تأرجح أسبوع الـ«هوت كوتير» في باريس لربيع وصيف 2017 بين المبتكر المنفذ بحرفية عالية والتجاري المغلف باحترافية. بعض العروض جعلتنا نحلم، بينما ذكرتنا أخرى كيف تغير الأسبوع الذي كان في يوم من الأيام قاصرا على النخبة، ومنبرا يستعرض فيه المصمم قدراته وخصوبة خياله، إلى أسبوع يدعي فيه الديمقراطية، ويحاول فيه المصمم البقاء في الساحة بأي ثمن. ما أكده الأسبوع الأخير أن بيوت الأزياء العريقة في مجال «الكوتير» مثل «ديور»، و«شانيل»، و«فالنتينو»، غير محتاجة إلى بذل جهود كبيرة لإقناعنا بأهمية وجمال اقتراحاتها، فهي تتمتع بحرفيين متمرسين ينضوون تحت أجنحتها ويتعاملون مع المهنة بحب وفخر، على العكس ممن لا يمتلكون الإمكانيات الكبيرة نفسها، ومضطرون للبحث على ورشات متخصصة يتعاملون معها لتنفيذ فستان قد يتعدى سعره المائة ألف دولار بسهولة. هؤلاء قدموا أزياء تحاكي الـ«هوت كوتير»، ويقتصر فيها الترف على الأقمشة والتطريز. المشكلة في عروض هذا الموسم أنها افتقرت في السنوات الأخيرة إلى جموح الابتكار وجرأة الاختبار، وهو ما كان يدخل في صميم شخصيتها. فقد كانت في زمن الكبار مختبرا لأفكار قد يراها البعض فانتازية أو سريالية، لكن يتم تطويعها فيما بعد في الأزياء الجاهزة. لم يكن الهدف الأساسي من الـ«هوت كوتير» الربح التجاري بقدر ما كان منح الدار والمصمم على حد سواء «بريستيج» يترجم في مبيعات الأزياء الجاهزة والإكسسوارات والعطور ومستحضرات التجميل فيما بعد. وهذا تحديدا ما كان يعطي أي قطعة تحمل توقيع «هوت كوتير» خصوصيتها وتفردها ويجعلها تحاكي التحف الفنية. لا ننكر أن الأسبوع شهد عروضا مبهرة، لكن نعود ونقول إنه بعيدا عن الديكورات الضخمة التي تنافس الأزياء وأصبحت لصيقة ببعض بيوت الأزياء الكبيرة، تبقى الأزياء أهم ما في الأسبوع، علما بأن هذه الأزياء يجب أن تختزل كل معاني الترف والفخامة في كل غرزة وكل طية. فالديمقراطية هنا لا تنفع حتى وإن كنا في عصر «الإنستغرام». فامرأة مستعدة لدفع مئات الآلاف الدولارات لقاء قطعة فريدة لا شك ترفض رفضا باتا أن يراها الجميع على وسائل التواصل الاجتماعي قبل أن تصل إليها، وربما هذا ما جعل بيوت أزياء مثل «فرساتشي» تختار عدم تنظيم عرض أزياء كبير كعادتها، مفضلة عرضا مصغرا استعرضت فيه فساتين لا تتعدى العشرين تصميما، قالت إنها سترحل بها إلى زبوناتها أينما كن عوض استعراضها أمام العالم. ما تبينته الدار أن زبونة الـ«هوت كوتير» لا تريد أن تشتري فستانا استهلك على شبكات التواصل الاجتماعي أو ظهرت به نجمة قبلها حتى وإن كانت من الصف الأول. هذه الزبونة تعرف أن لها سطوة، وأن كلمتها مسموعة، وبالتالي تطمع أن تحصل على تحفة مفصلة على مقاسها، والأهم من هذا لا سبيل لغيرها إليها. هذه الفلسفة أصبحت مهمة الآن أكثر من أي وقت مضى بالنظر إلى أن مفهوم الترف تغير وأصبح مشاعا لكل من لها الإمكانيات المالية، بغض النظر إن كانت تتذوق هذا الترف وتُقدره، أم فقط تستعمله للتباهي ووسيلة للانخراط في ناد لم تكن تدخله في الماضي سوى قلة من الأرستقراطيات والنخبويات.
