تصعيد عسكري للنظام في غرب حلب لمحاولة استعادة الطريق إلى حمص

استأنف القصف على مناطق ريف دمشق بعد تعثر جولة مفاوضات محلية

عائلة سورية تعود إلى منزلها في الباب أمس (أ. ف.ب)
عائلة سورية تعود إلى منزلها في الباب أمس (أ. ف.ب)
TT

تصعيد عسكري للنظام في غرب حلب لمحاولة استعادة الطريق إلى حمص

عائلة سورية تعود إلى منزلها في الباب أمس (أ. ف.ب)
عائلة سورية تعود إلى منزلها في الباب أمس (أ. ف.ب)

تصاعدت حدّة المعارك في محافظة ريف دمشق السورية، أمس، بعدما تعثرت جولة المفاوضات التي جرت بين سلطات النظام والقائمين على ضواحي تشرين وبرزة والقابون بالأطراف الشرقية للعاصمة دمشق، وفي الوقت نفسه اشتدت الاشتباكات لليوم الرابع على التوالي غرب مدينة حلب، حيث يسعى النظام لتوسيع نطاق سيطرته في ريفي محافظة حلب الجنوبي والغربي، محاولاً استعادة طريق حلب - حمص الدولي المقطوع منذ 2012.
والاشتباكات العنيفة تواصلت بين قوات النظام والميليشيات الموالية لها من جهة، والفصائل المعارضة والإسلامية من جهة أخرى، في محور حي جمعية الزهراء ومحيط سوق الجبس وعقرب غرب حلب، في حين سقط صاروخ يُعتقد أنه من نوع أرض - أرض أطلقته قوات النظام على مناطق في حي جمعية الزهراء. وترافق القصف مع اشتباكات بين قوات النظام والمسلحين الموالين لها من جهة، والفصائل المعارضة من جهة أخرى، في محور حي جمعية الزهراء وسط قصف مكثف من قبل قوات النظام على مناطق الاشتباك.
وبينما قصفت قوات النظام مناطق في قرية سرج فارع بريف حلب الجنوبي، أفاد ناشطون بإصابة مواطنين اثنين بجراح، إثر سقوط عدة قذائف صاروخية على أماكن في منطقة الحاضر بريف حلب الجنوبي. وللعلم، كان النظام قد فقد السيطرة على طريق حلب - حمص الدولي في عام 2012، إثر سيطرة المعارضة على مناطق ريف محافظة حلب الغربي والجنوبي. وحاول النظام، بعد شهرين على التدخل الروسي في خريف 2015، استعادة السيطرة على تلك الأرياف، فحقق تقدمًا بريف حلب الجنوبي، قبل أن يخسره مرة أخرى. وخاض عدة معارك للحفاظ على خط إمداده الوحيد إلى حلب عبر طريق اثريا - خناصر الصحراوي شرق مدينة حماه المتصل بريف حلب الشرقي.
التصعيد في محافظة حلب، امتد إلى سائر مدن الشمال، حيث أفاد «المرصد السوري لحقوق الإنسان» بمقتل 8 أشخاص في مجزرة نفَّذَتها طائرات حربية بريف محافظة حماه الشمالي الغربي، هم رجل وزوجته و6 من أطفالهما تتراوح أعمارهم بين سنة و16 سنة، إذ استهدفت الطائرات الحربية بعدد من الضربات الجوية منزلهم في قرية الحميرات بجبل شحشبو في الريف الشمالي الغربي للمحافظة، على الحدود الإدارية مع محافظة إدلب. وأشار «المرصد» أيضًا إلى تعرض مناطق في ريف حماه الشمالي لقصف من الطيران المروحي، حيث استهدفت هذه الطائرات بالبراميل المتفجرة مناطق في قرية لحايا.
وعلى خط موازٍ، استهدفت طائرات النظام مناطق في مدينة الرستن بريف محافظة حمص الشمالي، كما قصفت بلدة الغنطو القريبة بالتزامن مع اندلاع اشتباكات بين قوات النظام والمسلحين الموالين لها من جهة، والفصائل المعارضة والإسلامية من جهة أخرى، في أطراف قرية تيرمعلة بريف حمص الشمالي.
وسقط عدد من الجرحى جراء قصف الطائرات الحربية لمناطق في قرية تلذهب، بمنطقة الحولة في ريف حمص الشمالي.
وفي محافظة دمشق، استأنف النظام قصفه لمناطق محاذية للعاصمة السورية، بعد فشل التوصل إلى اتفاقات مع المعارضة. وأفاد ناشطون بتعرض مناطق في حي تشرين عند أطراف العاصمة، لقصف من قبل قوات النظام، كما سقط صاروخان يُعتَقَد أنهما من نوع أرض - أرض أطلقتهما قوات النظام على مناطق في ضاحية القابون. وكان «المرصد السوري لحقوق الإنسان» قد تحدث أول من أمس عن تعثر جولة المفاوضات التي جرت بين سلطات النظام والقائمين على ضواحي تشرين وبرزة والقابون بالأطراف الشرقية للعاصمة دمشق، وأبلغت عدة مصادر «المرصد» أن الأيام القليلة الماضية شهدت عملية تفاوض ولقاءات جرت بين ممثلين عن هذه الضواحي وقوات النظام وسلطاتها، حول التوصل إلى اتفاق على إخراج مسلحي المعارضة منها وتسليمها للنظام، على غرار عدد من المناطق في ضواحي العاصمة دمشق وريفها ووادي بردى وسرغايا أخيرًا، والتوصل إلى «مصالحة وتسوية أوضاع» في الأحياء آنفة الذكر، حيث لم يتم التوصل إلى نتائج يتفق عليها الطرفان حول ما سيتم تطبيقه في الحي، الأمر الذي دفع النظام إلى معاودة تصعيد القصف على أطراف العاصمة الشرقية.
ووسعت قوات النظام القصف إلى مناطق في تشرين والقابون مستهدفة إياها بأكثر من 14 صاروخًا يعتقد أنها من نوع أرض - أرض أطلقتها قوات النظام على مناطق في الضاحيتين، ما أسفر عن إصابة 10 أشخاص بجراح، في تجدد لتصعيد القصف من قبل النظام على الأطراف الشرقية للعاصمة.
وبموازاة ذلك، تعرضت مناطق في مدينتي دوما وحرستا، أيضًا في الغوطة الشرقية، لقصف من قبل قوات النظام، كما ألقى الطيران المروحي عدة براميل متفجرة على مناطق في بلدة بيت جن بمحافظة ريف دمشق الجنوبي الغربي، ترافق مع قصف مكثف من قبل قوات النظام على مناطق في البلدة.



