مدينة عارية في فضاء مغلق على الخسارات

«جريمة في رام الله»... رواية لا تحتاج إلى مصادرة بل إلى «تنظيف»

غلاف الرواية
غلاف الرواية
TT

مدينة عارية في فضاء مغلق على الخسارات

غلاف الرواية
غلاف الرواية

تنتهي رواية «جريمة في رام الله» للفلسطيني عباد يحيى (منشورات المتوسط، ميلانو 2017، 237 صفحة من القطع المتوسط)، بانتحار وسام، بطل ثالث حكاياتها، بعد مقتل صديقته بطريقة غامضة. فيما تنتهي الحكاية الأكبر، التي تشكل قلب الرواية وترفع حمولتها السردية، بوصول أحد بطليها الرئيسيين، نور، واسمه الحقيقي صهيب، إلى باريس، وارتمائه في أحضان صديقه الأجنبي آرنو بريير، الذي وعده بوضع كتاب يتناول سيرته الحياتية، أو عمل فيلم يروي الحكاية التي اضطرته إلى الهرب من رام الله في الضفة الغربية، لأن «إشاعات الناس في البلد وأقاويلهم واتهاماتهم، كذب صغار الصحافيين ونمائم الإذاعات المحلية، وبيانات الشرطة وتحقيقاتها، أفدح بكثير من الحقيقة». كما يرد في الصفحة 225 من الرواية.
تنقسم الرواية التي أثارت ضجة ولغطا كبيرين، وفوضى تقدير وتقييم، بعد قرار النائب العام الفلسطيني منعها ومصادرة ما وزع منها على المكتبات، واستدعاء مؤلفها وناشرها، إلى ثلاثة أجزاء:
الأول، ويحمل عنوان رؤوف (52 صفحة)، ويتضمن 12 مقطعًا:
يقدم هذا القسم، حكاية الطالب الجامعي رؤوف - أكثر شخصيات العمل إقناعا - الذي يتناول سيرة عائلته الفلاحية، وخلفيته الاجتماعية، وحكاية الفتاة دنيا التي تدخل عالمه، من لمسة يد لكتفه حين تعطيه أجرة سيارة تاكسي أقلتهما، ليناولها بدوره للسائق.
من بريق اليد الأنثوية وسخونة مشاعر مراهق، تنطلق مخيلة رؤوف لترسم علاقة وهمية في فضاء واسع، يقع بين السراب والأمل، الوهم والحقيقة، واختبار المشاعر الأولية للتجربة الأولى، التي تمهد لمرحلة من محاولات اكتشاف الجسد والميول الجنسية. وفيه يروي رؤوف بشيء من التفصيل، في مونولوج داخلي استرجاعي يشبه العزف المضطرب، علاقته بجسده في مراحل البلوغ والشباب، وتورطه لاحقا، في علاقة جنسية مع الشاب نور. يعاني رؤوف من ضياعه في ضياع دنيا «تختفي دنيا ليحل محلها اختفاؤها» (ص42)، و«كأنها صارت خيالا لأواجه الحياة» (ص66)، ومن يأس وإحباط وعزلة وابتعاد، وغرق في عبث تفقد فيه الأشياء قيمتها ومعانيها.
الثاني، وعنوانه نور (57 صفحة) 8 مقاطع:
في هذا القسم من العمل، نقرأ الوجه الآخر للعلاقة بين الشابين رؤوف ونور، بلغة بسيطة شفيفة وحميمة، ترفع سردا ذاتيا يضفي مصداقية على النص تقربه كثيرا من الحقيقة. في هذا الجزء، نتعرف على شخصية نور، التي تبرز كثاني أفضل شخصيات العمل، من حيث وضوح سماتها ودواخلها، وانسجام تصرفاتها مع طبيعة شاب مثلي في مجتمع محافظ.
الثالث، وهو بعنوان وسام (74) صفحة، 13 مقطعا:
يستخدم الكاتب في هذا القسم، الضمير الثالث، متناوبا الحديث عن وسام ونور، باستثناء مقطع صغير يظهر فيه رؤوف مجددا، وتعود دنيا في شخصية مذيعة تنقل خبر جريمة وقعت في رام الله، حين تُقتل فتاة طعنا بسكين، أثناء خروجها وصديقها وسام، من بار أبي وليم في المدينة. في هذا المقطع يقدم عباد سردا موجزا لكنه بديع لعلاقة جميلة، يبلغ ذروته في تصوير ما حل بوسام فور وقوع الجريمة، في مشاهد قصيرة، وعبارات مشحونة لاهثة تخطف أنفاس وسام وأنفاس القارئ.
يتصدر كثير من مقاطع الرواية، مفتتحات إخبارية قصيرة لا تُعلن وظيفتها الفنية صراحة. ومع تقدم القراءة، يتضح أنها ترسم بإيجاز، عالما واقعيا خارج الرواية، يقدم أبرز أحداث العالم المعاش، في موازاة ما يجري في المتخيل داخل الرواية في الضفة الغربية، وكم يبدو بعيدا منه، منشغلا عنه، انشغال عالم اليوم عن المسألة الفلسطينية نفسها.
يقترب الإخباري الحقيقي من المتخيل الروائي، قبيل وقوع الجريمة مباشرة، إذ يتصدر الحادث خبر عن سقوط أكثر من مائة «شهيد» في غزة، ونصبح أمام مشهدين للموت: مشهد يرسمه الاحتلال الإسرائيلي، وآخر يكشف مسؤولية المجتمع عنه، لأسباب لا تأتي عليها الرواية مباشرة، لكننا قد نعثر عليها موزعة في ثنايا السرد، حيث الجريمة الفعلية الأكبر. إنها هناك، في بطريركية الأب والأخ وسلطة العائلة، في الفساد، في النميمة الشعبية، في الكذب والادعاء، في الانتهازية، في مآل الفصائل الفلسطينية، في قتل البنات باسم شرف العائلة وغير هذا. ثم يتوالفان: الخبر والنص المتخيل، قبيل التحقيق في الجريمة، حين تعلن الشرطة عن مقتل المواطنة ر. س (29 سنة) في شارع فرعي في حي الماصيون في رام الله.
