ملفات قبرص والعراق وسوريا تتصدر مباحثات إردوغان وماي

مفهوم جديد ومختلف للتعاون مع التحالف الدولي في الحرب على «داعش»

رئيسة وزراء بريطانيا تريزا ماي والرئيس التركي رجب طيب إردوغان في القصر الرئاسي بأنقرة أمس (أ.ف.ب)
رئيسة وزراء بريطانيا تريزا ماي والرئيس التركي رجب طيب إردوغان في القصر الرئاسي بأنقرة أمس (أ.ف.ب)
TT

ملفات قبرص والعراق وسوريا تتصدر مباحثات إردوغان وماي

رئيسة وزراء بريطانيا تريزا ماي والرئيس التركي رجب طيب إردوغان في القصر الرئاسي بأنقرة أمس (أ.ف.ب)
رئيسة وزراء بريطانيا تريزا ماي والرئيس التركي رجب طيب إردوغان في القصر الرئاسي بأنقرة أمس (أ.ف.ب)

احتلت التطورات في كل من سوريا والعراق والقضية القبرصية حيزًا مهمًا من مباحثات رئيسة الوزراء البريطانية تيريزا ماي في أنقرة أمس مع الرئيس التركي رجب طيب إردوغان ونظيرها رئيس الوزراء التركي بن على يلدريم، إلى جانب التركيز على العلاقات بين البلدين ولا سيما في مجال التجارة، حيث اتفق على تشكيل مجموعة عمل مشتركة لتحفيز العلاقات ورفع حجم التبادل التجاري بعد خروج بريطانيا من الاتحاد الأوروبي.
واستهلت ماي زيارتها لتركيا التي جاءت مباشرة بعد زيارة واشنطن، حيث كانت هي الأولى بين القادة الأجانب التي تلتقي الرئيس الأميركي الجديد دونالد ترمب، بلقاء الرئيس التركي رجب طيب إردوغان بالقصر الرئاسي في أنقرة، بعد أن بدأت زيارتها بالخطوة الأولى المعتادة في برتوكول الزيارات الرسمية لزعماء الدول لتركيا وهي وضع إكليل من الزهور على قبر مؤسس الجمهورية التركية مصطفى كمال أتاتورك.
وعقب مباحثاتهما قال إردوغان في تصريحات مشتركة أدلى بها مع ماي للصحافيين بالقصر الرئاسي إنه بحث مع ماي التطورات في القضية القبرصية والوضع في سوريا في ضوء اجتماعات آستانة التي عقدت الأسبوع الماضي في العاصمة الكازاخية بين أطراف النزاع في سوريا وكذلك الوضع في العراق.
وأضاف إردوغان أن ملفي سوريا والعراق هما من أهم الملفات في العلاقات بين تركيا وبريطانيا، ونريد أن نعمل عليهما في إطار مفهوم جديد ومختلف للتعاون بين تركيا ودول التحالف الدولي للحرب على «داعش» في المرحلة المقبلة.
من جانبها أبدت ماي، التي زارت تركيا للمرة الأولى منذ توليها رئاسة وزراء بريطانيا، اعتزازها بالموقف الذي أبدته بلادها من محاولة الانقلاب العسكري الفاشلة في تركيا منتصف يوليو (تموز) الماضي، والوقوف إلى جانب تركيا خلال هذا المحاولة.
وطالبت ماي بالعمل على تعزيز الديمقراطية والحفاظ على دولة القانون عقب فشل هذه المحاولة، قائلة: «الآن، من المهم أن تعزز تركيا ديمقراطيتها عبر الحفاظ على دولة القانون واحترام التزاماتها الدولية على صعيد حقوق الإنسان بناء على التزام الحكومة».
وأثارت حملة تطهير واسعة النطاق شملت حبس نحو 42 ألفًا وفصل أو وقف أكثر من 100 ألف شخص عن العمل، وإعلان حالة الطوارئ، وتعطيل العمل بالاتفاقية الأوروبية لحقوق الإنسان عقب الانقلاب الفاشل، انتقادات واسعة وقلقًا من جانب حلفاء تركيا الغربيين، فيما تؤكد أنقرة أن جميع الإجراءات التي تتخذها تهدف إلى تلافي خطر وقوع محاولات انقلاب أخرى. وأشارت ماي إلى أنه تم الاتفاق خلال المباحثات مع الرئيس التركي على تشكيل مجموعة عمل مشتركة لتمهيد الطريق لمبادلاتنا التجارية ما بعد «بريكست» (الخروج من الاتحاد الأوروبي). ومن جانبه، عبر إردوغان عن أمله في تعزيز حجم التجارة السنوي بين بلاده وبريطانيا ليصل إلى ما قيمته 20 مليار دولار، مقارنة مع نحو 15.6 مليار دولار حاليًا ولفت إلى أنهما ناقشا أيضًا الخطوات اللازمة لدعم التعاون في قطاع الصناعات الدفاعية. وكانت ماي تعهدت بأن تفعل قبل نهاية مارس (آذار) المقبل المادة 50 في معاهدة لشبونة، التي تتيح بدء مفاوضات خروج بريطانيا من الاتحاد الأوروبي، وترغب في أن تبرم بريطانيا اتفاقاتها التجارية، بعد إنهاء إجراءات الانفصال مع بروكسل.
