الحرس الثوري الإيراني في حالة تأهب استعدادا لزيادة أسعار البنزين

تسجيل 73 مليون شخص في قوائم الحصول على المساعدات المالية الحكومية

طوابير الإيرانيين أمام محطات الوقود ({الشرق الأوسط})
طوابير الإيرانيين أمام محطات الوقود ({الشرق الأوسط})
TT

الحرس الثوري الإيراني في حالة تأهب استعدادا لزيادة أسعار البنزين

طوابير الإيرانيين أمام محطات الوقود ({الشرق الأوسط})
طوابير الإيرانيين أمام محطات الوقود ({الشرق الأوسط})

دفعت حالة القلق الشعبي من ارتفاع أسعار البنزين، والشعور بالترقب الناتج عن تنفيذ المرحلة الثانية من إصلاح دعم السلع، قوات الحرس الثوري والتعبئة إلى وضع قواتها في أهبة الاستعداد بطهران، والمدن الكبرى في إيران.
وأعلنت الحكومة الإيرانية خططا لزيادة أسعار مصادر الطاقة وخاصة البنزين، مما أدى إلى ردود فعل واسعة في المجتمع. ودخلت المرحلة الثانية من إصلاح دعم السلع حيز التنفيذ منذ أقل من أسبوعين.
وبينما انتهت ساعات الترقب للإعلان عن الأسعار الجديدة لمصادر الطاقة، شهدت البلاد خلال الأيام الأخيرة إقبالا شديدا من قبل المواطنين على محطات الوقود للقيام بشراء البنزين وتخزينه. واضطر المواطنون إلى الانتظار لساعات في طوابير طويلة، مما أدى إلى زيادة استهلاك البنزين بنسبة 25 إلى 30 مليون لتر خلال الساعات الثماني والأربعين الماضية، وحقق معدل استهلاك البنزين في إيران قفزة وصلت إلى 100 مليون لتر يوميا. وبلغ معدل استهلاك البنزين لأول مرة أعلى مستوياته من ثلاثة أرقام في اليوم الأخير من العام الإيراني الماضي (21 مارس «آذار») من أجل تلبية حاجات المسافرين الذين قاموا برحلات نوروزية خلال عطلة العيد في إيران. وأشار مدير نقابة أصحاب محطات الوقود في إيران، بيجن حاج محمد رضا، إلى ارتفاع حجم بيع البنزين وتكديسه خلال الساعات الثماني والأربعين الماضية، وقال: «توجه الناس إلى محطات الوقود لعدة مرات بهدف شراء البنزين من خلال القيام بنقل البنزين إلى البراميل وحتى علب الماء، والعلب الأخرى. وأدت عملية تخرين البنزين في المنازل إلى انتشار طوابير طويلة أمام محطات الوقود الواقعة في أطراف المدن الكبرى».
وقدم وزير الاقتصاد الإيراني، علي طيب نيا، خلال حوار مع التلفزيون الرسمي الإيراني الأسبوع الماضي، إيضاحات من أجل تحضير الرأي العام بشأن ارتفاع أسعار البنزين. وأشار طيب نيا إلى الاختلاف الشاسع بين أسعار مصادر الطاقة في إيران والدول الأخرى. كما أن هناك اختلافا بين أسعار مصادر الطاقة وسائر السلع في إيران. وقال طيب نيا إن «أسعار البنزين بلغت زيادة بنسبة 120 في المائة للأسعار العالمية في 1971 أي قبل قيام الثورة، غير أن هذه النسبة انخفضت إلى 90 في المائة في 1976. وواصلت أسعار البنزين انخفاضها خلال السنوات التي تلت قيام الثورة، ووصلت إلى 27 في المائة في 2002. بينما انخفضت إلى 16 في المائة مقارنة مع الأسعار العالمية في 2003».