في مجمل المقاطع السابقة، وباستثناء انتحار وسام في نهاية الرواية، ووصول نور إلى باريس، لا تصل أي من الوقائع الدرامية إلى نهاياتها: لا المحاكمات، ولا تحقيقات الشرطة في الجريمة، ولا العلاقات بين الأبطال أنفسهم، ولا بقية مصائر الشخوص، كأنما لا شيء يصل إلى نهايات واضحة في رام الله، تماما كحال الاحتلال «الموجود وغير الموجود» ولا نهاية له، والوضع السياسي الذي لا أفق له، والفساد الذي لم تظهر نتيجة واحدة لأي تحقيق فيه، والانقسام، الذي يتوحد بالانقسام، والقرارات الوطنية المتتالية التي لا تطبق، والاستيطان المفتوح على ابتلاع الأرض. ربما لا تقول الرواية ذلك، لكنه تجعلنا نفكر على الأقل.
يطرح نص عباد يحيى، ثيمات الاضطهاد، واليأس، والازدراء، والعبث، والعزلة، والتمييز، وغياب الهدف، وانعدام الجوهر في حياة الشخصيات، التي تقدم حيواتها بسرد استرجاعي (تيار الوعي)، أحيانا، ومن خلال منولوجات داخلية، أحيانا أخرى، تكشف الكثير عن معاناة تفرز نقمة على الذات وعلى المحيط.
نص جريء وغني بالانتقادات السياسية والاجتماعية اللاذعة أحيانا، للأهل الذين تحولوا «إلى كومبارس يؤدون أدوارا ثانوية جدا في حياتي» (ص 35)، حيث «كنت أعيش بلا أب فعلي، أبي البيولوجي تقاعد، وأبي الوظيفي استقال حين رزق بأبناء، وأمي انحشرت في حدود القرية. الآن أنا بأبوين وأم يريدون وصاية كاملة» (ص 59)، وللأحزاب السياسة: «حين دخل أبي التنظيم توقف عن الفلاحة، كأن النضال للدفاع عن الأرض وانتزاع الحق فيها، في إحدى محصلاته، ابتعاد عن العلاقة اليومية معها، ومن ثمّ، تحويلها من مصدر حياة إلى رصيد مجمد» (ص60 - 61)، والتحولات الاجتماعية: «لم يبق لنا من الفلاحين إلا اسمهم» (ص 61)، وكثرة النميمة الاجتماعية والوصاية الظالمة: «يجعلك الناس موضوعا للرصد والمراقبة وإطلاق الأحكام قبل أن يروا فيك شيئا آخر» (ص 110)، ودور العبادة: «مدينة مليئة بمساجد ومؤذنين أصواتهم ناشزة، تستفز أي أذن كأنها أجهزة إنذار للكوارث» (صفحة 119)، وحركة حماس: «لم يكن يسعدها شيء (زوجة شقيقه) مثل تدبير الزيجات بين شباب الحركة (حماس) وبناتها، كأنها تشتري بذلك مستقبلا للحركة، وتضمن استمرارها» (ص 121). والعمل الكفاحي اليومي: «تحولت الانتفاضة من الشارع إلى التلفاز» (ص 124).
لكن هذه الومضات الانتقادية للحال الفلسطيني، لا تتناول، في مشاهد أخرى قليلة - لحسن الحظ، الديني والمقدس، وبعض الرموز الوطنية والمنظمات السياسية، بالحس الدرامي ومن خلال تطور الحدث، أو من خلال حوار يقع في سياقه، بل من خارج الفعل، في مشاهد أُقحمت على النص وزجت به وأفسدت سياقاته. ويبدو واضحا، من خلال النص نفسه، أن الكاتب سعى إلى معادلة انتقاده الحاد لحماس، بانتقاد مواز فتح وزعامتها التاريخية ورموزها الوطنية، فلم يوفق، وتجاوز منطق الاختلاف، إلى رسم مشاهد بذيئة، كما في مشهد خروج نور من المدرسة، ومشاهدته ملصقا لأبي عمار «ببدلته العسكرية يقف فوق رشاش رصاص ثقيل» (ص 94)، حيث يقدم المؤلف - من خلال شخصية نور - قراءة للملصق- المشهد، تشكل سقطة لا يمكن الدفاع عنها، تغطي المشهد وما يتبعه بإحالات لا تخدم وظيفته.
نص «جريمة في رام الله»، جيد ومتماسك، حافظ المؤلف على مستواه الذي ميز بقية الأقسام والمقاطع، بما فيها مشاهد تبدو غريبة للبعض، أو مستهجنة، أو غير محتملة. بينما هي في صلب عمله الدرامي وتظهر قوة نسيجه، وقد صيغت بلغة سردية مقبولة تماما. وقدم الكاتب، من خلالها، صورة واقعية، لمشاعر مراهق يكتشف ميوله الجنسية ويعاني منها: «ألا يمكن لهذا الجسد أن يهدأ قليلا ويتوقف عن العبث بي؟ ألا يمكنه أن يتركني دون هذه الحيرة والقلق؟ (...) ألا يمكنه أن يهدأ ويتركني أهدأ؟ ألا يمكنني أن أتصرف بشكل طبيعي؟ أن أكون على طبيعتي؟» (ص100).
لا يخلو نص عباد يحيى من استطالات وحشو وثرثرة، ومن «محاضرة» في الطب النفسي، لا لزوم لها ولا مبرر دراميا يستدعيها، تمتد على 13 صفحة (المقطع 9 في القسم الثالث)، وكان يمكن الاستغناء عنها بالكامل.
في مقابل هذا، يتميز العمل بلغته البسيطة، والرشيقة، وسرده المتدفق، واستخدامه للعامية بنجاح في حوار الشخصيات. كلاهما، الإيجابي في هذه الرواية، وهو كثير، والسلبي وهو قليل، كان في غنى عن قرار النائب العام الفلسطيني. كان بحاجة إلى تركه للقراء والنقاد يحكمون عليه، ويتصرفون به وفقا لذائقاتهم.