وقبيل وصول ماي إلى أنقرة، أعلنت متحدثة باسمها أن الزيارة سيطغى عليها تعزيز التعاون في شؤون الأمن، إضافة إلى تحديد إطار علاقات تجارية جديدة. وأشارت وزارة الخارجية التركية إلى أن المبادلات التجارية الثنائية بين البلدين تجاوزت 16 مليار دولار (نحو 14.9 مليار يورو) في عام 2015. وكان وزير الخارجية البريطاني بوريس جونسون دعا خلال زيارة إلى تركيا في سبتمبر (أيلول) الماضي إلى تعزيز العلاقات التجارية وإلى توقيع «اتفاق ضخم للتبادل الحر». وعقب لقائها إردوغان عقدت ماي مباحثات مع نظيرها التركي بن على يلدريم في قصر رئاسة الوزراء في أنقرة أعقبها مأدبة عشاء تكريما لها.
وأفاد بيان صادر عن المكتب الإعلامي لرئاسة الوزراء التركية، بأن زيارة ماي تأتي تلبية لدعوة من رئيس الحكومة، بن علي يلدريم لبحث سبل تعزيز التعاون بين البلدين على مختلف الأصعدة وبخاصة التعاون في مجال مكافحة الإرهاب، والقضية القبرصية والملفات المتعلقة بالاتحاد الأوروبي، إضافة إلى مواضيع دولية ذات اهتمام مشترك.
وأكد خبراء ومعلقون في وسائل الإعلام التركية أهمية زيارة ماي لأنقرة وبخاصة أنها جاءت بعد زيارتها للولايات المتحدة معتبرين أن الزيارة تعكس حقيقة أن تركيا شريك لا غنى عنه، وحليف مقرب لبريطانيا في قضايا كثيرة ذات أهمية دولية تشمل التجارة والأمن والدفاع. وعلى الرغم من أن الحكومة البريطانية تستعد بقيادة ماي لمغادرة الاتحاد الأوروبي، إلا أن رئيسة الوزراء صرحت مرارًا برغبة بلادها أن تكون عالمية حقًا، وأنها بدأت محادثات حول صفقات تجارية محتملة مع عدد من الدول ومن بينها تركيا.
وقالت مصادر برئاسة الوزراء التركية إن اللقاء بين ماي ويلدريم تناول كل جوانب العلاقات التركية البريطانية التي تشمل قضايا إقليمية ذات اهتمام للبلدين. وقال متحدث باسم رئاسة الوزراء البريطانية قبيل الزيارة: «كُنا واضحين في دعمنا للديمقراطية والمؤسسات التركية منذ الانقلاب في الصيف الماضي. وستستغل رئيسة الوزراء هذه الفرصة لتأكيد دعمنا لذلك». وقال ضيا ميرال، الباحث التركي المقيم في لندن، إن زيارة رئيسة الوزراء ماي إلى تركيا، خاصة بعد زيارتها إلى الولايات المتحدة تُظهر الأهمية التي توليها الحكومة البريطانية الحالية للعلاقات مع تركيا. وفي نواحٍ كثيرة، تُعد الزيارة تتويجًا للكثير من الزيارات الرسمية من قبل بريطانيا إلى تركيا منذ محاولة انقلاب 15 يوليو الماضي ومن بينها زيارة وزير الخارجية البريطاني ومسؤولين من وزارة الدفاع ووفود رجال أعمال، معتبرًا أن تكرار هذه الزيارات يعود إلى وجود أوجه شبه كبيرة في السياسة الخارجية لكلا البلدين، مثل رغبتهما في التفاوض بشأن علاقات جديدة مع الاتحاد الأوروبي والتزام بزيادة فرص التجارة. ولفت ميرال إلى أن تعزيز العلاقات الثنائية لم يكن من طرف واحد، مشيرًا إلى الزيارات من قبل المسؤولين الأتراك إلى لندن. وقال: «يُنظر إلى المملكة المتحدة على أنها واحد من أقرب حلفاء تركيا في أوروبا، وأنها شريك اقتصادي مهم، وأحد الشركاء النافذين الذين يمكن العمل معهم على الصعيد الدولي».
وحول تصريح وزير الخارجية البريطاني بوريس جونسون بشأن مصير بشار الأسد في سوريا وقوله إن بلاده لن تتوقف كثيرًا أمام مسألة رحيل الأسد، قال ميرال إن مثل هذه التصريحات لن تؤثر على العلاقات التركية البريطانية، مشيرًا إلى أنه «كما هو الحال في بريطانيا، فإن تركيا تعتقد بفكرة حكومة انتقالية وإعادة الاستقرار تزامنًا مع حماية سلامة الأراضي السورية».
من جانبه اعتبر أنس بيراقلي خبير الشؤون الخارجية التركي أن التصريحات الشعبوية التي أطلقت إبان الاستفتاء بشأن الخروج من الاتحاد الأوروبي في بريطانيا كانت سياسية محضة ولا يُشاركها الشعب البريطاني، وأن الحملات المضادة لتركيا التي انتشرت إبان الاستفتاء البريطاني، والتي وتّرت العلاقات الثنائية انتهت فورًا بعد حملة خروج بريطانيا من الاتحاد الأوروبي. ومنذ ذلك الحين، بدأت بريطانيا في البحث عن شركاء جدد والتكيف مع العملية الجديدة، ورأينا العلاقات المتطورة بين تركيا وبريطانيا فورًا بعد حملة الخروج من الاتحاد الأوروبي، ولم يقتصر ذلك على المستوى السياسي وإنما على الصناعات الدفاعية. وقال إن زيارة رئيسة الوزراء البريطانية «ماي» إلى تركيا بعد الولايات المتحدة كانت رسالة واضحة من بريطانيا إلى تركيا.



