سيناء «بوابة مصر الشرقية»... تتحدى المُتشددين

92 عملية إرهابية خلال 3 أشهر والجيش يُقاوم بـ41 كتيبة

سيناء «بوابة مصر الشرقية»... تتحدى المُتشددين
TT

سيناء «بوابة مصر الشرقية»... تتحدى المُتشددين

سيناء «بوابة مصر الشرقية»... تتحدى المُتشددين

سيناء هي «بوابة مصر الشرقية» التي تشهد يوميًا نزفًا مستمرًا للدم المصري منذ عام 2013، من خلال حرب مفتوحة يخوضها الجيش المصري ضد المتشدّدين الذين حوّلوا شبه الجزيرة إلى «إمارة» إرهابية، وللعلم، يقدّر حجم القوات التابعة للجيش المصري في منطقة شمال سيناء اليوم بنحو 41 كتيبة، قوامها 25 ألف مجند. ووفق آخر إحصائية رسمية مصرية بلغ عدد العمليات الإرهابية خلال الأشهر الثلاثة الأخيرة من عام 2016 الفائت في سيناء 92 عملية. ويقول متابعون ومحللون إن الأنفاق الحدودية في سيناء تمتد لنحو 15 كلم، بطول الحدود مع قطاع غزة، مشكّلة شبكة عنكبوتية تحت الأرض تدخل عبرها نسبة عالية من الأسلحة والمتفجرات التي تستخدم في الهجوم ضد القوات المصرية، ويشير هؤلاء إلى أن في سيناء راهنًا جماعات متطرفة وعصابات دولية تربطها مصالح مشتركة تتركز في إضعاف الأمن، ولها صلات بجماعات دولية.
تُعد شبه جزيرة سيناء أحد مفاتيح شخصية مصر و«بوابتها الشرقية»، إذ وهب الله سيناء موقعًا متميزًا وساحرًا، وهي الرقعة التي تصل أفريقيا بآسيا، وتطل بواجهتها الواسعة على أوروبا عبر مياه البحر المتوسط. ويشير الأكاديميون إلى أن الكثير ممن غزوا مصر جاءوا من الشرق عابرين سيناء، ومن ثم، فهي تعد مُلتقى القارتين الأفريقية والآسيوية والجسر البرّي الذي يربط بينهما والممر الطبيعي للقوافل والجيوش. كذلك، تعتبر سيناء أرض التاريخ والأسطورة، ففيها بحثت إيزيس عن أوزيريس، ووجد الفراعنة الذهب، وكانت أرض الانتصارات وأرض السلام.
في المقابل تشير تقارير استراتيجية إلى عدة عوامل أسهمت في وجود بيئة خصبة على الأرض سمحت بتحرك مجموعات إرهابية بحرية في سيناء، من بينها الطبيعة الجغرافية والبيئة الديموغرافية.

ثلاثة تنظيمات متشددة
توضح التقارير الاستراتيجية أن عددا من التنظيمات بدأ يتجمّع في الركن الشمالي الشرقي من سيناء منذ نهاية عقد الثمانينات من القرن الماضي. وجاء ذلك نتيجة لتشديد القبضة الأمنية في مصر ومطاردة الجماعات المتطرفة منذ اغتيال الرئيس المصري الأسبق أنور السادات عام 1981. وما تبعه من أحداث إرهابية طالت عددا من رموز المجتمع المصري.
وبدأت القصة، حسب التقارير، بلجوء أفراد من ثلاثة تنظيمات رئيسية - برزت خلال تلك الفترة - إلى سيناء، وهي جماعات «السلفية الجهادية» و«تنظيم الجهاد» و«جماعة التكفير والهجرة». ولا يخفى أن أبناء سيناء، الذين لا يربو تعدادهم كثيرًا على نصف مليون نسمة، كانوا يُعامَلون على امتداد 30 سنة في عهد الرئيس الأسبق حسني مبارك «تعاملاً خاصًا»، إذ كان أبناؤهم يُستَثنون من دخول الكليات العسكرية والشرطية. وما زاد من تعقيد الوضع في شمال سيناء الفقيرة نسبيًا، التضاد الواضح مع محافظة سيناء الجنوبية التي ازدهرت منتجعاتها السياحية وغدت مقصدًا للسياح الأجانب، ما أدى إلى اضطرار السكان الأصليين للتوجه شمالا، حتى أن المصريين كانوا يقولون في نهاية عهد مبارك إنه «يحكم البلاد من مدينة شرم الشيخ»، نظرا لكثرة تردده عليها.