لاركن... شاعر أحبه الناس واختلف عليه النقاد

لاركن... شاعر أحبه الناس واختلف عليه النقاد
TT

لاركن... شاعر أحبه الناس واختلف عليه النقاد

لاركن... شاعر أحبه الناس واختلف عليه النقاد

مرت قبل أيام الذكرى الأربعون لرحيل الشاعر الإنجليزي فيليب لاركن عن ثلاث وستين سنة (1922-1985). وهو يعتبر من أحب الشعراء الإنجليز شعبياً، لكن النقد ما زال منقسماً حول شعره، وشخصه أيضاً، كما أن الدراسات النقدية عنه، سلباً وإيجاباً، لم تتوقف منذ رحيله، وهناك دورية منتظمة تحمل اسمه، وكذلك ينتصب تمثال له في كنغستن أبون هول، حيث عمل ومات.

كل هذا الحضور الكبير في المشهد الشعري البريطاني، والعالمي أيضاً، وهو لم يصدر سوى أربع مجموعات شعرية في حياته، ويمكن اعتبارها ثلاثاً، فمجموعته الأولى لم تنل أي اهتمام يذكر، ولم يلفت الانتباه النقدي إلا بعد مجموعته الثانية «الأقل انخداعاً»، التي اعتبرت على نطاق واسع من أهم المجموعات الشعرية الصادرة في سنة 1955.

ومع ذلك، لم يختلف نقاد حول شاعر كما اختلفوا حول لاركن. في كتابه الصادر 2011، «فيليب لاركن: قصائد»، يقول الروائي مارتن آمس، ابن الشاعر والروائي كينغسلي آمس، الذي كان صديقاً حميماً للاركن:

«كانت هناك محاولات للتقليل من مكانة لاركن، لكنه لا يزال هنا، ولا تزال أعماله تُقرأ، ولا يزال عنصرياً وكارهاً للنساء بشكل واضح (وإن لم يكن في القصائد)». وهو محق. فكثيراً ما يحاول الناقد والشاعر توم بولين، مثلاً، تشويه سمعة لاركن الشعرية استناداً إلى عدد قليل من رسائله الخاصة، بينما يرى غراهام هولدرنس أن شعر لاركن «شعر بسيط»، ويذهب أبعد من ذلك معتبراً إياه «شعراً تمثيلياً مستنداً إلى فلسفة الشعر الإنجليزي المميزة: التجريبية».

