«اليونيسيف» تعلن وفاة 63 ألف طفل في اليمن العام الماضي لسوء التغذية

تركزت حالات الأزمة في صعدة والحديدة وتعز

إيمانويل فونتين مدير مكتب الحالات الطارئة في اليونيسيف يعرض برنامج المكتب للإغاثة الانسانية لعام 2017 أمس (إ.ب.أ)
إيمانويل فونتين مدير مكتب الحالات الطارئة في اليونيسيف يعرض برنامج المكتب للإغاثة الانسانية لعام 2017 أمس (إ.ب.أ)
TT

«اليونيسيف» تعلن وفاة 63 ألف طفل في اليمن العام الماضي لسوء التغذية

إيمانويل فونتين مدير مكتب الحالات الطارئة في اليونيسيف يعرض برنامج المكتب للإغاثة الانسانية لعام 2017 أمس (إ.ب.أ)
إيمانويل فونتين مدير مكتب الحالات الطارئة في اليونيسيف يعرض برنامج المكتب للإغاثة الانسانية لعام 2017 أمس (إ.ب.أ)

قالت منظمة الأمم المتحدة للطفولة (اليونيسيف) أمس الثلاثاء إن اليمن فقد مكاسب حققها على مدار عشر سنوات في مجال الصحة العامة نتيجة للحرب والأزمة الاقتصادية، وإن ما يصل إلى 63 ألف طفل ماتوا العام الماضي جراء أسباب كان يمكن منعها لها صلة بسوء التغذية.
وأضافت أن قرابة 3.3 مليون شخص بينهم 2.2 مليون طفل في أنحاء اليمن يعانون سوء تغذية حادا. ويشمل ذلك العدد نحو نصف مليون طفل دون سن الخامسة يعانون سوء التغذية الحاد الشديد.
ويترك أشد حالات سوء التغذية الأطفال الصغار عرضة للإسهال والملاريا والتهابات الجهاز التنفسي، وهي أمراض تهدد الحياة لكن يمكن منعها.
وقالت ميريتكسيل ريلانو ممثلة «اليونيسيف» في اليمن لـ«رويترز» في جنيف: «ما يقلقنا هو سوء التغذية الحاد الشديد لأنه يقتل الأطفال».
وأضافت: «عدنا عشر سنوات إلى الوراء بسبب النظام الصحي المتداعي والصراع والأزمة الاقتصادية. فقدت مكاسب صحية تحققت على مدار عشر سنوات» مع وفاة 63 من كل ألف طفل دون سن الخامسة مقارنة مع 53 في 2014.
وقالت ريلانو إن معدل سوء التغذية الحاد الشديد «ارتفع لثلاثة أمثال» بين 2014 و2016 إلى 460 ألف طفل.
وأضافت: «معدل الوفيات دون الخامسة زاد لدرجة أننا نقدر أن ما لا يقل عن عشرة آلاف طفل آخرين توفوا في 2016 نتيجة أمراض يمكن منعها».
وأضافت ريلانو أن الأطفال والحوامل والمرضعات هم الأكثر تضررا من أزمة سوء التغذية في محافظة صعدة في شمال اليمن، وفي منطقة الحديدة الساحلية وفي تعز في الجنوب.
وتابعت أن فرق «اليونيسيف» المتنقلة تستهدف فحص مزيد من الأطفال والوصول إلى 323 ألف طفل يعانون سوء تغذية الحاد هذا العام، ارتفاعا من 237 ألفًا العام الماضي»، مضيفة أن الوكالات المشاركة ستستهدف البقية.
وتسعى «اليونيسيف» لجمع 236.5 مليون دولار لليمن هذا العام في إطار مناشدتها الإجمالية لجمع 3.3 مليار لمساعدة النساء والأطفال في 48 دولة.



أوضاع متردية يعيشها الطلبة في معاقل الحوثيين

طلبة يمنيون في مناطق سيطرة الحوثيين يتعرضون للشمس والبرد والمطر (الأمم المتحدة)
طلبة يمنيون في مناطق سيطرة الحوثيين يتعرضون للشمس والبرد والمطر (الأمم المتحدة)
TT

أوضاع متردية يعيشها الطلبة في معاقل الحوثيين

طلبة يمنيون في مناطق سيطرة الحوثيين يتعرضون للشمس والبرد والمطر (الأمم المتحدة)
طلبة يمنيون في مناطق سيطرة الحوثيين يتعرضون للشمس والبرد والمطر (الأمم المتحدة)

قدَّم تقرير أممي حديث عن أوضاع التعليم في مديرية رازح اليمنية التابعة لمحافظة صعدة؛ حيثُ المعقل الرئيسي للحوثيين شمالي اليمن، صورة بائسة حول الوضع الذي يعيش فيه مئات من الطلاب وهم يقاومون من أجل الاستمرار في التعليم، من دون مبانٍ ولا تجهيزات مدرسية، بينما يستخدم الحوثيون كل عائدات الدولة لخدمة قادتهم ومقاتليهم.