ما تستخلصه أيضا من الأسبوع أنه ممزق بين الماضي الجميل والحاضر المضطرب، ما جعله يعاني من ازدواجية أقرب إلى الانفصام. فقد روض معظم المصممين جموحهم وتبنوا أسلوبا أرادوا منه التذكير بالزمن الجميل عندما كانت الأزياء الرفيعة تقدم في صالونات حميمة، لكنهم لم يستطيعوا أن يديروا ظهورهم لوسائل التواصل الاجتماعي تماما. صحيح أنهم خففوا منها بتقليص عدد المدونات وفتيات «الإنستغرام» اللواتي كن يحتللن المقاعد الأمامية على حساب محررات الموضة في المؤسسات التقليدية في المواسم الماضية، إلا أنهم لم يستطيعوا إلغاءها تماما. فالعملية اقتصرت على نوع من الغربلة، حفاظا على خصوصية العروض والزبونات اللواتي يحضرن العروض للشراء، وهو ما انعكس أيضا على الديكورات التي استعملت لتعكس جمال الأزياء لا أن تسرق الأضواء منها.
«شانيل» مثلا قدمت عرضها لربيع وصيف 2017 كالعادة في «لوغران باليه» الذي توسطته مرايا دائرية ممتدة من منصة العرض إلى أعلى، قالت الدار إنها استلهمته من مرايا توجد في مشغلها الواقع بشارع «غامبون» ومطبوعة بالآرت ديكو، فيما ظهرت على الجوانب مزهريات تحتضن باقات من السوسن الأبيض. غني عن القول إن هذه المرايا وانعكاسات الضوء عليها كانت خلفية رائعة للأزياء التي غلبت عليها ألوان فاتحة وهادئة مع زخات ماسية تخللت ثنايا كثير من التصاميم.
كعادته أكد كارل لاغرفيلد أنه ساحر يتمتع بقدرات تأثير هائلة بغض النظر عما يقدمه. استهل العرض بمجموعة من التايورات بخصور عالية زادتها الأحزمة التي تجلس تحت الصدر مباشرة وضوحا. لم تكن أجمل ما في العرض، بل يمكن القول إنها كانت صارمة إلى حد ما بأحجامها وسماكة أقمشتها، ولم تنجح الألوان ذات الدرجات الهادئة التي تتباين بين الأخضر والوردي والمشمشي والليلكي والأصفر، ولا الأحزمة في التخفيف من صرامتها. ما يشفع لها أنها مفصلة بأسلوب لا يُعلى عليه من شأنه أن يروق لسيدة أعمال أو شابة تريد أن تفرض وجودها وتعانق تضاريس جسدها. لحسن الحظ سرعان ما أتبعها بمجموعة تتميز بخطوط مستقيمة تتفرع وتتسع من أسفل فيما شرحت الدار بأنه مستوحى من شكل الملعقة، أو بالأحرى من تحفة فنية نحتها الفنان السويسري الأصل ألبرتو جياكوميتي في العشرينات من القرن الماضي تُعرف في الأوساط الفنية بـ«المرأة الملعقة» (Spoon Woman).. كارل لاغرفيلد ترجم هذا الشكل من خلال التفصيل المستقيم من الأكتاف إلى الركبة أو أسفلها، حيث يتسع التصميم إما نافشا ريشا وإما بكشاكش متفتحة. وإذا بدا هذا الشكل جديدا وغريبا للوهلة الأولى في القطع الموجهة للنهار، فإنه أخذ بُعدا أكثر أناقة وتفردا في أزياء المساء والسهرة. فهو على الأقل جديد، وهو ما يعتبر عز الطلب في هذا الموسم بالذات. لكن إذا كانت النية التمويه على تضاريس الجسم وإعطاء الانطباع بالرشاقة فإن العملية تحتاج إلى بعض التدبير والتنسيق، وربما هذا ما جعل الحزام جزءا لا يتجزأ في هذه التشكيلة. فالمصمم هذه المرة لم يحتفل بالنحافة كعادته وعانق الأنوثة بكل تناقضاتها، وهو ما يمكن اعتباره مُنعشا بالنسبة لمصمم لم يخف يوما ميله إلى المرأة النحيفة. لمناسبات السهرة والمساء قدم فساتين تخاطب كل الأذواق والأجيال مثل فستان أسود على شكل معطف طويل بياقة عالية ظهرت به العارضة جيجي حديد، وآخر يتميز بخصر عال وكشاكش من الريش من أسفل ظهرت به العارضة كيندل جينر. ويبدو أن الريش كان ملحا على المصمم لأنه اكتسب قوة غير مسبوقة في هذه التشكيلة، حيث ظهر إما في أكمام وإما حواشي مجموعة لا بأس بها من التصاميم. من ناحية الألوان فإن الدرجات الهادئة غلبت حتى على فساتين السهرة، من اللون الأبيض إلى الوردي، فيما أضفى اللون الماسي كثيرا من البريق عليها.
