عشرات القتلى بمجزرة إرهابية جديدة في صولبان عدن

الداخلية اليمنية: لا نستبعد تورط الانقلابين وأجهزة صالح * «داعش» تبنى ثاني عملية بالمعسكر نفسه خلال 10 أيام

مسلحون ومدنيون يعاينون الدمار الذي خلفه انفجار انتحاري عند معسكر الصولبان شرق عدن أمس (إ ب أ)
مسلحون ومدنيون يعاينون الدمار الذي خلفه انفجار انتحاري عند معسكر الصولبان شرق عدن أمس (إ ب أ)
TT
20

عشرات القتلى بمجزرة إرهابية جديدة في صولبان عدن

مسلحون ومدنيون يعاينون الدمار الذي خلفه انفجار انتحاري عند معسكر الصولبان شرق عدن أمس (إ ب أ)
مسلحون ومدنيون يعاينون الدمار الذي خلفه انفجار انتحاري عند معسكر الصولبان شرق عدن أمس (إ ب أ)

لقي أكثر من 50 مجندا يمنيا مصرعهم، أمس، في تفجير انتحاري استهدف معسكرا شرق مدينة عدن، العاصمة المؤقتة لليمن، حيث فجر انتحاري نفسه بحزام ناسف وسط تجمع للعسكريين الذين كانوا يصطفون في طوابير لتسلم رواتبهم الشهرية أمام معسكر «الصولبان» (شرق المدينة)، في ظل وجود لجان عسكرية ومالية لصرف الرواتب في المناطق العسكرية كافة.
وقالت مصادر محلية في عدن إن عشرات الجثث نقلت إلى مشافي المدينة، ورجحت مصادر طبية وعسكرية ارتفاع عدد القتلى في ظل وجود حالات حرجة في صفوف الجرحى.
وحمل خبراء عسكريون أجهزة الأمن في عدن مسؤولية ما وصفوه «التقصير الأمني»، الذي أدى إلى تكرار التفجيرات الانتحارية في ذلك المعسكر، وطالب العميد متقاعد مساعد الحريري بمحاسبة القادة العسكريين والأمنيين المتورطين فيما سماه «التقصير الأمني»، ملمحا إلى وجود «مخطط لإثارة الفوضى في عدن».
ويعد الهجوم الانتحاري الذي استهدف معسكر الصولبان، أمس، هو الثاني في غضون أسبوع، حيث فجر انتحاري نفسه بحزام ناسف، السبت الماضي في تجمع مماثل للمجندين، وقتل مجندون معظمهم ينتمون لقبيلة آل باكازم في محافظة أبين. وعقب الهجوم السابق، وضعت أجهزة الأمن سلسلة حواجز أمنية وقطعت عددا من الطرقات المؤدية إلى المعسكر، وبحسب شهود عيان؛ فإن الانتحاري فجر نفسه أمام الحاجز الأمني الأول، وعلى بعد نحو 200 متر من مقر التجمع الرئيسي لمئات الضباط والجنود بالمعسكر ولجان صرف المرتبات الشهرية.
وفي الوقت الذي تبنى فيه تنظيم داعش الهجوم الإرهابي، رمت السلطات الأمنية في عدن بالمسؤولية على جماعات مسلحة تقول إن الرئيس السابق علي عبد الله صالح يدعمها ويمولها لتنفيذ عمليات إرهابية في الجنوب عموما، وعدن على وجه الدقة، من أجل إفشال الحكومة الشرعية وإظهار الوضع الأمني بأنه غير مستقر، وبأن الجنوب بات مرتعا للجماعات الإرهابية، كما يسوق لذلك الحوثيون أمام المجتمع الدولي.