وبالتالي، يستنتج خطأً أن لاركن «يكتفي برؤية سطح الحياة ومحاكاته، رافضاً التعمق في الفكر أو في بنية لغوية جديدة لاستكشاف أعماق وتعقيدات التجربة أو الكلمات». ويجادل والين بأن لاركن «شاعرٌ مباشر»، لكنه، يناقض كلامه بعد قليل، ناسباً لشعره بعض العناصر الميتافيزيقية الغامضة. وهاجمت جيرمين غرير، الكاتبة «النسوية» الأسترالية، لاركن بشدة بعد نشر رسائله المختارة، قائلة إن شعره «بسيط، وشعبي وعامي»، وإن «الموقف الذي يعبر عنه» معادٍ للفكر، وعنصري، وجنساني، وذو وعي طبقي فاسد».

أما بالنسبة لجيمس وود، فلاركن «سجل صغير للإحباط... بيروقراطي الإحباط»، بينما يعتبره كل من برايان أبليارد وبيتر أكرويد شاعراً إقليمياً.

من جانبه، كتب أندرو دنكان أن لاركن «محبط، بارد، ممل، يفتقر إلى الموهبة الأدبية، ولم ينجح أبداً في كتابة قصيدة جيدة».

يمكن تسمية هذا النقد بـ«نقد السيرة الذاتية»، إذا استخدمنا مصطلح جون أوزبورن، الذي «يفترض أن حقيقة الأدب تكمن في إخلاصه للتجربة المعاشة للكاتب». ويشير أوزبورن أيضاً إلى أنه من بين عشرين إلى ثلاثين كتاباً نقدياً ونحو ستين مقالاً قيّماً عن لاركن، فإن أكثر من تسعين في المائة منها يستخدم منهج السيرة الذاتية.

على مستوى النقد الأدبي، يمكننا تقسيم هذا النقد إلى نوعين رئيسيين: يرى النوع الأول أن لاركن شاعر مفتون بالحرمان والوحدة والخسارة، التي تقترب من العدم أو السلبية على الأقل. ويفشل هذا النقد في رؤية أن الحرمان بالنسبة للاركن، كما قال مرة، هو ما كانت عليه أزهار النرجس بالنسبة لوردزورث. إنه مفروض ذاتياً كوسيلة للتسامي، كما سنبين، والهروب من عالم الاستهلاك، ومحاولة لفصل الفن عن المجتمع، والذات عن الآخرين. إنه ليس نتاجاً لاضطراب نفسي، ولا كراهية للنساء، أو مرض نرجسي أو عدم ارتياح يشعر به تجاه شكله الجسماني، كما يوحي بعض النقاد، بل هو نتاج تأمل في الذات، وفي تدهور مجتمع وثقافة ما بعد الحرب، والشيخوخة والموت.

النوع الثاني من النقد ينظر إلى شعر لاركن على أنه غامض ومتناقض، ويشير إلى وجود «شخصيتين» عند لاركن.

والحقيقة، أن لاركن الناضج لم يختلف جوهرياً عن المراهق والشاب، إذ واصل، بطرق مختلفة، تجربة الطفولة، التي هي «ملل منسي»، كما يقول في قصيدته «قادم». والشعور بالغربة والاغتراب عن العالم الخارجي ميزا الكثير من شعره المبكر واللاحق. في قصيدة تعود إلى عام 1938، كتب لاركن: «شبكة من الضباب العائم فوق الغابة والأرض القفر/ هادئة كالموت/ يتسلل الليل المظلم، ويترك العالم وحيداً»، (الأعمال الكاملة ص 225) أو: «في الخارج، ستلسعك الغابة، تذوب، ثم تعود/ في الداخل، ستحترق الشمعة». (CP الأعمال الكاملة، 233).

وفي عام 1946، بعد ثمان سنوات، كرر المضمون نفسه تقريباً: «أرى أن الجدران قتلت الشمس/ والضوء مات» (الأعمال 12). وبعد ما يقرب من ثلاثين عاماً، عبر عن الشعور نفسه بالوحدة والقلق الوجودي وبالصور نفسها تقريباً: «في دهاليز خاوية، تحترق الأضواء/ كم هي معزولة، مثل الحصن/ الورقة المعدة لكتابة رسائل المنفى إلى الوطن/ (إذا كان الوطن موجوداً) (الأعمال 163)». وعكس هذا الإحساس عندما كتب أن «دي إتش لورنس مهم بالنسبة له مثل شكسبير بالنسبة لكيتس»، لأن الرسالة الحقيقية للورنس هي أن: «كل شخص وحيد... الجميع غير قادرين على فعل أي شيء أكثر من لمس بعضهم البعض».

