بلجيكا: شاب وفتاتان عادوا من سوريا خلال عام 2016

عكس التوقعات... تراجع حاد في عودة المقاتلين الأوروبيين من صفوف «داعش»

إجراءات أمنية مشددة في شوارع العاصمة بروكسل عقب تفجيرات مارس الماضي («الشرق الأوسط»)
إجراءات أمنية مشددة في شوارع العاصمة بروكسل عقب تفجيرات مارس الماضي («الشرق الأوسط»)
TT

بلجيكا: شاب وفتاتان عادوا من سوريا خلال عام 2016

إجراءات أمنية مشددة في شوارع العاصمة بروكسل عقب تفجيرات مارس الماضي («الشرق الأوسط»)
إجراءات أمنية مشددة في شوارع العاصمة بروكسل عقب تفجيرات مارس الماضي («الشرق الأوسط»)

على عكس كل توقعات المراكز والقيادات الأمنية والسياسية سواء على الصعيد الأوروبي أو في بلجيكا، لم يتم تسجيل سوى حالات قليلة لعودة المقاتلين في صفوف «داعش» العام الماضي، لدرجة أنه لم يتم تسجيل سوى 3 حالات فقط في دولة مثل بلجيكا التي سافر منها ما يزيد على 450 شخصا للمشاركة في العمليات القتالية في سوريا والعراق ضمن صفوف الجماعات المسلحة وفي مقدمتها «داعش».
وشهدت الأسابيع القليلة الماضية تصريحات صدرت عن مركز الشرطة الأوروبية (يوروبول)؛ بل وعلى لسان المنسق الأوروبي لشؤون مكافحة الإرهاب جيل دو كيروشوف، وأيضا على لسان بعض الوزراء بالدول الأوروبية في مناسبات عدة، تشير إلى توقعات بأن تزداد أعداد الأشخاص الذين سيعودون إلى أوروبا من مناطق الصراعات. وأرجع البعض منهم ذلك إلى الهزائم التي يتعرض لها تنظيم داعش والضربات الجوية التي يتلقاها من التحالف الدولي، وأيضا الحقيقة التي يفاجأ بها البعض من الشباب على أرض الواقع على عكس ما كانوا يأملون.
وذكرت صحف مجموعة «زود برس»، وفقا لأرقام صادرة من وزير الداخلية جان جامبون، قدمها البرلماني دونيس دوكيرم من حزب حركة الإصلاح الليبرالي، أن السلطات رصدت 3 أشخاص عادوا من سوريا إلى بلجيكا خلال سنة 2016. وحسب ما أوردته صحيفة «لو سوار» البلجيكية الناطقة بالفرنسية، فهؤلاء الأشخاص الذين يشتبه في وجودهم ببلجيكا بعد أن أقاموا بسوريا هم رجل وامرأتان، ويعد هذا الرقم أقل بعشر مرات من مجموع «العائدين» المعروفين المسجلين في سنة 2015. وفي سنة 2014، كان عدد الذين عادوا إلى الأراضي البلجيكية بعد أن غادروا إلى منطقة الصراع السوري 50 شخصا.
وسبق أن حذر مسؤول أمني أوروبي كبير من اختلاف مواقف الدول الأعضاء في الاتحاد الأوروبي، في التعاطي مع ملف العائدين من مناطق الصراعات مثل سوريا والعراق بعد أن شاركوا في صفوف الجماعات المتشددة، خصوصا تنظيم داعش، كما عاد المسؤول الأوروبي لتكرار تصريحاته التي تتعلق بضعف مستوى تبادل المعلومات الأمنية بين الأجهزة المعنية في أوروبا.
وأعرب المنسق الأوروبي لشؤون محاربة الإرهاب جيل دو كيرشوف، عن قلقه بسبب ضعف مستوى التعاون القائم بين الدول الأعضاء في الاتحاد بهذا الشأن. وفي مداخلة أمام وزراء داخلية الدول الأعضاء في بروكسل الشهر الماضي، حيث قدم تقريرًا دوريًا حول تطور العمل الأوروبي في مجال محاربة الإرهاب، أشار دو كيرشوف إلى أن الدول الأعضاء لم تصل بعد إلى مقاربة مشتركة من أجل محاربة الإرهاب بشكل جماعي، حتى بشأن بعض القضايا الأولية.
وعد دو كيرشوف أن الدول الأعضاء في الاتحاد لا تسير كلها لا بالاتجاه نفسه ولا بالسرعة نفسها، كما أنها لا تتمتع بالرؤية نفسها، قائلا إنه «يجب تطوير مقاربة شاملة على مستوى الدول الـ28». وهناك عدة عناصر تثير إشكالية كبيرة، بنظر المسؤول الأمني الأوروبي، منها على سبيل المثال لا الحصر، الاختلاف في طريقة التعاطي مع العائدين من سوريا والعراق، مبينا أن «بعض الدول تفضل وضعهم تحت المراقبة، بينما تعمد أخرى إلى سجنهم، في حين تلجأ ثالثة إلى إخضاعهم لبرامج لإعادة تأهيلهم».
