«سكياباريللي» تلعب مع الكبار... وماريا غراتزيا تعيش الحلم في «ديور»

أسبوع «الهوت كوتور» لربيع وصيف 2017... آمال وأمنيات

من عرض «ديور»
من عرض «ديور»
TT

«سكياباريللي» تلعب مع الكبار... وماريا غراتزيا تعيش الحلم في «ديور»

من عرض «ديور»
من عرض «ديور»

إنه موسم مغزول بالأحلام، ويبيع هذه الأحلام بأغلى الأسعار لكل من استطاعت إليها سبيلاً. هذا تحديدًا ما أكدته ماريا غراتزيا تشيوري يوم الاثنين في أول عرض «هوت كوتور» تقدمه لدار «ديور». فقد أخذتنا إلى عالم الأساطير والقصص الرومانسية بعد أن حولت متحف «رودان» إلى حديقة مسحورة تسكنها جنيات يتخايلن بأزياء ساحرة. بسعر قد يتعدى الـ100 ألف دولار لفستان سهرة والـ20 ألف دولار لقميص أو بنطلون، فإن الغالبية منا لن تسنح لها الفرصة أبدًا لدخول نادي الـ«هوت كوتور» النخبوي، لكن هذا لا يمنعنا من متابعة أخبارها بنهم عبر شاشات التلفزيون وصورها على صفحات المجلات. كما لا يمنع المصممين من اختبار أفكار جديدة واستعراض قدراتهم بذوق رفيع يعرفون أنه الطريق الوحيد لجيب امرأة متذوقة ومتطلبة في الوقت ذاته. ولم لا تكون متطلبة وهي تتمتع بإمكانيات هائلة تُحرك السوق وتُغذي الحلم. غالبًا ما يأخذنا هذا الحلم إلى الزمن الجميل، في الخمسينات من القرن الماضي حين كانت الـ«هوت كوتور» في عزها، وكانت الحياة أقل تعقيدًا.
بالنسبة للغالبية التي لا تسمح لها إمكانيات بشراء قطعة صغيرة، فإنها يمكن أن تستقي من العروض أفكارًا توظفها في حياتها، بطريقتها وحسب إمكانياتها. حتمًا لن يكون الخيار الأول القبعات الغريبة وإكسسوارات الرأس السريالية ولا الماكياج الجريء، فهي لمجرد الإبهار، لا أكثر ولا أقل.
وبما أننا لن نستطيع الحصول على قميص أو بنطلون لأن العين بصيرة واليد قصيرة، فإنه لا شيء يمنعنا من متابعة أحداث الموسم للتعرف على خطوط وألوان الموسم على الأقل. الطريف أن السؤال الذي لم يشبع البعض من طرحه منذ سنوات هو: هل يكفي الحلم وحده لاستمرار هذا القطاع النخبوي؟ والجواب حسب الخبراء وما عرضته بيوت الأزياء المشاركة هذا الأسبوع من «سكياباريللي» و«شانيل» و«ديور» وغيرها، هو: «نعم وبكل تأكيد». فهو القطاع الوحيد المضاد للموضة السريعة، والوحيد أيضًا الذي لا يزال يخاطب الموسم الذي تُعرض فيه الأزياء. فبالنسبة للأزياء الجاهزة يلزم الانتظار ستة أشهر قبل وصولها من منصات العرض إلى المحلات، كان هذا طبعًا قبل استراتيجية العرض اليوم والبيع غدًا التي استُحدثت في العام الماضي فقط. زبونة الـ«هوت كوتور» في المقابل تخرج من العرض لتقدم طلبها من المصمم مباشرة، بعد ذلك تبدأ بإجراء البروفات على مقاسها وما شابه من خطوات يتطلبها فستان فريد من نوعه. صحيح أنها لن تحصل عليه في اليوم ذاته، لكنها تضمن أنه سيصل إليها قبل المناسبة التي ستحضرها، والأهم من هذا أنه لا واحدة من قريناتها ستحصل على فستان مماثل، الأمر الذي يجنِّبها الحرج. وهذا تحديدًا ما يُشكل عنصر الجذب في هذا الخط بالنسبة للمخمليات والثريات الباحثات، إما عن التفرد أو يتطلعن للانتساب للنادي النخبوي بأي ثمن.