وحققت أسعار البنزين خلال ولاية محمود أحمدي نجاد طفرة، وذلك على خلفية برنامج الدعم الحكومي للسلع الأساسية. وبلغ سعر البنزين في 2005 ثمانية سنتات، وبالتزامن مع وصول أحمدي نجاد إلى سدة الرئاسة وصل سعر البنزين إلى 26 سنتا. وارتفع سعر البنزين بعد إلغاء الدعم الحكومي للسلع الأساسية في 2010 بنسبة 50 سنتا، وبلغ سعر البنزين بالسعر غير الحكومي 700 تومان، والسعر الحكومي 400 تومان. وتشير التقديرات إلى أن السعر غير الحكومي للبنزين سيبلغ 1000 تومان، أي 83 سنتا.
وكانت أسعار مصادر الطاقة، وخاصة البنزين، تشكل جزءا بسيطا من نفقات العائلات في إيران، ولكن إلغاء الدعم الحكومي عن السلع الأساسية وجه صدمة كبيرة للأسواق الإيرانية. وقدمت الحكومة مشروع إلغاء الدعم الحكومي عن السلع الأساسية إلى البرلمان في 2008، ودخلت هذه الخطة حيز التنفيذ في 2010. وألغت الحكومة الدعم عن السلع الأساسية ومصادر الطاقة، وقامت في 2011 بتوزيع نحو 60 في المائة من الدعم على هيئة مبالغ مالية على المواطنين، في حين جرى إنفاق المبلغ المتبقي في المشاريع العمرانية.
وتزامن تنفيذ خطة إلغاء الدعم عن السلع الأساسية، وهي برنامج محفوف بالمخاطر، مع العقوبات المالية والنفطية من قبل الاتحاد الأوروبي والولايات المتحدة ضد إيران، مما أدى إلى ارتفاع سعر الدولار بوتيرة متسارعة في الأسواق الإيرانية. وكشف ارتفاع سعر العملة، والتضخم الناتج عن قيام الحكومة بإدخال السيولة النقدية إلى الأسواق، عن عجز الحكومة عن الوفاء بتعهداتها، والسعي لتسديد عجز الميزانية لدفع المساعدات المالية للناس. أدى هذا العجز في الميزانية إلى ضرورة ارتفاع أسعار البنزين مرة أخرى، وانخفاض نسبة الدعم الحكومي من أجل الحؤول دون تحقيق طفرة في أسعار البنزين مقارنة مع الأسعار العالمية وحتى الإقليمية. وبالنتيجة، فإن الحكومة الإيرانية لن تتمكن من الوفاء بوعودها بتقديم مبالغ مالية بقيمة 20 دولارا شهريا لكل مواطن في إيران. وناشدت الحكومة الإيرانية، بالتزامن مع تنفيذ المرحلة الثانية من إصلاح دعم السلع، منذ أسبوعين، المواطنين الذين ليسوا بحاجة ماسة للحصول على المساعدات المالية عدم التسجيل للحصول عليها. وحض وزير الرفاه الإيراني المواطنين على الانصراف عن تلقي المساعدات، وأطلق وعودا لهم بتوفير خدمة تأمين مجانية لهم. ولكن وفقا لإحصاءات قدمها المتحدث باسم الحكومة الإيرانية محمد باقر نوبخت، فإن 73 مليون شخص سجلوا للحصول على المساعدات المالية، في حين انصرف مليونان و400 ألف مواطن عن تلقي المساعدات المالية. بالطبع، فإن هذه النتائج لم تعجب المسؤولين الإيرانيين، وأدت إلى تعميق الشرخ وأجواء عدم الثقة بين الحكومة