مظاهرة يهودية عربية في تل أبيب ضد سياسة هدم البيوت

شارك فيها 5 آلاف اتهموا حكومة نتنياهو بالعنصرية والفاشية

آلاف اليهود والعرب يرفعون يافطات خلال مظاهرة تل أبيب ويهتفون ضد نتنياهو(إ.ب.أ)
آلاف اليهود والعرب يرفعون يافطات خلال مظاهرة تل أبيب ويهتفون ضد نتنياهو(إ.ب.أ)
TT

مظاهرة يهودية عربية في تل أبيب ضد سياسة هدم البيوت

آلاف اليهود والعرب يرفعون يافطات خلال مظاهرة تل أبيب ويهتفون ضد نتنياهو(إ.ب.أ)
آلاف اليهود والعرب يرفعون يافطات خلال مظاهرة تل أبيب ويهتفون ضد نتنياهو(إ.ب.أ)

شارك نحو خمسة آلاف من اليهود والعرب، في مظاهرة احتجاج في قلب مدينة تل أبيب، ضد سياسة حكومة بنيامين نتنياهو، هدم البيوت العربية في قلنسوة وأم الحيران، وضد خطة هذه الحكومة لتنفيذ أوامر هدم أخرى. وقد رفع المتظاهرون شعارات تندد بهدم البيوت، وتعلن، باللغتين العبرية والعربية: «نجابه الفاشية ولا نخافها»، و«المساواة التامة للعرب هي الشرط لأن تكون إسرائيل ديمقراطية».
وقد سارت المظاهرة، التي لم تشهد تل أبيب مثلها منذ عشرات السنين، من مفترق شارعي الملك جورج واللنبي، وتوقفت قرب «بيت جابوتنسكي»، ومن ثم انتهت بالقرب من ساحة ديزنغوف. وتحدثت فيها آمال أبو أسعد، أرملة يعقوب أبو القيعان، الذي قتل خلال هدم البيوت في أم الحيران في الشهر الماضي. وقالت آمال: «من المهم لي الوقوف والتحدث أمامكم هنا، ونقل رسالة إلى رئيس الحكومة والوزراء: رغم تحريضكم الأرعن، ورغم العنصرية والتمييز في القوانين، في البنى التحتية والخدمات الحكومية - لن تنجحوا في تقسيمنا. وسنظل نحن أنصار السلام من اليهود والعرب نبحث عما يوحدنا في مواجهة سياستكم».
وتوجهت أبو أسعد إلى المتظاهرين قائلة: «أنتم الموجودون هنا، إثبات على أن اليهود والعرب يمكنهم ويريدون العيش معا، إذا توفرت النية ووجدنا القاسم المشترك». وأضافت أبو أسعد: «انضموا إلي اليوم في مطالبة الحكومة الإسرائيلية، لإقامة لجنة تحقيق الآن - لجنة مستقلة للتحقيق في أحداث إخلاء أم الحيران، حيث قتل هناك زوجي يعقوب أبو القيعان والشرطي إيرز ليفي (رحمهما الله). هذا هو واجبكم إزاء مواطني الدولة، ونحن جميعا نطالب بأجوبة - من أجل الحياة المشتركة والمساواة لكل مواطني الدولة».
وقد شاركت في تنظيم المظاهرة كثير من التنظيمات اليهودية والعربية، إضافة إلى حزب «ميرتس» اليساري الصهيوني، والجبهة الديمقراطية للسلام والمساواة. وحسب بعض المنظمين، فإن نجاحها يؤشر على مرحلة جديدة من النضال اليهودي - العربي. وألقى الخطباء كلماتهم بالعبرية والعربية. وقام المتظاهرون اليهود من اليسار، برفع علم إسرائيل، فيما رفع المتظاهرون العرب علم فلسطين. وتحدثت الطالبتان فاطمة يحيى وبار إيتماري، من المدرسة العربية - اليهودية المشتركة «جسر على الوادي»، وقالتا: «لم نعد ساذجات، نحن نعرف أن السلام لا يزال بعيدا، لكن الخطوة الأولى التي يمكن لكل واحد وواحدة منا عملها، من أجل تحقيق الواقع الذي غنينا له حين كنا أطفالا، هو العيش في جيرة حسنة، تتخللها المساواة والكرامة، ومن دون عنصرية وتحريض ضد أي مجموعة. نحن هنا اليوم لكي نثبت أن هذا ممكن».
وقال رئيس القائمة المشتركة النائب أيمن عودة، خلال المظاهرة: «وصل إلى هنا اليوم، آلاف الناس، اليهود والعرب، من مختلف أنحاء البلاد، لكي يصرخوا ضد الهجوم الحكومي على الجمهور العربي ومن أجل المساواة، من أجل الاعتراف بالقرى العربية غير المعترف بها، ومن أجل المطالبة بتشكيل لجنة تحقيق رسمية لفحص كل الأحداث التي رافقت الإخلاء المتوحش في أم الحيران. هذه صرخة غير عادية. فقد مرت عشرات السنين على آخر مظاهرة يهودية عربية نظمناها هنا في تل أبيب من أجل قضية عربية. وأنا أقول لكم، صحيح أننا نجتمع اليوم لنصرخ ضد هدم البيوت العربية، لكن هذه الصرخة تخدم أهداف كل أنصار السلام، الذين يريدون لشعب هذه البلاد أن يحقنوا دماء أبنائهم، ويقيموا علاقات سلام بين الشعبين، مبنية على الحق والعدالة، وعلى وضع حد للاحتلال الذي يشوه حياة وأخلاق الجميع، وعلى إقامة دولة فلسطينية إلى جانب إسرائيل تعيش معها بسلام. هذه المظاهرة تثبت أن الأمر ممكن وليس مستحيلا».
وقال زميله دوف حنين، النائب اليهودي في «القائمة المشتركة»، إن «الآلاف الذين يتظاهرون هذا المساء في تل أبيب، يطلقون صوت الأمل والعقل، أمام سلطة تختار الكراهية والتحريض. نحن نعرف أن التحريض هو الملاذ الأخير للفاشل، لكننا لن نسمح لنتنياهو بإشعال حريق كبير هنا».
وقالوا في لجنة المتابعة العليا لقضايا الجماهير العربية، إنهم قرروا زيادة التوجه إلى الرأي العام الإسرائيلي والدولي: «في ظل زيادة التصعيد العنصري والهجمات التي يشنها نتنياهو وحكومته على الجمهور العربي وعلى المجال الديمقراطي كله»، حسب ما قاله رجا زعاترة، رئيس اللجنة الفرعية للحفاظ على التواصل مع الجمهور الإسرائيلي.