ويشير المراقبون إلى أن أغلب زبونات اليوم ينتمين لأسواق جديدة مثل الصين والهند وأذربيجان وروسيا والشرق الأوسط. وقد اعترفت كل من «ديور» و«شانيل» و«فالنتينو» وغيرهم، بأنهم أصبحوا يحققون أرباحًا من هذا القطاع في السنوات الأخيرة أكثر من أي وقت مضى، بفضل زبونات هذه الأسواق.
فبعد أن تعالت في العقد الماضي أصوات متشائمة تنعى الـ«هوت كوتور»، وتتساءل: عن جدوى الموسم ككل، كان لا بد من فتح الأبواب للأسواق الجديدة، لا سيما بعد تقلص عدد الزبونات الأميركيات بسبب الأزمة الاقتصادية التي جعلتهن يفكرن عشر مرات قبل شراء عشرة فساتين، كما كان حالهن في السابق. المؤسف أن هذا التقلص لم يقتصر على الزبونات بل امتد إلى عدد بيوت الأزياء المتخصصة في هذا المجال؛ فبعد أن كان الأسبوع يشهد في منتصف القرن الماضي مشاركة المئات تقلص العدد إلى عشرات فقط في السنوات الأخيرة، فقد تم إغلاق بيوت مثل «كريستيان لاكروا» في 2009 بعد أن أعلن المصمم إفلاسه، كما اكتفت بيوت أخرى بجانب الأزياء الجاهزة والإكسسوارات، لأن «الهوت كوتور» في يوم ما كانت مجرد «بريستيج» يبيع مستحضرات التجميل والإكسسوارات. فقط أخيرًا أصبحت لها شخصية مالية مستقلة عكستها الأرباح المتزايدة. لحسن الحظ أن أمثال جيامباتيستا فالي وإيلي صعب وجيورجيو أرماني نجحوا في استقطاب شريحة الشابات من ثريات المجتمع المخملي.
بدورها اجتهدت «لاشومبر سانديكال» الجهة المسؤولة عن حماية الـ«هوت كوتور» من الدخلاء أن تضخ الأسبوع بدماء وأسماء جديدة في كل موسم، غالبًا بالتعامل معهم كضيوف قبل أن تُدرجهم في برنامجها الرسمي.
هذا العام، أدخلت كل من «سكياباريللي» والفرنسي جوليان فورنييه، واللبناني جورج حبيقة، إلى اللائحة، وقبلهم بُشرى جرار التي التحقت بدار «لانفان» في العام الماضي، وأغلقت دارها الخاصة للتفرغ لعملها الجديد.
المهم أن المتابع لأسبوع باريس لربيع وصيف 2017 الذي انتهى مساء أمس يخرج وهو مطمئن على مستقبل هذا القطاع، لأن ما تم تقديمه كان بمثابة لوحات فنية أقل ما يمكن أن يقال عنها إنها متعة للعين وللحواس، وذكَّرَتنا إلى حد كبير بالزمن الجميل. فقد صب فيها المصممون كل مهاراتهم مستعينين بحرفيين من ورشات متمركزة في عواصم مختلفة، نفذوا كل تفاصيلها باليد على مدى أيام إن لم نقل أسابيع.