في هذه الفترة، كان هناك انسجام بين لاركن الشاعر وشخصيته، سواء في الشعر أو النثر. في روايتيه «جل» و«فتاة في الشتاء»، تسحق الشخصيات الرئيسية مشاعر الاغتراب والغربة. في «جل»، يلتحق جون كيمب بأكسفورد للدراسة، لكنه سرعان ما يشعر بالغربة. ملاذه الوحيد كانت غرفته. تدريجياً، تتحول أكسفورد إلى «مدينة وهمية، حتى تُشبه مدينة تي. إس. إليوت في «الأرض اليباب». وفي رواية «فتاة في الشتاء»، نلتقي بكاثرين، وهي لاجئة طردتها الحرب من بلدها. كلا البطلين «يُتركان في حالة استسلام مطلق، بلا مكان يذهبان إليه». كلاهما متردد في البقاء في أي مكان، ربما باستثناء غرفتهما الخاصة، لأنهما لا يستطيعان «إيجاد مكانهما المناسب»، مثل لاركن نفسه، كما يقول في قصيدة «الأماكن، أيها الأحباء»: «لا، لم أجد قط/ المكان الذي يمكن أن أقول عنه/ هذا مكاني المناسب/ سأبقى هنا». (الأعمال، 99)

لا يقصد لاركن هنا بالمكان موقعاً جغرافياً معيّناً. وقد أكد ذلك عندما سُئل عن مدينة هول، حيث عاش لمدة ثلاثين عاماً، في مقابلة مع صحيفة الأوبزرفر عام 1979: «أنا لا أعي حقاً أين أعيش».

يمكن إحالة الخلاف حول شعر وشخصية لاركن إلى سببين رئيسين: السبب الأول أن لاركن كتب شعراً مختلفاً تماماً عن شعر مجايليه منذ مجموعته الثانية «الأقل انخداعاً»، التي برزت فيها السمة الأساسية التي ميزت شعره: اللاانتماء بالمعنى الوجودي. وهي ظاهرة غريبة على الشعر الإنجليزي الذي عرف عموماً بنزعته الواقعية، فلم تزدهر فيه ظاهرة الدادائية ولا السريالية مثلاً كما في الأدب الفرنسي - باستثناء ديفيد غاسكوين الذي عاش لفترة في فرنسا- وذلك لأسباب اجتماعية وثقافية مختلفة لا مجال هنا للخوض فيها. ولعل هذا يفسر عدم وجود دراسات نقدية تتناول هذه الظاهرة، باستثناء كتاب «اللامنتمي» لكولن ويلسون، الذي نُشر عام 1956 وركز فيه فقط على الكُتّاب الأجانب، باستثناء ت. إ. لورانس، مؤلف كتاب «أعمدة الحكمة السبعة»، وهربرت جورج ويلز، الذي عرف بأدب الخيال العلمي.

لم نقرأ في الأدب البريطاني نقداً يتناول لاركن، إنساناً وشاعراً، باعتباره لا منتمٍ، ما عدا بعض الإشارات إلى حياته الشخصية كشخص منعزل وأعزب، وهي إشارات ليست لها أية علاقة بظاهرة اللاانتماء، كتوجه أدبي وفلسفي. إن عدم النظر إليه من هذا المنظور، دفع نقاده إلى اعتبار شعره غامضاً ومتناقضاً، وإلى القول بوجود «لاركنين» أو «جانبين» له. ولكن من خلال النظر إلى لاركن كشاعر وإنسان لا منتمٍ، بالمعنى الوجودي، سنرى أنه كان في انسجام مع نفسه. منذ البداية، كانت لديه آراؤه الوجودية الخاصة فيما يتعلق بالحياة والفن، والذات والآخر، والقلق والاغتراب وحرية الاختيار، كما لو أن جميع أعماله مجرد قصيدة واحدة، يتأمل فيها تلك القضايا الكبرى التي شغلت البشرية في القرن العشرين.

والسبب الثاني، هو موقفه من المرأة، اعتماداً على حياته الخاصة، إذ يرى منتقدوه أنه كان يعاني من عقدة النقص، ومن مظهره الجسدي. لكن بتحليل قصائده، وبعض رسائله الشخصية، سنجد أن مشاكله مع النساء كانت جزءاً من صراعه الأوسع مع الحياة كإنسان لا منتمٍ، وهي تنسجم مع موقفه الوجودي تجاه المجتمع والحياة والالتزام. إنه متردد دائماً، عاجز عن الفعل، بل حتى مجرد رد فعل.