ونشر التنظيم الإرهابي صورا لمنفذ العملية، وهو شاب يكنى بـأبي هاشم الردفاني، خلف تفجير عدن أمس، وسط حالات حزن وسخط واسعة النطاق في العاصمة المؤقتة، حيث قتل من أبناء حي كريتر (أو عدن القديمة) فقط، أكثر من 13 شابا، إلى جانب العشرات من المنتمين للمحافظات الأخرى المحيطة بعدن.
من جهته، قال اللواء الركن على ناصر لخشع، نائب وزير الداخلية اليمني لـ«الشرق الأوسط» إن الانتحاري الذي أعلن «داعش» أنه من نفذ العملية الانتحارية، قد تم الإبلاغ عن اختفائه منذ مدة «وهو من أبناء منطقة ردفان بمحافظة لحج، ولديه شقيقان آخران سبق وأن نفذا عمليتين انتحاريتين في محافظة حضرموت»، وأضاف لخشع أن «وزارة الداخلية لا تستبعد تورط الانقلابين وأجهزة صالح وراء خلايا التفجيرات التي تستهدف قوى الجيش والأمن بحيث تسعى إلى تقويض الأمن ونشر العنف وضرب الحكومة الشرعية بأي طريقة كانت».
وفي سياق ردود الفعل الرسمية على التفجير الإرهابي، حمل الرئيس عبد ربه منصور هادي أجهزة الأمن المختلفة مسؤولية التقصير الأمني، الذي أدى إلى تكرار التفجيرات الانتحارية في معسكر الصولبان، ووجه باعتماد رواتب لكافة ضحايا التفجير.
من جانبه، قال رئيس الوزراء اليمني، الدكتور أحمد بن دغر، إن «الحكومة ماضية في محاربة الإرهاب وتجفيف منابعه، وإن العملية الإجرامية والإرهابية لن تثني الحكومة من مواصلة حربها على الإرهاب والعناصر التخريبية التي تريد بأعمالها النيل من أمن واستقرار الوطن بعد أن شهدت العاصمة المؤقتة عدن والمحافظات المحررة تحسنا أمنيا ملحوظا».
إلى ذلك، قال اللواء شلال علي هادي، مدير أمن عدن، في تصريح لـ«الشرق الأوسط» إن «الهدف من التفجير الذي شهدته المحافظة يرمي إلى إفشال جهود التحالف العربي الداعم للشرعية وجهود السلطة المحلية والأجهزة الأمنية»، مؤكدًا «وجود ارتباط وثيق بين الجماعات الإرهابية التي نفذت الهجوم الإرهابي والقوى الانقلابية».
وشدد، أن الهدف من التفجير هو إرسال رسائل مفادها أن عدن غير آمنة، وتهدف إلى إفشال التقدم الذي أحرزته القوى الشرعية، إلا أنه أكد بأنه بدعم من قوات التحالف العربي الداعم للشرعية والجيش الوطني مسنودًا من اللجان الشعبية فإن المحافظة آمنة، وأن جهود اجتثاث تلك القوى الإرهابية والخلايا النائمة مستمرة، وأن السلطات المحلية ستواصل محاربتها للإرهاب.
ودعا، المسؤول عن أمن عدن، المجتمع الدولي إلى مساندة الجهود التي تقوم بها الحكومة الشرعية وتقديم أي معلومة تقود الجهات الأمنية إلى منفذي التفجير، وإبلاغها بأي معلومات استباقية.