قدمت دار «سكياباريللي»، صباح يوم الاثنين الماضي، عرضًا كان مزيجًا بين البساطة والفخامة، ولفتة احترام قوية لمؤسِّسة الدار إلسا سكياباريللي. فقد ترجم المصمم برتراند غيون شغفها بالفن، من خلال تطريزات وإيحاءات تستحضر علاقاتها بفناني عصرها، من أمثال دالي وجون كوكتو وبيكاسو ممن تعاملت معهم في الثلاثينات من القرن الماضي. لكن المصمم لم يكتفِ بالغرف من الماضي، وأكد أنه ابن عصره حيث استعمل «البوب آرت» في بعض التصاميم، مثل صورة سرطان بحر تسللت إلى جانب تنورة، فضلاً عن ترجمته العصرية لشفاه بالأحمر القاني زينت ظهر أو كتف جاكيت مفصل، وهكذا. كل هذا ترجمه المصمم في تصاميم منسدلة أحيانًا، وهندسية أحيانًا أخرى، لكن القاسم المشترك بينها كان دائما تلك الخطوط الانسيابية البسيطة والتفاصيل الفنية. صحيح أنها كانت بجرعات خفيفة متناثرة هنا وهناك، لكنها كانت كافية لتُدخل أية قطعة لأجمل المناسبات وأفخمها، ولتذكرنا بتاريخ الدار، لا سيما أن العرض أقيم في الدار التي كانت إلسا تعمل فيها وتنام في طابقها العلوي أيضًا.
رغم أن التشكيلة لم تتعد الـ31 قطعة، فإنها تنوعت ما بين القطع المنفصلة، الـ«سموكينغ» والفساتين المستوحاة من فن العمارة، التي خففت من صرامتها الأقمشة المنسدلة، أو من الكيمونو الياباني والهانفو الصيني، وهما قطعتان كانت إلسا سكياباريللي تلبسهما في أوقات فراغها، عندما كانت تتوخى الراحة والاسترخاء، لكن المصمم قدمهما لنا للنهار من خلال جاكيتات وتنورات يربطهما حزام سميك.
لم يضاهِ هذا التنوع سوى الألوان التي تباينت بين الوردي المتوهج والأصفر والبرتقالي والأحمر إضافة إلى الأسود والأبيض. جدير بالذكر أن هذه التشكيلة لربيع وصيف 2017 تكتسب أهميتها ليس من التصاميم المبتكرة والأنيقة فحسب، بل أيضًا من كون الدار تدخل برنامج الـ«هوت كوتور» بشكل رسمي لأول مرة. نعم، شاركت في الأسبوع لعدة مواسم منذ إعادة إحيائها في عام 2013، إلا أنها كانت مجرد ضيفة على الهامش قبل أن تعيد لها لاشومبر سانديكال، وهي المنظمة المسؤولة عن «الهوت كوتور» اعتبارها وحقها المشروع في اللعب مع الكبار.
يوم الاثنين كان الموعد أيضًا مع أول تشكيلة «هوت كوتور» تقدمها ماريا غراتزيا تشيوري لـ«ديور». أقيم العرض في متحف «رودان» الذي تحول إلى متاهة إذا وجدت طريقك فيها تدخل حديقة مسحورة تتحقق بين أحضانها وتحت أشجارها الوارفة كل الأحلام والأمنيات. تصميم هذه المتاهة لا بد أنه كلف كثيرًا، واستغرق وقتًا لا بأس به لتنفيذها، لكن كل هذا لا يهم في موسم لا يتحدث فيه أحد عن الأرقام، ويطمح فيه الكل لفتح جدل فكري وفني بقدر الإمكان.