«هدنة غزة» تقترب وسط جولات مكوكية وحديث عن «تنازلات»

دخان القصف الإسرائيلي فوق بيت ياحون بقطاع غزة الخميس (رويترز)
دخان القصف الإسرائيلي فوق بيت ياحون بقطاع غزة الخميس (رويترز)
TT

«هدنة غزة» تقترب وسط جولات مكوكية وحديث عن «تنازلات»

دخان القصف الإسرائيلي فوق بيت ياحون بقطاع غزة الخميس (رويترز)
دخان القصف الإسرائيلي فوق بيت ياحون بقطاع غزة الخميس (رويترز)

وسط حديث عن «تنازلات» وجولات مكوكية للمسؤولين، يبدو أن إسرائيل وحركة «حماس» قد اقتربتا من إنجاز «هدنة مؤقتة» في قطاع غزة، يتم بموجبها إطلاق سراح عدد من المحتجزين في الجانبين، لا سيما مع تداول إعلام أميركي أنباء عن مواقفة حركة «حماس» على بقاء إسرائيل في غزة «بصورة مؤقتة»، في المراحل الأولى من تنفيذ الاتفاق.

وتباينت آراء خبراء تحدثت إليهم «الشرق الأوسط»، بين من أبدى «تفاؤلاً بإمكانية إنجاز الاتفاق في وقت قريب»، ومن رأى أن هناك عقبات قد تعيد المفاوضات إلى المربع صفر.

ونقلت صحيفة «وول ستريت جورنال» الأميركية، عن وسطاء عرب، قولهم إن «حركة (حماس) رضخت لشرط رئيسي لإسرائيل، وأبلغت الوسطاء لأول مرة أنها ستوافق على اتفاق يسمح للقوات الإسرائيلية بالبقاء في غزة مؤقتاً عندما يتوقف القتال».

وسلمت «حماس» أخيراً قائمة بأسماء المحتجزين، ومن بينهم مواطنون أميركيون، الذين ستفرج عنهم بموجب الصفقة.

وتأتي هذه الأنباء في وقت يجري فيه جيك سوليفان، مستشار الأمن القومي للرئيس الأميركي، محادثات في تل أبيب مع رئيس الوزراء الإسرائيلي بنيامين نتنياهو، الخميس، قبل أن يتوجه إلى مصر وقطر.