«هدنة غزة»: غموض يكتنف مصير المفاوضات وترقب لنتائج «جولة القاهرة»

صبي فلسطيني يحمل فانوساً وهو يمشي في حي دمرته الحرب بجنوب قطاع غزة (أ.ف.ب)
صبي فلسطيني يحمل فانوساً وهو يمشي في حي دمرته الحرب بجنوب قطاع غزة (أ.ف.ب)
TT

«هدنة غزة»: غموض يكتنف مصير المفاوضات وترقب لنتائج «جولة القاهرة»

صبي فلسطيني يحمل فانوساً وهو يمشي في حي دمرته الحرب بجنوب قطاع غزة (أ.ف.ب)
صبي فلسطيني يحمل فانوساً وهو يمشي في حي دمرته الحرب بجنوب قطاع غزة (أ.ف.ب)

غموض يكتنف مصير الهدنة في قطاع غزة مع انتهاء المرحلة الأولى دون أفق واضح للخطوة التالية، وسط تمسك كل طرف بموقفه، ومحاولات من الوسطاء، كان أحدثها جولة مفاوضات في القاهرة لإنقاذ الاتفاق، وحديث عن زيارة مرتقبة للمبعوث الأميركي، ستيف ويتكوف، إلى إسرائيل ضمن مساعي الحلحلة، وسط مخاوف من عودة الأمور إلى «نقطة الصفر».

تلك التطورات تجعل مصير المفاوضات بحسب خبراء تحدثوا لـ«الشرق الأوسط»، في مهب الريح وتنتظر تواصل جهود الوسطاء وخصوصاً ضغوط أميركية حقيقية على رئيس الوزراء الإسرائيلي، بنيامين نتنياهو؛ للوصول لصيغة مقبولة وتفاهمات بشأن مسار الاتفاق لاستكماله ومنع انهياره، وخصوصاً أن «حماس» لن تخسر ورقتها الرابحة (الرهائن) لتعود إسرائيل بعدها إلى الحرب دون ضمانات حقيقية.

وبعد 15 شهراً من الحرب المدمّرة، بدأت الهدنة في 19 يناير (كانون الثاني) الماضي، وانتهت مرحلتها الأولى (42 يوماً)، السبت، وشملت إفراج «حماس» وفصائل أخرى عن 33 من الرهائن بينهم 8 متوفين، مقابل إطلاق سراح نحو 1700 فلسطيني من سجون إسرائيل، فيما لا يزال 58 محتجزين داخل قطاع غزة، بينهم 34 يؤكد الجيش الإسرائيلي أنهم قد تُوفوا، وسط انتظار لبدء المرحلة الثانية المعنية بانسحاب نهائي ووقف للحرب على مدار 42 يوماً، وأخرى ثالثة معنية بإعمار القطاع.

وأفادت صحيفة «تايمز أوف» إسرائيل، السبت، بأن نتنياهو أجرى، مساء الجمعة، مشاورات مطولة مع كبار الوزراء ومسؤولي الدفاع بشأن الهدنة، على غير العادة، في ظل رفض «حماس» تمديد المرحلة الأولى «ستة أسابيع إضافية» ومطالبتها بالتقدم إلى مرحلة ثانية.

