لأول مرة في مساجد مصر... المرأة واعظة لتجديد الخطاب الديني ومواجهة التشدد

لأول مرة في مساجد مصر... المرأة واعظة لتجديد الخطاب الديني ومواجهة التشدد
TT
20

لأول مرة في مساجد مصر... المرأة واعظة لتجديد الخطاب الديني ومواجهة التشدد

لأول مرة في مساجد مصر... المرأة واعظة لتجديد الخطاب الديني ومواجهة التشدد

قال الشيخ جابر طايع، رئيس القطاع الديني بوزارة الأوقاف المصرية، إن «عمل الواعظات الجديدات اللاتي تم تعيينهن في مساجد مصر سيكون داخل مصليات السيدات، وسيقمن بكل ما يقوم به الدعاة الرجال؛ لكن في أماكن السيدات، وسيتم تحديد يومين أسبوعيا للواعظات لإلقاء المحاضرات في موضوعات تخص المرأة». نافيا ما تردد عن قيامهن بإمامة الرجال داخل المساجد.
وفي حين أضاف طايع لـ«الشرق الأوسط» أنه تم تعيين 144 واعظة كمرحلة أولى وهناك مراحل أخرى خلال الفترة المقبلة، لتنشيط العمل النسائي الدعوي، قالت مصادر مطلعة في الأوقاف إن «قرار تعيين الواعظات سوف يُسهم في تجديد الخطاب الديني ونشر الفكر الصحيح».
وكان الرئيس المصري عبد الفتاح السيسي قد أبدى أكثر من مرة استياءه من وتيرة إصلاح الخطاب الديني في البلاد، ودعا المؤسسة الدينية الرسمية إلى التصدي للجذور الفكرية للجماعات المتشددة. وأحرج السيسي، وزير الأوقاف الدكتور محمد مختار جمعة خلال كلمته باحتفالية المولد النبوي في ديسمبر (كانون الأول) الماضي بقوله: «عندما تحدثت مع وزير الأوقاف عن تجديد الخطاب الديني تسرع وكان متحمسا وأصدر قرار الخطبة الموحدة... الموضوع أكبر من هذا وما قام به اختزال للموضوع».
وقال مراقبون إن «تعيين الواعظات في المساجد الآن في هذا التوقيت يأتي في إطار تنفيذ دعوة السيسي لتجديد الخطاب الديني، وبخاصة وسط الفتيات والسيدات اللاتي تتلقفهن عناصر من الجماعات المتطرفة داخل مصليات السيدات، لإقناعهن بأفكار تدعو للتشدد والتطرف ونشر الكراهية في المجتمع».
وأعلنت وزارة الأوقاف المصرية، وهي المسؤولة عن المساجد، تعيين 144 امرأة بوظيفة واعظة للعمل بالمساجد... في قرار يُعتبر الأول من نوعه الذي يمنح المرأة تلك الوظيفة داخل المساجد... وهو القرار الذي أثار جدلا حول دورهن داخل المسجد.
وقال رئيس القطاع الديني بالأوقاف في هذا الصدد، إن «الواعظات سيكون دورهن الإجابة عن أي تساؤلات تتعلق بفقه النساء»، لافتا إلى أن «الدعوة الذكورية داخل المساجد لم تُخلف إلا الجهل للنساء وبخاصة في الأمور الدينية، فقد تخجل المرأة في سؤال إمام المسجد عن أمور تتعلق بها، وتلجأ للحصول على معلوماتها من أي جهة أخرى، مما يؤثر سلبا على المجتمع».
وقالت وزارة الأوقاف إن بداية عمل الواعظات سيكون في المساجد الكبرى مارس (آذار) المقبل، للرد على التساؤلات وتصحيح المفاهيم المغلوطة في جميع النواحي الفقهية. وكانت الأوقاف قد حصلت على توصية من اللجنة الدينية بمجلس النواب (البرلمان) بتعيين الواعظات.