والمواطنين المستاءين من التداعيات السلبية للسياسات الاقتصادية التي اعتمدتها الحكومات المختلفة في إيران. وأثارت مناشدة الحكومة الإيرانية المواطنين للانصراف عن تلقي المساعدات المالية هوامش كثيرة، وانتشرت تعليقات في الشبكات الاجتماعية تحض المواطنين على عدم التوجه لتلقي المساعدات المالية. وطرحت مبادرات كثيرة بهذا الشأن مثل أن الأشخاص الذين لا يحتاجون المساعدات المالية يقومون بالتبرع بها للمؤسسات الخيرية والفقراء بعد الحصول عليها. وقامت مجموعة بإنشاء صفحة على «الفيسبوك» تحت عنوان «نطالب بشار الأسد بالانصراف عن تلقي المساعدات المالية»، وذلك في إشارة إلى سياسات الحكومة بالاستثمار في سوريا في الوقت الذي يجري حرمان الشعب الإيراني من التمتع بهذه المصادر. وانتقد المواطنون التصريحات التي أدلى بها وزير الاقتصاد الذي قارن سعر البنزين في إيران بالأسعار العالمية، مشيرين إلى تدني نسبة الدخل السنوي للفرد في إيران قياسا مع المعايير الدولية. وتدل بعض التصريحات الصادرة عن المسؤولين على أن الحكومة تعتزم التدقيق في الحسابات المصرفية للمواطنين من أجل الاطمئنان إلى عدم تلقي الأثرياء مساعدات حكومية. وأثارت هذه القضية انتقادات وقلقا بشأن انتهاك حقوق المواطنين، وزعزعة الثقة بين الحكومة والمواطنين.
ومن المتوقع أن تترافق عملية الإعلان عن أسعار البنزين الجديدة مع وقوع قلاقل في المجتمع، وذلك بالنظر إلى الاستياء الشعبي الواسع من خطة إلغاء الدعم عن السلع الأساسية، وعدم التعاون الشعبي في الانصراف عن تلقي المساعدات المالية.
هذا وأعلن مقر محمد رسول الله، التابع للحرس الثوري في طهران، القيام بـ«مناورة تضم عشرة آلاف شخص» بهدف مواجهة التهديدات الداخلية في مدينة طهران خلال اليومين المقبلين. ونفت قيادات الحرس الثوري أي صلة بين الإعلان عن سعر البنزين الجديد مع مناورة القوات العسكرية، وعدوا هذه المناورات في طهران تأتي في إطار «عملية روتينية» لهذه القوات.
ولا تعد حالة تأهب القوات العسكرية قبل الإعلان عن أسعار البنزين الجديدة في إيران ظاهرة جديدة؛ ففي 18 ديسمبر (كانون الأول) 2010 انتشرت القوات الأمنية والعسكرية في محطات الوقود في أرجاء البلاد لمواجهة الاحتجاجات المحتملة، وذلك بعد أن أعلن محمود أحمدي نجاد في التلفزيون الإيراني تنفيذ المرحلة الأولى من خطة إلغاء الدعم الحكومي عن السلع الأساسية. وأشعل المواطنون في بعض المناطق النيران في عدد من محطات الوقود احتجاجا على الخطة الحكومية.
ويبدو واضحا أن حكومة روحاني تترقب بقلق الردود الشعبية والأسواق على ارتفاع أسعار الطاقة، بل إن كل أركان النظام، منها مرشد الجمهورية الإسلامية والقوات العسكرية، يشعرون بالقلق من تداعيات هذه الخطة، وتتأهب لاحتواء الأوضاع الأمنية في حال وقوع احتجاجات شعبية.