الحديث عن البريق يجعل اسم إيلي صعب أول ما يقفز إلى الذهن، لأنه عاد إليه في هذه التشكيلة من خلال التطريز السخي. على غير عادته، لم يكن الهدف الأول لإيلي صعب أن يبيع لنا حلما بقدر ما كان إحياء ذكرى أيقظت كثيرا من الحنين إلى ماضينا الجميل. كانت مصر ملهمته، حيث غرف من نيلها زرقة وصفاء ألوانه، ومن سينما الأبيض والأسود كلاسيكية كل قطعة تعانق الجسم بأنوثة لا تخطئها العين، ومن جمال ورقي نجمات الخمسينات والستينات أناقة التشكيلة ككل. كان العرض لقاء حميما بفاتن حمامة وهند رستم وتحية كاريوكا وسامية جمال وغيرهن. وحسب تصريح إيلي صعب فقد «كان الكل أنيقا في مصر أيام عزها، عندما كانت تُعرف بهوليوود الشرق». ورغم أن التركيز كان على الماضي القريب، كانت هناك أيضا ومضات تستحضر حضارة الفراعنة، مثل عين واقية من الحسد باللون الأزرق مطرزة على تنورة مستديرة في فستان طويل وغيرها. القول إن إيلي صعب استخدم البريق والتطريز بجرعات خفيفة وموزونة لن يكون صحيحا، لأنه أظهر كرما في استعمال الخرز والترتر والأحجار غاب من عروضه لعدة مواسم. ومع ذلك لم يُسبب هذا الكم زغللة أو تخمة بل العكس تماما، فكل فستان كان يمر من أمامك يُنسيك ما سبقه لتكتشفي كم أنت عطشانة لماء النيل والعوم في زرقته. هذا لا يعني أن الأزرق، بدرجاته المتباينة بين السماوي الهادئ والداكن، كان اللون الوحيد أو الأقوى، لكنه أكثر ما يعلق بالبال، بل كان هناك تعادل بينه وبين ألوان أخرى مثل الذهبي والبيج المتلون بدرجات متنوعة، فيما كان القاسم المشترك بينها جميعا بريق الماس والترتر والأحجار، ما جعل العرض مثيرا بالنسبة للضيوف العرب تحديدا، ليس توزيع الموسيقى الذي جمع الغربي بالعربي فحسب، بل كونها ثاني مرة يستقي فيها المصمم من الجغرافيا العربية. المرة الأولى كانت تشكيلة «شمس بيروت» التي اعتمد فيها لونا واحدا، هو الذهبي، وحينها لم يتصور أحد أن ينجح في إعطاء لون واحد عدة شخصيات من دون أن يصيب بالملل، وهو ما تكرر في هذه التشكيلة التي أغرقها بالتطريز ومع ذلك اكتسبت توازنا عجيبا. تجنب المصمم الغرف من الثقافة العربية إلى حد الآن، ربما يعود إلى خوفه من النمطية كما قد يكون خوفا من الوقوع في مطب الكليشيهات والفولكلور. تشكيلته لربيع وصيف 2017 أكدت أنه لا خطر عليه من هذا الأمر، فالتطريز كان عصريا كذلك الدمج بين الألوان، لتكون النتيجة فساتين تقطر برومانسية تعشقها زبونته، ولا شك ستشكره عليها وهي تتخايل بها هذا الصيف.