وقال الدكتور أسامة العبد، رئيس لجنة الشؤون الدينية بمجلس النواب، إن قرار تعيين الواعظات جاء بناء على توصيات اللجنة، معتبرا أن القرار جاء بناء على رغبة ملحة، لما يشهده العصر الحالي من متغيرات كثيرة، لافتا إلى أن وجود سيدات ذوات علم وتخصص في الوعظ وإفتاء السيدات في بعض المسائل التي يستحين أن يسألنها للرجل، مهم وجيد.
وعن صدور تعليمات من الأوقاف للواعظات الجديدات بضرورة مواجهة أفكار جماعات العنف التي تتسرب دائما إلى مصليات النساء بالمساجد، قال الشيخ جابر طايع إن «وزارة الأوقاف رأت أن هناك ضرورة في الوقت الحالي لتعيين عناصر نسائية في المساجد، لرفع الحرج عن المرأة لتعلم أمور دينها على أيدي متخصصات؛ إذ إن هناك أمورا تجد المرأة صعوبة في طرحها على الرجال، إضافة إلى تصحيح أي مفاهيم مغلوطة يتم نشرها من قبل أي جماعات وتوضيح الفكر السليم بعيدا عن التشدد».
ويشار إلى أن تعيين واعظات في المساجد هو القرار الأول من نوعه في مصر. وسبق للأوقاف أن عينت منذ أكثر من عشر سنوات مرشدات في المساجد؛ لكنهن لا يؤدين خطبة الجمعة... وكان وقته يتم تدريب واختبار عدد من النساء ذات مؤهلات عليا من طبيبات ومهندسات ومختلف المؤهلات، لمدة سنتين في المراكز الثقافية لتأهيلهن ليقمن بدور مهم ومفيد لنشر الفكر الصحيح.
ويشار إلى أن هناك عددا من المعاهد والمراكز التابعة لتيارات غير رسمية مثل «الدعوة السلفية والجمعيات الشرعية والجماعة الإسلامية»، تُخرج واعظات وداعيات؛ لكن الحكومة المصرية لا تعترف بأي خريج في هذه المعاهد سواء من الرجال أو النساء في أي تعيينات.
ويرى مراقبون أن «خطوة الأوقاف ستواجه بقوة من قبل الجماعات المتشددة لمنع وصول الواعظات إلى المجتمع المصري وتصحيح المفاهيم لدى النساء، وبخاصة في المصليات، التي تكون مُلحقة بالمساجد، ولا يدخلها الرجال، وهي بعيدة عن أعين السلطات دائما، ولا تعرف الأوقاف عنها أي شيء».
ويشار إلى أن جماعة الإخوان المسلمين الإرهابية، كان لديها، وما زال، فرع دعوي كامل خاص بالنساء في مساجدها وله نشاط مهم لا يقل عن نظيره الرجالي.
ويُقدر عدد المراكز الإسلامية التابعة لوزارة الأوقاف رسميا بنحو 9 مراكز تخرج واعظات ودعاة جديدات. وقررت الحكومة في ديسمبر (كانون الأول) عام 2015، وقف عمل معاهد إعداد الدعاة والقراءات التابعة لجميع الجمعيات الدعوية، التي لم توفق أوضاعها على مناهج الأزهر وبموافقته واعتماد وزارة الأوقاف، لكن هذا القرار لم يدخل حيز التنفيذ من وقتها، وقالت المصادر المطلعة إن «الحكومة كانت حريصة على تنفيذ القرار؛ لكن تم التحايل عليه من قبل بعض الجمعيات».
وحول الكيفية التي تم بها اختيار العناصر النسائية في وظيفة الوعظ بالمساجد، قال الشيخ طايع: «شرطنا أن تكون وسطية أزهرية من خريجات مراكز إعداد الدعاة التابعة لوزارة الأوقاف فقط، وأن تكون قد حظيت من قبل بمحاضرات وندوات على أيدي علماء مشهود لهم بالوسطية، وعملت في المساجد ودرست القرآن الكريم».