وزارة الدفاع التركية تعلن إسقاط طائرة مسيّرة فوق البحر الأسود

طائرة مقاتلة من طراز «إف 16» تابعة للقوات الجوية التركية تقلع في مناورات جوية في شمال ألمانيا 9 يونيو 2023 (رويترز)
طائرة مقاتلة من طراز «إف 16» تابعة للقوات الجوية التركية تقلع في مناورات جوية في شمال ألمانيا 9 يونيو 2023 (رويترز)
TT

وزارة الدفاع التركية تعلن إسقاط طائرة مسيّرة فوق البحر الأسود

طائرة مقاتلة من طراز «إف 16» تابعة للقوات الجوية التركية تقلع في مناورات جوية في شمال ألمانيا 9 يونيو 2023 (رويترز)
طائرة مقاتلة من طراز «إف 16» تابعة للقوات الجوية التركية تقلع في مناورات جوية في شمال ألمانيا 9 يونيو 2023 (رويترز)

أعلنت وزارة الدفاع التركية إسقاط مسيّرة «خارج السيطرة»، الاثنين، بعدما اقتربت من المجال الجوي التركي من جهة البحر الأسود.

وجاء في بيان للوزارة: «تجنّباً لأي عواقب ضارة، أُسقطت الطائرة المسيّرة في منطقة آمنة وبعيدة من أي مناطق مأهولة»، حسبما أفادت «وكالة الصحافة الفرنسية».

وقالت أنقرة: «تم رصد وتعقب أثر جوي... في إطار الآليات الروتينية» فوق البحر الأسود، و«تبيّن أن الأثر الجوي المعني هو مسيّرة خارج السيطرة». وأضافت: «بهدف ضمان أمن المجال الجوي، تم نشر مقاتلاتنا من طراز (إف-16) تحت قيادة حلف شمال الاطلسي (ناتو) والقيادة الوطنية، في مهمة اعتراض».

ويأتي هذا الحادث بعدما حذّر الرئيس التركي رجب طيب إردوغان، السبت، من تحوّل البحر الأسود إلى «منطقة مواجهة» بين روسيا وأوكرانيا، وذلك إثر ضربات عدة طالت سفناً في الأسابيع الأخيرة.


مستشار خامنئي: نعارض بشدة «مشروع ترمب» في القوقاز

ولايتي يلتقي السفير الأرميني غريغور هاكوبيان (إرنا)
ولايتي يلتقي السفير الأرميني غريغور هاكوبيان (إرنا)
TT

مستشار خامنئي: نعارض بشدة «مشروع ترمب» في القوقاز

ولايتي يلتقي السفير الأرميني غريغور هاكوبيان (إرنا)
ولايتي يلتقي السفير الأرميني غريغور هاكوبيان (إرنا)

قال علي أكبر ولايتي، مستشار المرشد الإيراني للشؤون الدولية، إن طهران تعارض بشدة ما وصفه بـ«مشروع الرئيس الأميركي دونالد ترمب» في القوقاز، وذلك عقب اتفاق رعته واشنطن بين أرمينيا وأذربيجان لإنشاء ممر عبور جديد.

وجاءت تصريحات ولايتي لدى استقباله السفير أرمينيا لدى طهران، غريغور هاكوبيان، حيث ناقشا آخر المستجدات بما في ذلك أوضاع جنوب القوقاز.

ووقعت أرمينيا وأذربيجان، في وقت سابق من أغسطس (آب) الحالي، اتفاقاً في البيت الأبيض برعاية الرئيس الأميركي، دونالد ترمب، يرمي إلى وضع حد لعقود من النزاع بين الجمهوريتين السوفياتيتين السابقتين.

ونصّ الاتفاق على إنشاء «منطقة عبور» عبر أرمينيا تربط أذربيجان بجيب نخجوان التابع لها غرباً، على أن يُسمى «طريق ترمب للسلام والازدهار الدوليين»، الذي عرف بـ«ممر تريب». وبموجب الاتفاق، تحظى الولايات المتحدة بحقوق تطوير الممر المعروف كذلك بـ«ممر زنغزور».

مصافحة ثلاثية بين دونالد ترمب وإلهام علييف ونيكول باشينيان في البيت الأبيض يوم 8 أغسطس 2025 بعد توقيع الاتفاق بين أرمينيا وأذربيجان (رويترز)

ونقلت وكالة «إيسنا» الحكومية عن ولايتي قوله إن ما يُعرف بـ«مشروع ترمب» في القوقاز، لا يختلف عن «ممر زنغزور»، وأن إيران تعارضه بشكل قاطع. وأضاف أن طهران عارضت منذ البداية مشروع ممر زنغزور، بسبب رفضها أي تغيير في الحدود أو أي تطورات من شأنها تهديد أمنها الإقليمي.

ورأى ولايتي أن «مشروع ترمب» هو عملياً المشروع نفسه مع تغيير في التسمية فقط، ويجري حالياً الترويج له عبر دخول شركات أميركية إلى أرمينيا.

