حلب تستعد لإعادة تأهيل وإعمار بعد سنوات الحرب

لم تسلم محطة سليمان الحلبي لضخ المياه الأساسية من المعارك

حلب تستعد لإعادة تأهيل وإعمار بعد سنوات الحرب
TT

حلب تستعد لإعادة تأهيل وإعمار بعد سنوات الحرب

حلب تستعد لإعادة تأهيل وإعمار بعد سنوات الحرب

بعد استعادة قوات النظام السيطرة على كامل حلب، عاصمة البلاد الاقتصادية سابقا، تحتاج إعادة الخدمات الرئيسية من كهرباء ومياه وغيرها إلى المدينة شهورا طويلة بعدما تسببت المعارك منذ سيطرة الفصائل المقاتلة على الأحياء الشرقية في عام 2012 بتضرر أكثر من خمسين في المائة من البنى التحتية والأبنية بشكل جزئي أو كلي.
وفي مواجهة انقطاع الكهرباء، عمد سكان حلب إلى الاعتماد على المولدات التي لا تكفي لتشغيل الأجهزة الكهربائية كافة في المنازل، كما أنها تتوقف عن العمل عند منتصف الليل حتى الصباح توفيرًا للوقود.
يصل أبو فايز، الرجل الستيني، بعد منتصف الليل إلى البيت المظلم.
وفي الطريق من متجر بيع الحلويات الذي يملكه، لا يجد إلا إشعال الولاعة ليرى أمامه.
وما أن يحل منتصف الليل في شرق حلب حتى يخفت ضجيج المحركات وتنطفئ الأضواء ويسود الظلام الدامس، باستثناء ما يتسرب من داخل المنازل من أضواء الشموع الخافتة أو شواحن تعمل على البطاريات.
ويقول أبو فايز: «قبل الحرب كنا نصل ليلنا بنهارنا، لكننا أصبحنا مضطرين حاليا لإغلاق المحل مع موعد توقف المولدات».
قبل الحرب، كانت محطة توليد الطاقة في منطقة السفيرة (30 كيلومترا جنوب شرقي حلب) المحطة الأساسية التي تزود حلب بالكهرباء.
لكنها توقفت عن العمل قبل أكثر من عامين نتيجة أضرار المعارك التي لحقت بها وبشبكة الإمدادات.
وتحتاج البنية التحتية لشبكة الكهرباء في حلب إلى تأهيل كامل.
وبالإضافة إلى مشاريع تزويد الكهرباء، تحتاج الأعمدة الكهربائية المحطمة والأسلاك المتشابكة في كل حي لأي عملية إصلاح كبيرة.
ويقول مصدر في وزارة الكهرباء: «يجري العمل حاليا على مشروعين تمولهما الحكومة لتزويد حلب بالكهرباء» بتكلفة تفوق أربعة مليارات ليرة سورية (نحو ثمانية ملايين دولار أميركي).
يحتاج المشروع الأول 45 يومًا لإنجازه، أما الثاني وهو الأكبر، فسينفذ على مرحلتين على مدى عام ونصف العام.
وبالإضافة إلى الكهرباء، لم تسلم محطة سليمان الحلبي، محطة ضخ المياه الأساسية في حلب من المعارك.
ويجري العمل حاليا على تقييم الأضرار فيها. وكانت الفصائل المعارضة تسيطر على المحطة التي يعمل فيها حاليا 3 مضخات من أصل 9.
ويوضح رئيس قسم الميكانيكا في المحطة عيسى كورج (42 عاما) أن المضخات الثلاث توفر المياه «لمساحة لا تتجاوز عشرين في المائة من الأحياء»، مشيرا إلى أن «المحطة تحتاج لأشهر طويلة» كي تستعيد سابق عهدها. ويتحدث عن «معاناة في تأمين قطع بديلة».
وتبدو آثار المعارك واضحة في المحطة حيث النوافذ المكسورة والأبواب المحطمة، في حين تتدلى الألواح الحديدية من سقف طاله الدمار.
وتضخ المحطة من سد نهر الفرات الواقع في شمال البلاد تحت سيطرة تنظيم داعش، ما يشكل أيضا عائقا أساسيا أمام عملها.
ويشرح حمدو أن «المصدر الرئيسي للمياه هو تحت سيطرة (داعش) وهو المتحكم الرئيسي بكميات المياه الواردة إلى المدينة من منطقة الفرات»، مشيرا إلى أن التنظيم يعمد دائما إلى قطع المياه.
يستنفر مجلس بلدية حلب ورشاته منذ أيام. ويولي المجلس أهمية خاصة للمدينة القديمة الأثرية التي لم تسلم من الدمار والمعارك جراء موقعها على خط تماس سابق.
ويقول مدير مدينة حلب التابع لمجلس المدينة نديم رحمون لوكالة الصحافة الفرنسية، إن حلب القديمة «خط أحمر».
ويوضح أن العمل سيجري على «تصنيف الأحجار في المدينة القديمة لإعادة استخدامها في مرحلة إعادة الإعمار»، بحيث يتم الاحتفاظ بكل حجر كان جزءا من نسيجها العمراني.



تقارير حقوقية توثّق انتهاكات الحوثيين في 3 محافظات يمنية

تجمع لمسلحين حوثيين في صنعاء (إ.ب.أ)
تجمع لمسلحين حوثيين في صنعاء (إ.ب.أ)
TT

تقارير حقوقية توثّق انتهاكات الحوثيين في 3 محافظات يمنية

تجمع لمسلحين حوثيين في صنعاء (إ.ب.أ)
تجمع لمسلحين حوثيين في صنعاء (إ.ب.أ)

سلطت أحدث التقارير الحقوقية في اليمن الضوءَ على آلاف الانتهاكات التي ارتكبتها الجماعة الحوثية ضد المدنيين في 3 محافظات، هي العاصمة المختطفة صنعاء، والجوف، والحديدة، بما شملته تلك الانتهاكات من أعمال القمع والقتل والخطف والتجنيد والإخضاع القسري للتعبئة.