وحسب ماريا غراتزيا تشيوري، فإن الفكرة من هذه المتاهة هي خلق شعور بالخطر من المجهول، لكنه خطر مثير لأنه مشوب بالأمل بأن لكل شيء نهاية ومخرجًا، وهو ما يمكن اعتباره رسالة مبطنة لما نعيشه في الوقت الحالي، بينما شبهه البعض بالمتاهة التي وجدت المصممة، التي لا تتقن اللغة الفرنسية، نفسها فيها، بدخول أرشيف السيد كريستيان ديور ومحاولاتها فك طلاسمها وقراءة تاريخها، فضلاً عن تعاملها شبه اليومي مع الأنامل الناعمة التي قد لا يتكلم بعضها سوى الفرنسية.
افتتح العرض بمجموعة استحضرت رموز الدار الأيقونية بتصاميمها المشدودة عند الخصر وترجمتها المصممة بأسلوب عصري حاولت فيه أن يتحدى الزمن. صحيح أن الأسود كان صادمًا في البداية ونشازًا مع الأجواء المغطاة بالأخضر، إلا أنه كان مجرد مقدمة، سرعان ما تلتها مجموعات تتلون بدرجات فاتحة ومتفتحة بأزهار وورود زرعتها المصممة في أماكن استراتيجية من فستان طويل من الحرير أو الموسلين مثلا، وغطتها أحيانا بالتول وكأنها تريد حمايتها من الذبول وعوامل الطبيعة الأخرى. إلى جانب مجموعة غنية من التصاميم الناعمة تميز بعضها ببليسيهات منحتها خفة وحركة، كانت هناك أيضًا فساتين تستحضر ماري أنطوانيت بتنوراتها المنفوخة، فيما ذكرتنا أخرى بأن المصممة تؤمن بالتعويذات والطالع و«التاروت» أو أنها فقط تقدم تحية لكريستيان ديور، الذي كان يؤمن بها ولا يخطو أي خطوة مهمة من دون استشارة العرافات.
هذه التعويذات ظهرت في بعض الأزياء كما في الإكسسوارات. ورغم أن المصممة غطت احتياجات المرأة لأزياء خاصة بالنهار فإن فساتين السهرة والمساء كانت هي الأقوى، إذ نجحت تشيوري فيها في أن تحافظ على مفهوم الحلم، كونه أكثر ما يُشكل شخصية الموسم، وبالتالي فإن مهمتها تتلخص في الإبقاء عليه حيًا، إضافة إلى تأجيج الرغبة في الشراء.
بعد نهاية العرض، تخرج من المتاهة وتساؤلات كثيرة تدور على البال، أغلبها كيف لم تفكر «ديور» في تسليم مقاليدها لامرأة من قبل رغم أنها دار مبنية أساسًا على الرومانسية والأنوثة؟ تجد نفسك تُبرر وتجيب بأن «كل شيء في وقته حلو». شكك البعض في اختيار ماري غراتزيا تشيوري في الموسم الماضي، رغم أن الأغلبية رحبت به وهللت له. فما قدمته في مجال الأزياء الجاهزة، أثار آراء متباينة بين معجب وغير معجب، حيث عانقت ثقافة الشارع من خلال «تي - شيرتات» كتبت على بعضها رسائل سياسية ثورية نسقتها مع تنورات من التول طويلة مطرزة، إضافة إلى أسلوب رياضي طاغ. ما يشفع لها آنذاك أنه لم يكن لديها وقت كافٍ لكي تتشرب رموز الدار، إذ أنجزت التشكيلة في خمسة أسابيع فقط.
هذه المرة كان لديها وقت أطول لكتابة فصلها الأول في مجال الـ«هوت كوتور» بهدوء. ثم لا ننسى أن هذا الخط يفتح كل الإمكانيات لنسج قصص أكثر إثارة وإبهارًا، والمنبر الذي ينفش فيه المصمم ريشه ويستعرض خياله. ورغم أن المصممة الإيطالية لم تنفش ريشها كثيرًا، فإنها نجحت في فك كثير من ألغاز الدار الفرنسية بعد موسم واحد.