في المقابل قدم جون بول غوتييه تشكيلة تفتقر إلى بريق الترتر والخرز، واكتفى فيها بالتفصيل الذي يُتقنه. فمنذ أن اعتزل تصميم الأزياء الجاهزة وتفرغ لـ«هوت كوتور» وشقي الموضة الفرنسية كما يحلو لصناع الموضة تسميته، يعطي الانطباع بأنه لا يأخذها بجدية. فنجاح عطوره ومبيعاتها تكفي لاستمراره وتغذية رغبته في إبداع قطع تُعبر عن فلسفته قبل أن تستجدي رضا الأسواق العالمية. الأزياء التي قدمها في الأسبوع الماضي أكدت أنه لا يزال في جعبته كثير، من الناحية التقنية على الأقل، أما اللهو والمرح فما هما إلا لغة مسرحية وبهارات تخفي بين طياتها الكثير من الحرفية والقدرة على التفصيل سواء في تايورات «توكسيدو» أو في فساتين منسدلة تستحضر أميرات الأساطير. القصة التي نسجها المصمم هذه المرة جرت أحداثها في الحقول والمزارع بطلتها فتاة قروية تعيش حياتها بالطول والعرض غير مبالية بأي تفاصيل من شأنها تقييد حريتها، على كل المستويات. لم يقدم المصمم جديدا لم نره من قبل في عروضه، لكنه على الأقل ظل وفيا لأسلوبه، وهذا ما جعل الإخراج المسرحي مهما بالنسبة له للتمويه على المألوف الذي يعتبر مضادا للموضة. الطريف أننا بتنا نعرف مسبقا أنه لن يقدم تصاميم ثورية، كما بتنا نتوقع السيناريو نفسه الذي هو عبارة عن موسيقي يعزف على المنصة أو راقصة تتلوى بفستان فني، ثم ظهور جون بول غوتييه وهو يجري على طولها بعد انتهاء العرض مثل الطفل الذي نجح في الامتحان، ومع ذلك يبقى دائما من العروض التي يتحمس لها الجميع ويترقبونها، لأنها دائما ممتعة تُشعرك بأنك جزء من المسرحية ولست مجرد متابع لها من بعيد. تُشعرك أيضا بالتعاطف مع مصمم يسبح ضد التيار في زمن لم يعد هو الزمن الذي تعود عليه، فيما يمكن اعتباره شجاعة وتمردا على الحال التي آلت إليها الموضة، أو إيمانا بأسلوبه واحتفالا بحريته بعيدا عن إملاءات الأسواق.
وإذا كان جون بول غوتييه ركز على فساتين وتايورات مفصلة تناسب واقع امرأة عملية في حال تعاملت معها بحنكة وذوق، فإن الثنائي الهولندي «فكتور آند رولف» قدما تشكيلة تحمل رسالة نبيلة تمحورت على حماية البيئة والتمرد على الموضة السريعة. ترجما هذه الرسالة باستعمالهما أقمشة مستعملة أعادا تدويرها وتوظيفها بذوق في فساتين تعبق بإيحاءات من الثمانينات، كما تستحضر عهد ماري أنطوانيت وحفلات البلاطات الفخمة بكشاكشها واستدارتها.
التلاعب بالأقمشة المستعملة ليست فكرة جديدة، فقد سبقهما إليها مارتن مارجيلا في الثمانينات، وكانت حينها ردة فعل على الفخامة والبذخ اللذين شهدتهما الموضة في تلك الحقبة، لكن ما يُحسب للثنائي فكتور هورستينغ ورولف سنورين أنهما صبا فيها كثيرا من الحداثة والحيوية، رغم نكهتها السكرية في بعض الحالات. بعد العرض شرح المصممان أن هدفهما لم يكن تقديم أزياء رائعة الجمال ودقيقة التفاصيل لا تخلو من أخطاء، بل العكس تماما، فمن الفوضى يولد الجمال أحيانا، لهذا تعمدا أن تبدو بعض الأجزاء ممزقة أو مرقعة بتقنية الباتشوورك، التي كان من الصعب تصورها في موسم يقوم على الفخامة أولا وأخيرا. ورغم أن الثنائي الهولندي لا يهتم عادة بالجمال بقدر ما يهتم بالفنية التي تخلق حوارا فلسفيا وفكريا، فإنهما هذه المرة لم يستطيعا تجنب العنصر الجمالي الذي تسلل إلى كثير من الفساتين لا سيما ذات التنورات المستديرة.
