البشير يعفو عن 259 محكوماً بالإعدام من أعضاء الحركات المسلحة

بهدف تعزيز الثقة وتهيئة أجواء السلام المستدام

البشير يعفو عن 259 محكوماً بالإعدام من أعضاء الحركات المسلحة
TT

البشير يعفو عن 259 محكوماً بالإعدام من أعضاء الحركات المسلحة

البشير يعفو عن 259 محكوماً بالإعدام من أعضاء الحركات المسلحة

أصدر الرئيس السوداني عمر البشير مرسوماً رئاسياً أسقط بموجبه عقوبة الإعدام عن 259 من أعضاء حركات مسلحة، متهمين بالتورط في عدد من المعارك، ومن بينهم عبد العزيز عشر، الأخ غير الشقيق لزعيم حركة العدل والمساواة جبريل إبراهيم، الذي ينتظر حكماً بالإعدام، وهو الأمر الذي اعتبره محللون سياسيون إعلانا بنهاية الحرب في السودان.
ونص المرسوم الرئاسي على إسقاط عقوبة الإعدام عن النزلاء المحكومين بالإعدام في أحداث أم درمان الشهيرة، والبالغ عددهم 44 محكوماً، وفي معركة «دونكي بعاشيم» البالغ عددهم 18 شخصا، ومعركة «كلبس» وعددهم أربعة أشخاص. كما نص على العفو العام عن المتهمين في معركة «قوز دنقو»، البالغ عددهم 181، والمتهمين في معركة «فنقا» وعددهم 12 متهماً.
وتعليقاً على القرار، قال المحلل السياسي ورئيس تحرير صحيفة «التيار» المستقلة عثمان ميرغني، لـ«الشرق الأوسط» إن قرارات العفو التي أصدرها الرئيس البشير، وإطلاق سراح أسرى القوات السودانية لدى الحركات المسلحة، يعتبران «نهاية فعلية للحرب» في السودان، وتابع موضحا أن «هذه القرارات تعد بمثابة تعزيز للثقة بين الأفرقاء السودانيين، وهي قرارات كبيرة شملت حتى أسرى العمليات الأخيرة، ما يعني أن الحكومة والحركات وضعتا إعلاناً بنهاية الحروب في البلاد».
وألقت الحكومة السودانية القبض على عدد من أعضاء حركة العدل والمساواة أثناء محاولة الحركة السيطرة على مدينة أم درمان، وتغيير نظام الحكم بالقوة في العملية التي أطلق عليها «الذراع الطويل» في مايو (أيار) 2008، والتي أسر بعدها عبد العزيز عشر، القيادي البارز في حركة العدل والمساواة، والأخ غير الشقيق لزعيم الحركة جبريل إبراهيم، وأثناء معارك منطقة «كلبس» بإقليم دارفور 2011، ومعركة «دونكي بعاشيم» بين قوات الحكومة وحركتي العدل والمساواة وتحرير السودان جناح مناوي في مارس (آذار) 2014.
وأسر الجيش السوداني 12 متهماً في يناير (كانون الثاني) 2015 في معارك «فنقا» قرب جبل مرة ضد قوات حركتي تحرير السوداني، بقيادة كل من مني أركو مناوي وعبد الواحد محمد نور، كما أسر 181 من أنصار حركة العدل والمساواة في منطقة «قوز دنقو» بجنوب دارفور في أبريل (نيسان) 2015.
وذكر المرسوم الرئاسي أن العفو «جاء لتعزيز روح الوفاق الوطني، وتهيئة المناخ لتحقيق السلام المستدام في البلاد، وذلك في ظل المرحلة التي تبلورت فيها إرادة أهل السودان، متمثلة في توصيات الحوار الوطني والوثيقة الوطنية».
وتابع المرسوم موضحا أنها «ليست المرة الأولى التي يصدر فيها رئيس الجمهورية قراراً بالعفو العام في سبيل تحقيق السلام والوفاق وتهيئة المناخ المواتي له».
وكان الرئيس قد أصدر قراراً بالعفو عن أفراد الحركات المسلحة الذين وقعوا اتفاقية أبوجا للسلام في دارفور عام 2006، وقراراً بالعفو عن الأطفال الذين شاركوا في غزو أم درمان 2009 وعددهم 7 أطفال، والذين شاركوا في معركة قوز «دنقو» 2016 وعددهم 21 طفلاً.
وأصدر الرئيس البشير قرار العفو رقم 165 لسنة 2017، استناداً على المادتين 208-1، 211 الإجراءات الجنائية السوداني.
وأطلقت الحركة الشعبية لتحرير السودان - الشمال الأحد الماضي سراح 125 أسيراً، كانت تحتفظ بهم في المناطق التي تسيطر عليها في ولايتي جنوب كردفان والنيل الأزرق، وتم تسليمهم للخرطوم عبر الصليب الأحمر والرئيس الأوغندي يوري موسيفيني، وطالبت الحكومة بإطلاق سراح أسرى الحركات المسلحة لديها بما فيهم المحكومون.