وأوضح ولايتي أن إيران أعلنت معارضتها الحازمة لهذا المشروع، سواء بمشاركة روسيا أو من دونها، حتى في الفترة التي كانت فيها موسكو منشغلة بالحرب في أوكرانيا، مضيفاً أن طهران نجحت في منع تنفيذه؛ لأن هذا الممر كان يمكن أن يفتح الطريق أمام وجود حلف شمال الأطلسي (ناتو) شمال إيران، ويشكّل تهديداً خطيراً لأمن شمال إيران وجنوب روسيا.

وحذر ولايتي من أن «التجربة أثبتت أن الولايات المتحدة تدخل المناطق الحساسة بدايةً عبر مشاريع ذات طابع اقتصادي، قبل أن يتوسع وجودها تدريجياً ليأخذ أبعاداً عسكرية وأمنية»، مشدداً على أن «أي مشروع يفتح الباب أمام الوجود الأميركي على حدود إيران ستكون له تداعيات أمنية واضحة».

وفي أغسطس، توالت المواقف الإيرانية المنددة بمشروع «ممر تريب (طريق ترمب للسلام والازدهار الدوليين)»، منذ الإعلان عن الاتفاق بين باكو ويريفان.

وقال مسؤولون ونواب إيرانيون إن مشروع «ممر زنغزور» لا يمكن عده قضية عابرة، «بل يمثل خطاً أحمر يتعلق بأمن الحدود والسيادة الإقليمية». وكان ولايتي قد عدّ أن «مؤامرة» من شأنها أن تعرّض «أمن جنوب القوقاز للخطر»، محذراً من أنه «لن يتحول إلى ممر يملكه ترمب، بل سيكون مقبرة لمرتزقته».

وبعد أسبوع من توقيع الاتفاق، توجه الرئيس الإيراني مسعود بزشكيان، إلى بريفان، عاصمة أرمينيا، وأجرى مباحثات مع رئيس الوزراء الأرميني، نيكول باشينيان، في محاولة للاطلاع على تفاصيل الاتفاق.

وقلل وزير الخارجية الإيراني، عباس عراقجي، حينها من الردود الداخلية، قائلاً إن الاتفاق «يحترم مواقفنا المبدئية، لكن الوجود المحتمل لشركة أميركية يثير القلق، وسنواصل التشاور ومتابعة التطورات من كثب».


برّاك يحاول إقناع نتنياهو بقبول تركيا في غزة

جانب من اجتماع المبعوث الأميركي الخاص إلى سوريا توم برّاك ورئيس الوزراء الإسرائيلي بنيامين نتنياهو يوم الاثنين (الحكومة الإسرائيلية)
جانب من اجتماع المبعوث الأميركي الخاص إلى سوريا توم برّاك ورئيس الوزراء الإسرائيلي بنيامين نتنياهو يوم الاثنين (الحكومة الإسرائيلية)
TT

برّاك يحاول إقناع نتنياهو بقبول تركيا في غزة

جانب من اجتماع المبعوث الأميركي الخاص إلى سوريا توم برّاك ورئيس الوزراء الإسرائيلي بنيامين نتنياهو يوم الاثنين (الحكومة الإسرائيلية)
جانب من اجتماع المبعوث الأميركي الخاص إلى سوريا توم برّاك ورئيس الوزراء الإسرائيلي بنيامين نتنياهو يوم الاثنين (الحكومة الإسرائيلية)

تطابقت التقارير العبرية، حول لقاء رئيس الوزراء الإسرائيلي بنيامين نتنياهو، والمبعوث الأميركي الخاص لسوريا سفير الولايات المتحدة لدى تركيا، توم برّاك، الاثنين، في القدس، على تلقّي الأول «رسائل حادة وخاصة» من إدارة الرئيس دونالد ترمب، قبل قمة أميركية - إسرائيلية مرتقبة، نهاية الشهر، في فلوريدا. وتركز الاجتماع بين برّاك ونتنياهو على 3 محاور هي: غزة، وسوريا، واللقاء مع ترمب.

تصريحات غير مقبولة في غزة

وفي ملف غزة، والانتقال إلى المرحلة الثانية من اتفاق وقف إطلاق النار الهش الذي بدأ أكتوبر (تشرين الأول) الماضي، فإن صحيفة «يديعوت أحرونوت» أفادت بأن «برّاك حاول تبديد مخاوف نتنياهو من الدور التركي وإقناعه بمشاركتها في القوات الدولية في قطاع غزة، موضحاً أن تركيا هي الدولة الأكثر تأثيراً على (حماس)، والأكثر قدرة على إقناعها بنزع سلاحها».