داعش سيناء
قبل أيام معدودات أعلن تنظيم «داعش سيناء» الإرهابي المتطرف مسؤوليته عن قتل 25 شرطيًا في هجوم بمدينة العريش، عاصمة شمال سيناء. ولم يكن الهجوم العملية الوحيدة التي يُعلن التنظيم تبنيها خلال الأشهر الماضية. بل لقد أعلن الرئيس المصري عبد الفتاح السيسي أن البلاد تخوض «حربًا حقيقية ضد الإرهاب»، كاشفًا عن أن حجم قوات الجيش العاملة في سيناء لمواجهة التنظيمات الإرهابية تٌقدر بنحو 41 كتيبة قوامها 25 ألف مقاتل. ويُذكر هنا أن إسرائيل سمحت لمصر بتجاوز أعداد الجنود ونوعية الأسلحة المستخدمة في المنطقة «ج» من سيناء الخاضعة لاتفاقية السلام الموقعة بين البلدين في أواخر سبعينات القرن الماضي. ويشرح متابعون مطلعون أن عناصر تنظيم «داعش سيناء» يحتمون داخل كهوف في جبل الحلال، بوسط سيناء، الواقع في منطقة تحدد فيها «اتفاقية كامب ديفيد» للسلام بين مصر وإسرائيل عدد قوات الجيش المصري وتسليحه.
وأشار السيسي أيضًا إلى أنه أمكن خلال الأشهر الثلاثة الماضية فقط ضبط ألف طن متفجرات وملايين الجنيهات والدولارات (بحوزة التنظيمات الإرهابية)، بجانب آلاف الأطنان من المتفجرات ضبطت خلال السنوات الماضية في مخازن تحت الأرض بشبه الجزيرة كانت قد جمعت على مدى سنوات طويلة.

أنفاق عنكبوتية
من ناحية أخرى، يشير متابعون محللون إلى مشكلة الأنفاق الحدودية التي تمتد لنحو 15 كيلومترا بطول الحدود مع قطاع غزة في شكل شبكة عنكبوتية تحت الأرض. ويرى هؤلاء أن هذه الأنفاق باتت تمثل الآن «مشكلة كبرى». وهي بعدما كان يجري عبرها تهريب البضائع إلى القطاع وقت حصاره في الماضي من قبل إسرائيل، صارت الآن تشهد رواجا أكبر من الجانب العكسي، وتدخل من خلالها كميات من الأسلحة والمتفجرات.
وينشط بقوة في سيناء تنظيم «أنصار بيت المقدس» الذي بايع أبو بكر البغدادي، زعيم تنظيم داعش الإرهابي، في نوفمبر (تشرين الثاني) عام 2014، ومن ثم أطلق على نفسه مسمى «ولاية سيناء». لكن السلطات المصرية ترفض هذه التسمية ليعرف في الإعلام بـ«داعش سيناء»، وكان هذا التنظيم قد زعم فور ظهوره أن هدفه هو محاربة إسرائيل، وشارك بالفعل في إطلاق صواريخ على مدن إسرائيلية من سيناء، إلا أنه تحول منذ سنوات لاستهداف قوات الشرطة والجيش المصري.
«داعش سيناء» ظهر في الواقع عقب ثورة 25 يناير التي أطاحت بحكم الرئيس الأسبق مبارك عام 2011، لكنه منذ عزل الرئيس السابق محمد مرسي - المنتمي لجماعة الإخوان - عن السلطة عام 2013 استهدف خطوط الغاز في سيناء، فضلا عن استهداف العسكريين ورجال الأمن المصري والارتكازات والنقاط الأمنية. وتبنى منذ ذلك الحين عددًا من عمليات قتل جنود جلها في سيناء، إضافة إلى استهداف حافلة سياحية كانت تقل عددًا من الأجانب بالقرب من مدينة طابا، فضلاً عن طائرة الركاب الروسية.