الأردن يضع «الإخوان» تحت طائلة الحل والحظر

الأردن يحلّ «الإخوان» ويحظر أنشطتها
0 seconds of 2 minutes, 57 secondsVolume 90%
Press shift question mark to access a list of keyboard shortcuts
00:00
02:57
02:57
 
TT
20

الأردن يضع «الإخوان» تحت طائلة الحل والحظر

عناصر من قوات الأمن الأردنية تقف أمام مقر للحركة الإسلامية في عمّان يوم الأربعاء (رويترز)
عناصر من قوات الأمن الأردنية تقف أمام مقر للحركة الإسلامية في عمّان يوم الأربعاء (رويترز)

بعد ثمانين عاماً من الاحتواء ثم الصدام، وضعت السلطات الأردنية جماعة «الإخوان المسلمين» تحت طائلة الحل والحظر، وباتت «غير مشروعة».

وأعلن وزير الداخلية الأردني، مازن الفراية، خلال مؤتمر صحافي، الأربعاء، في عمّان، حظر جميع نشاطات «الإخوان»، مشدداً على «اعتبار أي نشاط مرتبط بها عملاً مخالفاً لأحكام القانون».

ولم تعلق «الإخوان» على القرار بأي وسيلة، لكن ذراعها السياسية «حزب جبهة العمل الإسلامي» الممثل في البرلمان بعشرات النواب، قال مساء الأربعاء، إنه «مستمر في أداء دوره الوطني كحزب سياسي أردني مستقل استقلالية تامة عن أي جهة أخرى».

وشدد وزير الداخلية الأردني على أن «الانتساب إلى (الإخوان) بات أمراً محظوراً، كما يُحظر الترويج لأفكارها»، وأكد أنه تقرر «إغلاق أي مكاتب أو مقار تستخدم من قبل (الإخوان) في أنحاء المملكة كافة، حتى ولو كانت بالتشارك مع جهات أخرى».

وحذر الفراية، من التعاطي مع «الإخوان»، وقال إنه تقرر «منع القوى السياسية ووسائل الإعلام ومستخدمي مواقع التواصل والجمعيات من النشر لكل ما يتعلق بالإخوان»، منوهاً بـ«تسريع عمل (لجنة الحل) المكلفة بمصادرة ممتلكات الجماعة المنقولة أو غير المنقولة».

واتهمت أجهزة أمنية أردنية، الأسبوع الماضي، 16 شخصاً بالمشاركة في القضية المعروفة إعلامياً باسم «خلايا الفوضى»، وقالت إن «المخططات شملت قضايا تتمثل في: تصنيع صواريخ بأدوات محلية، وحيازة مواد متفجرة وأسلحة نارية، وإخفاء صاروخ مُجهز للاستخدام، ومشروع لتصنيع طائرات مسيَّرة، بالإضافة إلى تجنيد وتدريب عناصر داخل المملكة وإخضاعها للتدريب بالخارج».

وطالبت حركة «حماس» يوم الثلاثاء، بالإفراج عن المتهمين في القضية، وعدّت أن «أعمالهم جاءت بدافع النصرة لفلسطين... دون أن تستهدف بأي حال من الأحوال أمن الأردن».

وقال وزير الداخلية الأردني، إنه «ثبت قيام عناصر بما تسمى جماعة (الإخوان المسلمين) المنحلة حكماً بموجب القرارات القضائية القطعية بالعمل في الظلام، والقيام بنشاطات من شأنها زعزعة الاستقرار والعبث بالأمن والوحدة الوطنية والإخلال بمنظومة الأمن والنظام العام».

فصل الحزب عن الجماعة

والقرار الأردني بشأن «الإخوان» التي تأسست في المملكة عام 1945، جاء تفعيلاً لحكم قضائي بحلها يعود إلى عام 2020؛ لكن الجهات الحكومية كانت تتفاداه ضمن سياسة وصفتها مصادر أردنية بـ«الاحتواء»، مشيرة إلى أن الجماعة لم تقابل ذلك بـ«مسؤولية».

وحصل حزب «جبهة العمل الإسلامي» الذراع السياسية لـ«الإخوان» على 31 مقعداً من أصل 138 مقعداً في البرلمان الأردني، وذلك في الانتخابات التي أجريت في سبتمبر (أيلول) الماضي.

جانب من إحدى جلسات مجلس النواب الأردني (الموقع الرسمي للمجلس)
جانب من إحدى جلسات مجلس النواب الأردني (الموقع الرسمي للمجلس)

وقالت مصادر سياسية أردنية لـ«الشرق الأوسط» إن «مراكز القرار الرسمية ما تزال تعمل على الفصل بين مساري الجماعة المحظورة، وذراعها السياسية ممثلة في (جبهة العمل الإسلامي) المرخصة وفق أحكام قانون الأحزاب».

لكن المصادر أشارت إلى أن «هذا الفصل الرسمي بين المسارين يعتمد على ما سيتكشف خلال جلسات المحكمة بشأن قضية (خلايا الفوضى) المتوقع أن تبدأ الأسبوع المقبل».

ولم تخف المصادر توقعات بأن «الفصل بين مسار الجماعة المحظورة والحزب، قد يصطدم بتصعيد محتمل للحزب في الشارع وعلى منصاته للتواصل الاجتماعي»، عادّةً أن حدوث ذلك «قد يضطر صناع القرار للمضي بتطبيق نصوص تُفضي إلى حل الحزب، وكسر احتكار الجماعة والحزب لتمثيل الحركة الإسلامية في البلاد».