وأفادت الصحيفة بأن براك ذكّر نتنياهو بأن تركيا «وقّعت على خطة ترمب (بشأن وقف إطلاق النار في غزة)، وتعهدت باسم (حماس) ببند تسليم الأسلحة، وستؤدي مشاركتها إلى تحفيز العديد من الدول المترددة حالياً بالمشاركة في القوة الدولية».

الرئيس التركي رجب طيب إردوغان خلال توقيعه على إعلان شرم الشيخ حول السلام بالشرق الأوسط (الرئاسة التركية)

وحسبما نقلت الصحيفة، فإن برّاك قال «إن عدم مشاركة تركيا يجعل تلك الدول تتراجع عن المشاركة، والرئيس ترمب لن يسمح بفشل هذه الفكرة، موضحاً أن تصريحات نتنياهو التي قال فيها إنه لا يثق بأن (حماس) ستتخلى عن أسلحتها، وتهديده بأن إسرائيل هي التي ستستطيع ذلك، هي تصريحات غير مقبولة، وتشكل تهديداً للخطة».

وتوافقت الإفادات السابقة، مع ما نقلته «القناة 12 للتلفزيون الإسرائيلي»، الاثنين، أن «البيت الأبيض نقل رسالة (خاصة وحادة) إلى نتنياهو، شددت على أن اغتيال القيادي العسكري البارز في حركة (حماس)، رائد سعد، يشكّل خرقاً لاتفاق وقف إطلاق النار الذي تم التوصل إليه بوساطة ترمب».

كما أكدت القناة وجود «توتر متصاعد بين إدارة ترمب وحكومة نتنياهو، على خلفية الخلاف حول الانتقال إلى المرحلة الثانية من الاتفاق لإنهاء الحرب على غزة، إضافة إلى السياسات الإسرائيلية الأوسع في المنطقة».

وقال مسؤولان أميركيان للقناة إن وزير الخارجية ماركو روبيو، والمبعوث الخاص للبيت الأبيض ستيف ويتكوف، وجاريد كوشنر صهر الرئيس الأميركي، باتوا «محبطين للغاية» من سلوك نتنياهو.

ونقل التقرير عن مسؤول أميركي رفيع قوله إن فحوى الرسالة التي وُجّهت إلى نتنياهو كان واضحاً: «إذا كنت تريد تدمير سمعتك وإظهار أنك لا تلتزم بالاتفاقات فهذا شأنك، لكننا لن نسمح لك بتدمير سمعة الرئيس ترمب بعد أن توسط في اتفاق غزة».

وفي الضفة الغربية، قال مسؤول أميركي كبير ومصدر مطّلع إن البيت الأبيض يشعر بقلق متزايد إزاء عنف المستوطنين ضد الفلسطينيين، وما يراه «استفزازات إسرائيلية» تضر بالجهود الأميركية لتوسيع (الاتفاقيات الإبراهيمية)، وأضاف المسؤول الأميركي: «الولايات المتحدة لا تطلب من نتنياهو المساس بأمن إسرائيل، بل تطلب منه عدم اتخاذ خطوات تُفسَّر في العالم العربي على أنها استفزازية».

وقال مسؤول أميركي: «نتنياهو تحوّل خلال العامين الماضيين إلى شخصية منبوذة دولياً. عليه أن يسأل نفسه لماذا يرفض (الرئيس المصري عبد الفتاح) السيسي لقاءه، ولماذا، بعد خمس سنوات على اتفاقيات أبراهام، لم تتم دعوته لزيارة الإمارات».