وفي هذا السياق، رصد مكتب حقوق الإنسان في صنعاء (حكومي) ارتكاب جماعة الحوثيين نحو 2500 انتهاك ضد المدنيين في صنعاء، خلال عامين.

بقايا منازل فجرها الحوثيون في اليمن انتقاماً من ملاكها (إكس)

وتنوّعت الانتهاكات التي طالت المدنيين في صنعاء بين القتل والاعتداء الجسدي والاختطافات والإخفاء القسري والتعذيب ونهب الممتلكات العامة والخاصة وتجنيد الأطفال والانتهاكات ضد المرأة والتهجير القسري وممارسات التطييف والتعسف الوظيفي والاعتداء على المؤسسات القضائية وانتهاك الحريات العامة والخاصة ونهب الرواتب والتضييق على الناس في سُبل العيش.

وناشد التقرير كل الهيئات والمنظمات الفاعلة المعنية بحقوق الإنسان باتخاذ مواقف حازمة، والضغط على الجماعة الحوثية لإيقاف انتهاكاتها ضد اليمنيين في صنعاء وكل المناطق تحت سيطرتها، والإفراج الفوري عن المخفيين قسراً.

11500 انتهاك

على صعيد الانتهاكات الحوثية المتكررة ضد السكان في محافظة الجوف اليمنية، وثق مكتب حقوق الإنسان في المحافظة (حكومي) ارتكاب الجماعة 11500 حالة انتهاك سُجلت خلال عام ضد سكان المحافظة، شمل بعضها 16 حالة قتل، و12 إصابة.

ورصد التقرير 7 حالات نهب حوثي لممتلكات خاصة وتجارية، و17 حالة اعتقال، و20 حالة اعتداء على أراضٍ ومنازل، و80 حالة تجنيد للقاصرين، أعمار بعضهم أقل من 15 عاماً.

عناصر حوثيون يستقلون سيارة عسكرية في صنعاء (أ.ف.ب)

وتطرق المكتب الحقوقي إلى وجود انتهاكات حوثية أخرى، تشمل حرمان الطلبة من التعليم، وتعطيل المراكز الصحية وحرمان الموظفين من حقوقهم وسرقة المساعدات الإغاثية والتلاعب بالاحتياجات الأساسية للمواطنين، وحالات تهجير ونزوح قسري، إلى جانب ارتكاب الجماعة اعتداءات متكررة ضد المناوئين لها، وأبناء القبائل بمناطق عدة في الجوف.

ودعا التقرير جميع الهيئات والمنظمات المحلية والدولية المعنية بحقوق الإنسان إلى إدانة هذه الممارسات بحق المدنيين.

وطالب المكتب الحقوقي في تقريره بضرورة تحمُّل تلك الجهات مسؤولياتها في مناصرة مثل هذه القضايا لدى المحافل الدولية، مثل مجلس حقوق الإنسان العالمي، وهيئات حقوق الإنسان المختلفة، وحشد الجهود الكفيلة باتخاذ موقف حاسم تجاه جماعة الحوثي التي تواصل انتهاكاتها بمختلف المناطق الخاضعة لسيطرتها.

انتهاكات في الحديدة

ولم يكن المدنيون في مديرية الدريهمي بمحافظة الحديدة الساحلية بمنأى عن الاستهداف الحوثي، فقد كشف مكتب حقوق الإنسان التابع للحكومة الشرعية عن تكثيف الجماعة ارتكاب مئات الانتهاكات ضد المدنيين، شمل بعضها التجنيد القسري وزراعة الألغام، والتعبئة الطائفية، والخطف، والتعذيب.

ووثق المكتب الحقوقي 609 حالات تجنيد لمراهقين دون سن 18 عاماً في الدريهمي خلال عام، مضافاً إليها عملية تجنيد آخرين من مختلف الأعمار، قبل أن تقوم الجماعة بإخضاعهم على دفعات لدورات عسكرية وتعبئة طائفية، بغية زرع أفكار تخدم أجنداتها، مستغلة بذلك ظروفهم المادية والمعيشية المتدهورة.

الجماعة الحوثية تتعمد إرهاب السكان لإخضاعهم بالقوة (إ.ب.أ)

وأشار المكتب الحكومي إلى قيام الجماعة بزراعة ألغام فردية وبحرية وعبوات خداعية على امتداد الشريط الساحلي بالمديرية، وفي مزارع المواطنين، ومراعي الأغنام، وحتى داخل البحر. لافتاً إلى تسبب الألغام العشوائية في إنهاء حياة كثير من المدنيين وممتلكاتهم، مع تداعيات طويلة الأمد ستظل تؤثر على اليمن لعقود.

وكشف التقرير عن خطف الجماعة الحوثية عدداً من السكان، وانتزاعها اعترافات منهم تحت التعذيب، بهدف نشر الخوف والرعب في أوساطهم.

ودعا مكتب حقوق الإنسان في مديرية الدريهمي المجتمع الدولي إلى التدخل العاجل لإيقاف الانتهاكات التي أنهكت المديرية وسكانها، مؤكداً استمراره في متابعة وتوثيق جميع الجرائم التي تواصل ارتكابها الجماعة.