ففي أعماق الجبال المرتفعة في المديرية، لا يزال الأطفال في المجتمعات الصغيرة يواجهون التأثير طويل الأمد للصراعات المتكررة في المحافظة، والتي بدأت منتصف عام 2004 بإعلان الحوثيين التمرد على السلطة المركزية؛ إذ استمر حتى عام 2010، ومن بعده فجَّروا الحرب الأخيرة التي لا تزال قائمة حتى الآن.

الطلاب اليمنيون يساعدون أسرهم في المزارع وجلب المياه من بعيد (الأمم المتحدة)

وفي المنطقة التي لا يمكن الوصول إليها إلا من خلال رحلة برية تستغرق ما يقرب من 7 ساعات من مدينة صعدة (مركز المحافظة)، تظل عمليات تسليم المساعدات والوصول إلى الخدمات الأساسية محدودة، وفقاً لتقرير حديث وزعته منظمة الأمم المتحدة للطفولة (يونيسيف)؛ إذ بينت المنظمة فيه كيف يتحمل الأطفال بشكل خاص وطأة الفرص التعليمية المحدودة، والمرافق المدرسية المدمرة.

مدرسة من دون سقف

وأورد التقرير الأممي مدرسة «الهادي» في رازح باعتبارها «مثالاً صارخاً» لتلك الأوضاع، والتي لا تزال تخدم مئات الطلاب على الرغم من الدمار الذي تعرضت له أثناء المواجهات بين القوات الحكومية والحوثيين، أثناء التمرد على السلطة المركزية؛ حيث تُركت هياكل خرسانية من دون سقف أو جدران.

ويؤكد مدير المدرسة -وفق تقرير «اليونيسيف»- أنها منذ أن أصيبت ظلت على هذه الحال، من ذلك الوقت وحتى الآن. ويقول إنهم كانوا يأملون أن يتم بناء هذه المدرسة من أجل مستقبل أفضل للطلاب، ولكن دون جدوى؛ مشيراً إلى أن بعض الطلاب تركوا الدراسة أو توقفوا عن التعليم تماماً.

مدرسة دُمّرت قبل 15 سنة أثناء تمرد الحوثيين على السلطة المركزية (الأمم المتحدة)

ويجلس الطلاب على أرضيات خرسانية من دون طاولات أو كراسي أو حتى سبورة، ويؤدون الامتحانات على الأرض التي غالباً ما تكون مبللة بالمطر. كما تتدلى الأعمدة المكسورة والأسلاك المكشوفة على الهيكل الهش، مما يثير مخاوف من الانهيار.

وينقل التقرير عن أحد الطلاب في الصف الثامن قوله إنهم معرضون للشمس والبرد والمطر، والأوساخ والحجارة في كل مكان.

ويشرح الطالب كيف أنه عندما تسقط الأمطار الغزيرة يتوقفون عن الدراسة. ويذكر أن والديه يشعران بالقلق عليه حتى يعود إلى المنزل، خشية سقوط أحد الأعمدة في المدرسة.

ويقع هذا التجمع السكاني في منطقة جبلية في حي مركز مديرية رازح أقصى غربي محافظة صعدة، ولديه مصادر محدودة لكسب الرزق؛ حيث تعمل أغلب الأسر القريبة من المدرسة في الزراعة أو الرعي. والأطفال -بمن فيهم الطلاب- يشاركون عائلاتهم العمل، أو يقضون ساعات في جلب المياه من بعيد، بسبب نقص مصادر المياه الآمنة والمستدامة القريبة، وهو ما يشكل عبئاً إضافياً على الطلاب.

تأثير عميق

حسب التقرير الأممي، فإنه على الرغم من التحديات والمخاوف المتعلقة بالسلامة، يأتي نحو 500 طالب إلى المدرسة كل يوم، ويحافظون على رغبتهم القوية في الدراسة، في حين حاول الآباء وأفراد المجتمع تحسين ظروف المدرسة، بإضافة كتل خرسانية في أحد الفصول الدراسية، ومع ذلك، فإن الدمار هائل لدرجة أن هناك حاجة إلى دعم أكثر شمولاً، لتجديد بيئة التعلم وإنشاء مساحة مواتية وآمنة.

واحد من كل 4 أطفال يمنيين في سن التعليم خارج المدرسة (الأمم المتحدة)

ويشير تقرير «يونيسيف»، إلى أن للصراع وانهيار أنظمة التعليم تأثيراً عميقاً على بيئة التعلم للأطفال في اليمن؛ حيث تضررت 2426 مدرسة جزئياً أو كلياً، أو لم تعد تعمل، مع وجود واحد من كل أربعة طلاب في سن التعليم لا يذهبون إلى المدرسة، كما يضطر الذين يستطيعون الذهاب للمدرسة إلى التعامل مع المرافق غير المجهزة والمعلمين المثقلين بالأعباء، والذين غالباً لا يتلقون رواتبهم بشكل منتظم.

وتدعم المنظمة الأممية إعادة تأهيل وبناء 891 مدرسة في مختلف أنحاء اليمن، كما تقدم حوافز لأكثر من 39 ألف معلم لمواصلة تقديم التعليم الجيد، ونبهت إلى أنه من أجل ترميم أو بناء بيئة مدرسية أكثر أماناً للأطفال، هناك حاجة إلى مزيد من الموارد.