تنظيمات دولية
الخبير الأمني العميد السيد عبد المحسن، قال لـ«الشرق الأوسط» في لقاء معه «يوجد في سيناء متطرفون متشدّدون وعصابات دولية تتاجر في الأعضاء البشرية»، وهذه العناصر والتنظيمات «تتعاون من أجل مصالح مشتركة تتركز في إضعاف الأمن، وتتعاون مع عصابات دولية لتنفيذ عمليات داخل مصر». وأردف أن تنظيم «داعش سيناء» أعلن عدة مرات أنه يسعى لتأسيس «إمارة» متطرفة في تلك المنطقة، لكن خبراء عسكريين أكدوا استحالة ذلك بالنظر إلى موازين القوى على الأرض.
في غضون ذلك، ذكرت دراسة صادرة عن مركز الأهرام للدراسات السياسية والاستراتيجية في القاهرة خلال يناير الجاري، أن تنظيم «بيت المقدس» في سيناء نفّذ العدد الأكبر من العمليات الإرهابية خلال الربع الأخير من عام 2016، إذ شن نحو 89 في المائة من العمليات (92 عملية)، مقابل 11 في المائة شنتها تنظيمات إرهابية عشوائية، واقتصرت على محافظات الوادي والدلتا.
ومعروف أن الرئيس المصري السيسي نوه في تصريحات له أخيرًا بتحقيق أجهزة الأمن «إنجازات ملموسة» في مواجهة الجماعات الإرهابية في سيناء، مشيرا في الوقت ذاته إلى أن هذه المواجهات «ستستمر لفترة... وستطول بسبب حرص قوات الجيش والشرطة على عدم المساس بمدنيين أبرياء خلال هذه المواجهات، خاصة، أن بعض خلايا الإرهاب تتعمد الاختفاء وسط تجمعات سكانية».
وبالتوازي مع الحرص على سلامة المدنيين في مناطق الاشتباكات، يطالب الرئيس المصري بمواصلة خطط استهداف البؤر الإرهابية المنتشرة في شمال شبه الجزيرة بأقصى درجات الحزم. وفعلاً، يفرض الجيش والشرطة المصرية طوقًا أمنيًا شديدًا على المداخل الغربية لسيناء منذ أكثر من 5 سنوات لمنع إدخال الأسلحة والمتفجرات من الأنفاق الموجودة شرقًا، خاصة مع تزايد العمليات ضد قوات الجيش والشرطة وتزايد حجم الأسلحة المستخدمة في تلك العمليات.
وحسب الخبير الأمني عبد المحسن، فإن الفكرة الأساسية لـ«داعش سيناء»، كباقي التنظيمات المتطرفة التي تتزيّا بزي الدين، توهم أتباعها أنهم «جماعة المسلمين... ومن عداهم ليسوا بمسلمين»، ومتابعًا أن كل هذه المجموعات تدور في نفس الفلك، فقط تختلف حول الزعامة أو أسلوب تحقيق دولتها وتحقيق أهدافها.

أبرز العمليات الإرهابية
يشار إلى أن من أبرز العمليات الإرهابية التي نفذتها جماعات متطرفة تفجيرات طابا التي راح ضحيتها 34 قتيلا في أكتوبر (تشرين الأول) عام 2004، وتفجيرات شرم الشيخ في يوليو (تموز) عام 2005 التي أودت بحياة 67 شخصا معظمهم من المصريين، وتسببت في إصابة 200 شخص - وبالتالي، تعد أسوأ هجوم إرهابي تعرضت له مصر، واتهم فيه أفراد من منظمة أطلق عليها تنظيم «القاعدة في بلاد الشام وأرض الكنانة». وثلاثة تفجيرات هزت مُنتجع دهب (جنوب سيناء) خلال أبريل (نيسان) عام 2006 راح ضحيتها 23 قتيلا، ويومذاك تبنت التفجيرات جماعة أطلقت على نفسها جماعة «التوحيد والجهاد». ثم كانت هناك «مذبحة رفح الأولى» خلال أغسطس (آب) عام 2012، التي أسفرت عن قتل 16 ضابطًا وجنديًا بالجيش المصري قرب معبر حدودي بمنطقة رفح المصرية بين مصر وإسرائيل، وحينذاك استولى الجناة على مدرعتين لقوات الجيش وحاولوا اقتحام الحدود مع إسرائيل. و«مذبحة رفح الثانية» التي أسفرت عن مقتل 25 جنديًا بعدما أوقف مسلحون في أغسطس 2013 حافلتين تقل عددا من الجنود العائدين من إجازتهم إلى معسكراتهم في شمال سيناء، وأنزلوهم وقتلوهم. ويرى العميد عبد المحسن أن «الحرب بين الدولة المصرية والجماعات الإرهابية مستمرة، إلا أن العمليات الانتحارية للتنظيم الإرهابي تُعبر عن اليأس الذي وصل إليه».

مُقاومة دينية
في سياق موازٍ، قالت دار الإفتاء المصرية إنه على الرغم من حشد التنظيمات التكفيرية المتطرفة كل عناصرها وتكتيل قوتها ومواردها في سيناء وتكثيف عملياتها الإرهابية والتخريبية هناك ضد الدولة المصرية؛ فإنها فشلت حتى الآن بالسيطرة على أي قطعة من أرض سيناء، لتجعلها نقاط تجميع وانطلاق للتوسع في ضم الأراضي وكسب المساحات، وذلك على غرار ما حدث في ليبيا وسوريا والعراق. وأوضحت دار الإفتاء أن «صلابة الدولة المصرية وشجاعة قواتها واستبسال عسكرييها يُعد العامل الرئيسي في منع الإرهابيين من التمركز في سيناء، إضافة إلى إيمان المجتمع السيناوي بأهمية تطهير سيناء من الإرهاب ومساندته قوات الأمن والجيش في حربها ضد تنظيمات العنف هناك».
من جانبه، قال الدكتور خالد الزعفراني، الخبير في شؤون الجماعات الإسلامية، إن «على الشعب المصري التكاتف خلف القوات المسلحة في الحرب ضد الإرهاب، التي بدأت تشتد من جديد، بعدما تمكنت القوات المسلحة من السيطرة على سيناء خلال الفترة الماضية»، وأضاف: «إن التنظيمات الإرهابية كلما ضعفت وتمكن الجيش من السيطرة على سيناء وتدمير قوتها، تحصل على دعم جديد وتمويل خارجي وداخلي يساعدها على العودة من جديد.... ولكن هذه التنظيمات في النهاية ستنتهي ولن تحقق أي شيء».