كما اقترح المسؤول الأمني الأوروبي في تقريره الحالي، توسيع مجال تبادل المعلومات والمعطيات، وعدم حصرها بين الدول الأعضاء، مؤكدًا على ضرورة تبادل المعلومات الاستخباراتية مع دول مثل تركيا والأردن ولبنان. ورأى دو كيرشوف تبادل المعطيات والمعلومات مع الدول المجاورة مباشرة لمناطق الصراع في مجال محاربة الإرهاب. واختتم وزراء الداخلية والعدل في الاتحاد الأوروبي أمس اجتماعاتهم في بروكسل التي استغرقت يومين.
وقالت مصادر أوروبية رفضت الكشف عن نفسها في تصريحات لـ«الشرق الأوسط»، إن كيرشوف قدم تقريرا ركز فيه على ملف عودة المقاتلين الأوروبيين من مناطق الصراعات، خصوصا من سوريا والعراق، وما يمكن أن يشكله هذا الأمر من خطر على أوروبا، كما تناول أيضا سبل مكافحة التشدد، والتعاون مع شركات الإنترنت لمواجهة نشر الفكر المتشدد على وسائل التواصل الاجتماعي. وتحدث التقرير عن وجود ما بين 2000 و2500 «إرهابي» أوروبي في ساحات القتال بسوريا والعراق، عادًا أن ذلك يشكل تهديدًا أمنيًا لدول الاتحاد الأوروبي في حال عودتهم. وبحسب التقرير الذي أعده كيرشوف، فإن «الأرقام الأحدث تشير إلى أنه من إجمالي المقاتلين الأجانب الأوروبيين، هناك ما بين 15 و20 في المائة قُتلوا، ومن 30 إلى 35 في المائة عادوا إلى بلدانهم، و50 في المائة لا يزالون في سوريا والعراق». والتقرير يتضمن إجراءات للتصدي للتهديد المحتمل الذي يشكّله «الإرهابيون» العائدون إلى دولهم الأوروبية.
وأضاف التقرير: «هناك أيضًا مجموعة كبيرة من المقاتلين الإرهابيين الأجانب، في صفوف تنظيم داعش في ليبيا الذين يمكن أن يحاولوا استخدام جنسياتهم أو روابطهم الأسرية للعودة إلى أوروبا». ولفت التقرير إلى أن «من يعودون يبقون على اتصال بـ(داعش) في مناطق النزاع بواسطة حسابات خاصة على مواقع التواصل الاجتماعي» وأبدى التقرير «أسفه» لبطء رد شركة الرسائل الإلكترونية المشفرة «تليغرام»، «في مواجهة الدعاية المتطرفة». وتابع التقرير أن «(تليغرام) لا ترد على طلبات الشرطة الأوروبية (يوروبول) بإلغاء محتويات أُبلغ عنها»، داعيًا الدول الأعضاء في الاتحاد الأوروبي إلى «الاتصال بشركات التواصل الاجتماعي (على غرار تليغرام) وأيضًا بالشركاء في أنشطة مكافحة الإرهاب».
وبعد أن أشار التقرير إلى تفاوت ردود فعل الدول الأعضاء حيال عودة الإرهابيين (السجن، أو إطلاق السراح، أو المراقبة من عدمها، أو برامج تأهيل)، دعا المنسق إلى وضع «مقاربة كاملة» وتعميم تبادل المعلومات والسلوكيات الجيدة بين الدول. جاء ذلك بعد أن حذرت واحدة من أهم وكالات إنفاذ القانون في أوروبا من أن «مزيدا من هجمات (داعش) ستأتي في المستقبل القريب. يقول الخبراء إن هذا نوع الضرر الذي يريد أن يحققه (داعش). عدد كبير من الضحايا، في أعقاب هجوم باريس. مذبحة في الشوارع... عندما قتل عنصر من (داعش) المدنيين الأبرياء في مدينة نيس»، الآن، واحدة من أهم وكالات إنفاذ القانون في أوروبا تحذر من أن مزيدا من هذه الهجمات سيأتي من «داعش» في المستقبل القريب.
ووفقا لمصادر إعلامية غربية، يحذر تقرير جديد من وكالة الأمن الأوروبية (يوروبول): «من المتوقع أن تزداد الهجمات في دول الاتحاد الأوروبي، سواء من قبل جماعات أو أفراد»، ولكن القلق الآن ليس فقط من الهجمات؛ بل من تكتيكات جديدة وأدوات الرعب التي قد يستخدمها التنظيم لخلق الفوضى. أصبح «داعش» خبيرًا باستخدام المركبات المفخخة في العراق وسوريا، التي يقول التقرير إنه من الممكن أن يستخدمها قريبًا في أوروبا.