رغم كم الإبداع الذي تابعناه في أسبوع لربيع وصيف 2017، فإن أكثر من عبر عن روحه واختزلها هو الإيطالي بيير باولو بيكيولي، مصمم «فالنتينو»، باقتباسه من مسرحية «العاصفة» لشكسبير مقولة الساحر بروسبيرو «إنها من الأمور المغزولة بالأحلام» التي أسقطها على الـ«هوت كوتير»، ليؤكد لنا أننا في موسم بيع الحلم. واعترف بيكيولي أنه لم يكتف بشكسبير واقتبس أيضا من فلوبير مقولته بأن «الهدف من الفن هو صنع الأحلام»، وما قدمه في اليوم الأخير من الأسبوع كان فنا بكل المقاييس. غني عن القول إن قلة تتحقق أحلامها، في حين تبقى أزياء هذا الموسم بالنسبة للغالبية منا مجرد أحلام تدغدغ الخيال من بعيد. كانت هذه أول تشكيلة «هوت كوتير» يقدمها المصمم لـ«فالنتينو» بشكل منفرد، بعد مغادرة نصفه الثاني في العمل ماريا غراتزيا تشيوري الدار، لتكون أول مصممة تدخل «ديور» منذ تأسيسها. هي الأخرى قدمت تشكيلة حالمة استوحتها من غابة مسحورة تسكنها الجنيات، واستغلت فيها كل إمكانيات «ديور» لتعبر عن حلمها من خلال أزياء عصرية ترقص على نغمات رومانسية. لكن الفرق بينهما شاسع، فماريا غراتزيا في أول الطريق ويلزمها بعض الوقت لتتشرب تاريخ وعراقة الدار وتُتقن لغتها الفرنسية، وهو ما يختلف بالنسبة لبيكيولي. فهو لم ينسلخ عن المحيط الذي يعرفه جيدا، وبالتالي كان من السهل عليه أن يقف شامخا على قدميه ولوحده، حسبما أكدته تشكيلة تقمص فيها دور نحات تارة ودور شاعر أو بائع أحلام تارة أخرى. كل ما فيها ضج بالحرفية والتعقيد المبسط، وعدم الارتباط بفترة زمنية، رغم أن أساطير اليونان كانت حاضرة فيها.
فقد أطلق على كل قطعة اسم شخصية من هذه الأساطير مثل إيروس، وإيكارو، وأبولو، أثينا وهلم جرا. فستان أثينا مثلا جاء على شكل معطف طويل من الكشمير باللون العاجي تخللته تطريزات خفيفة، بينما استعمل في فستان أبولو، إله الشمس، تقنية على شكل ضفائر مجدولة من الموسلين والتول دمج فيها ما لا يقل عن 15 درجة من اللون الأصفر. أما اللغة الشاعرية التي استعملها فتجسدت في خطوط منسدلة من الأكتاف إلى القدمين، أغلبها بألوان فاتحة وهادئة تصدمك ببساطتها الراقية، فيما جاء بعضها الآخر مطرزا بدقة وكأنه حديقة أزهار متفتحة بفضل تقنية الماكارمي التي تطلبت قرابة ألفي غرزة تقريبا.
وكأنه خاف على كل هذا الجهد من التلف وتعمد تغطيته بالتول الذي لعب دور ستارة خفيفة زادت القطعة جمالا. البليسيهات أيضا كانت قوية في بعض الاقتراحات وكانت تتحرك بحرية، لكن من دون أن تخرج عن الخط المرسوم لها.
لا شك أن هذا العرض بالذات كان مهما بالنسبة لبيير باولو بيكيولي، تماما مثل ما كان لماريا غراتزيا تشيوري. فكل الأعين كانت منصبة عليهما نظرا لشعبيتهما كشريكين عملا في «فالنتينو» لنحو 25 عاما، ونجحا أن يكونا خير خلف للمؤسس غارافاني فالنتينو الذي حضر العرض، وكان مثل كل الضيوف مشدوها. بينما قدمت تشيوري تشكيلة حالمة أقدامها في الأرض، وقدم بيكيولي تشكيلة حالمة تحلق في السماء بقوتها، وكانت كل ما نحتاجه لكي نتأكد من قوة الـ«هوت كوتير»، وأهميتها في الحاضر والمستقبل.
أسبوع باريس لـ«هوت كوتور»... ربيع وصيف 2017 يحن إلى حميمية أيام زمان
المصممون يتخبطون بين غزل الأحلام ونسج خيوط تربط الماضي بالمستقبل
أسبوع باريس لـ«هوت كوتور»... ربيع وصيف 2017 يحن إلى حميمية أيام زمان
لم تشترك بعد
انشئ حساباً خاصاً بك لتحصل على أخبار مخصصة لك ولتتمتع بخاصية حفظ المقالات وتتلقى نشراتنا البريدية المتنوعة