صورة سيناء
على صعيد آخر، يقول الدكتور محمد طه، أستاذ اللغة العربية والحضارة في مصر، في شرحه أهمية سيناء التاريخية والاستراتيجية والحضارية «سيناء مُلتقى القارتين الأفريقية والآسيوية والجسر البري الذي يربط بينهما، ولقد كانت منذ القدم ممرًا للقوافل والجيوش. وهي تأخذ شكل المثلث تستلقي قاعدته الشمالية على امتداد البحر الأبيض المتوسط (من بور فؤاد غربا إلى رفح شرقًا) بطول يبلغ قرابة 200 كلم، أما رأسه فيقع جنوبًا عند منطقة رأس محمد (التي تبعد عن ساحل البحر الأبيض بنحو 390 كلم). ويبلغ امتداد الحد الغربي لمثلث سيناء نحو 510 كم (ويشمل هذا الامتداد خليج السويس وقناة السويس)، أما امتداد الحد الشرقي فيصل إلى نحو 455 كم (ويشمل خليج العقبة والخط الوهمي للحدود السياسية الشرقية لمصر)، وتبلغ المساحة الكلية لشبه جزيرة سيناء نحو 61.000 كم مربع... أي ما يقارب من 6 في المائة من إجمالي مساحة مصر مليون كم مربع.

من الفراعنة... إلى الإسلام
وتابع طه «لسيناء دور كبير على مر العصور، ففي عهد الفراعنة اقتفى أحمس الأول فلول الهكسوس المنهزمة ورفض أن يقيموا بأرض سيناء ولم يتركهم، إلا بعد أن طردهم حتى تل الفارعة على مشارف غزة. وفي أيام تحتمس الثالث أعظم ملوك الأسرة الفرعونية الثامنة عشرة الملقب بـ(الفاتح العظيم) عبرت جيوشه سيناء في حروبه 17 مرة ووصلت الإمبراطورية المصرية في عهده إلى بلاد فارس وآسيا الصغرى. أما في العهد المسيحي فكانت سيناء المكان الآمن للعذراء، كان لسيناء شرف استقبال المسيح (عليه السلام) وأمه مريم وهو ما زال طفلاً... في رحلة الهروب إلى مصر خوفا من هيرودوس الذي أمر بقتل الطفل الوليد. ثم في العهد الصليبي كانت سيناء مسرحًا لعمليات الصليبيين العسكرية، أما في العهد الإسلامي فكانت سيناء طريق دخول الفتح الإسلامي لمصر الذي انطلق بعد ذلك حتى وصل إلى أوروبا ومكث بها سنوات طويلة، وهكذا ساهمت في امتداد الإمبراطورية الإسلامية من الشرق إلى الأقصى إلى إسبانيا في قارة أوروبا».
وأضاف طه أن «حادثة الفاروق عمر بن الخطاب (ر)، خليفة المسلمين، مع عمرو بن العاص خير دليل بأن فتح مصر ودخول الإسلام إليها تم عن طريق أرض سيناء، حيث مكث فيها بجنوده في منطقة المساعيد الحالية. وهذا الاسم أطلق عليه من القائد عمرو بن العاص وليس ابتكارًا عشوائيًا، ما يؤكد أن أرض سيناء أرض أمن وسلام، كما كانت سيناء الطريق الذي سارت عليه قوات صلاح الدين الأيوبي لمواجهة الصليبيين في موقعة حطين بفلسطين والانتصار عليهم عام 1187م».