«سوريو مصر» يفضلون التريث قبل اتخاذ قرار العودة

لاجئون سوريون في مصر (مفوضية اللاجئين)
لاجئون سوريون في مصر (مفوضية اللاجئين)
TT

«سوريو مصر» يفضلون التريث قبل اتخاذ قرار العودة

لاجئون سوريون في مصر (مفوضية اللاجئين)
لاجئون سوريون في مصر (مفوضية اللاجئين)

بعد مرور نحو أسبوع على سقوط نظام بشار الأسد في سوريا، يفضل اللاجئون والمهاجرون السوريون في مصر التريث والصبر قبل اتخاذ قرار العودة إلى بلادهم التي تمر بمرحلة انتقالية يشوبها الكثير من الغموض.

ويتيح تغيير نظام الأسد وتولي فصائل المعارضة السورية السلطة الانتقالية، الفرصة لعودة المهاجرين دون ملاحقات أمنية، وفق أعضاء بالجالية السورية بمصر، غير أن المفوضية العامة لشؤون اللاجئين في القاهرة ترى أنه «من المبكر التفكير في عودة اللاجئين المسجلين لديها، إلى البلاد حالياً».

وازدادت أعداد السوريين في مصر، على مدى أكثر من عقد، مدفوعة بالتطورات السياسية والأمنية في الداخل السوري؛ إذ ارتفع عدد السوريين المسجلين لدى مفوضية اللاجئين إلى نحو 148 ألف لاجئ، غير أن تلك البيانات لا تعكس العدد الحقيقي للجالية السورية بمصر؛ إذ تشير المنظمة الدولية للهجرة إلى أن تعدادهم يصل إلى 1.5 مليون.

ولم تغير تطورات الأوضاع السياسية والأمنية في الداخل السوري من وضعية اللاجئين السوريين بمصر حتى الآن، حسب مسؤولة العلاقات الخارجية بمكتب مفوضية الأمم المتحدة لشؤون اللاجئين في القاهرة، كريستين بشاي، التي قالت في تصريحات لـ«الشرق الأوسط» إن «السوريين المسجلين كلاجئين لدى المفوضية يتلقون خدماتهم بشكل طبيعي»، مشيرة إلى أنه «لا يوجد أي إجراءات حالية لمراجعة ملف اللاجئين المقيمين بمصر، تمهيداً لعودتهم».

وتعتقد بشاي أنه «من المبكر الحديث عن ملف العودة الطوعية للاجئين السوريين لبلادهم»، وأشارت إلى إفادة صادرة عن المفوضية العامة لشؤون اللاجئين مؤخراً، تدعو السوريين في الخارج لـ«التريث والصبر قبل اتخاذ قرار العودة لبلادهم».

وكانت مفوضية الأمم المتحدة لشؤون اللاجئين قد نصحت المهاجرين السوريين في الخارج «بضرورة التحلي بالصبر واليقظة، مع قضية العودة لديارهم». وقالت، في إفادة لها الأسبوع الماضي، إن «ملايين اللاجئين يواصلون تقييم الأوضاع قبل اتخاذ قرار العودة»، وأشارت إلى أن «الصبر ضروري، على أمل اتخاذ التطورات على الأرض منحى إيجابياً، ما يتيح العودة الطوعية والآمنة والمستدامة».

ووعدت المفوضية، في بيانها، بـ«مراقبة التطورات بسوريا، مع الانخراط مع مجتمعات اللاجئين، لدعم الدول في مجال العودة الطوعية والمنظمة، وإنهاء أزمة النزوح القسري الأكبر في العالم»، وأشارت في الوقت نفسه إلى أن «الاحتياجات الإغاثية داخل سوريا لا تزال هائلة، في ظل البنية التحتية المتهالكة، واعتماد أكثر من 90 في المائة من السكان على المساعدات الإنسانية».