وأضاف: «إدارة ترمب تبذل جهداً كبيراً لإصلاح الوضع، لكن إذا لم يكن نتنياهو مستعداً لاتخاذ خطوات لخفض التصعيد، فلن نضيّع وقتنا في محاولة توسيع (الاتفاقيات الإبراهيمية)»

شتائم لنتنياهو في البيت الأبيض

وبدا لافتاً أن ترمب أوفد براك إلى نتنياهو، رغم الهجوم الذي شنه رئيس الوزراء الإسرائيلي ضد الدبلوماسي الأميركي خلال الآونة الأخيرة، إلى حد تصريحه بأنه يرى فيه «سفيراً تركياً لدى أمريكا، وليس سفيراً أميركياً لدى تركيا».

كما ازدادات حمى غضب نتنياهو من براك، عندما شكك بالديمقراطية الإسرائيلية قبل أسبوعين، ما دعا برّاك للاعتذار، قبل زيارته، عن التصريح مع مطالبة نتنياهو بعدم تضخيم الأزمة على حساب القضايا الكبرى التي جاء لبحثها.

ونقل الصحافي ناحوم بارنياع في «يديعوت أحرونوت»، الاثنين، عن مصدر مطلع، أن «الأمريكيين بدؤوا يكتشفوا أن نتنياهو ليس جاداً في التقدم نحو تطبيق خطة ترمب للسلام، وأنه يعمل كل ما بوسعه كي تبقى إسرائيل في حرب الى الأبد».

وقال بارنياع: «روى لي مصدر مطلع، بأن وابلاً من الشتائم في البيت الأبيض نزلت على رأس رئيس وزراء إسرائيل؛ قيلت كلمات تمتنع صحيفة شريفة عن كتابتها. ولا ينبغي استبعاد إمكانية أن شيئاً من هذا قيل لنتنياهو مباشرة في أثناء نهاية الأسبوع»، وفق ما أفاد الكاتب الإسرائيلي.

خطوط حمراء في سوريا

وتذهب التقديرات الإسرائيلية إلى أن برّاك حدد في اجتماعه مع نتنياهو «خطوطاً حمراء» بشأن النشاط الإسرائيلي في سوريا، عبر التأكيد على رغبة ترمب التي عبّر عنها سابقاً، في أن الرئيس السوري أحمد الشرع يمثل حليفاً لواشنطن، يجب دعمه في مساعيه لاستقرار الدولة ودفعها إلى الأمام، ولذلك يرغب الأميركيون في تجنب أي إجراءات يرونها تقوض حكمه.

ونقلت التقارير العبرية أن برّاك نقل أن الأمريكيين يخشون من أن تؤدي كثرة العمليات الإسرائيلية إلى انهيار النظام في سوريا، بالإضافة إلى رغبتهم في التوصل إلى اتفاق أمني.

وفي شأن لبنان، فإن ترمب يريد من إسرائيل استمرار ممارسة الضغوط على «حزب الله» من خلال عمليات محدودة، لكنه لا يوافق حالياً على عمليات حربية موسعة.

ووذهب محللون إسرائيليون إلى أن نتنياهو لن يرفض كل طلبات برّاك، بل يحاول الانسجام معها ولكن من دون التزام قاطع، وهدفه في ذلك هو أن يمهد الطريق لإنجاح لقائه مع ترمب في فلوريدا، يوم 29 ديسمبر (كانون الاول) الحالي.

ولكن نتنياهو في الوقت نفسه، لم يفوت فرصة الظهور كمن يتخذ قرارات مستقلة، فأرسل قواته لقصف جوي في سوريا، قبل لحظات من وصول براك إلى مكتبه.

المبعوث الأميركي الخاص إلى سوريا توم برّاك ورئيس الوزراء الإسرائيلي بنيامين نتنياهو في لقاء يوم الاثنين (الحكومة الإسرائيلية)

وفي إطار الاستفزاز لتركيا ورئيسها رجب طيب اردوغان، قرر استضافة قمة ثلاثية تجمعه مع رئيس وزراء اليونان ورئيس قبرص، في لقاء مشترك وُصف في إسرائيل بأنه يحمل رسالة سياسية مباشرة ضد تركيا. بيد أن براك قال في ختام لقائه مع نتنياهو إن الاجتماع كان «حواراً بناءً يهدف إلى تحقيق السلام والاستقرار الإقليميين».