المحلات الشعبية تستعين بالنجوم لاستقطاب الزبائن

تُرسِخ تجربة العارضة كايت موس مع محلات «زارا» التغير الذي طرأ على عالم الموضة (زارا)
تُرسِخ تجربة العارضة كايت موس مع محلات «زارا» التغير الذي طرأ على عالم الموضة (زارا)
TT

المحلات الشعبية تستعين بالنجوم لاستقطاب الزبائن

تُرسِخ تجربة العارضة كايت موس مع محلات «زارا» التغير الذي طرأ على عالم الموضة (زارا)
تُرسِخ تجربة العارضة كايت موس مع محلات «زارا» التغير الذي طرأ على عالم الموضة (زارا)

إذا كنتِ مداومة على التسوق في محلات «زارا» لأسعارها ونوعية ما تطرحه، فإنكِ قد تتفاجئين أن تعاونها الأخير مع العارضة البريطانية المخضرمة كايت موس سيُكلَفكِ أكثر مما تعودت عليه. فهناك معطف قصير على شكل جاكيت من الجلد مثلاً يقدر سعره بـ999 دولاراً أميركياً، هذا عدا عن قطع أخرى تتراوح بين الـ200 و300 دولار.

تفوح من تصاميم كايت موس رائحة السبعينات (زارا)

ليست هذه المرة الأولى التي تخوض فيها كايت موس تجربة التصميم. كانت لها تجربة سابقة مع محلات «توب شوب» في بداية الألفية. لكنها المرة الأولى التي تتعاون فيها مع «زارا». ويبدو أن تعاون المحلات مع المشاهير سيزيد سخونة بالنظر إلى التحركات التي نتابعها منذ أكثر من عقد من الزمن. فعندما عيَنت دار «لوي فويتون» المنتج والمغني والفنان فاريل ويليامز مديراً إبداعياً لخطها الرجالي في شهر فبراير (شباط) من عام 2023، خلفاً لمصممها الراحل فرجيل أبلو؛ كان الخبر مثيراً للجدل والإعجاب في الوقت ذاته. الجدل لأنه لا يتمتع بأي مؤهلات أكاديمية؛ كونه لم يدرس فنون التصميم وتقنياته في معهد خاص ولا تدرب على يد مصمم مخضرم، والإعجاب لشجاعة هذه الخطوة، لا سيما أن دار «لوي فويتون» هي الدجاجة التي تبيض ذهباً لمجموعة «إل في إم إتش».

فاريل ويليامز مع فريق عمله يُحيّي ضيوفه بعد عرضه لربيع وصيف 2024 (أ.ف.ب)

بتعيينه مديراً إبداعياً بشكل رسمي، وصلت التعاونات بين بيوت الأزياء الكبيرة والنجوم المؤثرين إلى درجة غير مسبوقة. السبب الرئيسي بالنسبة لمجموعة «إل في إم إتش» أن جاذبية فاريل تكمن في نجوميته وعدد متابعيه والمعجبين بأسلوبه ونجاحه. فهي تتمتع بماكينة ضخمة وفريق عمل محترف يمكنها أن تُسخِرهما له، لتحقيق المطلوب.

صفقة «لوي فويتون» وفاريل ويليامز ليست الأولى وإن كانت الأكثر جرأة. سبقتها علاقة ناجحة بدأت في عام 2003 بين لاعب كرة السلة الأميركي الشهير مايكل جوردان وشركة «نايكي» أثمرت عدة منتجات لا تزال تثير الرغبة فيها وتحقق إيرادات عالية إلى الآن.

كان من الطبيعي أن تلفت هذه التعاونات شركات أخرى وأيضاً المحلات الشعبية، التي تعاني منذ فترة ركوداً، وتشجعها على خوض التجربة ذاتها. أملها أن تعمَّ الفائدة على الجميع: تحقق لها الأرباح باستقطاب شرائح أكبر من الزبائن، وطبعاً مردوداً مادياً لا يستهان به تحصل عليه النجمات أو عارضات الأزياء المتعاونات، فيما يفوز المستهلك بأزياء وإكسسوارات لا تفتقر للأناقة بأسعار متاحة للغالبية.