وحسب مسؤولة العلاقات الخارجية بمكتب مفوضية اللاجئين في القاهرة، يمثل اللاجئون السوريون المسجلون لدى المفوضية نحو 17 في المائة من تعداد اللاجئين في مصر، بواقع 148 ألف لاجئ سوري، من نحو 863 ألف لاجئ من أكثر من 60 جنسية. ويأتي ترتيبهم الثاني بعد السودانيين.

وباعتقاد مدير عام مؤسسة «سوريا الغد»، ملهم الخن، (مؤسسة إغاثية معنية بدعم اللاجئين السوريين في مصر)، أن «قضية عودة المهاجرين ما زال يحيطها الغموض»، مشيراً إلى «وجود تخوفات من شرائح عديدة من الأسر السورية من التطورات الأمنية والسياسية الداخلية»، ورجّح «استمرار فترة عدم اليقين خلال الفترة الانتقالية الحالية، لنحو 3 أشهر، لحين وضوح الرؤية واستقرار الأوضاع».

ويفرق الخن، في تصريحات لـ«الشرق الأوسط»، بين 3 مواقف للمهاجرين السوريين في مصر، تجاه مسألة العودة لبلادهم، وقال إن «هناك فئة المستثمرين، وأصحاب الأعمال، وهؤلاء تحظى أوضاعهم باستقرار ولديهم إقامة قانونية، وفرص عودتهم ضئيلة».

والفئة الثانية، حسب الخن، «الشباب الهاربون من التجنيد الإجباري والمطلوبون أمنياً، وهؤلاء لديهم رغبة عاجلة للعودة، خصوصاً الذين تركوا أسرهم في سوريا»، أما الثالثة فتضم «العائلات السورية، وهؤلاء فرص تفكيرهم في العودة ضعيفة، نظراً لارتباط أغلبهم بتعليم أبنائهم في المدارس والجامعات المصرية، وفقدان عدد كبير منهم منازلهم بسوريا».

وارتبط الوجود السوري في مصر باستثمارات عديدة، أبرزها في مجال المطاعم التي انتشرت في مدن مصرية مختلفة.

ورأى كثير من مستخدمي مواقع «السوشيال ميديا» في مصر، أن التغيير في سوريا يمثّل فرصة لعودة السوريين لبلادهم، وتعددت التفاعلات التي تطالب بعودتهم مرة أخرى، وعدم استضافة أعداد جديدة بالبلاد.

وتتيح مفوضية الأمم المتحدة لشؤون اللاجئين، مساعدات لراغبي العودة الطوعية من اللاجئين، تشمل «التأكد من أن العودة تتم في ظروف آمنة، والتأكد من أن الأوضاع في البلد الأصلي آمنة»، إلى جانب «تقديم دعم نقدي لتغطية النفقات الأساسية والسفر»، حسب مكتب مفوضية اللاجئين في مصر.

ويرى مسؤول الائتلاف الوطني السوري، عادل الحلواني، (مقيم بمصر)، أن ملف عودة المهاجرين «ليس أولوية في الوقت الراهن»، مشيراً إلى أن «جميع السوريين يترقبون التطورات الداخلية في بلادهم، والهدف الأساسي هو عبور سوريا الفترة الانتقالية بشكل آمن»، معتبراً أنه «عندما يستشعر المهاجرون استقرار الأوضاع الداخلية، سيعودون طواعية».

وأوضح الحلواني، لـ«الشرق الأوسط»، أن «حالة الضبابية بالمشهد الداخلي، تدفع الكثيرين للتريث قبل العودة»، وقال إن «الشباب لديهم رغبة أكثر في العودة حالياً»، منوهاً بـ«وجود شريحة من المهاجرين صدرت بحقهم غرامات لمخالفة شروط الإقامة بمصر، وفي حاجة للدعم لإنهاء تلك المخالفات».

وتدعم السلطات المصرية «العودة الآمنة للاجئين السوريين إلى بلادهم»، وأشارت الخارجية المصرية، في إفادة لها الأسبوع الماضي، إلى أن «القاهرة ستواصل العمل مع الشركاء الإقليميين والدوليين لتقديم يد العون والعمل على إنهاء معاناة الشعب السوري الممتدة، وإعادة الإعمار، ودعم عودة اللاجئين، والتوصل للاستقرار الذي يستحقه الشعب السوري».