ولهذا السبب، كان يجد مهربه، وعزاءه أيضاً، في عملية التسامي، مستخدماً أنواعاً مختلفة من التقنيات، في قصائده الرئيسية على الأقل، لخلق هذه العملية، التي تساعد الشاعر على تجاوز الأشياء التي يواجهها، والأفكار التي يتأملها، والبيئة المحيطة به، ورفعها إلى مستوى التجريد، حيث نشعر بالسعادة والتحرر من واقعنا الكئيب وتناقضات وجودنا. وهكذا، يبني لاركن عالماً خيالياً، تندمج فيه الذات والموضوع في وحدة واحدة. يستخدم لاركن المواد المادية للواقع، التي يجمعها بوعي، كجسر إلى عالم خيالي، يشعر فيه بالانتماء، ويمكنه أن يقول «هذا مكاني المناسب». لهذا السبب، فإن شعر لاركن يبدو أكثر تعقيداً مما يظنه بعض نقاده، لأنه، أولاً، يعمل على مستويات وجودية مختلفة، وثانياً، بسبب عملية إعادة الخلق والتسامي المتطورة التي يستخدمها في محاولاته لإيجاد إجابات للأسئلة الأساسية التي شغلت عصره، ولا تزال تشغل عصرنا.


«الملك فولتير» في مواجهة «ملك الشمس» لويس الرابع عشر

«الملك فولتير» في مواجهة «ملك الشمس» لويس الرابع عشر
TT

«الملك فولتير» في مواجهة «ملك الشمس» لويس الرابع عشر

«الملك فولتير» في مواجهة «ملك الشمس» لويس الرابع عشر

عندما تطبِق الظُلمة الظلماء على أمة من الأمم في لحظة ما من لحظات تاريخها، فإنه لا يعود في الساحة إلا فلاسفة الدرجة الأولى لكي يضيئوا لها الطريق. ولكنهم عندئذ قد يخاطرون بأنفسهم ويدفعون الثمن باهظاً. عندما شعر أرسطو بالخطر يقترب من رقبته أكثر مما يجب قال هذه العبارة البليغة: «لن أدعهم يرتكبون جريمة أخرى ضد الفلسفة. يكفي أنهم قتلوا سقراط». ثم غادر أثينا مسرعاً تحت جنح الظلام. ومعلوم أن سقراط كان بإمكانه أن ينجو بجلده لو أراد. ولكنه رفض الهرب في آخر لحظة على الرغم من إلحاح تلامذته وأصدقائه الشديد عليه. لقد توسلوا إليه وبكوا على ركبتيه وكانوا جاهزين لتهريبه بكل سهولة ولكنه رفض بإصرار. وفضل بذلك أن يواجه مصيره المحتوم ويتجرع السم الزعاف. وكان بذلك أول شهيد في تاريخ الفلسفة ولكنه لن يكون الأخير. وذلك لأن تهديد المثقفين، بل واغتيالهم على مدار العصور أمر شائع لدى مختلف الأمم والشعوب. بل إنهم المستهدف الأول بالاغتيال حتى قبل رؤساء الدول وقادة الجيوش. لماذا؟ لأن جيوش الفكر أخطر على الظلاميين والرجعيين بكثير. فالتغيير الحقيقي وتبديد حلكات الظلام يتم أول ما يتم على أيدي الفلاسفة والمثقفين الكبار. في البدء كانت الكلمة. الكلمة أخطر من الرصاصة. بعدئذ يأتي الفعل والتغيير العملي. الفكر يسبق السياسة ويعلو عليها وليس العكس. ولكن الفكر بهذا المعنى نادر جداً على عكس ما نتصور. كم هو عدد الفلاسفة الذين غيروا وجه التاريخ البشري؟ يعدون على أصابع اليد الواحدة أو اليدين. بعد الثلاثي سقراط وأفلاطون وأرسطو نقفز قفزة كبرى ألفي سنة لكي نصل إلى ديكارت، وسبينوزا، ولايبنتز، وكانط، وهيغل، ونيتشه وهيدغر... ولكن هل يمكن أن ننسى فولتير، وجان جاك روسو وديدرو الذين تصدوا للظلامية الكاثوليكية بكل قوة؟ بالطبع لا. هذا ما يشرحه لنا أستاذ جامعة بروكسل البروفسور ريمون تروسون في كتابه الضخم عن فولتير (798 صفحة من القطع الكبير). على أي حال، هناك شيء لافت للانتباه هو أنه كلما ازدادت حلكة الظلام اسوداداً اقترب موعد الفجر. كلما احتدت واحتدمت انبجس الفكر المنقذ كفلق الصبح. ما أجمل تلك اللحظة. اشتدي أزمة تنفرجي.

