أعلنت مؤسسة «لامبراكيس» للصحافة، في أثينا، أن صحيفتين يونانيتين تاريخيتين، إحداهما الأكثر مبيعًا في البلاد، ستتوقفان عن الإصدار خلال الأيام المقبلة بسبب الديون التي تعاني منها البلاد، والتي وصلت إلى أكثر من مائة وثمانين في المائة من إجمالي الناتج المحلي. وقالت المؤسسة، في بيان لها، إن صحيفة «توفيما» الأسبوعية، و«تانيا» اليومية، أجبرتا على التوقف عن الإصدار، خلال أيام بسبب أسباب مالية.
ووفقًا للبيان الصادر من المؤسسة الصحافية العريقة «لامبراكيس»، فإنه ليس لديها مصادر مالية متاحة، وكنتيجة لذلك لا يمكنها دعم طباعة الصحف، وبالطبع لا يمكنها ضمان عمل وسائل الإعلام الأخرى التي تملكها دون عوائق، بالإشارة إلى أن المؤسسة تمتلك عدة مجلات ومواقع إخبارية وإذاعة «فيما إف إم»، إلى جانب الصحيفتين.
ولم يستطع إندونيس كاراكوسيس، مدير صحيفة «توفيما» وإذاعة «فيما إف إم»، سداد 84 مليون دولار من الديون المستحقة في ديسمبر (كانون الأول) الماضي، بسبب الأزمة الاقتصادية التي تمر بها اليونان منذ عام 2010، والتي أدت إلى إغلاق كثير من وسائل الإعلام وبعض القنوات التلفزيونية، وأيضًا كثير من المجلات الدورية.
وعلى أرض الواقع هنا، خفضت جميع صحف اليونان عدد صفحاتها، وذلك للادخار في مخزونها من الورق الذي لم تعد قادرة على استيراده بسهولة، بسبب الرقابة على الأموال، وقال مدير صحيفة «باتريس» اليومية، اثيناغوراس ميكونياتيس: «اضطررنا لخفض عدد الصفحات للاقتصاد في الورق»، حيث خفضت الصحيفة عدد صفحاتها الأربع والستين إلى النصف منذ 29 يونيو (حزيران) الماضي.
وأسفرت الأزمة المالية عن أنه لا يمكن تحويل الأموال إلى الخارج، إلا بإذن من وزارة المالية، وغالبية الصناعات التي تعتمد على استيراد المواد الأولية باتت تعتمد على مخزونها منها، ولفت مسؤول الإعلام في الحكومة اليونانية إلى أن صحف المناطق التي سوف تعلق مؤقتًا، أو بشكل دائم عن الصدور نتيجة الصعوبات في الحصول على الورق، لن تحرم من المساعدات الحكومية غير المباشرة. وخفضت الصحف الوطنية اليونانية كذلك عدد صفحاتها، مثل «تانيا» التي خفضت من 47 إلى 31 صفحة، وصحيفة «افغي» التابعة لحزب «سيريزا» الحاكم إلى نصف عدد صفحاتها تقريبًا، كما أن رواج الأخبار على الشبكة العنكبوتية للإنترنت قد أثر سلبًا علي الصحافة الورقية باليونان، وبدأ القراء التوجه إلى التصفح إلكترونيًا أكثر من الطريقة التقليدية المعتادة، وهي قراءه الصحف المطبوعة.
وفي الوقت نفسه، باتت وسائل الإعلام اليونانية، خصوصًا الصحف المطبوعة، تتسابق لاصطياد «الأخبار السارة»، ونقلها للمواطنين، بغية مكافحة الاكتئاب الناجم عن سيل الأخبار اليومية السيئة، بجانب وضع هدايا على الصحف، مثل أسطوانات إلكترونية أو كتيبات أو هدايا رمزيه صغيرة، كنوع من الإعلانات حتى يكون هناك إقبال على شراء الصحف.
ففي بلد تحتل فيه الأخبار السيئة الصفحات الأولى، منذرة بما هو أسوأ، من حيث تخفيض الأجور وإلغاء الإعانات الاجتماعية أو رفع الضرائب، يبحث اليونانيون عبثًا عن خبر سار يهتمون به. فبعد سنوات من الأزمة الاقتصادية، ظهرت هذه الرغبة، بداية على مواقع الإنترنت قبل نحو عام، قبل أن تبدأ وسائل الإعلام الكبرى بسلك الاتجاه عينه، وبعد ذلك الصحف اليومية والأسبوعية. فمحطة سكاي، إحدى أكبر الشبكات التلفزيونية، باتت تختتم نشرة أخبارها المسائية كل يوم بخبر سار، سواء كان اكتشافًا علميًا أو خبرًا غريبًا. وفي السياق نفسه، أطلقت هيئة الإذاعة والتلفزيون الرسمية «آي آر تي» برنامجًا أسبوعيًا على الراديو، عبارة عن ساعتين من الأخبار التي تهملها الصحافة المحلية عادة.
ويقول مقدم هذا البرنامج، يانيس داراس: «كنت دائمًا أفكر بالأخبار السارة، باعتبارها مواضيع مهمة». ويضيف المقدم، البالغ من العمر 28 عامًا: «هذه المهمة ليست سهلة لأن وسائل الإعلام الكبرى في اليونان لا تهتم سوى بالأخبار السياسية والاقتصادية»، في بلد مهدد بالإفلاس بين عشية وضحاها منذ ثلاث سنوات.
وتقول ماريا فيزرياناكي، وهي محاسبة في السادسة والأربعين من عمرها، إنه «أمر جيد أن تسمع أخبارًا سارة، وليس فقط الأخبار السيئة». وتقول ادي كيفيان، وهي طالبة في السابعة عشرة من عمرها: «لقد أصبحنا حزينين جدًا بسبب استماعنا المتواصل للأنباء المتمحورة حول مشكلاتنا المالية والاقتصادية». وتؤكد الدوائر المراقبة أن وسائل الإعلام اليونانية مجتمعة، تعتبر مؤسسة مؤثرة جدًا، ولها أثارها العدوانية عادة كما هو الحال في كثير من البلدان، وتمتلك معظم وسائل الإعلام في اليونان من قبل الشركات التي لها مصالح تجارية في القطاعات الأخرى من الاقتصاد، وغالبًا ما تكون هناك اتهامات من الصحف والمجلات والقنوات الإذاعية والتلفزيونية التي تستخدم لترويج مشاريعهم التجارية، فضلاً عن السعي إلى التأثير السياسي. وأنشئت وزارة الصحافة والإعلام اليونانية في عام 1994، وذلك للتعامل مع وسائل الإعلام وقضايا الاتصالات، وأيضًا التلفزيون والراديو الحكومي الذي يعتبر مؤسسة عامة تشرف عليها وزارة الإعلام، وتعمل فيها ثلاث قنوات تلفزيونية وطنية وخمس قنوات للإذاعة الوطنية.
توقف أكبر صحيفتين باليونان عن الصدور بسبب الديون
«توفيما» الأسبوعية و«تانيا» اليومية تغيبان عن الأكشاك
توقف أكبر صحيفتين باليونان عن الصدور بسبب الديون
لم تشترك بعد
انشئ حساباً خاصاً بك لتحصل على أخبار مخصصة لك ولتتمتع بخاصية حفظ المقالات وتتلقى نشراتنا البريدية المتنوعة