مصادر لـ«الشرق الأوسط»: الأردن يعلن حلّ «الإخوان» اليوم

جنود أردنيون يحتفلون في عمّان باليوم الوطني للعلم الأسبوع الماضي (بترا)
جنود أردنيون يحتفلون في عمّان باليوم الوطني للعلم الأسبوع الماضي (بترا)
TT
20

مصادر لـ«الشرق الأوسط»: الأردن يعلن حلّ «الإخوان» اليوم

جنود أردنيون يحتفلون في عمّان باليوم الوطني للعلم الأسبوع الماضي (بترا)
جنود أردنيون يحتفلون في عمّان باليوم الوطني للعلم الأسبوع الماضي (بترا)

قالت مصادر أردنية رفيعة المستوى لـ«الشرق الأوسط» إن إعلاناً حكومياً سيصدر بعد قليل بـ«تفعيل» حكم قضائي يعود لعام 2020 يقضي بحل «جماعة الإخوان المسلمين» غير المرخصة في البلاد.

وبحسب المصادر، فإن الإجراءات الرسمية المتوقعة بعد قرار حل «الإخوان» في الأردن، قد تشمل إغلاق مقرات الجماعة في المراكز الرئيسية والمحافظات، وإنزال اللافتات التي تحمل اسم الجماعة وشعارها، ومصادرة الممتلكات، ولم تستبعد المصادر كذلك «أن يصل الأمر إلى ملاحقة قياديين منها».

ويأتي القرار الأردني، بعد يوم من مطالبة حركة «حماس» بالإفراج عن متهمين في القضية المعروفة إعلامياً باسم «خلايا الفوضى»، والتي وجهت فيها السلطات الأردنية الاتهام، الأسبوع الماضي، لـ16 شخصاً بالمشاركة في «مخططات كانت تهدف إلى المساس بالأمن الوطني، وإثارة الفوضى، والتخريب المادي داخل المملكة».

وقال بيان للمخابرات العامة إن «المخططات شملت قضايا تتمثل في: تصنيع صواريخ بأدوات محلية، وأخرى جرى استيرادها من الخارج لغايات غير مشروعة، وحيازة مواد متفجرة وأسلحة نارية، وإخفاء صاروخ مُجهز للاستخدام، ومشروع لتصنيع طائرات مسيَّرة، بالإضافة إلى تجنيد وتدريب عناصر داخل المملكة وإخضاعها للتدريب بالخارج».

وأشارت المصادر إلى أن الإعلان الحكومي المرتقب يأتي تفعيلاً لحكم قضائي يعود لعام 2020 بـ«حل جماعة الإخوان المسلمين» ويقضي بـ«اعتبار جماعة الإخوان منحلة حكماً وفاقدة لشخصيتها القانونية والاعتبارية، وذلك لعدم قيامها بتصويب أوضاعها القانونية وفقاً للقوانين الأردنية».

وكانت مصادر أردنية شددت في تصريحات لـ«الشرق الأوسط» عقب الكشف عن «خلايا الفوضى على أن (المرونة) التي تعاملت بها السلطات الأردنية مع الجماعة غير المرخَّصة كانت فرصة لتنظيم الصفوف، واختصار النشاط، عبر ذراعها السياسية (حزب جبهة العمل) المرخَّص والممثل في البرلمان المنعقد حالياً؛ لكنها أساءت التصرف ولم تقابل المرونة الرسمية بضرورة وضع حد لتصرفات بعض قياداتها وأعضائها».

من الاحتواء إلى الخصومة

وتأسست «جماعة الإخوان المسلمين» في الأردن عام 1946، بصفتها جمعيّة دعوية تنشط في تقديم المساعدات من خلال جمع التبرعات. واستقطب نشاطها شباباً تأثروا بدعوات الجماعة ومسلكيات قياداتها في العمل العام.