ولكن الشيء الملاحظ أيضاً هو أن التغيير الفكري أصعب أنواع التغيير. إنه أصعب من التغيير المادي. وذلك لأنه يصطدم بعقليات قديمة راسخة منذ مئات السنين رسوخ الجبال. من يستطيع أن يقاوم الشيوخ التقليديين المهيمنين على عقول عامة الشعب؟ من يستطيع أن ينتزع الشعب من براثنهم؟ ولكن التغيير الفكري هو الذي يمهد للتغيير المادي المبتغى. دونه لا تغيير سياسياً حقيقياً ولا من يحزنون. ولذلك قال فلاسفة الأنوار في أوروبا ما فحواه: «شعارنا المقبل هو تغيير الفكر والعقليات أولاً». ينبغي تهذيب الجنس البشري وتنويره وتثقيفه وتخليصه من براثن الطائفية والطائفيين. وبعدئذ يصبح كل شيء ممكناً. بعدئذ يجيء التغيير السياسي تحصيل حاصل. يقول لنا ريمون تروسون ما يلي: «كان هناك ملك جبار في القرن السابع عشر هو لويس الرابع عشر. إنه الملقب بـ(الملك الشمس) باني قصر فرساي العظيم. وكان هناك شخص آخر يتربع على عرش الفكر والآداب الفرنسية في القرن الثامن عشر هو: الملك فولتير. وملك الفكر لم يكن يقل أهمية عن ملك السياسة إن لم يزد». ثم يضيف أستاذ جامعة بروكسل الحرة قائلاً: لا تعتقدوا أن زعيم الأنوار الفرنسية كان ملحداً كارهاً للدين في المطلق. انزعوا من أذهانكم هذه الصورة الخاطئة التي شاعت عنه. لقد كان مؤمناً كل الإيمان بالله والقيم المثالية والأخلاقية العليا للدين. وكان يقول حرفياً لا مخلوق من دون خالق، ولا مصنوع من دون صانع. ولكنه لم يكن مؤمناً على طريقة المتعصبين الطائفيين. كان فولتير يفرق بين شيئين لا يستطيع الشعب الفقير الأمي الجاهل أن يفرق بينهما: الدين/ والطائفية. ولكن معظم الناس بمن فيهم عديد المثقفين لا يستطيعون التفريق بينهما. إنهم يعتقدون أنهما شيء واحد. وعن هذا الاعتقاد الخاطئ تنتج المشاكل والمجازر. فالدين في سموه وعلوه وتعاليه غير الطائفية الضيقة المنغلقة على ذاتها داخل جدران التعصب الفئوي الأعمى. وللتعصب حلاوة في القلب لا تعادلها حلاوة. وبما أن المسيحية في عصره كانت لا تزال أصولية متطرفة، فإن الأكثرية الكاثوليكية كانت تضطهد الأقلية البروتستانتية وتكفرها وتبيح إبادتها شرعاً. كان يبرر ذلك شخص لاهوتي كهنوتي خطير يدعى جاك بوسويه (1627 - 1704). وهو أكبر أصولي فرنسي في ذلك العصر وربما في كل العصور. وكان خطيباً مصقعاً لا يشق له غبار. حتى لويس الرابع عشر كان يخشاه أشد الخشية ويحسب له ألف حساب. وقد هيج الملك على البروتستانتيين في خطبة نارية قائلاً له ما فحواه: «هؤلاء البروتستانتيون الزنادقة لا مكان لهم على أرض المملكة الكاثوليكية الطاهرة. فإما أن يتخلوا عن مذهبهم وعقائدهم الخاطئة ويعتنقوا المذهب الكاثوليكي فوراً، وإما أن يبادوا عن بكرة أبيهم. فالمذهب الكاثوليكي البابوي الروماني هو وحده الفرقة الناجية في المسيحية. وهو وحده المذهب الصحيح المرضي عنه عند الله. وكل ما عداه كفر وهرطقة وخروج على شرع الله. المسيحي الحقيقي الشرعي لا يمكن أن يكون إلا أكثرياً كاثوليكياً» (بين قوسين: نقول ذلك على الرغم من أن الأقلية البروتستانتية كانت هي الأقرب إلى المفهوم العقلاني والحداثي المتسامح للدين وأن الأغلبية الكاثوليكية كانت هي الأقرب إلى المفهوم التكفيري الرجعي الشديد التعصب والعدوانية. ولكن الحق دائماً مع الأقوى. كان ذلك عصر الظلمات الفرنسية...). ينبغي العلم أن الشعب الفرنسي كان كاثوليكياً بنسبة 80 في المائة والباقي أقليات بروتستانتية. وقد نفذ الملك الجبار كلامه حرفياً واجتاح المناطق البروتستانتية وحصلت أكبر حرب أهلية في تاريخ فرنسا. ولا يزال الفرنسيون يخجلون بها ويتأسفون عليها ويعتذرون عنها حتى اللحظة. في ذلك الوقت لم يكن هناك رأي عام دولي يحمي سكان الأقليات ويمنع المتطرفين من الاختلاء بهم وإعمال المجازر فيهم... نحن في القرن السابع عشر لا في القرن الحادي والعشرين.