روته: يجب على «الناتو» تبني «عقلية الحرب» في ضوء الغزو الروسي لأوكرانيا

TT

روته: يجب على «الناتو» تبني «عقلية الحرب» في ضوء الغزو الروسي لأوكرانيا

صورة التُقطت 4 ديسمبر 2024 في بروكسل ببلجيكا تظهر الأمين العام لحلف «الناتو» مارك روته خلال مؤتمر صحافي (د.ب.أ)
صورة التُقطت 4 ديسمبر 2024 في بروكسل ببلجيكا تظهر الأمين العام لحلف «الناتو» مارك روته خلال مؤتمر صحافي (د.ب.أ)

وجّه الأمين العام لحلف شمال الأطلسي (الناتو) مارك روته، الخميس، تحذيراً قوياً بشأن ضرورة «زيادة» الإنفاق الدفاعي، قائلاً إن الدول الأوروبية في حاجة إلى بذل مزيد من الجهود «لمنع الحرب الكبرى التالية» مع تنامي التهديد الروسي، وقال إن الحلف يحتاج إلى التحول إلى «عقلية الحرب» في مواجهة العدوان المتزايد من روسيا والتهديدات الجديدة من الصين.

وقال روته في كلمة ألقاها في بروكسل: «نحن لسنا مستعدين لما ينتظرنا خلال أربع أو خمس سنوات»، مضيفاً: «الخطر يتجه نحونا بسرعة كبيرة»، وفق «وكالة الصحافة الفرنسية».

وتحدّث روته في فعالية نظمها مركز بحثي في بروكسل تهدف إلى إطلاق نقاش حول الاستثمار العسكري.

جنود أميركيون من حلف «الناتو» في منطقة قريبة من أورزيسز في بولندا 13 أبريل 2017 (رويترز)

ويتعين على حلفاء «الناتو» استثمار ما لا يقل عن 2 في المائة من إجمالي ناتجهم المحلي في مجال الدفاع، لكن الأعضاء الأوروبيين وكندا لم يصلوا غالباً في الماضي إلى هذه النسبة.

وقد انتقدت الولايات المتحدة مراراً الحلفاء الذين لم يستثمروا بما يكفي، وهي قضية تم طرحها بشكل خاص خلال الإدارة الأولى للرئيس الأميركي المنتخب دونالد ترمب.

وأضاف روته أن الاقتصاد الروسي في «حالة حرب»، مشيراً إلى أنه في عام 2025، سيبلغ إجمالي الإنفاق العسكري 7 - 8 في المائة من الناتج المحلي الإجمالي للبلاد - وهو أعلى مستوى له منذ الحرب الباردة.

وبينما أشار روته إلى أن الإنفاق الدفاعي ارتفع عما كان عليه قبل 10 سنوات، عندما تحرك «الناتو» لأول مرة لزيادة الاستثمار بعد ضم روسيا شبه جزيرة القرم من طرف واحد، غير أنه قال إن الحلفاء ما زالوا ينفقون أقل مما كانوا ينفقونه خلال الحرب الباردة، رغم أن المخاطر التي يواجهها حلف شمال الأطلسي هي «بالقدر نفسه من الضخامة إن لم تكن أكبر» (من مرحلة الحرب الباردة). واعتبر أن النسبة الحالية من الإنفاق الدفاعي من الناتج المحلي الإجمالي والتي تبلغ 2 في المائة ليست كافية على الإطلاق.

خلال تحليق لمقاتلات تابعة للـ«ناتو» فوق رومانيا 11 يونيو 2024 (رويترز)

وذكر روته أنه خلال الحرب الباردة مع الاتحاد السوفياتي، أنفق الأوروبيون أكثر من 3 في المائة من ناتجهم المحلي الإجمالي على الدفاع، غير أنه رفض اقتراح هذا الرقم هدفاً جديداً.

وسلَّط روته الضوء على الإنفاق الحكومي الأوروبي الحالي على معاشات التقاعد وأنظمة الرعاية الصحية وخدمات الرعاية الاجتماعية مصدراً محتملاً للتمويل.

واستطرد: «نحن في حاجة إلى جزء صغير من هذه الأموال لجعل دفاعاتنا أقوى بكثير، وللحفاظ على أسلوب حياتنا».