وخلال عقود الخمسينات والستينات والسبعينات والثمانينات من القرن الماضي ظلت «جماعة الإخوان المسلمين» حليفاً للحكومات، وقد تدرج قياديون منها في مواقع رسمية متقدمة، تمكنوا عبرها من تعريض قواعدهم الشعبية، ونشر خطابهم في المجتمع الأردني، بعد احتكارهم خطاباً دينياً جاذباً لمجتمع محافظ تاريخياً.

خلال حقبة السبعينات تطورت العلاقة بين الجماعة والحكومات على أرضية الشراكة والتحالف، وتحديداً خلال الحكومة الأخيرة لرئيس الوزراء الراحل وصفي التل، الذي عيّن القيادي الإسلامي البارز الدكتور إسحاق الفرحان وزيراً للتربية والتعليم ووزيراً للأوقاف في فترتين منفصلتين.

ثنائية الجماعة والحزب

بعد أحداث «هبة نيسان» من عام 1989 وإقالة الحكومة وقرار العودة للحياة الديمقراطية بعد عقود من الأحكام العرفية، ترشحت الجماعة في انتخابات مجلس النواب الحادي عشر (1989 - 1993) وشكلت كتلة وازنة في ذلك المجلس الذي حظي بثقة شعبية واسعة. مع ذلك المجلس انتهت حقبة الأحكام العرفية وبدء العمل على إقرار قوانين سياسية كان في مقدمتها قانون الأحزاب.

ذهبت الجماعة في ذلك المجلس إلى منح الثقة لأول مرة والمشاركة في حكومة رئيس الوزراء مضر بدران، وكان ذلك تحت شعار دعم الأردن للعراق في مواجهة عدوان قوى التحالف الدولي بقيادة الولايات المتحدة الأميركية.

حزب «جبهة العمل»

في عام 1992 تأسس حزب «جبهة العمل الإسلامي»، وأصبح الذراع السياسية لـ«جماعة الإخوان المسلمين» الدعوية. ومن هناك بدأ الحديث عن تبعية الحزب للجماعة، وليس فك الارتباط بين العمل الدعوي والعمل السياسي.

أحد مقار حزب «جبهة العمل الإسلامي» في الأردن (الموقع الرسمي للحزب)
أحد مقار حزب «جبهة العمل الإسلامي» في الأردن (الموقع الرسمي للحزب)

لكن الانقلاب في العلاقة بين الجماعة والحكومات بدأ منذ إعلان الحكومة التي تلت حكومة بدران برئاسة طاهر المصري قرارها المشاركة في «المؤتمر الدولي للسلام»، الذي انعقدت أولى جلساته في العاصمة الإسبانية مدريد عام 1992، وتوقيعهم مذكرة نيابية تدعو لطرح الثقة بحكومة المصري، قبل أن يستقيل المصري بإرادته.

من التحالف إلى الصدام

بعد إقرار قانون معاهدة السلام، ابتعدت الجماعة الإسلامية وحزبها عن تحالفاتهم الرسمية، وبدأت الحركة بتوسيع قواعد رفضها للسلام مع إسرائيل والتطبيع الرسمي معها.

في تلك الفترة قاطعت الجماعة والحزب انتخابات مجلس النواب الثالث عشر، الذي جرت عام 1997. ذلك القرار تبعته انشقاقات في صفوف الحركة وخروج قياديين منها احتجاجاً على قرار مقاطعة الانتخابات النيابية. ليذهب بعض القياديين المنشقين إلى تأسيس حزب «الوسط الإسلامي» بقيادة عبد الرحيم العكور.

وقتها سيطر على العلاقة بين الجماعة والحكومة غياب الثقة، ودخلت الجماعة والحزب في حالة سكون خلال فترة مرض الراحل الملك الحسين، وتسلم الملك عبد الله الثاني سلطاته الدستورية.