روته: يجب على «الناتو» تبني «عقلية الحرب» في ضوء الغزو الروسي لأوكرانيا

TT

روته: يجب على «الناتو» تبني «عقلية الحرب» في ضوء الغزو الروسي لأوكرانيا

صورة التُقطت 4 ديسمبر 2024 في بروكسل ببلجيكا تظهر الأمين العام لحلف «الناتو» مارك روته خلال مؤتمر صحافي (د.ب.أ)
صورة التُقطت 4 ديسمبر 2024 في بروكسل ببلجيكا تظهر الأمين العام لحلف «الناتو» مارك روته خلال مؤتمر صحافي (د.ب.أ)

وجّه الأمين العام لحلف شمال الأطلسي (الناتو) مارك روته، الخميس، تحذيراً قوياً بشأن ضرورة «زيادة» الإنفاق الدفاعي، قائلاً إن الدول الأوروبية في حاجة إلى بذل مزيد من الجهود «لمنع الحرب الكبرى التالية» مع تنامي التهديد الروسي، وقال إن الحلف يحتاج إلى التحول إلى «عقلية الحرب» في مواجهة العدوان المتزايد من روسيا والتهديدات الجديدة من الصين.

وقال روته في كلمة ألقاها في بروكسل: «نحن لسنا مستعدين لما ينتظرنا خلال أربع أو خمس سنوات»، مضيفاً: «الخطر يتجه نحونا بسرعة كبيرة»، وفق «وكالة الصحافة الفرنسية».

وتحدّث روته في فعالية نظمها مركز بحثي في بروكسل تهدف إلى إطلاق نقاش حول الاستثمار العسكري.

جنود أميركيون من حلف «الناتو» في منطقة قريبة من أورزيسز في بولندا 13 أبريل 2017 (رويترز)

ويتعين على حلفاء «الناتو» استثمار ما لا يقل عن 2 في المائة من إجمالي ناتجهم المحلي في مجال الدفاع، لكن الأعضاء الأوروبيين وكندا لم يصلوا غالباً في الماضي إلى هذه النسبة.

وقد انتقدت الولايات المتحدة مراراً الحلفاء الذين لم يستثمروا بما يكفي، وهي قضية تم طرحها بشكل خاص خلال الإدارة الأولى للرئيس الأميركي المنتخب دونالد ترمب.

وأضاف روته أن الاقتصاد الروسي في «حالة حرب»، مشيراً إلى أنه في عام 2025، سيبلغ إجمالي الإنفاق العسكري 7 - 8 في المائة من الناتج المحلي الإجمالي للبلاد - وهو أعلى مستوى له منذ الحرب الباردة.

وبينما أشار روته إلى أن الإنفاق الدفاعي ارتفع عما كان عليه قبل 10 سنوات، عندما تحرك «الناتو» لأول مرة لزيادة الاستثمار بعد ضم روسيا شبه جزيرة القرم من طرف واحد، غير أنه قال إن الحلفاء ما زالوا ينفقون أقل مما كانوا ينفقونه خلال الحرب الباردة، رغم أن المخاطر التي يواجهها حلف شمال الأطلسي هي «بالقدر نفسه من الضخامة إن لم تكن أكبر» (من مرحلة الحرب الباردة). واعتبر أن النسبة الحالية من الإنفاق الدفاعي من الناتج المحلي الإجمالي والتي تبلغ 2 في المائة ليست كافية على الإطلاق.

خلال تحليق لمقاتلات تابعة للـ«ناتو» فوق رومانيا 11 يونيو 2024 (رويترز)

وذكر روته أنه خلال الحرب الباردة مع الاتحاد السوفياتي، أنفق الأوروبيون أكثر من 3 في المائة من ناتجهم المحلي الإجمالي على الدفاع، غير أنه رفض اقتراح هذا الرقم هدفاً جديداً.

وسلَّط روته الضوء على الإنفاق الحكومي الأوروبي الحالي على معاشات التقاعد وأنظمة الرعاية الصحية وخدمات الرعاية الاجتماعية مصدراً محتملاً للتمويل.

واستطرد: «نحن في حاجة إلى جزء صغير من هذه الأموال لجعل دفاعاتنا أقوى بكثير، وللحفاظ على أسلوب حياتنا».