«عبقرية» المكان
وعن مظاهر «عبقرية» سيناء، قال طه «إن لسيناء وضعا جغرافيًا متميزًا، فشمال سيناء هو حلقة الوصل والنقطة الحرجة بين ضلعي الشام ومصر، وهما ضلعان في وحدة استراتيجية واحدة عبر التاريخ. أما جنوب سيناء فهو الحصن المنيع وسط الجبال والممر الاستراتيجي في متلا والجدي، فضلا عن شرم الشيخ النقطة الحاكمة في أقصى الجنوب عند التقاء أو افتراق خليجي السويس والعقبة». مضيفا: «ومن مظاهر عبقرية سيناء أيضًا أنها كانت محط أطماع إسرائيل، وكثيرًا ما تعرّضت لمحاولات الاستيلاء عليها بين الحين والآخر، تمامًا كما حصل في فترات مُتباعدة من التاريخ؛ وكلها محاولات باءت كلها بالفشل بفضل وطنية أهل سيناء الذين رفضوا كل محاولات الانفصال عن مصر».
واستطرد طه «كذلك من عبقرية سيناء ذلك تنوعها البيئي الذي أوجد ثراءً حيويًا لا مثيل له، وإذا طبقت معايير الحماية الطبيعية على سيناء لتحوّلت كلها إلى محمية طبيعية كبرى، فكل شبر في وديانها وكل نبات على أرضها وكل صخرة في جبالها، وكل كائن حي يسعى فوق ترابها أو يسبح في مياهها ثروة بيئية تستحق الحماية والرعاية. وحاليًا تضم سيناء نحو ثلث عدد المحميات الطبيعية في مصر ففيها 7 محميات، إلى جانب 165 نوعًا من النباتات النادرة، منها 44 لا توجد إلا في هذه المنطقة. وتوجد أحدث المحميّات، وهي محمية طابا، على الشريط الساحلي لمصر على خليج العقبة، الذي يتميز بمواقعه الطبيعية وتكويناته الصخرية الرائعة».



لبنان يواجه تحدّيات مصيرية في زمن التحوّلات

جريمة اغتيال رفيق الحريري (غيتي)
جريمة اغتيال رفيق الحريري (غيتي)
TT

لبنان يواجه تحدّيات مصيرية في زمن التحوّلات

جريمة اغتيال رفيق الحريري (غيتي)
جريمة اغتيال رفيق الحريري (غيتي)

يواجه لبنان جملة من التحديات السياسية والعسكرية والأمنية والاقتصادية، خصوصاً في مرحلة التحوّلات الكبرى التي تشهدها المنطقة وترخي بثقلها على واقعه الصعب والمعقّد. ولا شك أن أهم هذه التحوّلات سقوط نظام بشّار الأسد في سوريا، وتراجع النفوذ الإيراني الذي كان له الأثر المباشر في الأزمات التي عاشها لبنان خلال السنوات الأخيرة، وهذا فضلاً عن تداعيات الحرب الإسرائيلية وآثارها التدميرية الناشئة عن «جبهة إسناد» لم تخفف من مأساة غزّة والشعب الفلسطيني من جهة، ولم تجنّب لبنان ويلات الخراب من جهة ثانية.

إذا كانت الحرب الإسرائيلية على لبنان قد انتهت إلى اتفاق لوقف إطلاق النار برعاية دولية، وإشراف أميركي ـ فرنسي على تطبيق القرار 1701، فإن مشهد ما بعد رحيل الأسد وحلول سلطة بديلة لم يتكوّن بعد.

وربما سيحتاج الأمر إلى بضعة أشهر لتلمُّس التحدّيات الكبرى، التي تبدأ بالتحدّيات السياسية والتي من المفترض أن تشكّل أولوية لدى أي سلطة جديدة في لبنان. وهنا يرى النائب السابق فارس سُعَيد، رئيس «لقاء سيّدة الجبل»، أنه «مع انهيار الوضعية الإيرانية في لبنان وتراجع وظيفة (حزب الله) الإقليمية والسقوط المدوّي لحكم البعث في دمشق، وهذا إضافة إلى الشغور في رئاسة الجمهورية، يبقى التحدّي الأول في لبنان هو ملء ثغرات الدولة من أجل استقامة المؤسسات الدستورية».

وأردف سُعَيد، في تصريح لـ«الشرق الأوسط»، إلى أنه «بعكس الحال في سوريا، يوجد في لبنان نصّ مرجعي اسمه الدستور اللبناني ووثيقة الوفاق الوطني، وهذا الدستور يجب أن يحترم بما يؤمّن بناء الدولة والانتقال من مرحلة إلى أخرى».

الدستور أولاً

الواقع أنه لا يمكن لمعطيات علاقة متداخلة بين لبنان وسوريا طالت لأكثر من 5 عقود، و«وصاية دمشق» على بيروت ما بين عامَي 1976 و2005 - وصفها بعض معارضي سوريا بـ«الاحتلال» - أن تتبدّل بين ليلة وضحايا على غرار التبدّل المفاجئ والصادم في دمشق. ثم إن حلفاء نظام دمشق الراحل في لبنان ما زالوا يملكون أوراق قوّة، بينها تعطيل الانتخابات الرئاسية منذ 26 شهراً وتقويض كل محاولات بناء الدولة وفتح ورشة الإصلاح.

غير أن المتغيّرات في سوريا، وفي المنطقة، لا بدّ أن تؤسس لواقع لبناني جديد. ووفق النائب السابق سُعَيد: «إذا كان شعارنا في عام 2005 لبنان أولاً، يجب أن يكون العنوان في عام 2024 هو الدستور أولاً»، لافتاً إلى أن «الفارق بين سوريا ولبنان هو أن سوريا لا تملك دستوراً وهي خاضعة فقط للقرار الدولي 2254. في حين بالتجربة اللبنانية يبقى الدستور اللبناني ووثيقة الوفاق الوطني المرجعَين الصالحَين لبناء الدولة، وهذا هو التحدي الأكبر في لبنان».