هذا التعصب الأصولي التكفيري الأعمى هو الذي نهض فولتير ضده بكل قوة وحاربه طيلة حياته كلها. كانت تلك هي قضيته المركزية الأولى التي لا قضية بعدها أو قبلها. قضية التنوير كانت أعز عليه من روحه. نقول ذلك على الرغم من أنه كان أكثرياً كاثوليكياً مثل جاك بوسويه ولا يعاني عقدة الاضطهاد على عكس مثقفي الأقليات. وهنا تكمن عظمته. فلا شيء كان يجبره على محاربة أساطين مذهبه وطائفته القوية الجبارة المعتدة بعددها وعديدها. لا شيء كان يجبره على التصدي لهم وبخاصة أنهم كانوا قادرين على اغتياله بكل سهولة. يكفي أن يرسلوا إليه أحد الجهلة المهووسين بالتعصب لكي يرديه قتيلاً. ولهذا السبب كان يتخفى عن الأنظار لبعض الوقت عندما تحمّر عليه الأعين أكثر مما يجب. كان «ينزل تحت الأرض» كما يقال ثم سرعان ما يعود إلى السطح بعد شهرين أو ثلاثة لكي يناوشهم مجدداً ويواصل المعركة ضدهم. ولا شيء كان يجبره على الدفاع عن الأقليات اللهم إلا ضميره الأخلاقي بصفته مثقفاً عالمياً يكره الطائفية والطائفيين. لهذا السبب ظل اسمه لامعاً على صفحة التاريخ. وذلك لأنهم حتى في الصين، حتى في الهند واليابان، يعرفون من هو فولتير هذا، ناهيك عن العالم العربي. إنه لشيء ممتع أن يغطس المرء في كتاب البروفسور ريمون تروسون الضخم هذا. نقول ذلك وبخاصة أنه مكتوب بأسلوب ناصع وتبحر علمي مكين. فهو من أعظم الأكاديميين المتبحرين في العلم. أنا شخصياً أغطس فيه بكل استمتاع في نهايات هذا العام المنصرم. كما وأغطس في كتبه الأخرى لأنه مختص كلياً بفلسفة الأنوار في القرن الثامن عشر. لماذا أركز كل هذا التركيز على تلك الفترة من تاريخ أوروبا؟ لأني أعتقد أن العالم العربي يعيش في ذلك الحز الفاصل بين العصور الوسطى والعصور الحديثة. إنه يعيش في عصر فولتير لا في عصر سارتر، وفوكو وبورديو وبقية مثقفي فرنسا الحاليين، حيث اختفت المشكلة الطائفية نهائياً. فلم يعد هناك كاثوليكي واحد يحقد على بروتستانتي أو العكس. هذه هي بعض جوانب المعركة الكبرى التي يشرحها لنا البروفسور ريمون تروسون بكل تمكن واقتدار. نسيت أن أقول إن كتابه الآخر عن جان جاك روسو يشمل ثلاثة مجلدات كبرى. مئات الصفحات، آلاف الصفحات، كنز الكنوز.


إعلان القائمة الطويلة لجائزة بوكر

إعلان القائمة الطويلة لجائزة بوكر
TT

إعلان القائمة الطويلة لجائزة بوكر

إعلان القائمة الطويلة لجائزة بوكر

أعلنت لجنة الجائزة العالمية للرواية العربية (المعروفة بـ«البوكر العربية») صباح اليوم القائمة الطويلة لدورة عام 2026. وتم اختيار الـ16 المرشحة من بين 137 رواية، ضمن 4 روايات من مصر، و3 من الجزائر، و2 من لبنان، ورواية واحدة من السعودية، والعراق، والمغرب، وسوريا، واليمن، وتونس، وعمان. وتنوعت الموضوعات والرؤى التي عالجتها هذه الروايات كما جاء في بيان اللجنة، وهي:

«ماء العروس» للسوري خليل صويلح، و«خمس منازل لله وغرفة لجدتي» لليمني مروان الغفوري، و«الاختباء في عجلة الهامستر» للمصري عصام الزيات، و«منام القيلولة» للجزائري أمين الزاوي، و«عمة آل مشرق» لأميمة الخميس من السعودية، و«عزلة الكنجرو» لعبد السلام إبراهيم من مصر، و«أيام الفاطمي المقتول» للتونسي نزار شقرون، و«البيرق» للعُمانية شريفة التوبي، و«فوق رأسي سحابة» للكاتبة المصرية دعاء إبراهيم، و«في متاهات الأستاذ ف. ن.» للمغربي عبد المجيد سباطة، و«الرائي: رحلة دامو السومري» للعراقي ضياء جبيلي، و«غيبة مي» للبنانية نجوى بركات، و«أصل الأنواع» للمصري أحمد عبد اللطيف، و«حبل الجدة طوما» للجزائري عبد الوهاب عيساوي، و«الحياة ليست رواية» للبناني عبده وازن، و«أُغالب مجرى النهر» للجزائري سعيد خطيبي.

وستُعلَن القائمةُ القصيرة للجائزة في فبراير (شباط) المقبل، والرواية الفائزة في التاسع من أبريل (نيسان) 2026 في احتفالية تُقام في العاصمة الإماراتية أبوظبي.