الحكومة المؤقتة تفاوض الأتراك لتسلم 3 معابر سورية

التحدي الأمني أبرز العراقيل والعائدات المالية تمول المؤسسات

الحكومة المؤقتة تفاوض الأتراك لتسلم 3 معابر سورية
TT

الحكومة المؤقتة تفاوض الأتراك لتسلم 3 معابر سورية

الحكومة المؤقتة تفاوض الأتراك لتسلم 3 معابر سورية

دخلت «الحكومة السورية المؤقتة» المعارضة في مفاوضات مع الجانب التركي، لتسلم المعابر الحدودية بين تركيا وسوريا، في منطقة شمال حلب، بعد 4 أشهر على سيطرة قوات «درع الفرات» المدعومة من أنقرة على مناطق شاسعة في المناطق غير الخاضعة للنظام السوري في ريف حلب الشمالي ومحافظة إدلب، تمتد من جرابلس إلى أعزاز غربًا، وإلى العمق نحو مدينة الباب.
وأكد الأمين العام للائتلاف الوطني السوري عبد الإله فهد أن الحكومة المؤقتة «تبحث الملف مع الجانب التركي»، مشيرا في تصريح لـ«الشرق الأوسط»، إلى أن أيًا من النتائج «لم تحسم بعد»، و«لم يصبح تسلم المعابر حتى الآن أمرًا واقعًا». وقال إن الحكومة المؤقتة موجودة الآن في المنطقة الآمنة التي تسيطر عليها قوات «درع الفرات» بعد طرد «داعش» منها، لكنه لفت إلى أن المحادثات بين الحكومة المؤقتة والحكومة التركية «تتناول تسلم المعابر الرئيسية وهي باب السلامة، ومعبر (جرابلس) في ريف حلب الشرقي (الذي افتتحته حديثًا الحكومة التركية بعد سيطرتها على المدينة ضمن عمليات درع الفرات). هذا إضافة لباب الهوى بإدلب، مع إدخال المؤسسات التابعة للحكومة المؤقتة إليها بالكامل».
وإلى جانب بعض المؤسسات البسيطة والإدارة المدنية الموجودة داخل المنطقة «المحررة من داعش» في ريف حلب الشمالي، توجد الآن قوات تركية وفصائل عسكرية تابعة لـ«درع الفرات»، تشارك في معارك مدينة الباب لطرد «داعش» منها. كذلك، لا يزال ينتشر مسلحون تابعون للمعارضة السورية من فصائل «درع الفرات» في بعض البلدات والمدن.
وأشار فهد إلى وجود إدارة مدنية سورية في المنطقة الواقعة بريف حلب الشمالي، تعمل على تأهيل المؤسسات والبنى التحتية، وتتمثل في الداخل بمكاتب محلية، إضافة إلى عناصر شرطة مدنية.
وتسيطر حركة «أحرار الشام الإسلامية» على معبر «باب الهوى» الحدودي مع تركيا من جهة إدلب، بينما تسيطر «الجبهة الشامية» على معبر باب السلامة الحدودي مع تركيا من جهة حلب. لكن سيطرة الفصائل لا تعد «مشكلة بالنسبة للحكومة المؤقتة، أو حائلاً دون تسليم تلك المعابر للحكومة المؤقتة». وتقول مصادر في الحكومة المؤقتة لـ«الشرق الأوسط» إن العائق حتى الآن هو «التجهيزات اللوجيستية» التي يحتاجها تسلم المعابر الحدودية، بالنظر إلى أنه «يجب أن يتم وفق طريقة مؤسساتية، وهو ما يحتاج إلى تجهيزات وضباط وعناصر شرعية تابعة للحكومة المؤقتة كي تصبح المعابر شرعية أو شبه شرعية»، لافتة إلى أن تلك الأمور «في طور الترتيبات».
ويتصدر الملف الأمني قائمة المخاوف من تسلم الحكومة المؤقتة تلك المعابر، فقد تعرضت الفصائل الموكلة إليها قضية المعابر الحدودية، لهجومين خلال العام الماضي، اضطرت على أثرهما للاستعانة بفصائل كبيرة بغية الدفاع عن نفسها. ويعود ذلك إلى أن المعابر «تعد مصدرًا مهمًا للعائدات المالية التي قد تقدر بملايين الليرات السورية شهريا».
وقالت مصادر في حلب لـ«الشرق الأوسط»، إن «الجبهة الشامية» اضطرت للاستعانة بحركة «نور الدين زنكي» للدفاع عن وجودها في المعبر، حين هاجمها مسلحو «أحرار الشام» على خلفية الخلاف مع مسؤول المعبر أبو علي سجو، الذي كان متهما بتهريب السلاح للأكراد في عفرين، الذي استبدلت به لاحقا شخصية أخرى.
كذلك، تعرضت «أحرار الشام» في إدلب لهجوم من قبل فصائل عسكرية، واضطرت للاستعانة بـ«جبهة النصرة» لصد الهجمات. وتقول المصادر: «لا يمكن أن تكون المؤازرة مجانية... ومن الطبيعي أن تدافع عن موقعها»، مشيرة إلى أن تسليم المعابر من غير وجود ضابطة أمنية وعسكرية تحمي الحكومة المؤقتة «غير مُجد»، كما أكدت أن الحكومة المؤقتة «ستتمكن من الحصول على عائدات مالية كبيرة في حال استطاعت السيطرة على المعابر».
وتدخل العائدات المالية الآن بطريقتين؛ شرعية وغير شرعية. ووفق الطريقة القانونية، فإن الجهات التي تتسلم المعابر، تحصل على المال جراء الضريبة التي تتلقاها على دخول التجار إلى المناطق الخاضعة لسيطرة المعارضة السورية، إضافة إلى دخول البضائع والشاحنات. أما الطرق غير الشرعية للعائدات المالية، فتتمثل في «التهريب، وهو تهريب الناس أو البضائع إلى الداخل السوري»، بحسب المصادر التي لفتت إلى أن هذا القطاع «تشمله عائدات أخرى تتمثل في تأمين المواكبة والحماية للقوافل التجارية إلى داخل الأراضي السورية، لقاء المال».