وشدّد، من ثم، على ضرورة «استكمال بناء المؤسسات الدستورية، خصوصاً في المرحلة الانتقالية التي تمرّ بها سوريا»، وتابع: «وفي حال دخلت سوريا، لا سمح الله، في مرحلة من الفوضى... فنحن لا نريد أن تنتقل هذه الفوضى إلى لبنان».

العودة للحضن العربي

من جهة ثانية، يحتاج لبنان في المرحلة المقبلة إلى مقاربة جديدة عمّا كان الوضع عليه في العقود السابقة. ولا يُخفي السياسي اللبناني الدكتور خلدون الشريف، في تصريح لـ«الشرق الأوسط»، أن لبنان «سيتأثّر بالتحوّلات الكبرى التي تشهدها المنطقة، وحتميّة انعكاس ما حصل في سوريا على لبنان». ويلفت إلى أن «ما حصل في سوريا أدّى إلى تغيير حقيقي في جيوبوليتيك المنطقة، وسيكون له انعكاسات حتمية، ليس على لبنان فحسب، بل على المشرق العربي والشرق الأوسط برمته أيضاً».

الاستحقاق الرئاسي

في سياق موازٍ، قبل 3 أسابيع من موعد جلسة انتخاب الرئيس التي دعا إليها رئيس مجلس النواب نبيه برّي في التاسع من يناير (كانون الثاني) المقبل، لم تتفق الكتل النيابية حتى الآن على اسم مرشّح واحد يحظى بأكثرية توصله إلى قصر بعبدا.

وهنا، يرى الشريف أنه بقدر أهمية عودة لبنان إلى موقعه الطبيعي في العالم العربي، ثمّة حاجة ماسّة لعودة العرب إلى لبنان، قائلاً: «إعادة لبنان إلى العرب مسألة مهمّة للغاية، شرط ألّا يعادي أي دولة إقليمية عربية... فلدى لبنان والعرب عدوّ واحد هو إسرائيل التي تعتدي على البشر والحجر». وبغض النظر عن حتميّة بناء علاقات سياسية صحيحة ومتكافئة مع سوريا الجديدة، يلفت الشريف إلى أهمية «الدفع للتعاطي معها بإيجابية وانفتاح وفتح حوار مباشر حول موضوع النازحين والشراكة الاقتصادية وتفعيل المصالح المشتركة... ويمكن للبلدين، إذا ما حَسُنت النيّات، أن يشكلّا نموذجاً مميزاً للتعاون والتنافس تحت سقف الشراكة».

يحتاج لبنان في المرحلة المقبلة إلى مقاربة جديدة

النهوض الاقتصادي

وحقاً، يمثّل الملفّ الاقتصادي عنواناً رئيساً للبنان الجديد؛ إذ إن بناء الاقتصاد القوي يبقى المعيار الأساس لبناء الدولة واستقرارها، وعودتها إلى دورها الطبيعي. وفي لقاء مع «الشرق الأوسط»، قال الوزير السابق محمد شقير، رئيس الهيئات الاقتصادية في لبنان، إن «النهوض الاقتصادي يتطلّب إقرار مجموعة من القوانين والتشريعات التي تستجلب الاستثمارات وتشجّع على استقطاب رؤوس الأموال، على أن يتصدّر الورشة التشريعية قانون الجمارك وقانون ضرائب عصري وقانون الضمان الاجتماعي».

شقير يشدّد على أهمية «إعادة هيكلة القطاع المصرفي؛ إذ لا اقتصاد من دون قطاع مصرفي». ويشير إلى أهمية «ضبط التهريب على كل طول الحدود البحرية والبرّية، علماً بأن هذا الأمر بات أسهل مع سقوط النظام السوري، الذي طالما شكّل عائقاً رئيساً أمام كل محاولات إغلاق المعابر غير الشرعية ووقف التهريب، الذي تسبب بخسائر هائلة في ميزانية الدولة، بالإضافة إلى وضع حدّ للمؤسسات غير الشرعية التي تنافس المؤسسات الشرعية وتؤثر عليها».