بدوره، قال الأمين العام لـ«جبهة العمل الإسلامي»، المهندس وائل السقا، إن «الحزب مستمر في أداء دوره الوطني كحزب سياسي أردني مستقل استقلالية تامة عن أي جهة أخرى»، مشدداً على أن عملهم يأتي «وفق الدستور والقانون الأردني والأنظمة ذات العلاقة، وأن الحزب ليست له علاقة تنظيمية بأي جهة أخرى، ويثق بالقضاء».

مداهمات للمقرات

ونفذت قوات أمنية عمليات تفتيش لمقرات «الإخوان» ضمن إجراءات لوضع اليد عليها، في العاصمة عمّان وعدد من المحافظات التي تنتشر فيها مكاتب الجماعة.

وعلمت «الشرق الأوسط» أن الفرق الأمنية فتشت مقرات حزب «جبهة العمل الإسلامي»، وقالت المصادر إن الخطوة تستهدف «التأكد من عدم وجود معلومات أو وثائق للجماعة تم الاحتفاظ بها في مقرات الحزب».

وشدد وزير الداخلية خلال إعلان قرار الحظر على أنه «سيتم اتخاذ الإجراءات اللازمة بحق أي شخص أو جهة يثبت تورطها بأعمال إجرامية مرتبطة بهذه القضايا (خلايا الفوضى) أو الجماعة المنحلة، وذلك في ضوء ما ستسفر عنه تحقيقات المحكمة بالقضايا المنظورة أمامها».

وبحسب الوزير، فإن «الإخوان» في ليلة الإعلان نفسها عن المخططات الأسبوع الماضي حاولت «تهريب وإتلاف كميات كبيرة من الوثائق من مقارها لإخفاء نشاطاتها وارتباطاتها المشبوهة».

وأشار الفراية إلى أن هذه القرارات التي اتخذت جاءت انطلاقاً من حرص الدولة الأكيد على سلامة مجتمعنا وتحصينه من الأعمال التي تعكر صفو الأمن والنظام وتشوه الممارسات السياسية الفضلى، وللمحافظة على أمنه واستقراره.

نقابة المعلمين

وتحدثت المصادر الأردنية عن أن «الخطوات التي أُعلنت بحظر الإخوان، ربما يعقبها المزيد من التصعيد، وعلى الأخص في ملف نقابة المعلمين الأردنيين».

واستمرت العلاقة المضطربة بين الإخوان والحكومات خلال سنوات الربيع الأردني (2010 - 2013)، إذ مارست الحركة أشكالاً من «الاستقواء» بحسب وصف مصادر رسمية لـ«الشرق الأوسط» خلال «أزمة المطالبة بعودة نقابة المعلمين للعمل بعد القرار القاضي بتعليق عملها عام 2020».

وسيطرت الجماعة والحزب على قيادة «نقابة المعلمين الأردنيين» لعدد من الدورات؛ إلا أن قراراً قضائياً آخر صدر في يوليو (تموز) من عام 2020، قضى بـ«تجميد عمل نقابة المعلمين، وإغلاق مقراتها كافة لمدة عامين». كما أُصدرت مذكرات استدعاء شملت النقيب وأعضاء المجلس، على خلفية قضايا منظورة لدى القضاء.

لكن وضع النقابة ظل معلقاً رغم انتهاء مدة التجميد. وتجنباً لاستحقاق مواجهة قضايا ذات اتصال بالرأي العام، غضّت الحكومتان السابقتان؛ عمر الرزاز (2018 - 2020) وبشر الخصاونة (2020 - 2024) النظر عن تطبيق الحكم.

وأعقب ذلك انفجار صدمة نتائج الانتخابات البرلمانية في سبتمبر من العام الماضي، إذ حصلت الجماعة والحزب على نحو 460 ألف صوت على مستوى مقاعد الدائرة المخصصة للأحزاب من إجمالي المقترعين الذي بلغ عددهم نحو (1.6) مليون، من أصل نحو 5 ملايين ناخب يحق لهم المشاركة في الانتخابات.