هدنة غزة: انتشار «حماس» في القطاع يثير تساؤلات بشأن مستقبل الاتفاق

مسلحو «حماس» يسلمون رهينة إسرائيلية إلى أعضاء اللجنة الدولية للصليب الأحمر (رويترز)
مسلحو «حماس» يسلمون رهينة إسرائيلية إلى أعضاء اللجنة الدولية للصليب الأحمر (رويترز)
TT

هدنة غزة: انتشار «حماس» في القطاع يثير تساؤلات بشأن مستقبل الاتفاق

مسلحو «حماس» يسلمون رهينة إسرائيلية إلى أعضاء اللجنة الدولية للصليب الأحمر (رويترز)
مسلحو «حماس» يسلمون رهينة إسرائيلية إلى أعضاء اللجنة الدولية للصليب الأحمر (رويترز)

أثار انتشار عسكري وأمني لعناصر من «حماس» وموالين لها، عقب بدء تنفيذ اتفاق وقف إطلاق النار بقطاع غزة، تساؤلات بشأن مستقبل الصفقة، في ظل ردود فعل إسرائيلية تتمسك بالقضاء على الحركة، وجهود للوسطاء تطالب الأطراف بالالتزام بالاتفاق.

تلك المشاهد التي أثارت جدلاً بمنصات التواصل بين مؤيد ورافض، يراها خبراء تحدثوا لـ«الشرق الأوسط»، ستكون ذريعة محتملة لإسرائيل للانقلاب على الاتفاق بعد إنهاء المرحلة الأولى والعودة للحرب، معولين على جهود للوسطاء أكبر لإثناء «حماس» عن تلك المظاهر الاستعراضية التي تضر مسار تنفيذ الاتفاق.

بينما قلل محلل فلسطيني مختص بشؤون «حماس» ومقرب منها، في حديث لـ«الشرق الأوسط»، من تأثير تلك الأجواء، وعدّها «بروتوكولية» حدثت من قبل أثناء صفقة الهدنة الأولى في نوفمبر (تشرين الثاني) 2023.

وبزي نظيف وسيارات جديدة وأسلحة مشهرة، خرج مسلحون يرتدون شارة الجناح العسكري لـ«حماس» يجوبون قطاع غزة مع بداية تنفيذ اتفاق الهدنة، الأحد، وسط بيان من وزارة الداخلية بالقطاع التي تديرها عناصر موالية للحركة، كشف عن مباشرة «الانتشار بالشوارع»، وخلفت تلك المشاهد جدلاً بمنصات التواصل بين مؤيد يراها «هزيمة لإسرائيل وتأكيداً لقوة وبقاء (حماس) بالقطاع»، وآخر معارض يراها «استفزازية وتهدد الاتفاق».

عناصر من شرطة «حماس» يقفون للحراسة بعد انتشارهم في الشوارع عقب اتفاق وقف إطلاق النار (رويترز)

إسرائيلياً، تساءل المعلق العسكري للقناة 14 نوعام أمير، بغضب قائلاً: «لماذا لم يتم ضرب (تلك الاستعراضات) جواً؟»، بينما هدد وزير المالية بتسلئيل سموتريتش، بإسقاط الحكومة في حال الانتقال إلى تنفيذ المرحلة الثانية من الاتفاق.