وطرحت المشاورات بحسب ما أفادت به «القناة 12» الإسرائيلية، السبت، فكرة العودة إلى القتال في غزة، في حال انهيار الاتفاق، لافتة إلى أن الولايات المتحدة تضغط لتمديد المرحلة الأولى.

فلسطينيون نزحوا إلى الجنوب بأمر إسرائيل خلال الحرب يشقُّون طريقهم عائدين إلى منازلهم في شمال غزة (رويترز)

بينما نقلت «تايمز أوف إسرائيل»، السبت، عن مصدر دبلوماسي إسرائيلي، أن وفد بلادها عاد من محادثات تستضيفها القاهرة منذ الخميس بشأن المراحل المقبلة وضمان تنفيذ التفاهمات، كما أعلنت الهيئة العامة للاستعلامات المصرية الرسمية، لكن المحادثات «ستستأنف السبت»، وفق الصحيفة.

وأكدت متحدث «حماس»، حازم قاسم، السبت، أنه لا توجد حالياً أي «مفاوضات مع الحركة بشأن المرحلة الثانية»، وأن «تمديد المرحلة الأولى بالصيغة التي تطرحها إسرائيل مرفوض بالنسبة لنا»، وفق ما نقلته وكالة «رويترز»، دون توضيح سبب الرفض.

ويرى الخبير الاستراتيجي والعسكري، اللواء سمير فرج، أن مصير المفاوضات بات غامضاً مع تمسك إسرائيل بطلب تمديد المرحلة الأولى، ورفض «حماس» للتفريط في الرهائن أهم ورقة لديها عبر تمديد لن يحقق وقف الحرب.

ولا يمكن القول إن المفاوضات «فشلت»، وفق المحلل السياسي الفلسطيني، الدكتور أيمن الرقب، الذي لفت إلى أن هناك إصراراً إسرائيلياً، على التمديد والبقاء في 3 بؤر عسكرية على الأقل في شمال وشرق القطاع و«محور فيلادليفيا»، بالمخالفة لبنود الاتفاق ورفض من «حماس».

لكنّ هناك جهوداً تبذل من الوسطاء، والوفد الإسرائيلي سيعود، وبالتالي سنكون أمام تمديد الاتفاق عدة أيام بشكل تلقائي دون صفقات لحين حسم الأزمة، بحسب الرقب.

ونقلت صحيفة «هآرتس» الإسرائيلية عن مصادر، قولها إنه إذا وافقت «حماس» على تمديد المرحلة الأولى من خلال الاستمرار في تحرير دفعات من الرهائن، فإنها بذلك تخسر النفوذ الرئيسي الوحيد الذي تمتلكه حالياً. وذلك غداة حديث دبلوماسي غربي كبير لصحيفة «تايمز أوف إسرائيل»، أشار إلى أن نتنياهو يستعد للعودة إلى الحرب مع «حماس».

طفل يسير في حي دمرته الحرب تم وضع زينة شهر رمضان عليه في خان يونس جنوب قطاع غزة (أ.ف.ب)

ووسط تلك الصعوبات، استعرض وزير الخارجية المصري بدر عبد العاطي، بالقاهرة، مع رئيس وزراء فلسطين، محمد مصطفى مستجدات الجهود المصرية الهادفة لتثبيت وقف إطلاق النار في غزة وتنفيذ كل بنوده خلال مراحله الثلاث، وخطط إعادة الإعمار في قطاع غزة في وجود الفلسطينيين على أرضهم وترتيبات القمة العربية غير العادية المقرر عقدها يوم 4 مارس (آذار) الحالي بالقاهرة، مؤكداً دعم مصر للسلطة الفلسطينية ودورها في قطاع غزة.

ويعتقد فرج أن حل تلك الأزمة يتوقف على جدية الضغوط الأميركية تجاه إسرائيل للوصول إلى حل، مؤكداً أن التلويح الإسرائيلي بالحرب مجرد ضغوط لنيل مكاسب في ظل حاجة «حماس» لزيادة دخول المواد الإغاثية في شهر رمضان للقطاع.

وبعد تأجيل زيارته للمنطقة، ذكر ويتكوف، الأربعاء، خلال فعالية نظّمتها «اللجنة اليهودية-الأميركية»، إنه «ربّما» ينضمّ إلى المفاوضات يوم الأحد «إذا ما سارت الأمور على ما يرام».

ويرجح الرقب أن الأمور الأقرب ستكون تمديد المرحلة الأولى من الاتفاق مع ضمانات واضحة لأن الوسطاء و«حماس» يدركون أن إسرائيل تريد أخذ باقي الرهائن والعودة للحرب، مشيراً إلى أن «الساعات المقبلة بمحادثات القاهرة ستكون أوضح لمسار المفاوضات وتجاوز الغموض والمخاوف الحالية».