ونقلت «رويترز» عن دبلوماسي غربي قوله إن «الاتفاق يتشكل، لكنه على الأرجح سيكون محدود النطاق، ويشمل إطلاق سراح عدد قليل من الرهائن ووقف قصير للأعمال القتالية».

فلسطينيون بين أنقاض المباني المنهارة في مدينة غزة (أ.ف.ب)

في حين أشار القيادي في «حماس» باسم نعيم إلى أن «أي حراك لأي مسؤول أميركي يجب أن يكون هدفه وقف العدوان والوصول إلى صفقة لوقف دائم لإطلاق النار، وهذا يفترض ممارسة ضغط حقيقي على نتنياهو وحكومته للموافقة على ما تم الاتفاق عليه برعاية الوسطاء وبوساطة أميركية».

ومساء الأربعاء، التقى رئيس جهاز المخابرات الإسرائيلي، ديفيد برنياع، مع رئيس الوزراء القطري، الشيخ محمد بن عبد الرحمن آل ثاني، في الدوحة؛ لبحث الاتفاق. بينما قال مكتب وزير الدفاع الإسرائيلي، يسرائيل كاتس، في بيان، إنه «أبلغ وزير الدفاع الأميركي لويد أوستن في اتصال هاتفي، الأربعاء، بأن هناك فرصة للتوصل إلى اتفاق جديد يسمح بعودة جميع الرهائن، بمن فيهم المواطنون الأميركيون».

وحال تم إنجاز الاتفاق ستكون هذه هي المرة الثانية التي تتم فيها هدنة في قطاع غزة منذ بداية الحرب في 7 أكتوبر (تشرين الأول) 2023. وتلعب مصر وقطر والولايات المتحدة دور الوساطة في مفاوضات ماراثونية مستمرة منذ نحو العام، لم تسفر عن اتفاق حتى الآن.

وأبدى خبير الشؤون الإسرائيلية بـ«مركز الأهرام للدراسات السياسية والاستراتيجية» الدكتور سعيد عكاشة «تفاؤلاً حذراً» بشأن الأنباء المتداولة عن قرب عقد الاتفاق. وقال لـ«الشرق الأوسط» إن «التقارير تشير إلى تنازلات قدمتها حركة (حماس) بشأن الاتفاق، لكنها لا توضح نطاق وجود إسرائيل في غزة خلال المراحل الأولى من تنفيذه، حال إقراره».

وأضاف: «هناك الكثير من العقبات التي قد تعترض أي اتفاق، وتعيد المفاوضات إلى المربع صفر».

على الجانب الآخر، بدا أستاذ العلوم السياسية بجامعة القدس السياسي الفلسطيني، الدكتور أيمن الرقب، «متفائلاً بقرب إنجاز الاتفاق». وقال لـ«الشرق الأوسط» إن «هناك حراكاً أميركياً لإتمام الصفقة، كما أن التقارير الإسرائيلية تتحدث عن أن الاتفاق ينتظر الضوء الأخضر من جانب تل أبيب و(حماس) لتنفيذه».

وأضاف: «تم إنضاج الاتفاق، ومن المتوقع إقرار هدنة لمدة 60 يوماً يتم خلالها الإفراج عن 30 محتجزاً لدى (حماس)»، مشيراً إلى أنه «رغم ذلك لا تزال هناك نقطة خلاف رئيسية بشأن إصرار إسرائيل على البقاء في محور فيلادلفيا، الأمر الذي ترفضه مصر».

وأشار الرقب إلى أن «النسخة التي يجري التفاوض بشأنها حالياً تعتمد على المقترح المصري، حيث لعبت القاهرة دوراً كبيراً في صياغة مقترح يبدو أنه لاقى قبولاً لدى (حماس) وإسرائيل»، وقال: «عملت مصر على مدار شهور لصياغة رؤية بشأن وقف إطلاق النار مؤقتاً في غزة، والمصالحة الفلسطينية وسيناريوهات اليوم التالي».

ويدفع الرئيس الأميركي جو بايدن والرئيس الأميركي المنتخب دونالد ترمب، من أجل «هدنة في غزة»، وكان ترمب طالب حركة «حماس»، في وقت سابق، بإطلاق سراح المحتجزين في غزة قبل توليه منصبه خلفاً لبايدن في 20 يناير (كانون الثاني) المقبل، وإلا فـ«الثمن سيكون باهظاً».