الجديد في هذه التعاونات أنها تطورت بشكل كبير. لم يعد يقتصر دور النجم فيها على أنه وجه يُمثلها، أو الظهور في حملات ترويجية، بل أصبح جزءاً من عملية الإبداع، بغضّ النظر عن إنْ كان يُتقن استعمال المقص والإبرة أم لا. المهم أن يكون له أسلوب مميز، ورؤية خاصة يُدلي بها لفريق عمل محترف يقوم بترجمتها على أرض الواقع. أما الأهم فهو أن تكون له شعبية في مجال تخصصه. حتى الآن يُعد التعاون بين شركة «نايكي» ولاعب السلة الشهير مايكل جوردان، الأنجح منذ عام 2003، ليصبح نموذجاً تحتذي به بقية العلامات التجارية والنجوم في الوقت ذاته. معظم النجوم حالياً يحلمون بتحقيق ما حققه جوردان، بعد أن أصبح رجل أعمال من الطراز الأول.

من تصاميم فكتوريا بيكهام لمحلات «مانغو»... (مانغو)

المغنية ريهانا مثلاً تعاونت مع شركة «بوما». وقَّعت عقداً لمدة خمس سنوات جُدِّد العام الماضي، نظراً إلى النقلة التي حققتها للشركة الألمانية. فالشركة كانت تمر بمشكلات لسنوات وبدأ وهجها يخفت، لتأتي ريهانا وترد لها سحرها وأهميتها الثقافية في السوق العالمية.

المغنية ريتا أورا، أيضاً تطرح منذ بضعة مواسم، تصاميم باسمها لمحلات «بريمارك» الشعبية. هذا عدا عن التعاونات السنوية التي بدأتها محلات «إتش آند إم» مع مصممين كبار منذ أكثر من عقد ولم يخفت وهجها لحد الآن. بالعكس لا تزال تحقق للمتاجر السويدية الأرباح. محلات «مانغو» هي الأخرى اتَّبعت هذا التقليد وبدأت التعاون مع أسماء مهمة مثل فيكتوريا بيكهام، التي طرحت في شهر أبريل (نيسان) الماضي تشكيلة تحمل بصماتها، تزامناً مع مرور 40 عاماً على إطلاقها. قبلها، تعاونت العلامة مع كل من SIMONMILLER وكاميل شاريير وبيرنيل تيسبايك.

سترة مخملية مع كنزة من الحرير بياقة على شكل ربطة عنق مزيَّنة بالكشاكش وبنطلون واسع من الدنيم (ماركس آند سبنسر)

سيينا ميلر و«ماركس آند سبنسر»

من هذا المنظور، لم يكن إعلان متاجر «ماركس آند سبنسر» عن تعاونها الثاني مع سيينا ميلر، الممثلة البريطانية وأيقونة الموضة، جديداً أو مفاجئاً. مثل كايت موس، تشتهر بأسلوبها الخاص الذي عشقته مجلات الموضة وتداولته بشكل كبير منذ بداية ظهورها. فهي واحدة ممن كان لهن تأثير في نشر أسلوب «البوهو» في بداية الألفية، كما أن تشكيلتها الأولى في بداية العام الحالي، حققت نجاحاً شجع على إعادة الكرَّة.

فستان طويل من الساتان المزيَّن بثنيات عند محيط الخصر يسهم في نحت الجسم (ماركس آند سبنسر)

موسم الأعياد والحفلات

بينما تزامن طرح تشكيلة «مانغو + فيكتوريا بيكهام» مع مرور 40 عاماً على انطلاقة العلامة، فإن توقيت التشكيلة الثانية لسيينا ميلر التي طُرحت في الأسواق في الأسبوع الأول من شهر نوفمبر (تشرين الثاني)، أيضاً له دلالته، بحكم أننا على أبواب نهاية العام. فهذه تحتاج إلى أزياء وإكسسوارات أنيقة للحفلات. لم يكن الأمر صعباً على سيينا. فإلى جانب أنها تتمتع بأسلوب شخصي متميِز، فإنها تعرف كيف تحتفل بكل المناسبات بحكم شخصيتها المتفتحة على الحياة الاجتماعية.