وأكد مكتب رئيس الوزراء، بنيامين نتنياهو، في بيان الاثنين، «مواصلة العمل لإعادة كل المختطفين؛ الأحياء منهم والأموات، وتحقيق كل أهداف الحرب في غزة»، التي تتضمن القضاء على «حماس».

ويصف الخبير في الشؤون الإسرائيلية، الدكتور سعيد عكاشة، ما قامت به «حماس» بأنه «استعراض مزيف لعلمها بأنها لن تدير غزة، لكنها تحاول أن تظهر بمظهر القوة، وأنها تستطيع أن تحدث أزمة لو لم توضع بالحسبان في حكم القطاع مستقبلاً، وهذا يهدد الاتفاق ويعطي ذريعة لنتنياهو لعودة القتال مع تأييد الرأي العام العالمي لعدم تكرار ما حدث في 7 أكتوبر (تشرين الأول) 2023».

ويتفق معه المحلل السياسي الفلسطيني، عبد المهدي مطاوع، قائلاً إن «(حماس) لا تزال بعقلية المقامرة التي حدثت في 7 أكتوبر، وتريد إرسال رسالتين لإسرائيل وللداخل الفلسطيني بأنها باقية رغم أنها تعطي ذرائع لإسرائيل لهدم الاتفاق».

بالمقابل، يرى الباحث الفلسطيني المختص في شؤون «حماس» والمقرب منها، إبراهيم المدهون، أن «الاستعراض لا يحمل أي رسائل وظهر بشكل بروتوكولي معتاد أثناء تسليم الأسرى، وحدث ذلك في الصفقة الأولى دون أي أزمات»، مشيراً إلى أن «الحركة لها جاهزية ونفوذ بالقطاع رغم الحرب، والانتشار الأمني يعدّ دور وزارة الداخلية بالقطاع وتنفذه مع توفر الظروف».

وعقب دخول الاتفاق حيز التنفيذ، استقبل رئيس وزراء قطر، الشيخ محمد بن عبد الرحمن آل ثاني في مكتبه بالدوحة، وفداً من الفصائل الفلسطينية، مؤكداً ضرورة العمل على ضمان التطبيق الكامل للاتفاق، وضمان استمراره، وفق بيان لـ«الخارجية» القطرية الأحد.

وبينما شدد وزير الخارجية المصري، خلال لقاء مع رئيس المجلس الأوروبي، أنطونيو كوستا، ببروكسل، مساء الأحد، على «أهمية التزام أطراف الاتفاق ببنوده»، وفق بيان لـ«الخارجية» المصرية، سبقه تأكيد مجلس الوزراء الفلسطيني، الأحد، استعداد رام الله لتولي مسؤولياتها الكاملة في غزة.

وبتقدير عكاشة، فإن جهود الوسطاء ستتواصل، لا سيما من مصر وقطر، لوقف تلك المواقف غير العقلانية التي تحدث من «حماس» أو من جانب إسرائيل، متوقعاً أن «تلعب غرفة العمليات المشتركة التي تدار من القاهرة لمتابعة الاتفاق في منع تدهوره»، ويعتقد مطاوع أن تركز جهود الوسطاء بشكل أكبر على دفع الصفقة للأمام وعدم السماح بأي تضرر لذلك المسار المهم في إنهاء الحرب.

وفي اتصال هاتفي مع المستشار النمساوي ألكسندر شالينبرغ، الاثنين، شدد الرئيس المصري عبد الفتاح السيسي، على «ضرورة البدء في جهود إعادة إعمار القطاع، وجعله صالحاً للحياة، بما يضمن استعادة الحياة الطبيعية لسكان القطاع في أقرب فرصة». بينما نقل بيان للرئاسة المصرية، عن المستشار النمساوي، تقديره للجهود المصرية المتواصلة على مدار الشهور الماضية للوساطة وحقن الدماء.

ويرى المدهون أنه ليس من حق إسرائيل أن تحدد من يدير غزة، فهذا شأن داخلي وهناك مشاورات بشأنه، خصوصاً مع مصر، وهناك مبادرة مصرية رحبت بها «حماس»، في إشارة إلى «لجنة الإسناد المجتمعي» والمشاورات التي استضافتها القاهرة مع حركتي «فتح» و«حماس» على مدار الثلاثة أشهر الأخيرة، ولم تسفر عن اتفاق نهائي بعد بشأن إدارة لجنة تكنوقراط القطاع في اليوم التالي من الحرب.