أصدرها لبناء نحو ثلاثة آلاف وحدة استيطانية في الضفة الغربية بعد تولي ترمب السلطة. ونقلت عن مصادر أن رئيس الوزراء أوعز لوزير الإسكان يؤاف غالانت بتجميد تلك القرارات، حتى مع إقرارها من قبله ومن قبل وزير الدفاع أفيغدور ليبرمان. ونفت مصادر في مكتب نتنياهو إصداره تعليمات لوزير البناء والإسكان الإسرائيلي بتجميد تراخيص بناء 3 آلاف وحدة استيطانية.



​انخفاض صادرات العسل في اليمن بنسبة 50 %‎

نحّال يمني بمحافظة تعز حيث تسبب حصار الحوثيين في تراجع إنتاج العسل (أ.ف.ب)
نحّال يمني بمحافظة تعز حيث تسبب حصار الحوثيين في تراجع إنتاج العسل (أ.ف.ب)
TT

​انخفاض صادرات العسل في اليمن بنسبة 50 %‎

نحّال يمني بمحافظة تعز حيث تسبب حصار الحوثيين في تراجع إنتاج العسل (أ.ف.ب)
نحّال يمني بمحافظة تعز حيث تسبب حصار الحوثيين في تراجع إنتاج العسل (أ.ف.ب)

انخفض إنتاج وتصدير العسل في اليمن خلال السنوات الخمس الأخيرة بنسبة تصل إلى 50 في المائة بسبب تغيرات المناخ، وارتفاع درجة الحرارة، إلى جانب آثار الحرب التي أشعلها الحوثيون، وذلك طبقاً لما جاء في دراسة دولية حديثة.

وأظهرت الدراسة التي نُفّذت لصالح اللجنة الدولية للصليب الأحمر أنه خلال السنوات الخمس الماضية، وفي المناطق ذات الطقس الحار، انخفض تعداد مستعمرات النحل بنسبة 10 - 15 في المائة في حين تسبب الصراع أيضاً في انخفاض إنتاج العسل وصادراته بأكثر من 50 في المائة، إذ تركت سنوات من الصراع المسلح والعنف والصعوبات الاقتصادية سكان البلاد يكافحون من أجل التكيف، مما دفع الخدمات الأساسية إلى حافة الانهيار.

100 ألف أسرة يمنية تعتمد في معيشتها على عائدات بيع العسل (إعلام محلي)

ومع تأكيد معدّي الدراسة أن تربية النحل ليست حيوية للأمن الغذائي في اليمن فحسب، بل إنها أيضاً مصدر دخل لنحو 100 ألف أسرة، أوضحوا أن تغير المناخ يؤثر بشدة على تربية النحل، مما يتسبب في زيادة الإجهاد الحراري، وتقليل إنتاج العسل.

وأشارت الدراسة إلى أن هطول الأمطار غير المنتظمة والحرارة الشديدة تؤثران سلباً على مستعمرات النحل، مما يؤدي إلى انخفاض البحث عن الرحيق وتعطيل دورات الإزهار، وأن هذه التغييرات أدت إلى انخفاض إنتاج العسل في المناطق الأكثر حرارة، وأدت إلى إجهاد سبل عيش مربي النحل.

تغيرات المناخ

في حين تتفاقم الأزمة الإنسانية في اليمن، ويعتمد 70 في المائة من السكان على المساعدات، ويعيش أكثر من 80 في المائة تحت خط الفقر، توقعت الدراسة أن يؤدي تغير المناخ إلى ارتفاع درجات الحرارة في هذا البلد بمقدار 1.2 - 3.3 درجة مئوية بحلول عام 2060، وأن تزداد درجات الحرارة القصوى، حيث ستصبح الأيام الأكثر سخونة بحلول نهاية هذا القرن بمقدار 3 - 7 درجات مئوية عما هي عليه اليوم.

شابة يمنية تروج لأحد أنواع العسل في مهرجان بصنعاء (إعلام محلي)

وإذ ينبه معدّو الدراسة إلى أن اليمن سيشهد أحداثاً جوية أكثر شدة، بما في ذلك الفيضانات الشديدة، والجفاف، وزيادة وتيرة العواصف؛ وفق ما ذكر مركز المناخ، ذكروا أنه بالنسبة لمربي النحل في اليمن، أصبحت حالات الجفاف وانخفاض مستويات هطول الأمطار شائعة بشكل زائد. وقد أدى هذا إلى زيادة ندرة المياه، التي يقول مربو النحل إنها التحدي المحلي الرئيس لأي إنتاج زراعي، بما في ذلك تربية النحل.

ووفق بيانات الدراسة، تبع ذلك الوضع اتجاه هبوطي مماثل فيما يتعلق بتوفر الغذاء للنحل، إذ يعتمد مربو النحل على النباتات البرية بصفتها مصدراً للغذاء، والتي أصبحت نادرة بشكل زائد في السنوات العشر الماضية، ولم يعد النحل يجد الكمية نفسها أو الجودة من الرحيق في الأزهار.

وبسبب تدهور مصادر المياه والغذاء المحلية، يساور القلق - بحسب الدراسة - من اضطرار النحل إلى إنفاق مزيد من الطاقة والوقت في البحث عن هذين المصدرين اللذين يدعمان الحياة.

وبحسب هذه النتائج، فإن قيام النحل بمفرده بالبحث عن الماء والطعام والطيران لفترات أطول من الزمن وإلى مسافات أبعد يؤدي إلى قلة الإنتاج.

وذكرت الدراسة أنه من ناحية أخرى، فإن زيادة حجم الأمطار بسبب تغير المناخ تؤدي إلى حدوث فيضانات عنيفة بشكل متكرر. وقد أدى هذا إلى تدمير مستعمرات النحل بأكملها، وترك النحّالين من دون مستعمرة واحدة في بعض المحافظات، مثل حضرموت وشبوة.

برنامج للدعم

لأن تأثيرات تغير المناخ على المجتمعات المتضررة من الصراع في اليمن تشكل تحدياً عاجلاً وحاسماً لعمل اللجنة الدولية للصليب الأحمر الإنساني، أفادت اللجنة بأنها اتخذت منذ عام 2021 خطوات لتوسيع نطاق سبل العيش القائمة على الزراعة للنازحين داخلياً المتضررين من النزاع، والعائدين والأسر المضيفة لمعالجة دعم الدخل، وتنويع سبل العيش، ومن بينها مشروع تربية النحل المتكامل.

الأمطار الغزيرة تؤدي إلى تدمير مستعمرات النحل في اليمن (إعلام محلي)

ويقدم البرنامج فرصة لدمج الأنشطة الخاصة بالمناخ التي تدعم المجتمعات لتكون أكثر قدرة على الصمود في مواجهة تغير المناخ، ومعالجة تأثير الصراع أيضاً. ومن ضمنها معلومات عن تغير المناخ وتأثيراته، وبعض الأمثلة على تدابير التكيف لتربية النحل، مثل استخدام الظل لحماية خلايا النحل من أشعة الشمس، وزيادة وعي النحالين بتغير المناخ مع المساعدة في تحديث مهاراتهم.

واستجابة لارتفاع درجات الحرارة الناجم عن تغير المناخ، وزيادة حالات الجفاف التي أسهمت في إزالة الغابات والتصحر، نفذت اللجنة الدولية للصليب الأحمر أيضاً برنامجاً لتعزيز قدرة المؤسسات المحلية على تحسين شبكة مشاتل أنشطة التشجير في خمس محافظات، لإنتاج وتوزيع أكثر من 600 ألف شتلة لتوفير العلف على مدار العام للنحل.