نقطة جمارك المصنع اللبنانية على الحدود مع سوريا (آ ف ب)

لبنان ودول الخليج

يُذكر أن الفوضى في الأسواق اللبنانية أدت إلى تراجع قدرات الدولة، ما كان سبباً في الانهيار الاقتصادي والمالي، ولذا يجدد شقير دعوته إلى «وضع حدّ للقطاع الاقتصادي السوري الذي ينشط في لبنان بخلاف الأنظمة والقوانين، والذي أثّر سلباً على النمو، ولا مانع من قوننة ليعمل بطريقة شرعية ووفق القوانين اللبنانية المرعية الإجراء». لكنه يعبّر عن تفاؤله بمستقبل لبنان السياسي والاقتصادي، قائلاً: «لا يمكن للبنان أن ينهض من دون علاقات طيّبة وسليمة مع العالم العربي، خصوصاً دول الخليج... ويجب أن تكون المهمّة الأولى للحكومة الجديدة ترسيخ العلاقات الجيّدة مع دول الخليج العربي، ولا سيما المملكة العربية السعودية التي طالما أمّنت للبنان الدعم السياسي والاقتصادي والمالي».

ضبط السلاح

على صعيد آخر، تشكّل الملفات الأمنية والعسكرية سمة المرحلة المقبلة، بخاصةٍ بعد التزام لبنان فرض سلطة الدولة على كامل أراضيها تطبيقاً للدستور والقرارات الدولية. ويعتبر الخبير العسكري والأمني العميد الركن فادي داوود، في تصريح لـ«الشرق الأوسط»، أن «تنفيذ القرار 1701 ومراقبة تعاطيها مع مكوّنات المجتمع اللبناني التي تحمل السلاح، هو التحدّي الأكبر أمام المؤسسات العسكرية والأمنية». ويوضح أن «ضبط الحدود والمعابر البرية مع سوريا وإسرائيل مسألة بالغة الدقة، سيما في ظل المستجدات التي تشهدها سوريا، وعدم معرفة القوة التي ستمسك بالأمن على الجانب السوري».

مكافحة المخدِّرات

وبأهمية ضبط الحدود ومنع الاختراق الأمني عبرها، يظل الوضع الداخلي تحت المجهر في ظلّ انتشار السلاح لدى معظم الأحزاب والفئات والمناطق اللبنانية، وهنا يوضح داوود أن «تفلّت السلاح في الداخل يتطلّب خطة أمنية ينفّذها الجيش والأجهزة الأمنية كافة». ويشرح أن «وضع المخيمات الفلسطينية يجب أن يبقى تحت رقابة الدولة ومنع تسرّب السلاح خارجها، إلى حين الحلّ النهائي والدائم لانتشار السلاح والمسلحين في جميع المخيمات»، منبهاً إلى «معضلة أمنية أساسية تتمثّل بمكافحة المخدرات تصنيعاً وترويجاً وتصديراً، سيما وأن هناك مناطق معروفة كانت أشبه بمحميات أمنية لعصابات المخدرات».