وتعليقاً على هذا الموضوع، أعربت الممثلة عن سعادتها بالنجاح الذي حققته قائلةً: «أحببت العمل على التشكيلة الأولى ويملؤني الحماس لخوض التجربة مرة أخرى. فالتشكيلة الثانية تتسم بطابع مفعم بالمرح والأجواء الاحتفالية، إذ تضم قطعاً أنيقة بخطوط واضحة وأخرى مزينة بالفرو الاصطناعي، بالإضافة إلى فساتين الحفلات والتصاميم المزينة بالطبعات والنقشات الجريئة والإكسسوارات التي يسهل تنسيق بعضها مع بعض، إلى جانب سراويل الدنيم المفضلة لديّ التي تأتي ضمن لونين مختلفين».

فستان ماركس سهرة طويل من الحرير بأطراف مزينة بالدانتيل (ماركس آند سبنسر)

دمج بين الفينتاج والبوهو

تشمل التشكيلة وهي مخصصة للحفلات 23 قطعة، تستمد إلهامها من أسلوب سيينا الخاص في التنسيق إضافةً إلى أزياء مزينة بالترتر استوحتها من قطع «فينتاج» تمتلكها وجمَعتها عبر السنوات من أسواق «بورتوبيلو» في لندن، استعملت فيها هنا أقمشة كلاسيكية بملمس فاخر. لكن معظمها يتسم بقصَّات انسيابية تستحضر أسلوب «البوهو» الذي اشتهرت به.

مثلاً يبرز فستان طويل من الحرير ومزيَّن بأطراف من الدانتيل من بين القطع المفضلة لدى سيينا، في إشارةٍ إلى ميلها إلى كل ما هو «فينتاج»، كما يبرز فستانٌ بقصة قصيرة مزين بنقشة الشيفرون والترتر اللامع، وهو تصميمٌ يجسد تأثرها بأزياء الشخصية الخيالية التي ابتكرها المغني الراحل ديفيد بوي باسم «زيجي ستاردست» في ذلك الوقت.

طُرحت مجموعة من الإكسسوارات بألوان متنوعة لتكمل الأزياء وتضفي إطلالة متناسقة على صاحبتها (ماركس آند سبنسر)

إلى جانب الفساتين المنسابة، لم يتم تجاهُل شريحة تميل إلى دمج القطع المنفصلة بأسلوب يتماشى مع ذوقها وحياتها. لهؤلاء طُرحت مجموعة من الإكسسوارات والقطع المخصصة للحفلات، مثل كنزة من الدانتيل وبنطلونات واسعة بالأبيض والأسود، هذا عدا عن السترات المفصلة وقمصان الحرير التي يمكن تنسيقها بسهولة لحضور أي مناسبة مع أحذية وصنادل من الساتان بألوان شهية.

أرقام المبيعات تقول إن الإقبال على تشكيلات أيقونات الموضة جيد، بدليل أن ما طرحته كايت موس لمحلات «زارا» منذ أسابيع يشهد إقبالاً مدهشاً؛ كونه يتزامن أيضاً مع قرب حلول أعياد رأس السنة. ما نجحت فيه موس وميلر أنهما ركَزا على بيع أسلوبهما الخاص. رائحة السبعينات والـ«بوهو» يفوح منها، إلا أنها تتوجه إلى شابة في مقتبل العمر، سواء تعلق الأمر بفستان سهرة طويل أو جاكيت «توكسيدو» أو بنطلون واسع أو حذاء من الجلد.

رغم ما لهذه التعاونات من إيجابيات على كل الأطراف إلا أنها لا تخلو من بعض المطبات، عندما يكون النجم مثيراً للجدل. ليس أدلَّ على هذا من علاقة «أديداس» وعلامة «ييزي» لكيني ويست وما تعرضت له من هجوم بسبب تصريحات هذا الأخير، واتهامه بمعاداة السامية. لكن بالنسبة إلى ريهانا وفيكتوريا بيكهام وسيينا ميلر وكايت موس ومثيلاتهن، فإن الأمر مضمون، لعدم وجود أي تصريحات سياسية لهن أو مواقف قد تثير حفيظة أحد. كل اهتمامهن منصبٌّ على الأناقة وبيع الجمال.