حقائق

علاقات لبنان مع سوريا... نصف قرن من الهيمنة

شهدت العلاقات اللبنانية - السورية العديد من المحطات والاستحقاقات، صبّت بمعظمها في مصلحة النظام السوري ومكّنته من إحكام قبضته على كلّ شاردة وواردة. وإذا كان نفوذ دمشق تصاعد منذ دخول جيشها لبنان في عام 1976، فإن جريمة اغتيال الرئيس اللبناني المنتخب رينيه معوض في 22 نوفمبر (تشرين الثاني) 1989 - أي يوم عيد الاستقلال - شكّلت رسالة. واستهدفت الجريمة ليس فقط الرئيس الذي أطلق مرحلة الشروع في تطبيق «اتفاق الطائف»، وبسط سلطة الدولة على كامل أراضيها وحلّ كل الميليشيات المسلّحة وتسليم سلاحها للدولة، بل أيضاً كلّ من كان يحلم ببناء دولة ذات سيادة متحررة من الوصاية. ولكنْ ما إن وُضع «اتفاق الطائف» موضع التنفيذ، بدءاً بوحدانية قرار الدولة، أصرّ حافظ الأسد على استثناء سلاح «حزب الله» والتنظيمات الفلسطينية الموالية لدمشق، بوصفه «سلاح المقاومة لتحرير الأراضي اللبنانية المحتلّة» ولإبقائه عامل توتر يستخدمه عند الضرورة. ثم نسف الأسد «الأب» قرار مجلس الوزراء لعام 1996 القاضي بنشر الجيش اللبناني على الحدود مع إسرائيل، بذريعة رفضه «تحويل الجيش حارساً للحدود الإسرائيلية».بعدها استثمر نظام دمشق انسحاب الجيش الإسرائيلي من المناطق التي كان يحتلها في جنوب لبنان خلال مايو (أيار) 2000، و«جيّرها» لنفسه ليعزّز هيمنته على لبنان. غير أنه فوجئ ببيان مدوٍّ للمطارنة الموارنة برئاسة البطريرك الراحل نصر الله بطرس صفير في سبتمبر (أيلول) 2000، طالب فيه الجيش السوري بالانسحاب من لبنان؛ لأن «دوره انتفى مع جيش الاحتلال الإسرائيلي من جنوب لبنان».مع هذا، قبل شهر من انتهاء ولاية الرئيس إميل لحود، أعلن نظام بشار الأسد رغبته بالتمديد للحود ثلاث سنوات (نصف ولاية جديدة)، ورغم المعارضة النيابية الشديدة التي قادها رئيس الوزراء الراحل رفيق الحريري، مُدِّد للحود بالقوة على وقع تهديد الأسد «الابن» للحريري ووليد جنبلاط «بتحطيم لبنان فوق رأسيهما». وهذه المرة، صُدِم الأسد «الابن» بصدور القرار 1559 عن مجلس الأمن الدولي، الذي يقضي بانتخاب رئيس جديد للبنان، وانسحاب الجيش السوري فوراً، وحلّ كل الميليشيات وتسليم سلاحها للدولة اللبنانية. ولذا، عمل لإقصاء الحريري وقوى المعارضة اللبنانية عن السلطة، وتوِّج هذا الإقصاء بمحاولة اغتيال الوزير مروان حمادة في أكتوبر (تشرين الأول) 2004، ثمّ باغتيال رفيق الحريري يوم 14 فبراير (شباط) 2005، ما فجّر «ثورة الأرز» التي أدت إلى انسحاب الجيش السوري من لبنان يوم 26 أبريل (نيسان)، وتبع ذلك انتخابات نيابية خسرها حلفاء النظام السوري فريق «14 آذار» المناوئ لدمشق.تراجع نفوذ دمشق في لبنان استمر بعد انسحاب جيشها بضغط أميركي مباشر. وتجلّى ذلك في «الحوار الوطني اللبناني»، الذي أفضى إلى اتخاذ قرارات بينها «ترسيم الحدود» اللبنانية السورية، وبناء علاقات دبلوماسية مع سوريا وتبادل السفراء، الأمر الذي قبله بشار الأسد على مضض. وأكمل المسار بقرار إنشاء محكمة دولية لمحاكمة قتلة الحريري وتنظيم السلاح الفلسطيني خارج المخيمات - وطال أساساً التنظيمات المتحالفة مع دمشق وعلى رأسها «الجبهة الشعبية لتحرير فلسطين - القيادة العامة» - وتحرير المعتقلين اللبنانيين في السجون السورية. حرب 6002مع هذا، بعد الحرب الإسرائيلية على لبنان في يوليو (تموز) 2006، التي أعلن «حزب الله» بعدها «الانتصار على إسرائيل»، استعاد النظام السوري بعض نفوذه. وتعزز ذلك بسلسلة اغتيالات طالت خصومه في لبنان من ساسة ومفكّرين وإعلاميين وأمنيين - جميعهم من فريق «14 آذار» - وتوّج بالانقلاب العسكري الذي نفذه «حزب الله» يوم 7 مايو 2008 محتلاً بيروت ومهاجماً الجبل. وأدى هذا التطور إلى «اتفاق الدوحة» الذي منح الحزب وحلفاء دمشق «الثلث المعطِّل» في الحكومة اللبنانية، فمكّنهم من الإمساك بالسلطة.يوم 25 مايو 2008 انتخب قائد الجيش اللبناني ميشال سليمان رئيساً للجمهورية، وفي 13 أغسطس (آب) من العام نفسه عُقدت قمة لبنانية ـ سورية في دمشق، وصدر عنها بيان مشترك، تضمّن بنوداً عدّة أهمها: «بحث مصير المفقودين اللبنانيين في سوريا، وترسيم الحدود، ومراجعة الاتفاقات وإنشاء علاقات دبلوماسية، وتبنّي المبادرة العربية للسلام». ولكن لم يتحقق من مضمون البيان، ومن «الحوار الوطني اللبناني» سوى إقامة سفارات وتبادل السفراء فقط.ختاماً، لم يقتنع النظام السوري في يوم من الأيام بالتعامل مع لبنان كدولة مستقلّة. وحتى في ذروة الحرب السورية، لم يكف عن تعقّب المعارضين السوريين الذي فرّوا إلى لبنان، فجنّد عصابات عملت على خطف العشرات منهم ونقلهم إلى سوريا. كذلك سخّر القضاء اللبناني (خصوصاً المحكمة العسكرية) للتشدد في محاكمة السوريين الذين كانوا في عداد «الجيش السوري الحرّ» والتعامل معهم كإرهابيين.أيضاً، كان للنظام السوري - عبر حلفائه اللبنانيين - الدور البارز في تعطيل الاستحقاقات الدستورية، لا سيما الانتخابات الرئاسية والنيابية وتشكيل الحكومات، بمجرد اكتشاف أن النتائج لن تكون لصالحهم. وعليه، قد يكون انتخاب الرئيس اللبناني في 9 يناير (كانون الثاني) المقبل، الاستحقاق الأول الذي يشهده لبنان من خارج تأثير نظام آل الأسد منذ نصف قرن.